إشادة دولية بالتحرك السريع للسلطات السويسرية لمعالجة ملف “كريدي سويس”
وافق مصرف كريدي سويس السويسري المتعثر على صفقة الاستحواذ من طرف منافسه مصرف يو بي إس بعد خوض مفاوضات ماراثونية شهدتها عطلة نهاية الأسبوع للحيلولة دون حدوث انهيار كارثي.
وسيقوم المصرف الوطني السويسري بتسهيل الصفقة من خلال توفير 100 مليار فرنك (108 مليار دولار) من السيولة لمصرفيْ كريدي سويس ويو بي إس.
من جهتها، وافقت الحكومة الفدرالية على ضمان ما يصل إلى 9 مليارات فرنك من الخسائر المحتملة لمصرف يو بي إس.
وفي ندوة صحفية عُقدت مساء الأحد 19 مارس في برن، قالت وزيرة المالية السويسرية كارين كيلر سوتر إن مصرف كريدي سويس “أكبر من أن ينهار” وأن انهياره كان سيتسبّب في “اضطراب اقتصادي لا يمكن إصلاحه” في سويسرا وفي جميع أنحاء العالم. وأكدت وزيرة المالية أن عملية الاستحواذ أرست “أسس استقرار أكبر”.
في السياق، دفعت الحكومة السويسرية عملية الاستحواذ من خلال تهميش المساهمين الرئيسيين في مصرف كريدي سويس بشكل مثير للجدل، بما في ذلك البنك الأهلي السعودي وصندوق قطر للاستثمار، اللذان ضخا المليارات في البنك العام الماضي.
وشهدت عطلة نهاية الأسبوع اجتماعات ومفاوضات محمومة بين مصرفي كريدي سويس ويو بي إس والحكومة الفدرالية والمصرف الوطني السويسري وهيئة الرقابة لمالية (فينما).
كما شاركت هيئات مالية في بلدان أخرى في العملية لإبرام الصفقة.
مخاوف على العمالة
عمليا، سيُصبح كريدي سويس شركة تابعة ليو بي إس. لكن رئيس يو بي اس كولم كيلير، رفض الافصاح عن أي شيء بشأن عواقب هذه العملية على التوظيف. وهذا الأمر يثير بشكل كبير انشغال الرابطة السويسرية لموظفي البنوك، التي دعت إلى تشكيل فريق عمل لحماية الوظائف.
حتى نهاية 2022، كان كريدي سويس يوظّف 16700 شخص في سويسرا وحوالي 50500 شخص في جميع أنحاء العالم. وفي أكتوبر الماضي، أعلن البنك عن إلغاء 9000 وظيفة في جميع أنحاء العالم من إجمالي 52000 وظيفة في ذلك الوقت. ووفقا لهذه البيانات، من المفترض أن يواصل هذا المصرف تشغيل 43000 موظّف بحلول نهاية عام 2025.
ولدى سؤاله عمن يتحمل المسؤولية في حصول هذه الكارثة، أشار رئيس مصرف كريدي سويس أكسل ليمان إلى أن المشاكل تراكمت لسنوات قبل أن يُقصم ظهر البعير. وقال: “الآن، ها نحن ندفع ضريبة الأعباء والمخاطر القديمة”.
المزيد
إشادات دولية بالعملية
بدءًا بوزارة الخزانة الأمريكية، إلى البنك المركزي الاوروبي، مرورا بلندن، رحبت عدة دول وبنوك مركزية بإعلان استحواذ يو بي إس على كريدي سويس. وكانت هذه العواصم والمؤسسات المالية تخشى من اضطراب الأسواق المالية التي أصبحت أكثر جموحا عقب الافلاس الأخير لبنك وادي السيليكون في الولايات المتحدة.
وقالت وزيرة الخزانة الامريكية جانيت يالين، ورئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول في بيان مقتضب: “نشيد بالقرارات التي أعلنت عنها السلطات السويسرية اليوم لدعم الاستقرار المالي”.
كما أشادت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بـ «التحرّك السريع» للسلطات السويسرية. وقالت في بيان أيضا إن هذه القرارات ستساعد على «ضمان الاستقرار المالي».
في سياق متصل، أعلنت أقوى البنوك المركزية في العالم بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفدرالي الأمريكي عن إجراءات منسّقة لتحسين الوصول إلى السيولة وتحقيق المزيد من الاستقرار للمستثمرين.
وفي داخل سويسرا، عبّرت الاحزاب الحكومية عن شجبها الشديد لإدارة كريدي سويس. ومع ذلك، يقرّ يمين الوسط بالحاجة لاتخاذ الاجراءات التي أُعلن عنها بالأمس. وسُجّلت ردود أفعال مشابهة على مستوى الكانتونات. في المقابل، عبّر الاتحاد السويسري للنقابات عن بالغ انشغاله بشأن مصير الموظفين.
سلسلة مشاكل
وجاءت عملية الاستحواذ السريعة بعد أسبوع من المشاكل المالية المتصاعدة لمصرف كريدي سويس، ما أدى إلى مخاوف من إفلاس ثاني أكبر بنك في سويسرا.
وأدى انهيار مصرفين في الولايات المتحدة وهما بنك وادي السيليكون، وبنك سيغيتشار إلى انهيار مصرف كريدي سويس خلال الأسبوع. وبحسب تقارير إعلامية، كان العملاء يسحبون في كل يوم مليارات الفرنكات.
وبالفعل، قدم المصرف الوطني السويسري سيولة طارئة لتفادي انهيار البنك بالكامل وأعلن كريدي سويس أنه سيقترض ما يصل إلى 50 مليار فرنك من المصرف الوطني.
لكن عرض التمويل المدعوم من البنك المركزي السويسري لم يكن كافيًا لإقناع المُودعين والمستثمرين، مما أجبر السلطات الفدرالية على اتخاذ المزيد من الإجراءات.
يُذكر أن مصرف كريدي سويس عانى على مدار السنوات الأخيرة من العديد من المشاكل المالية، بلغت ذروتها في خسارته لـ 7.3 مليار فرنك في عام 2022. وفي نفس العام، قال المصرف إنه سيتخلى عن 9 آلاف وظيفة في محاولة لإنعاش ثرواته.
المزيد
صيرفة سويسرية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.