مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أدوات قِـياس جديدة تُـقـيّـم أثـر الأموال المَـمنوحة للمنظمات الخيرية في سويسرا

بعد زلزال هايتي المدمّـر في يناير 2010، سارعت منظمة كاريتاس الخيرية إلى تقديم الإغاثة التي جمّعتها في سويسرا لمساعدة الأطفال على الإلتحاق مجددا بالمدارس. Caritas/Luca Zanetti

تَـعرض مؤسسة "زيفو" وجمعية "سيفال" السويسريتيْـن على الجمعيات والمنظمات الخيْـرية غيْـر الرِّبحية، أدوات قِـياس جديدة تَهدِف إلى توضيح العلاقة بين السّـبَب والأثـر. ولكن التحقق من الأثر له مخاطره، ولاسيما في مجال العمل الإنمائي المشترك.

حينما تُعَكّـر تداعيات الأزمة الاقتصادية غبطة التبرع وفرحة العَطاء، وعندما يَشتَـد ضغْـط المُنافسة بين منظمات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية، تزداد أهمية “القيمة مقابِـل المال”، حيث تريد الجهات المانِحة أن تتأكّـد من وصول كلّ فرنك يُتبرّع به إلى وجهته الصحيحة.

مؤسسة زيفو”Zewo”  السويسرية، التي تتّـحذ من مدينة زيورخ مقرا لها، هي جِـهاز مُستقل يَختصّ بِمُراقبة نزاهة وشفافية المنظمات والجمعيات غيْـر الرِّبحية، التي تعمل في مجال جَمع التبرعات لأغراض إنسانية. وتقوم المؤسسة بإصدار علامات جودة (أختام مصادقة) تُمنح لهذه المنظمات.

ومن جهتها، تقوم جمعية التقييم السويسرية “سيفال” Seval بالترويج لِتَبادل المعلومات والخبرات بين السياسة والإدارة والجامعة في مجال التقييم، كما تنشط في تعزيز نوْعيّة التقييمات ونَشرها على نطاق واسع.

وفي العادة، يمنح ختم المصادقة لمؤسسة “زيفو” الثِّـقة للجهات المُتَبَرِّعة، حيث تُشتَرَط للحصول عليه، الإستجابة لعدد من المقوّمات، من بينها الأداء الصادق والشفّـاف لهذه المنظمات. وحالياً، تحمل نحو 500 منظمة سويسرية تعمل في هذا المجال هذا الختم الثمين.

الجهات المانحة والمزيد من اليقين

مع ذلك، فإنه من الواضح أنَّ هذا الختْم لِوَحده لم يَعُد كافيا اليوم، إذ تُطالِب الجهات المانحة بتأكيداتٍ إضافية بشأن تحقيق الفرنك المَمنوح للهَدَف المَرجوّ. ويذهب هذا المَطلب إلى أبعد من مُـراقبة لائحة أهداف هذه المنظمات وكفاءة استخدام أموال المُتَبرّعين. واليوم، تقوم المزيد من منظمات الإغاثة بإدراج مُصطلحات فنية مثل “توجيه الأثر” و”قياس الأثر” في بياناتها ومبادئها التوجيهية .

من جانبها، أولَت منظمة “كاريتاس” الخيرية السويسرية، الأولوية للعلاقة بين السّبَب والأثر. وفي اجتماع لِتَبادُل المعلومات، عُقد مؤخراً في العاصمة برن حول هذا الموضوع، قال هوغو فازيل، مدير المنظمة: “أخيراً، توجد  أدوات عَمَلية لإثبات الأثر/النتيجة”.

ويَنظر فازيل إلى مبدإ توجيه الأثر، كنموذج للتفكير وكأداة إدارية، تُجيب بشكل أفضل على مسألة “لماذا”. وكما يقول فازيل “هذه القضية تشغلني منذ سنوات”.

شكوك من الخارج

وخلال الفترة التي أمضاها كعُـضوٍ في مجلس النواب السويسري عن الحزب الإجتماعي المسيحي (CSP)، اتخذ فازيل لنفسه دور المُتسائل الذي يقوم بِطَرح أسئلة استفزازية ومثيرة من قبيل “ما الحاجة إلى الهندسة الوراثية؟” أو “لماذا أجهزة المخابرات؟”.

أمّا اليوم، فيتوجّـب على مدير منظمة كاريتاس السويسرية، العثور على إجابات جيدة على سؤال “لِـمَ التعاون التَّنموي؟”، وكما يقول: “علينا أن نواجه النظرة المتشَككة من الخارج”، وبالتالي، فإنه من الضّروري النظر بِدِقّـة ومُقارنة الأوضاع، ما قَبل وما بَعد، حيث تكمُـن فُرصة توجيه الأثر (النتيجة) في هذا المنحى.

ولكن فازيل يُحذِّر في الوقت نفسه من المخاطر ويقول: “لا يجوز أن يقود قياس الأثر إلى “تقديس” الأرقام، كما لا يُمكن أن تُحدِّد نتائج هذا القياس هويّة الطفل الذي يَحصل على الطعام”.

صعوبة إثبات الأثر

باعتبارها وصية على الأموال العامة، تلتزم الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (التابعة لوزارة الخارجية السويسرية)، بالإستفادة القصوى من الأموال المَمنوحة، كما تمثل القوة المحرّكة لقياس الأثر.

وفي هذا السياق، يوضِّـح مارتين داهيندن، مدير الوكالة صعوبات إثبات الأثر، ضارِبا المَثَل بمسألة بناء الجسور، إذ يُمكن قياس تِـكرار استخدام هذه الجسور بشكل جيد مثلا، ولكنها ليست مؤشِّـراً لِمحاربة الفقر. وفي حين تُسَهِـل الجسور التجارة والوصول إلى الأسواق، فإنها تشجّـع في المقابل على الهجرة أيضا، وهنا يكون الإثبات الشامل للأثر، أمراً صعباً بل متعذرا.

وِفقا لداهيندن، تكمُـن الأهمية في المقام الأول، في إظهار النتائج وخلق الشفافية وتقييم الأداء، كما “تُقَلِّل الشفافية أيضاً من احتمالات ومخاطر الفساد”، حَسب مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.

وتستخدم الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون 0,6% من ميزانيتها في إجراء عمليات التّـقييم، وهي تستنِـد في عملها على معايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وتقييمات الدول الشريكة.

وقد ساهمت جمعية التقييم السويسرية “سيفال”Seval  في إعداد المبادئ التوجيهية للدليل الإرشادي لمؤسسة “زيفو”Zewo”. وفي إطار الدراسات العليا للبلدان النامية، ابتكر المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ أساليب جديدة للتخطيط المُوجّه وتحليل الأثر، مُستَخدِماً في ذلك الدّليل الإرشادي الجديد لمؤسسة “زيفو” أيضا.

قياس الأثر لِتَحسين الأداء

وفي الواقع، نادراً ما يكون قياس الأثر قابلاً للتطبيق في مجال تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية. كما يحذر الخبراء من مخاطر تحوّل الجمعيات والمنظمات الخيرية على نحو متزايد، إلى مشاريع ذات أنماط تأثير بسيطة.

في الوقت نفسه، يسود اختلاف حول استخدام أدوات التأثير بين المنظمات الـ 500 الحاملة لِخَتم تَصديق مؤسسة “زيفو”. وبما أن نصف الأعضاء لا يرغبون بمعايير إلزامية جديدة، يحتفظ دليل منظمة “زيفو” لقياس الأثر بطابعه الإستشاري فقط في الوقت الرّاهن.

وتضع مارتينا تسيغيرير، مديرة “زيفو” هدفاً متواضعاً لمنظمتها، حين تقول: “نحن نرغب من خلال هذا الدليل تعزيز مفهوم الأثر بين أعضائنا. فمَـن يقيس الأثر المتحَقَّـق، يمكنه التعلُّم من ذلك وتحسين أدائه باستمرار”.

تم إعداد وبلورة “قياس الأثر في مجال التعاون الإنمائي” من طرف مؤسسة “زيفو” Zewo  في زيورخ.

يتوفر الدليل الإرشادي والمعلومات حول استخدام أدوات القياس في دورة إدارة المشاريع على شبكة الإنترنت.

شاركت المنظمات التالية في فريق العمل الذي أعد الدليل:

منظمة “هيكس” Heks، وهي منظمة إغاثة عالمية، تؤمن بالمساواة بين البشر من جميع الثقافات والأديان، وتُمَوَّل من قِبَل الكنيسة البروتستانتية في سويسرا.

منظمة “إيكو سوليدار”EcoSolidar  ، وهي تعمل من أجل تنمية بيئية مقبولة، إجتماعياً.

منظمة “يامانيه سويسرا” IAMANEH ، وهي منظمة غير حكومية للتنمية والتعاون، تدعو إلى تحسين وتعزيز وحماية صحة الإنسان، وبالأخص صحة النساء والأطفال.

  

منظمة أطفال العالم Enfants du monde وهي منظمة غير حكومية، يقع مقرها في مدينة جنيف السويسرية، تهدف إلى مساعدة الأطفال المحرومين في الدول الفقيرة وحمايتهم، من خلال توفير التعليم والرعاية الصحية الجيدة.

  

منظمة “هيلفيتاس” Helvetas الناشطة في مجال التعاون مع ولِصالح الفئات الفقيرة في الدول التي تمر بمراحل انتقالية، ومواصلة تعزيز تبادل الخبرات بين سويسرا والدول الشريكة، لتعزيز الهياكل المحلية والتنمية المُستدامة وحقوق الإنسان.

  

الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، وهي تابعة لوزارة الخارجية السويسرية وتُكلَّف بملفات التعاون الدولي وتقوم بتنفيذ عمليات مباشرة. كما تموِّل الوكالة برامج لِمنظمات إنسانية سويسرية ودولية، وخاصة في مجالات التنمية والمساعدة الإنسانية.

  

مؤسسة كاريتاس سويسرا، وهي منظمة خيرية تعمل في مجال الإغاثة في سويسرا وفي أنحاء متفرقة من العالم، ويقع مقرها في مدينة لوتسيرن.

  

مؤسسة Interface للدراسات السياسية والبحوث والإستشارات.

  

جمعية التقييم السويسرية “سيفال” Seval التي تقوم بالترويج لتبادل المعلومات والخبرات بين السياسة والإدارة والجامعة في مجال التَقييم.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية