كفاح منظمة التجارة العالمية الطويل للوصول إلى العدالة في مجال اللقاحات
بدأت منظمة التجارة العالمية مناقشات حول "خارطة طريق" عالمية للقاحات كوفيد ـ 19 لضمان وصول حملة التحصين إلى الجميع، في كل بلدان العالم. يأتي هذا في الوقت الذي يظل فيه اقتراح سابق للإعفاء من براءات اختراع اللقاح قيد وقف التنفيذ. وقالت المديرة العامة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية في اجتماع عقد مؤخرا إنها تأمل أن تؤدي المناقشات إلى إجراءات ملموسة.
تسعى المديرة العامة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، إلى اتخاذ إجراءات أسرع بشأن إطلاق برنامج التطعيم العالمي. وقدمت في اجتماع استضافته يوم 14 أبريل 2021 مقترحات لمفاوضات ستستمر في الأشهر المقبلة. وحثت الدول والشركات على التحرك. وقد شهد الاجتماع الذي عقدته منظمة التجارة العالمية في جنيف، مشاركة منظمات غير حكومية والجهات الفاعلة في الصناعة والبلدان المعنية ومنظمة الصحة العالمية.
يأتي الاجتماع في الوقت الذي ذهبت فيه 0.2٪ فقط من جرعات اللقاح المتاحة إلى أفقر البلدان في العالم. ووصف تيدروس غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، عدم المساواة في توزيع التطعيم بأنه “انتهاك أخلاقي”، في حين أطلق عليه العديد من البلدان الأفريقية تسمية “الفصل العنصري للقاح”
كخطوة أولى، اقترحت مديرة منظمة التجارة العالمية على الحكومات “تقليل قيود التصدير وحواجز سلسلة التوريد والعمل مع المنظمات الأخرى لتسهيل الإجراءات اللوجستية والجمركية”. وأكدت: “نحن نراقب هذا كجزء من عملنا المعتاد وسنواصل القيام بذلك لزيادة الإمدادات”.
تنازل عن براءات الاختراع؟
الركيزة الثانية ستكون دفع المفاوضات بشأن اقتراح التنازل عن براءات الاختراع، وكذلك بشأن حوافز البحث والابتكار.
في أكتوبر 2020، قدمت الهند وجنوب إفريقيا مبادرة إلى منظمة التجارة العالمية تدعو إلى التنازل المؤقت عن براءات الاختراع على جميع المنتجات التي يمكن أن تكون مفيدة في الحد من الوباء. بالإضافة إلى اللقاحات، سيشمل ذلك الاختبارات والآلات والعلاجات المُمكنة. وإذا تم اعتماد هذه المبادرة، فسيكون التنازل عن براءات الاختراع مُلزمًا.
تكمن الفكرة في أن المختبرات في جميع أنحاء العالم يمكنها الوصول إلى التكنولوجيا وإنتاج إصدارات جَنِيسة، وفق رأي واضعي الاقتراح ومن شأن هذا أن يقلل من تكلفة اللقاحات ويوسع حجم الإنتاج العالمي.
خلال الأشهر الماضية، أشارت أكثر من مئة دولة إلى دعمها للمشروع. لكن الدول الأكثر ثراءً بما في ذلك سويسرا والولايات المتحدة قاومت وأصرت على أن الوباء ليس سببًا لخرق قواعد التجارة. وعلى الرغم من أن هذه المبادرة ما تزال قيد التفاوض، إلا أنها متوقفة حاليًا.
وخلال الاجتماع، قالت أوكونجو إيويالا للمندوبين: “آمل أن تقربنا الأفكار والحوار المفتوح الذي تم الاستماع إليه من التوصل إلى اتفاق”.
دعوات إلى قطاع الصناعة
من جهة أخرى، ستشمل خارطة الطريق المقترحة مصنعي اللقاحات أيضا. في هذا السياق، دعت رئيسة منظمة التجارة العالمية إلى “تحركات ملموسة لتوسيع نطاق تصنيع اللقاح وتحول قصير المدى للقدرات الحالية واستغلال أي مكاسب إنتاجية يمكننا تحقيقها من المرافق الحالية، واتخاذ خطوات للاستثمار”.
وقالت إن إحدى الخطوات الرئيسية ستكون زيادة نقل التكنولوجيا والمعرفة. وأضافت: “نحن بحاجة إلى الشفافية في اتفاقيات العقود وتسعير المنتجات”.
كما تتضمن الخطة دعوة المنظمات الدولية والمؤسسات المالية لتمويل الطاقة الإنتاجية الحالية والجديدة.
في الأثناء، لقيت دعوة أوكونجو إيويالا لعقد اتفاق عالمي صدى لها لدى عدد من الفاعلين الرئيسيين. وقالت كاثرين تاي، ممثلة وزارة التجارة الأمريكية، التي كانت حاضرة أيضًا في الاجتماع، إن الفجوة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية التي سبق أن شُوهدت خلال أزمة الإيدز “غير مقبولة تمامًا”.
“فشل السوق”
كما أثارت تاي الاندهاش عندما أضافت قائلة بأن “السوق فشل مرة أخرى في تلبية الاحتياجات الصحية للبلدان النامية”.
في المقابل، يزعم قطاع الصناعة أنه يؤدي دوره، في ظل وجود أكثر من مئتين وستين اتفاقية شراكة سارية للإنتاج والتوزيع، وهي وجهة نظر لا تشاطرها المنظمات غير الحكومية أو منظمة الصحة العالمية.
بدورها نددت منظمة أطباء بلا حدود، وهي إحدى المنظمات غير الحكومية المدعوة، بأن نظام الإنتاج والإمداد الحالي “المركّز جغرافيًا والمسيطر عليه من قبل صناعة الأدوية” لم يكن ببساطة مناسبًا، ودعت إلى تطوير القدرات المحلية في جميع أنحاء العالم للمساهمة بشكل مستقل في العرض، وخاصة للبلدان الفقيرة.
وخلصت منظمة أطباء بلا حدود إلى أن “العرض العالمي يجب ألا يعتمد على الامتيازات التجارية البحتة والحقوق الحصرية لشركات الأدوية التي تمتلك التكنولوجيا”.
الخطوات التالية
خلال الاجتماع، أوضحت شركات الأدوية كيف توصلت إلى اتفاقيات مع الحكومات وقامت بإجراء تجارب سريرية مشتركة مع المؤسسات العامة في جميع أنحاء العالم، بينما يزعم البعض أنهم يبيعون جرعات من اللقاحات بدون هوامش ربح.
منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن هذا لا يكاد يكفي، وقال غيبريسوس: “نحن بحاجة إلى تجاوز أسلوب العمل التقليدي من أجل توفير حلول مستدامة وفعالة”.
وأضاف أن “بعض الشركات المصنعة بدأت في تبادل المعرفة والتقنيات لإنتاج المزيد من اللقاحات، ولكن فقط في ظل ظروف تقييدية وعلى أساس محدود للغاية”.
في الوقت الحاضر، تتواصل المفاوضات حول كيفية ترجمة خارطة الطريق المُخطط لها إلى تحرك عملي وملموس. وقالت أوكونجو إيويالا: “في الأسابيع والأشهر القادمة، نتوقع مُتابعة ملموسة”.
في يوم 12 أبريل 2021، تم إنتاج الجرعة رقم مليار من لقاح كوفيد – 19. ووفقًا لتوقعات القطاع الصناعي، سيتم بلوغ المليار الثاني بحلول نهاية شهر مايو المقبل. لكن السؤال يبقى قائما بالنسبة لكثيرين: من هم الذين سيتحصلون عليهم؟
(ترجمته من الانجليزية وعالجته: مي المهدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
اكتب تعليقا