مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل ستتخلى الفيفا عن سويسرا؟ أم أن إنفانتينو يراوغ فقط؟

صورة لمقر الفيفا في زيورخ
أعلن الإتحاد الدولي لكرة القدم عن خطط لنقل أكثر من 100 وظيفة من مقره الرئيسي في زيورخ إلى ميامي، لكنه قال إنه سيحتفظ بمقره الرئيسي في زيورخ. Keystone/ennio Leanza

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” (FIFA) مؤخرا، عن خططه لنقل أكثر من 100 وظيفة من مقره في زيورخ إلى ميامي في الولايات المتحدة. يأتي هذا الإعلان بعد مرور عامين على قراره بنقل 34 وظيفة من أكبر مدن سويسرا إلى باريس. سألنا اثنيْن من مراقبي الفيفا FIFA المعروفين عما يحدث.

تحدثنا إلى غويدو طونيوني، وهو محامي سويسري ومدير الاتصالات السابق في الفيفا، ومعه مارك بيث، أستاذ القانون السويسري الذي كان في وقت سابق قد ترأس عملية الإصلاح في الفيفا، وذلك للوقوف على آرائهما حول التحرّكات الأخيرة، ومستقبل العلاقة بين الفيفا وسويسرا.

هل ما زالت زيورخ عاصمة كرة القدم؟

تأسست الفيفا في باريس عام 1904، ولكنها انتقلت إلى زيورخ قبل 91 عاماً. ومنذ عام 2007، أصبحت زيورخ المقر الرئيسي لكرة القدم العالمية. ولكن المتحدث باسم الفيفا أثار الجدل، عندما أعلن في تصريح له، يوم الأربعاء، أن “الفيفا هي هيئة حاكمة عالمية، وقد جرى إبلاغ بعض المقرّات التابعة لها، بخطة الانتقال إلى مقر دائم جديد في ميامي”.

المكاتب الجديدة، التي ستتواجد في كورال غابلز، وهي مدينة قريبة من ميامي، ستستقبل أكثر من 100 موظف من الفيفا قادمين من زيورخ، ومن بينهم العاملين في الإدارة القانونية. ومن المتوقع بحسب الخطة المرسومة أن تتم عملية الانتقال بالكامل في أغسطس 2024.

هناك حوالي 800 موظف في الفيفا لا يزالون يعملون بموجب عقد عمل سويسري، وتؤكد المنظمة على أن مقرها الرئيسي سيبقى في مدينة زيورخ. ولكن البعض يثير بعض الشكوك بشأن النوايا الكامنة وراء افتتاح مكاتب الفيفا في كل من باريس، وميامي وسنغافورة.

ويؤكد غويدو طونيوني لموقع سويس إنفو  (SWI swissinfo.ch) أن “سياسة الرئيس الحالي للفيفا، جياني إنفانتينو، في عزمه مغادرة زيورخ ليست شيئا جديداً، فقد بدأت ملامح هذه السياسة تتكشّف منذ سنوات”.

هل يهدد إنفانتينو سويسرا؟

ويواصل طونيوني حديثه قائلاً: ” إنفانتينو لا يكن تجاه سويسرا عاطفة خاصة”، وهذا، بعكس مشاعر التواصل والتقدير التي كان يكنها جوزيف بلاتر، الرئيس السابق للفيفا، لزيورخ بشكل خاص. لكن طونيوني يعتقد أن إنفانتينو يحمل رؤية أكثر عالمية للمنظمة.

صورة شخصية
مارك بيث هو أستاذ قانون سويسري وسبق له أن ترأس عملية الإصلاحات في الفيفا Keystone / Martin Ruetschi

من جهته، يرى مارك بيث أن انتقال مكاتب الفيفا بعيداً عن زيورخ ما هو إلا ردة فعل على التحقيق الجنائي الذي تعرّض له إنفانتينو في سويسرا. وفي هذا السياق، يقول: “ربما ما زال غاضباً ويحاول تهديد سويسرا ليظهر أن الفيفا ليست بحاجة إلى هذا البلد. ومن الممكن أن يكون هذا الإعلان بمثابة محاولة من إنفانتينو لإيصال رسالة ما إلى سويسرا”.

الجدير بالذكر أن مارك بيث، الذي تم تعيينه في عام 2011 من قِبَل بلاتر، للمساعدة في تحسين سلوكيات وإدارة الاتحاد الكروي، كان كثيراً ما ينتقد إدارة إنفانتينو للفيفا. ولكنه مع ذلك، لا يعتقد أن هذه القرارات الأخيرة تمثل انتقالاً نهائياً، بعيداً عن سويسرا. ويقول: “إن إنفانتينو يراوغ فقط ويحاول أن يمارس الضغوط بطريقة سمجة. فالحقيقة التي لا تدحض الشك، هي أن التعاون المشترك بين سويسرا والفيفا يستفيد منه الطرفان بشكل متبادل”.

هل يمكن لسويسرا أن تتحمل تبعات فقدانها للفيفا؟

تُعتبر سويسرا موطناً للعديد من الهيئات الرياضية الدولية، ويشكّل احتضان سويسرا لهذه الهيئات مسألة بالغة الأهمية بالنسبة للبلاد واقتصادها. وقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2015، أن هذه الاتحادات تسهم بنحو 1.07 مليار فرنك سويسري (1.09 مليار دولار) في الاقتصاد السويسري سنوياً. ويشرح بيث أنه “من الناحية المالية تُعتبَر الفيفا أكثر الهيئات أهمية”؛ فبالإضافة إلى أعداد الموظفين الذين يعملون في مقرّ الاتحاد في زيورخ، وقدرة هذا الأخير على جذب السياح وتعزيز قطاع الفنادق، فإن مدينة زيورخ تستضيف أيضاً متحف الفيفا المحلي.

المزيد
صورة رجل

المزيد

قضايا الفساد في الفيفا: 25 دعوى جنائية وإجراءاتٌ لعزل مُـدّع عام

تم نشر هذا المحتوى على بدأ الفصل السويسري في التحقيقات المتعلقة بالفيفا بعملية مدوية تردد صداها في العالم بأسره: ففي 27 مايو 2015، داهمت الشرطة فندق “بور أو لاك” (Baur au Lac Hotel) في مدينة زيورخ وألقت القبض على سبعة مسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الدولي لكرة القدم وبعض المنظمات التابعة لها. حينها تجاوبت السلطات القضائية السويسرية مع طلب من…

طالع المزيدقضايا الفساد في الفيفا: 25 دعوى جنائية وإجراءاتٌ لعزل مُـدّع عام

” سويسرا هي من بحاجة أكثر إلى الفيفا، وليس العكس “، يقول طونيوني. في وقت سابق من هذا العام، أفادت قناة الإذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالألمانية (SRF) بأن برن تلقت قروضاً تبلغ قيمتها حوالي 1.8 مليار فرنك سويسري من الفيفا. ووفقاً لبعض البيانات التي نشرتها المدينة نفسها، تلقت بلديات سويسرية أخرى أيضاً تمويلاً من الاتحاد، ومنها بلديات كل من زوميكون، وجلاتفيلدن، وفينترتور في كانتون زيورخ، وألشفيل في كانتون بازل، وفراونفيلد في كانتون تورغاو.

هل تحرص فيفا على الحفاظ على وجودها ومكانتها في سويسرا؟

وبحسب بيث، فإن بقاء المقرات في سويسرا يمثل خياراً آمناً جداً بالنسبة للفيفا. ففي سويسرا تستطيع هذه المنظمة “فعل ما تشاء” بفضل وضع جمعيتها الذي يضمن لها “مزايا هائلة”، كما يقول.

وتتمتع الهيئات الرياضية التي تتخذ من سويسرا مقرّاً لها بما يسمى بـ “بالوضع القانوني للجمعية”، مما يعني أنها غير ملزمة بتسجيل بياناتها لدى الدولة أو نشر حساباتها. ولكن الأهم من كل ذلك، أن الجهات المختصة تمنحها امتيازات ضريبية.

في عام 2018، قررت السلطات الكانتونية في زيوريخ إعادة تأكيد وضع الفيفا القانوني كجمعية غير ربحية وخاضعة بالتالي لنظام الضريبة المنخفضة. وعلى الرغم من حجم الإيرادات التي تحققها الفيفا والتي تُقدّر بمليارات الفرنكات السويسرية، فإنها تُعتبر بمثابة منظمة غير ربحية، تستفيد من نفس القوانين التي تنطبق على أصغر نوادي كرة القدم في القرى. وفي هذا السياق، يقول بيث: “إن هذا المفهوم هو مفهوم ليبرالي جدّاً ويمنح الفيفا حرية كبيرة”، مشيراً إلى أن هذا الوضع القانوني تم منحه للفيفا خلال فترة رئاسة بلاتر، وإلى أن الفيفا بدأت في دفع الضرائب في عام 2016 فقط، علماً بأنها قامت بذلك بمعدل أقل بكثير من المعتاد، ” بمعدّل 10 مرات على الأقل ” بحسب قوله.

المزيد
رجلان يسيران جنبا إلى جنب وهما يبتسمان

المزيد

سويسرا والرياضة والفساد: مثلّث جهنّمي

تم نشر هذا المحتوى على على الرغم من الحملة التي أطلقتها السلطات، لا تزال الاتحادات الرياضية الدولية التي تتخذ من سويسرا مقراً لها تواجه العديد من المشاكل على مستوى الحوكمة. تحقيق خاص.

طالع المزيدسويسرا والرياضة والفساد: مثلّث جهنّمي

ولا يعتقد بيث أن الفيفا ستغادر سويسرا في وقت قريب، بسبب ما لها من نفوذ قوي في البرلمان السويسري. ويضيف قائلاً: “كانت هناك بعض محاولات لإصلاح المنظمة، ولكن أعضاء البرلمان أنفسهم عارضوا إجراءها”. ويعتقد أيضاً أنه ينبغي على سويسرا الآن اتخاذ خطوات للمطالبة بتعزيز شفافية الفيفا. وفي هذا الإطار يقول: “إذا كانت الفيفا ترغب بالحفاظ على امتيازات الضرائب؟ إذن ينبغي أن تجعلنا قادرين على النظر في حساباتها ورصد أنشطتها”.

في الوقت نفسه، تؤكد الفيفا على أنها تقدم بياناً مالياً وفقاً لمعايير التقارير المالية الدولية (IFRS) كل عام.

صورة شخصية
غيدو طونيوني، محامٍ سويسري ومدير الاتصالات السابق في الاتحاد الدولي لكرة القدم. Keystone / Str

ترجمة: ترجمة ندا

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية