كوفيد-19 تهديد وفرصة للتكنولوجيا الحيوية السويسرية في نفس الوقت
على الرغم من أن جائحة كوفيد-19 تعد الوقت المناسب لتألق صناعة التكنولوجيا الحيوية، فإن هذا الوباء جعل العديد من الشركات الصغرى تكافح من أجل البقاء. وفي هذا الحوار يناقش رئيس جمعية التكنولوجيا الحيوية السويسرية تحديات هذا القطاع ومشروعاته في مجال العلاجات واللقاحات.
تم نشر هذا المحتوى على
10دقائق
تغطي جيسيكا الجيد والسيئ والبغيض عندما يتعلق الأمر بالشركات العالمية الكبرى وتأثيرها في سويسرا وخارجها. تبحث دائماً عن صِلة سويسرية مع مسقط رأسها سان فرانسيسكو، وسوف يُسعدها مناقشة أسباب إنتاج هذه المقاطعة بعضاً من أعظم الابتكارات، ولكنها على ما يبدو غير قادرة على حل أزمة السكن فيها.
ومايكل ألتورفر في وضع جيّد لتقييم فرص سويسرا في تحقيق اختراق في المعركة ضد كوفيد-19. وقبل أن يصبح الرئيس التنفيذي لجمعية التكنولوجيا الحيوية السويسرية.، أمضى ألتورفر 20 عاما في العمل في صناعة الأدوية الحيوية في كل من روش ونوفارتيس، أكبر شركتيْن عاملتيْن في المجال، إلى جانب شركة أخرى أصغر هي شركة بوليفور.
ألتورفر قال في حديث إلى swissinfo.ch “إن سويسرا في وضع جيّد يمكنها من لعب دور ريادي في تقديم حلول لوباء الفيروس التاجي”. وظلت صناعة التكنولوجيا الحيوية منذ فترة طويلة واحدة من أكثر القطاعات حيوية في الاقتصاد وتعمل ضمن هذا القطاع حوالي 1000 شركة.
ولكن خلف هذا التفاؤل، توجد الكثير من المخاطر فهذا القطاع المزجي، معرض بشكل كبير للأزمات خلال أزمة الفيروس التاجي. وفي هذا الحوار مع swissinfo.ch يعدد هذا الخبير العوامل العديدة التي تؤثّر على وضع هذا القطاع.
swissinfo.ch: هل يمكن أن تعدد لنا بعضاً من أهم المشاريع الواعدة في قطاع التكنولوجيا الحيوية في علاقة بجائحة كوفيد-19؟
مايكل ألتورفر: هناك ما لا يقل عن اثنيْ عشر شركة للتكنولوجيا الحيوية تعمل في علاقة بالوباء. البيانات لاتزال في طور التجميع والظهور، ولذلك من الصعب الحكم على هذه الجهود في هذه المرحلة، ولكن العديد من هذه الشركات تحدثت علانية عما هي بصدد القيام به. وهذا يشمل Memo Therapeutics، مؤسسة تابعة للمعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ ( ETH )، الذي يمتلك تكنولوجيا لتطوير المرشحات العلاجية المستمدة من الأجسام المضادة في المرضى الذين شفوا بعد الإصابة.
وتعمل شركة Neurimmune التي يوجد مقرها في زيورخ على الأجسام المضادة للفيروسات التاجية التي يمكن توجيهها إلى رئتيْ المريض المصاب. كما تقوم شركة Humabs، وهي الأخرى فرع سويسري تابعة للشركة الامريكية الأم Vir Technology التي تقوم أيضا بعزل الأجسام المضادة.
وتتبع شركة Molecular Partners نهجا مغايرا بتركيز اهتمامها على بروتينات DARPin التي تمنع الفيروس من دخول الخلايا. ولم يتم اختبار أي من هذه العلاجات في أي عيادة حتى الآن، ولكن هذه الشركات لديها خبرة في العمل على مشاريع مماثلة.
بالنسبة للقاحات، تقود شركة InnoMedica التي يوجد مقرّيْن لها في برن وتسوغ جهودا مثيرة للاهتمام. وتعتمد هذه المؤسسة على تقنية الليبوزوم لتطوير لقاح.
وماذا عن الشركات السويسرية العملاقة في مجال صناعة الأدوية؟
مايكل ألتورفر: البعض منها، مثل روش، تتقدم الجهود المبذولة في إجراء اختبارات على الفيروس، وعلى الاستجابة المناعية.
وعندما يتعلق الأمر باللقاحات والعلاجات التي تتناول كوفيد-19، فإن العديد من شركات الأدوية الكبرى تبحث في ما إمكانية إعادة استخدام الأدوية المتاحة في السوق بالفعل. وإن كان بإمكان تلك الادوية مساعدة المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد. ومن شأن ذلك تسريع الأمور لأن تلك الادوية قد تم اختبارها بالفعل، وجربت على المرضى. وهذا يعني أنه لا يزال يتعيّن اختبارها في سياق كوفيد-19، فقد تم بالفعل دراسة العديد من القضايا المتعلقة بالآثار الجانبية المحتملة لها.
هذا هو الحال على سبيل المثال بالنسبة لروش، التي تختبر عقار أكتيمرا Actemra الخاص بها، والمضاد لالتهاب المفاصل. وكذلك الحال بالنسبة لشركة نوفارتيس، التي تجري اختبارات على عقار هيدروكسي كلوروكوين المضاد للملاريا وعلى عقار آخر يسمى Jakavi، وقد استخدم لكبح رد الفعل المناعي بالنسبة للمرضى المصابين بأمراض خطيرة.
وتحاول هذه الجهود استخدام هذه الأدوية لمعالجة الأعراض والآثار الجانبية لكوفيد-19 وليس الفيروس نفسه.
المزيد
المزيد
كوفيد – 19: هذا هو الوضع في سويسرا
تم نشر هذا المحتوى على
يستمر عدد الإصابات الجديدة بوباء كوفيد – 19 في الانخفاض في سويسرا، وكذلك عدد الأشخاص الذين يقومون بإجراء اختبارات.
كيف تقيّم ما إذا كانت هذه الجهود واعدة حقا، أم مجرّد زوبعة في فنجان؟
أبدأ بالنظر إلى هدفها النهائي. هل هو التوصّل إلى لقاح؟ هل تريد إعادة استخدام دواء سابق لمعالجة الأعراض؟ كل هذه الجهود مفيدة. لكنها لا تتطلب نفس الجهد ونفس القدرات الاستثمارية.
ثم أقيّم مدى بعد الشركة عن تحقيق الهدف النهائي. على سبيل المثال، إذا كانوا يتعاملون مع علاجات جديدة، ومع عناصر كيميائية مستحدثة، فإن تحقيق الهدف يحتاج وقتا أطول، لأن تلك هي أطول طريق للوصول إلى الهدف النهائي. أما إذا كانت الاختبارات تجري بالفعل على مستوى العيادة، فهذا يستغرق وقتا أقل، وربما أقلّ من ذلك أيضا إذا كانت الشركة تخطط لإعادة استخدام أدوية هي موجودة بالفعل.
ما هو الإطار الزمني الواقعي لتوفّر لقاحات أو علاجات مضادة لكوفيد-19؟
المتفائلون يتوقّعون أن يستغرق الأمر عاما ونصف قبل أن يصبح لقاح كوفيد-19 جاهزا للتسويق. وأكثر شركة أسمع عن سعيها الحثيث للتوصّل إلى لقاح هي الشركة الأمريكية Moderna Therapeutics. ويتوقّع العاملون فيها أن يكون هناك شيء ما متاحا في وقت مبكّر من العام المقبل. وفي سويسرا، أعلنت مجموعة بحثية في جامعة برن عن جدول زمنى أقصر.
في الأوقات العادية، إذا بدأت من نقطة الصفر في العمل من أجل التوصّل إلى منتج جديد لتلبية حاجة طبية، عادة ما يستغرق ذلك من 10 إلى 15 عاما قبل عرضه في الأسواق.
ثم إن نسبة نجاح المشاريع التي تنطلق في مرحلة البحث هي 1% فقط. وهذا يعني أن هذه النسبة فقط ستتمكّن من التوصل إلى لقاح أو علاج سيجد طريقه إلى السوق. وحتى إذا دخل المشروع إلى مرحلة الاختبار السريري داخل العيادات، بعد خمس أو ست سنوات، فإنها تظل هناك فرصة واحدة فقط من أصل 10 للنجاح في ذلك الاختبار واجتيازه.
كيف يؤثّر انتشار جائحة كوفيد-19 على هذه الصناعة؟
إن نقاط قوة صناعة التكنولوجيا الحيوية السويسرية لن تختفي بسبب أزمة الفيروس التاجي. ومع ذلك، فإن هذا القطاع يواجه الكثير من عدم اليقين بسبب التأخيرات التي هي ببساطة من الآثار الجانبية للوباء، والتي لا يمكن تجنبها. وتوجد العديد من الشركات حاليا في حالة من عدم الاستقرار المالي، وبعضها يكافح من أجل البقاء. وسيحتاج المستثمرون إلى التحلّي بالصبر والتسامح.
ويكاد يكون من المستحيل إطلاق تجارب سريرية الآن بمقدورها توفير البيانات التي يحتاجها المستثمرون. وقد اضطرت العديد من الشركات إلى القفز على اختبار الحيوانات لأن المرافق لا تعمل بالطريقة التي اعتادت عليها، خاصة بعد إغلاق الجامعات وتعليق عمل العديد من المؤسسات البحثية.
وهذا يعني أن الشركات بصدد صرف الأموال يوميا من دون الاقتراب من خطوة التمويل التالية. إن الأمر ليس فقط مجرد إضاعة للوقت. في بعض الحالات سوف تضطرّ الشركات إلى تكرار جميع الاختبارات لوجود خطر إصابة المريض بكوفيد-19، ويجب عليه الانسحاب من التجربة.
وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة لحوالي 60 إلى 70% من شركات التكنولوجيا الحيوية في سويسرا. وهي شركات عالقة، فلا هي شركات ناشئة، ولا هي شركات تحقق إيرادات وأرباحا. والصعوبة أن هذا النوع من الشركات لا يمكنه الحصول على قروض الطوارئ التي تضمنها الحكومة.
وفي حين وعدت بعض الكانتونات باتخاذ بعض التدابير لتوفير دعم تكميلي لهذه الشركات، فإن الأمر لا يزال مبكرا لمعرفة حجم هذا الدعم وشكله. وعلى الأرجح سوف تكون المبالغ المقترحة بعيدة جدا عما تطالب به هذه المؤسسات التي ينفق بعضها نصف مليون إلى 5 ملايين فرنك شهريا من دون تحصيل أي مداخيل.
ولا يقتصر الأمر في هذه الحالة على الحفاظ على الوظائف في الشركات المعرضة لخطر الاندثار، لأن ثلثيْ التمويل يذهب إلى أطراف ثالثة هي شركاء عملية البحث.
قراءة معمّقة
المزيد
آفاق سويسرية
صحيفة سويسرية تكشف تفاصيل رحلة هروب الأسد إلى موسكو
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
الوباء يهز سوق المضادات الحيوية التي تعاني من الكساد أصلا
تم نشر هذا المحتوى على
وجدت إحدى الدراسات الأولى للمصابين بفيروس كورونا المستجد في ووهان، مركز تفشي الفيروس، أن بعض المرضى، لا سيما من هم في حالة حرجة، عانوا من عدوى بكتيرية فرعية. وقد تم إعطاء هؤلاء المصابين المضادات الحيوية ولكن الدراسة لاحظت ارتفاع معدلات مقاومة الأدوية لبعض البكتيريا، مثل البكتيريا سلبية الجرام، مما يزيد من خطر الصدمة الإنتانية.
وفي حين أن المضادات الحيوية لا تقوم بمعالجة الفيروسات مثل فيروس كورونا المستجد، لكنها تّعتبر خط دفاع مهم ضد الالتهابات البكتيرية الفرعية مثل الالتهاب الرئوي المرتبط بالتنفّس والتهابات المسالك البولية والإنتان، وهذه الالتهابات هي الأكثر شيوعاً بين حالات المرضى الذين يتوجّب عليهم البقاء لفترات طويلة في وحدات الرعاية المركزة، ولا سيّما أولئك الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة.
ومع ذلك، لم يتم التطرق إلى المضادات الحيوية، إلا بشكل خجول جداً.
يقول مانيكا بالاسيجارام، وهو طبيب يرأس الشراكة العالمية للبحث والتطوير في مجال المضادات الحيوية GARDP ومقرها جنيف، والتي تركز على الفئات الضعيفة، الأكثر تضرراً من كوفيد -19: "في الوقت الحالي، ليس لدينا رؤية واضحة لحركة العرض والطلب للمضادات الحيوية، ونحن لا نعرف ما هي المضادات الحيوية التي استُخدمت في علاج مرضى فيروس كورونا وفي أية حالات أدى ذلك إلى حدوث تعقيدات".
ويضيف بالاسيجارام لموقع swissinfo.ch: "في حالات التفشي، ما زلنا بحاجة إلى الأدوية الأساسية مثل المضادات الحيوية". وبسبب الوضع المعقد والفوضوي الناتج عن كثرة عدد الأشخاص ممن يجب وضعهم على أجهزة التنفس، وعدم وجود الوقت الكافي لدى الجهاز الطبي لتغيير القفازات بين مريض وآخر، فإن حالات العدوى في المستشفيات ستزداد بشكلٍ مضطرد.
كل ذلك لم يكن ليشكّل مصدر قلق كبير، لو لم تكن سوق المضادات الحيوية تعاني أصلاً ومنذ سنوات من الإهمال. إن النقص في هذه المضادات الحيوية، ومقاومة الكائنات البشرية لها، آخذان في الازدياد، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي تقدر أن الأمراض المقاومة للأدوية يمكن أن تتسبب في 10 ملايين حالة وفاة كل عام، بحلول عام 2050.
وبحسب تقرير صادر عن شركات تعمل في صناعة الأدوية الحيوية، نُشر في وقت سابق من هذا العام، فإن 47% من الشركات الـ 65 التي شملها البحث، عانت من اضطرابات في سلسلة توريد منتجات المضادات الحيوية.
ومع إغلاق المزيد من الدول لحدودها، وقيام الهند بوضع بعض القيود التجارية، وتعطل عجلة التصنيع في الصين، هناك مخاوف متزايدة من أن تصبح تلبية الاحتياجات المتزايدة لهذه المضادات، أكثر صعوبة.
ويخبر إينيا مارتينيلي، رئيس قسم الصيدلة في مستشفى FMI في إنترلاكن، swissinfo.ch أن المستشفيات في سويسرا تعيد تنظيم أوضاعها على ضوء التطورات المستجدّة، وأن الإمداد في الوقت الراهن لا يعتبر مشكلة، لكنه أعرب عن قلقه عما ستؤول إليه الأمور في غضون بضعة أشهر.
ويقول مارتينيلي: "هذه [الجائحة] سيكون لها تأثير على توريد هذه المضادات، لكننا لا نعرف بعد، أي من هذه المضادات ستتأثر".
من ناحيتها، أخبرت شركة "ساندوز" Sandoz ، إحدى فروع شركة " نوفارتيس" Novartis، وأكبر مصنع للمضادات الحيوية البديلة في العالم، موقع swissinfo.ch أنها لا تتوقع في الوقت الحالي، تعطل سلسلة التوريد للجزء الأكبر من محفظتها الاستثمارية، نظراً للإجراءات الصارمة للتخفيف من حدّة الأزمة ولمستويات المخزون الضعيفة.
ومع ذلك، فإن الوضع ديناميكي ومتغيّر بشكل مستمر، وهناك جوانب خارجة عن سيطرة أي شركة مصنّعة. كما أعلنت الشركة في أواخر فبراير المنصرم، أنها ستحافظ على استقرار أسعار الأدوية الأساسية، على الرغم من التقلبات الراهنة في الأوضاع.
أزمة بطيئة
يحذر الخبراء منذ سنوات من أن سوق المضادات الحيوية في خطر؛ فرغم أن المضادات الحيوية تعد من أقدم الأدوية إلا أن الإفراط في استخدامها وإساءة استخدامها على مر السنين، دفع البكتيريا إلى بناء دفاعات ضدها، ونتجت عن ذلك حاجة ملحة لوجود مضادات حيوية جديدة.
يقول مارك غتزيتغر، الرئيس التنفيذي لشركة "بيوفيرسيس" Bioversys السويسرية الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، إن شركته كانت تعمل على "تقديم المضادات الحيوية بسعر منخفض بسبب طلب كميات ضخمة منها، لكن هذا الأمر تغير بشكل هائل"؛ فقد أصبح الأطباء أكثر حذراً بشأن وصف المضادات الحيوية، واقتصر وصفها على الحالات التي يكون فيها إعطاؤها للمرضى ضروريّاً.
وتعمل "بيوفيرسيس" على تطوير مضاد حيوي لمكافحة الالتهابات البكتيرية سلبية الجرام ذات المقاومة العالية في المستشفيات التي لديها معدل وفيات بنسبة 50 %. وكان من المقرر الدخول في تجارب سريرية في وقت لاحق من هذا العام، لكن غتزيتغر يخشى أن يتأجل هذا الأمر بسبب انشغال هيئات الموافقة على الأدوية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في احتواء فيروس كورونا.
ومع تراجع حصول المزيد من الأدوية على براءات الاختراع، ارتفع الطلب عليها في الاقتصادات الناشئة وانخفضت الأسعار؛ وقد دفع هذا الواقع العديد من الشركات، إلى الخروج من سوق الأدوية التي لم تعد بالنسبة لها تجارة مربحة.
كما وجد تقييم لـ 30 شركة أن البحث في مجال المضادات الحيوية وتطويرها، أصبح يتركز أكثر فأكثر لدى عدد قليل من الشركات. وقد حذر جاي إيير، الذي يرأس مؤسسة "الوصول إلى الدواء" خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، من أننا "نعتمد على عدد قليل جداً من الشركات لضبط الإمداد العالمي بالمضادات الحيوية."
من ناحيتها، أعلنت العديد من شركات الأدوية الكبرى بما في ذلك نوفارتيس وألرغان مؤخراً عزوفها عن القيام ببحوث عن مضادات حيوية جديدة، وفي مقابل ذلك انطلقت شركتان جديدتان للمضادات الحيوية العام الماضي. أما شركة الأدوية العملاقة الأخرى روش، التي تتخذ من بازل مقراً لها، فقد انسحبت من العمل على المضادات الحيوية في تسعينيات القرن العشرين، لكنها أعادت بناء خبراتها في هذا المجال.
الوقوع في مأزق
ويقول مارتينيلي: "لقد حذرنا دائماً من أن هذا الأمر قد يطرح مشكلة".
حين لاحظ مارتينيلي أن تزايد الإنتاج أصبح أكثر تركيزاً في قارة آسيا، بدأ منذ أربع سنوات في تتبع النقص المتكرر في الأدوية بما فيها المضادات الحيوية، وذلك عبر موقع drugshortage.chالذي أنشأه. وقبل أربع سنوات، سجّل نقصاً متعلّقاً بحوالي 100 عبوة من الأدوية، والآن هناك نقص بأكثر من 700 عبوة. ولا تعود أسباب هذا النقص إلى جائحة الفيروس المستجد كوفيد 19.
في سويسرا، هناك حوالي 70 إلى 80 % من المكونات الصيدلانية النشطة (API) التي تأتي من آسيا، حيث الإنتاج أقل كلفة. وبعض هذه المكونات يخص المضادات الحيوية. إن هذا الاعتماد على عدد أقل من مواقع الإنتاج خارج أوروبا، يعني أنه يكفي أن يعاني مصنع واحد من مشاكل ما، حتى يؤدي ذلك إلى الوقوع في مأزق كبير.
فعندما أدى إغلاق المصانع الصينية، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، إلى تباطؤ إنتاج الأدوية في الهند، أمرت الحكومة الهندية بحظر تصدير ستة وعشرين منتجاً صيدلانياً، وشمل ذلك بعض المضادات الحيوية.
ويقول توماس كويني، المدير العام رئيس الاتحاد الدولي لمُصَنّعي الأدوية: "تمتلك الشركات عادةً مخزونات تلبي حاجة السوق لفترة تتراوح بين شهرين وستة أشهر، وهي قادرة على التعامل مع انقطاع المخزونات على المدى القصير. لكن المشكلة تبدأ عندما تأخذ الدول في التخزين - فتضاعف الطلب ثلاث مرات لأنها في حالة من الذعر، وتفرض المزيد من القيود التجارية، وهذا لا يجدي نفعاً بقدر ما يزيد الأمور تعقيداً".
ويعتبر مصنع ساندوز في كوندل بالنمسا، المصنع الوحيد المتبقي في أوروبا لإنتاج المضادات، مما يجعله أقل تعرضاً للاضطرابات من غيره من المصانع، بحسب القيمين عليه.
يقول مارتينيلي أنه كان في مناقشات مع العديد من مديري هذه الصناعة، ولا يشك مطلقاً في استعدادهم لمد يد العون، خلال هذه الأزمة.
نداء صحوة
على مدى السنوات القليلة الماضية، قامت الحكومات والمؤسسات المختلفة بتكثيف جهودها في الاستثمار في مجال أبحاث وتطوير المضادات الحيوية؛ ولكن بالرغم من تدفق الاستثمارات، يعتقد الخبراء بأن النموذج الاقتصادي الحالي لم يعد قابلاً للاستمرار.
ويعتبر غتزيتغر أنه "من المستحيل أن تحافظ على سوق مستدام عندما لا يُسمح لك بالبيع بسعر مناسب"، موضحاً وجهة نظره بالقول إن هناك نوع من الحلويات في متجر شوكولاتة حصري في زيورخ، يُباع بثمن أغلى من الأموكسيسيلين، وهو مضاد حيوي يستخدم لعلاج الحالات الحرجة.
ويضيف أنه من الصعب جذب المستثمرين عندما لا يكون هناك عائد، وهذا هو السبب في أن معظم شركات تطوير الأدوية لديها أقل من 100 موظف. "لدينا ظروف ملحّة ولم يتبق في هذا المجال سوى عدد قليل جداً من الخبراء الذين يمكنهم تطوير أدوية مضادة للبكتيريا. إذا لم نغير الأشياء ولم نعد إلى الاستثمار، فسوف نفقد المزيد من المهارات".
ويوافق بالاسيجارام من الشراكة العالمية للبحث والتطوير في مجال المضادات الحيوية، على أن هناك حاجة لنموذج جديد. "إذا تركنا الأمر لمزاجية السوق، فإننا سنجد أنفسنا في مأزق. نحن بحاجة إلى شركات مثل "ساندوز" للمحافظة على استمرارية العمل. ويضيف: "إذا لم نستثمر في الأبحاث المتعلقة بالصحة العامة، فسوف نواجه دائماً مشكلات كهذه".
الصراع على حقوق الاختراع لدواء كوفيد – 19 يضع سويسرا في موقف صعب
تم نشر هذا المحتوى على
يعتمد اقتصاد سويسرا وهويتها، من منظورها الذاتي كقوة ابتكارية، بشكل كبير على حقوق وبراءات الاختراع والمكافآت المرتبطة بها، حيث تتفوق في عدد براءات الاختراع للفرد الواحد على جمع دول أوروبا وفي براءات الاختراع العالمية على أي بلد آخر، مع العلم أنّ جزء كبيراً منها في مجال الطب الحيوي. ولذلك تسببت الدعوات الأخيرة من قبل المدافعين…
تم نشر هذا المحتوى على
في بعض الأحيان، يكفي شيء صغير لتغيير مسار الحياة برمتها، وربما يكون هذا الشيء مجرّد حشرة صغيرة، ذهب هانز رودولف هيرين، البالغ من العمر 66 عاما، يبحث عنها في أقاصي العالم بعزيمة ويقين منه بالقدرة على مساعدة الناس بوسائل مُستَوحاة من الطبيعة. “أنا حساس للغاية بالنسبة لهذه المواضيع ولا أستطيع أن أتحمّل وسائل المكافحة غير…
هل يقف غنى سويسرا حائلاً دون لجوئها إلى الإدخار في مجال الأدوية؟
تم نشر هذا المحتوى على
كانت إميلي وايتهيد من الولايات المتحدة تُعاني من مرض سرطان الدم. وكانت الطفلة الصغيرة البالغة من العمر ستة أعوام قد خضعت للعديد من جلسات العلاج الكيميائي، ولكن بدون طائل، حتى أن الأطباء أخبروا ذويها بأن الوقت قد حان لتنظيم مكان في مستشفى لرعاية المُحتَضِرين. رغم ذلك، حدثت المعجزة، عندما قرر الأطباء اللجوء إلى تجربة معالجة الطفلة…
“يجب أن يكون العلم مصدر الحلول للمشاكل التي نُواجهها اليوم”
تم نشر هذا المحتوى على
حياة سندي، دكتورة سعودية وُجّهت لها الدعوة من قبل المركز الأوروبي للأبحاث النووية في جنيف بوصفها نموذجا للشخصيات المُشجّعة للشباب على الإقبال على البحث العلمي، واختارها الأمين العام للأمم المتحدة ضمن فريقه الإستشاري العلمي، وعُيّنت سفيرة النوايا الحسنة لمنظمة اليونسكو، كما اختارها الملك عبد الله لعضوية مجلس الشورى.
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.