قيادةٌ جديدة لــ”يُو بي إس” وخسارة كبيرة لـِكريدي سويس
غداة كشف بيتر كورر، الرئيس الجديد لإتحاد المصارف السويسرية، أكبر بنوك الكنفدرالية، عن الخطوط العريضة لخطته الإصلاحية للخروج من أزمة القروض العقارية، أعلن كريدي سويس، ثاني أكبر مصرف في البلاد تكبده خسارة قدرها 2.1 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة.
وبرغم اعتراض العديد من المساهمين، انتُخب المحامي المخضرم كورر بمجلس إدارة مصرف يو بي إس بأغلبية مريحة، خلفا لمارسيل أوسبيل.
شكك الكثيرون في جدوى هذا الاختيار، واعتبروا الرئيس الجديد شريكا في المصاعب التي تمر بها المؤسسة لكونه عضوا سابقا في الهيئة المديرة، في حين رأى البعض الآخر أنه رجل قانون يفتقد إلى التجربة في المجال المصرفي.
وفي كلمته أمام المندوبين البالغ عددهم 4211، والذين حضروا الجمعية العمومية يوم الأربعاء 23 أبريل الجاري، أعرب مارسيل أوسبيل، الرئيس المنتهية ولايته، عن أسفه للظروف الصعبة التي مر بها المصرف في الفترة الأخيرة، والتي كلفته خسارة تصل إلى 40 مليار فرنك سويسري بسبب قروض العقارات غير المضمونة في الولايات المتحدة الأمريكية. كما شدد على أن تلك الأزمة قد أصبحت جزءً من الماضي وأن المصرف بصدد التعافي.
وأضاف مارسيل أوسبيل معلقا عن الأزمة الأخيرة: “لقد كانت عاصفة هوجاء استطاعت تمزيق الشراع، لكنها لم تستطع أن تحيد بنا عن المسار الصحيح”. وعلى الرغم من تحميله المسؤولية عن خسائر السنة الماضية، غادر القاعة على إيقاع تصفيق الحضور تقديرا للعشر سنوات التي قضاها في رئاسة المصرف.
إصلاحات في الأفق
وقد دشّن بيتر كورر العهد الجديد بالإعلان عن عزمه إدخال العديد من الإصلاحات كشف البعض منها خلال ندوة صحفية عقدها مباشرة بعد انتهاء الجمعية العمومية. ومن تلك الإصلاحات إعادة النظر في مهمات مجلس الإدارة، وتعزيز دوره الرقابي على أعمال الإدارة، والتفكير مجددا في التوجهات الإستراتيجية التي حكمت عمل المصرف إلى حد الآن، وإن تم الاحتفاظ بإدارة الثروات كأولوية مركزية في عمل المصرف.
من ناحية أخرى، سيتم تشكيل لجنة جديدة برئاسة دافيد سيدفال مهمتها الإنكباب بشكل دائم ومنتظم على تقدير الأخطار وتحليل أوضاع السندات المالية للمصرف. كما ستحرص اللجنة على اعتماد عمليات أكثر فعالية للحد من الأخطار، ومراجعة تلك الإجراءات من حين لآخر.
وخلال حديثه للصحافة، لمّح بيتر كورر إلى تغيير محتمل في تشكيلة مجلس الإدارة، وقال: “في حالة حدوث شغور خلال الأشهر القليلة القادمة، سوف نضيف إلى المجلس بعض الخبراء في مجال الصيرفة والمالية”، لكنه رفض تأكيد أو نفي ذلك بشكل واضح.
ولا شك أن هذا سيُسعد دومينيك بيدرمان، رئيس مؤسسة “إيتوس” للتنمية المستدامة ومقرها بجنيف. وكان هذا الأخير قد نادى منذ فترة بإعادة النظر في طريقة عمل المصرف وهيئاته الرقابية.
وكانت المؤسسة نفسها قد هددت بتقديم قائمة خاصة بمرشحين لمجلس الإدارة إذا لم تدعو إدارة المصرف إلى جمعية عمومية استثنائية لانتخاب هيئة رقابية جديدة مع نهاية الصيف القادم.
خسارة بالمليارات لكريدي سويس
وبينما يحاول مصرف “يو بي إس” الخروج من دوامة الاضطراب إذ أقر المساهمون يوم الأربعاء ضخ المزيد من السيولة وتعزيز رأسمال المصرف بمبلغ قدره 15 مليار فرنك يأتي مجملها من استثمارات لمصارف “مُرغان ستانلي”، “وبي إن بي باريبا” و”غولدمان ساش”، أعلن كريدي سويس خسارة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة بلغت 2.1 مليار دولار، وانهارت خلالها منتجاته الصافية بنسبة 72%. ويحدث هذا بعد أن بلغت أرباح المصرف السنة الماضية 2.7 مليار فرنك.
وفي بيان صدر عن إدارة المصرف، أشار رئيس المجموعة برادي دوغان إلى أن “النتائج كانت غير مرضية”، لكنه أضاف: “لقد نجح المصرف إلى حد بعيد في الحد من نطاق القطاعات المتضررة خلال الأشهر الثلاثة الماضية”.
واستطرد دوغان قائلا في محاولة للتخفيف من حجم الخسارة: “باستثناء القطاعات المتضررة مباشرة من أزمة القروض غير المؤمنة، كان أداء أغلب أنشطتنا جيدا، وكانت النتائج في مستوى ما تحقق في نفس الفترة من سنة 2007”.
ويذكر أن مجموعة كريدي سويس، التي تأسست في عام 1856 على يد ألفريد إيشر بهدف تمويل توسيع وتصنيع شبكة السكك الحديدة في سويسرا، أصبحت تُعد اليوم ثاني أكبر مصرف في الكنفدرالية بعد “يو بي إس”، وتوظف 47000 شخص في أكثر من 100 بلد.
سويس انفو مع الوكالات
التحق بيتر كورر البالغ من العمر 59 سنة والدكتور في القانون بمصرف يو بي إس سنة 2001 كرئيس لقسم الشؤون القانونية. وعمل في الظل تحت إدارة شخصيات معروفة، لكن أول ظهور إعلامي له كان مع اندلاع أزمة القروض العقارية السنة الماضية.
عمل كورر في البداية مع لقمان أرنولد قبل أن يصبح من معاوني مارسيل أوسبيل لاحقا. ولكورر تجربة طويلة في مجال المحاماة، لكنه يفتقد إلى التجربة في مجال المالية والصيرفة، ولذلك اعترض الكثيرون على تعيينه رئيسا لمصر يو بي إس هذا الأسبوع.
بين سنتيْ 1980 و1990، عمل في شركة متخصصة في مجال الاستشارات القانونية في مجال الأعمال، وفي نفس الوقت أعطى محاضرات بجامعتيْ سانت غالن وشيكاغو.
لعب دورا بارزا خلال أزمة شركة الطيران الوطنية “سويس إير” (السابقة) عندما كان يعمل محاميا، وقبل أن يلتحق بمصرف يو بي إس. وكان أحد الواضعين لخطة فيونيكس التي أدت إلى إنشاء شركة الطيران الجديدة “سويس”.
يعتبر اتحاد المصارف السويسرية “يو بي إس”، الذي تأسس سنة 1997 نتيجة عملية دمج بين “جمعية المصارف السويسرية” و”اتحاد المصارف السويسرية”، أكبر مؤسسة مالية في الكنفدرالية والعاشر على المستوى العالمية، ويوظف 80 ألف شخص في جميع فروعه.
مصرف يو بي إس، هو إحدى المؤسسات المالية الدولية الرائدة في مجال إدارة الثروات وله فروع في أكثر من خمسين بلدا ويسجل حضوره في مختلف الساحات المالية الدولية الهامة.
في السنوات الأخيرة، أعلن مصرف يو بي إس بشكل منتظم عن تحقيق نتائج استثنائية، وقُـدِّرت أرباحه بمليارات الفرنكات.
في موفى يناير 2008، أعلن مصرف يو بي إس للمرة الأولى عن خسائر هائلة (4،4 مليار فرنك) خلال عام 2007، وفي الثلاثي الأخير من العام الماضي، بلغت الخسائر أرقاما لولبية (12،5 مليار فرنك).
السبب الرئيسي الكامن وراء هذه المشاكل، يرتبط أساسا بأزمة قروض الرهن العقاري في الولايات المتحدة. في المقابل، لم تتردد الأسواق المالية في معاقبة هذا التطور السلبي بصرامة، حيث فقد سهم مصرف يو بي إس منذ بداية عام 2008 ثلث قيمته تقريبا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.