انخفاض مُرَتّـبات كِـبار المُدراء التنفيذيين السويسريين
تَنُصُّ دراسة صَدَرت حديثاً عن مؤسسة "برايس ووتر هاوس كوبرز" في سويسرا، على أنَّ كِبار المُدراء والمدراء التنفيذيين، قد شعروا بِوَطأة الأزمة الاقتصادية على صَفقات الأجور التي يتقاضَـونها، والتي تراجَعَت بنحوِ الرُبع منذ عام 2007 وحتى عام 2008.
وكانت المُناقشة قد احتدمت في سويسرا حول رواتب المُدراء التنفيذيين، والتي لا تزال مُرتفِـعة على الرّغم من انخفاضها عمّا قبل. ومع ذلك، فقد رَفَضَت الدراسة الاستقصائية فِـكرة وضع حدود قصوى على صفقات التّـعويضات (الممنوحة للمدراء لدى انتدابهم أو مغادرتهم)، كونها ستؤدّي إلى نتائِج عكسية.
وقد استندت الدراسة الثالثة لتعويض المُدراء التنفيذيين وإدارات الشركات، التي قام بها استشاريون في مؤسَسة “برايس ووتر هاوس كوبرز” في سويسرا PricewaterhouseCoopers (المختصة بتقديم مُختلف الخدمات، كالتأمين والاستشارات القانونية والضرائبية والضمان والموارد البشرية والمعاملات وتحسين الأداء وإدارة الأزمات وغيرها، مما يتعلق بمجالات الصناعة المُختلفة)، إلى الأرقام التي تعود إلى عام 2008 والتي أُعلِن عنها في مدينة زيورخ السويسرية قبل بِضعة أيام.
وأوضحت هذه الدراسة أن مُتوسط تعويضات المُدراء التّـنفيذيين في الشركات العِـشرين في مؤشر البورصة السويسرية (SMI) من النوع المسمّـى “الفيشة الزرقاء” blue chips (مُصطلح أمريكي الأصل مُشتق من الفيشات الزرقاء في الكازينوهات والتي ترمز إلى الأعداد الأعلى قيمة، ويُستخدم اليوم في جميع أنحاء العالم للدّلالة على الشركات أو العملاء من ذوي القيمة العالية بشكل خاص)، قد انخفض بحوالي 25% ليصل إلى 6.9 مليون فرنك سويسري (ما يُعادل 6.7 مليون دولار أمريكي).
وأشارت الدراسة إلى أن الانخفاض ناتِـج عن انحدار في التعويضات المُتغيِّـرة. فقد انخفضت نِـسبة مكافآت الشركات المُنتمِـية إلى مؤشر البورصة السويسرية (SMI) على سبيل المثال، بنسبة 50%.
كما انخفض متوسّـط مجموع التعويضات المدفوعة لرؤساء مجالس الإدارات (من النساء والرجال) للشركات المُنتمِـية إلى مؤشر البورصة السويسرية (SMI) بنسبة 29.6%، ليصل إلى 844,732 فرنك سويسري.
بالإضافة إلى ذلك وكنتيجة لانخفاض أسعار الأسهم، فقد عانى بعض أعضاء مجالس الإدارات والمجالس التنفيذية من “خسائر كبيرة” في الثروة المُتعلِّـقة بأسهُـم الشركة.
رفض الإفراط في التنظيم
وعلى الرغم من كل ذلك، يحصل بعض المُدراء لحدّ الآن على مكافآت مالية سخِـية للغاية. وقد ذُكر مؤخرا أن الرئيس التنفيذي لشركة “نوفارتيس” Novartis دانييل فاسيلا، قد قبض ما مجموعه 40.3 مليون فرنك سويسري في العام الماضي، كانت تشكِّـل مُرتبه، بالإضافة إلى الفوائد.
ومع ذلك، فقد حَذرت مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبرز من الإفراط في وضع القوانين التَنظيمية (في هذا المجال) في سويسرا.
وفي هذا الصدد، قال ريتو شميد، شريك برايس ووتر هاوس كوبرز: “أعتقد أنه من المُهِـم أن تكون لدينا مَعايير حول الكيفية التي يجِـب أن تتِـم بها هيكلة التعويضات.. إذا كانت لدينا قواعِـد تَحد الشركة في عملية تصميم هيكل التعويضات، فاعتقد أن هذا سيشكِّـل خطراً بالنسبة لمستقبل الشركة وللصناعة”.
وأضاف شميد، بأن الوقت قد حان لإعادة التفكير وقال: “تبدأ الأمور من الأعلى – أي الإدارة، وهنا سيُطرح السؤال: ما هي الإستراتيجية؟ وما الذي تريد الشركة تحقيقه؟ وبناءً على ذلك، (ينبغي أن يكون هناك) نظام للتعويضات” يُناسب هذه الشركة بالذّات بالشكل الأفضل”.
ويُكمل “ليس هناك حجم واحد يلائِـم الجميع، كما أنها (أيضا) مسألة وجود الأشخاص المُناسِـبين في المناصب القيادية من أجل تحقيق الأهداف المُستقبلية. يجب أن تكون هناك إستراتيجية أكثر وانتهازية أقل”.
وتُشير الدراسة إلى أن الجدل السياسي الدّائر حول تعويض كبار المسؤولين التنفيذيين، قد أصبح ساخناً بدرجة مُتزايِـدة مع ظُهور الأزمة المالية العالمية.
على مَـن يقع اللّـوم؟
ولكن الدراسة تَنُـص على أنه من الصعب بِمَكان وضع اللّـوم على التعويضات واعتبارها السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية.
وتنحى الدراسة باللّـوم على عوامِـل أخرى أيضاً، مثل التَوقّـعات العالية للمُساهمين وثقافات الشركات التي تُشجع الإفراط في خوض المُجازفات وعدم كفاية الأطُـر التَنظيمية.
وفي حين أن الهدف الرئيسي لانتقادات الرأي العام هو مبالِـغ التعويض (الهائلة جدا) لِكبار المسؤولين التنفيذيين، إلا أنَّ الدراسة تجِـد أن ذلك ليس سوى جزء واحد من المُعادلة.
وتنص الدراسة: “ومع ذلك، فإنّ الأهَـم من ذلك، هو الهيكل والجمع بين العناصر المُـختلفة في مجموع التعويضات”. وهذه العناصر تشمل برامج الإنصاف والعلاوات والمرَتّـبات الأساسية والرواتب التقاعدية والضمان الاجتماعي، فضلاً عن المزايا والفوائد الإضافية.
روبيرت بروكس – swissinfo.ch
الإدارة القوية فقط هي التي تستطيع تحقيق نظام تعويض إجمالي فعّال.
يجب أن يتم تصميم نظام الحوافِـز، بحيث يكون “الأفضل مُناسَبَة” مع إستراتيجية الشركة، ويجب أن يتم التواصل معه على هذا النحو.
يجب أن يرتبط التعويض بِبِـضعة مؤشِّـرات أداء رئيسية.
وضع حدود للتّـعويضات، يأتي بِنتائج عكسية.
يرسِّـخ نظام التعويض الفَعّال الحوافز في مجال تنظيم المشاريع ويركز على القيمة المُنتجة على المدى الطويل.
تَعرّض الرئيس التنفيذي ورئيس شركة “نوفارتيس” Novartis دانيال فاسيلا إلى الانتقاد الحاد مُجدّدا حول صفقة مرتبه في 24 سبتمبر 2009 من طرف إيثوس Ethos (المؤسسة السويسرية للتنمية المُستدامة)، وهي مؤسسة استثمار ومجموعة ضغط، وذلك بسبب صفقة المرتب التي تقاضاها.
في العرض السنوي لرواتب المسؤولين التنفيذيين، أظهرت مؤسسة Ethos أن رواتب كِـبار المُدراء في أكبر 47 شركة سويسرية، قد انخفضت بنسبة 22% في عام 2008.
وأظهر الاستطلاع أيضا أن كبار المسؤولين التنفيذيين قد استلموا في المتوسط 2.4 مليون فرنك سويسري (2.35 مليون دولار أمريكي)، أما الرجال والنساء من رؤساء مجالس الإدارة، فقد تقاضَـوا 2 مليون فرنك سويسري، في حين تقاضى أعضاء مجلس الإدارة 300.000 فرنك سويسري. أمّا فاسيلا، فقد كان مجموع ما تقاضاه من الصّـفقة المُكوّنة من مرتبِـه بالإضافة إلى المزايا الأخرى، 40.3 مليون فرنك سويسري في عام 2008 الماضي.
وقد قامت مؤسسة “Ethos” مع ثمانية مجموعات أخرى مُختصّـة في المعاشات التقاعُـدية السويسرية، بتقديم قراريْـن يهدِفان إلى إعطاء المُساهمين في شركة نوفارتيس وثلاث شركات أخرى، المزيد من النُفوذ.
وتُطالِب “Ethos” في القرار الأول، بأن يكون للُمُساهمين تصويت استشاري حول صفقات المُرتّـبات في كل من: شركة نوفارتيس Novartis وهولسيم Holcim وسويس ري Swiss Re (الشركة السويسرية لإعادة التأمين) وزيورخ للخدمات المالية Zurich Financial Services.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.