منظمة التجارة العالمية: “إجتماع وزاري بدون مفاجآت”
اختتمت منظمة التجارة العالمية إجتماعها الوزاري السابع في جنيف بدون التوصل الى تحريك مفاوضات جولة الدوحة أو حتى التأكد من إمكانية اختتامها في عام 2010 كما كان محددا. وقلق الدول النامية من انتظار إنهاء هذه الجولة يدفع 22 منها إلى إبرام اتفاق تبادل جنوب - جنوب.
ومع أن مفاوضات جولة الدوحة لم تكن مطروحة بشكل رسمي على جدول أعمال الدورة الوزارية السابعة التي انعقدت بحضور 100 وزير في جنيف ما بين يومي 30 نوفمبر و 2 ديسمبر 2009، إلا أنها كانت المحور الذي استأثر بجل المشاورات التي عرفها الاجتماع الوزاري العادي الذي خصص رسميا لمراجعة عمل المنظمة الدولية وتحليل كيفية إسهامها في التخفيف من تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية الحالية.
تأكيد لتمسك الأطراف بمواقفها
باعتراف المدير العام لمنظمة التجارة العالمية السيد باسكال لامي، لم تتمكن الدورة الوزارية السابعة من تجاوز الخلافات القائمة بين أعضائها بخصوص وتيرة التقدم الذي على الدول الأعضاء تحقيقه للتوصل الى إنهاء لجولة مفاوضات الدوحة في العام 2010 كما هو محدد بعد التمديدات المختلفة لإنهاء هذه الجولة التجارية التي بدأت في العام 2001 في قطر.
وصرح المدير العام لمنظمة التجارة العالمية في الندوة الصحفية الختامية للمؤتمر الوزاري السابع في جنيف يوم الأربعاء 2 ديسمبر بأن “الخلافات لازالت قائمة بين الدول الأعضاء ال 153 وأنه من غير الممكن في الوقت الحالي تحديد جدول زمني لمفاوضات العام 2010”.
تصريحات المدير العام أتت لتضع حدا لتصريحات متفائلة أدلى بها رئيس الوفد الأمريكي وكبير المفاوضين التجاريين رون كيرك عندما عبر صباح الأربعاء 2 ديسمبر عن “رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في التسريع بتحقيق تقدم في مفاوضات جولة الدوحة”.
ولكن المقصود أمريكيا من ذلك هو ما الذي يمكن أن تقدمه الأطراف الأخرى من تنازلات وبالأخص الدول ذات الاقتصاد الصاعد مثل البرازيل، والهند، والصين التي قال عنها المفاوض الأمريكي “يجب أن تتخلى عن المواقف المريحة لها”.
وتتهم العديد من الدول النامية ذات الاقتصاديات الصاعدة، الولايات المتحدة الأمريكية بصرف الأنظار عن جولة الدوحة عمليا، بتوجيه الأولوية للمشاكل تمتد من إصلاح النظام الصحي الى المشاكل الخارجية مثل الحرب في أفغانستان.
ولوضع حد لتوقع تنازلات إضافية من البلدان النامية في ملف مفاوضات الدوحة أوضح وزير الخارجية البرازيلي سيلسو أموريم أنه من “غير المنطقي توقع أن إنهاء جولة مفاوضات الدوحة يتضمن تنازلات إضافية أحادية من قبل الدول النامية “.
غموض بخصوص 2010
وإذا كانت جولة مفاوضات الدوحة قد شهدت تأجيلا لموعد الإنتهاء منها عدة مرات، فإن الموعد النهائي المحدد لسنة 2010 قد يعسر الالتزام به نظرا للعراقيل التي لازالت قائمة بخصوص الملف الزراعي وتخفيض الرسوم الضريبية في مجالات المنتجات الصناعية وقطاع الخدمات.
وعلى الرغم من وجود تعهد بالإجتماع مجددا في ربيع العام المقبل لتقييم الموقف بخصوص جولة الدوحة، فإن المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي يرى أن “نهاية شهر مارس 2010 ستكون ساعة الاختبار لمعرفة ما إذا كانت جولة مفاوضات الدوحة ستختتم في عام 2010 أم لا”.
ونظرا لهذا الغموض في المواقف لم يجرؤ المدير العام حتى على تحديد مواعيد اللقاءات التي ستنعقد في العام القادم أو على أي مستوى، هل سيكون وزاريا أم بمشاركة ممثلين دبلوماسيين فقط؟
خلافات الملف الزراعي
لازال الملف الزراعي ، الى جانب تخفيض الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية وقطاع الخدمات، يتصدر الخلافات القائمة بخصوص إنهاء جولة مفاوضات الدوحة. ففي الوقت الذي يرى البعض أن التنازلات المقدمة فيه غير كافية، يرى آخرون (مثل سويسرا) أن التنازلات المفروضة قد يعاد فيها النظر.
في هذا السياق، اعتبرت مجموعة الدول المصدرة للمنتجات الزراعية (تضم 19 عضوا في صفوفها)، أن “التنازلات المقدمة في الملف الزراعي غير كافية”. وترى أن هناك عرقلة منذ سنوات بسبب المواجهة القائمة بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب بخصوص تخفيض الرسوم وتخفيض عمليات الدعم التي تقدمها الدول الغنية لمزارعيها، وبسبب سقف التخفيضات الجمركية التي تطالب بها الدول الغنية بالنسبة للمنتجات الصناعية.
أما سويسرا التي تنتمي الى مجموعة العشرة، وهي الدول المستوردة للمنتجات الزراعية والتي ترغب في الإعتراف بأن وظيفة المزارعين لديها ليست تجارية فحسب بل أيضا اجتماعية وبيئية، فقد حذرت – على لسان وزيرة الاقتصاد دوريس لويتهارد – من أن سويسرا “ستدفع ثمنا باهظا في الملف الزراعي في الوقت الذي لا ترى فيه تسريعا في تخفيض الرسوم في مجال المنتجات الصناعية والخدمات”.
وبلغة الأرقام، ترى الوزيرة أن “المزارعين السويسريين سيخسرون بموجب المشروع المقترح حاليا في المجال الزراعي ما بين 30 الى 50% من دخلهم”. وحذرت الوزيرة من أن التنازلات المقدمة “قد تكون عرضة لاستفتاء شعبي” من أجل قبولها رسميا.
ولتوضيح الأمور بشكل عملي طالبت الوزيرة السويسرية مدير المنظمة العالمية للتجارة باسكال لامي بـ “التسريع بالدعوة لاجتماع وزاري في بداية العام القادم لمعرفة مستوى التقدم في ملف مفاوضات الدوحة”.
swissinfo.ch – محمد شريف – جنيف
تعب الدول النامية من انتظار إنهاء جولة مفاوضات الدوحة التي قيل عنها أنها ستكون جولة لتحسين فرص التجارة بالنسبة للدول النامية، أدى بها على إطلاق مبادرة فتح أسواقها لتبادل السلع التجارية فيما بينها بدل انتظار التوصل الى اتفاق بخصوص التخفيضات الجمركية مع الدول الكبرى.
فقد أعلنت 22 دولة نامية وذات اقتصاد صاعد، أثناء مشاركتها في الدورة الوزارية السابعة لمنظمة التجارة العالمية في جنيف عن اعتزامها فتح أسواقها لمبادلات المنتجات الصناعية برسوم مخفضة كرد على تأزم ملف مفاوضات الدوحة.
الاتفاق المبرم ، والذي وصفه وزير الخارجية البرازيلي بأنه يدخل في إطار ” تعزيز المبادلات بين بلدان الجنوب”، يقضي بتخفيض الرسوم بحوالي 20% عن حوالي 70% من كل المبادلات بين الدول الأعضاء في الاتفاق.
وهذا يعني حسب دراسة تم القيام بها ، مضاعفة المبادلات التجارية بين هذه الدول بحوالي 8 مليار دولار سنويا. وقد اعلنت كل من البرازيل والهند عن فتح أسواقها بدون رسوم لصادرات الدول الأقل نموا.
والدول المشاركة في هذا الاتفاق هي: الجزائر، شيلي، مصر، كوبا، الهند، إيران، ماليزيا، المكسيك، مجموعة ميركوسور(الارجنتين، البرازيل، الباراغواي، الأورغواي)، المغرب، نيجيريا، كوريا الشمالية، كوريا الجنوبية، باكستان، سريلانكا، تايلندا، اندونيسيا، فيتنام، الزمبابوي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.