أقراص القهوة المضغوطة تثير “حُــروبا” في سويسرا وخارجها
إنتقلت ساحة المعركة، الرامية للفوز بِمَركز الريادة في سوق القهوة منذ عامين، من رُفوف المتاجر الكبيرة، إلى داخل قاعات المحاكم.
ومنذ ذلك الحين، رَفع العدد المُتزايد من القضايا القانونية، التكاليف والمخاطر لِكلٍّ من شركة نيستلي وخصومها.
ومن المفهوم أن تحرص شركة نيستلي على حماية منتوجها الأول “نيسبريسّو” (وهي العلامة التجارية لشركة نيستلي نيسبريسو SA لِلبُن، التي يقع مقرها في لوزان) والتي حققت مبيعاتها خلال العام الماضي مبلغ 3.5 مليار فرنك (3.6 مليار دولار) ونمواً برقمين، في الأشهر الستة الأولى من عام 2012. كما تقدَّر هوامش الربحية بنحو 30%، وهي نسبة تزيد عن الثلث، مقارنة بِمُنتجات القهوة الأخرى.
كذلك، فإنَّ تلَهُّـف الشركات الأخرى، لاقتناص حِصّة من سوق أقراص القهوة المَضغوطة، الأحادية الاستعمال (وهي عبوات مسطحة من البُن المطحون المضغوط المُغلَّف بورق ترشيح) والذي يشهد تطورات مُتسارعة، له ما يُبرِّره. وهناك عدد مُتزايد من الشركات، التي تعتقد بأن أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف، هي الركوب على ظهر “نيسبريسّو”، من خلال إنتاجها لِكبسولاتٍ يمكن استخدامها في مكائن القهوة الخاصة بها.
بِدَورها، سارعت شركة نيستلي بالرَدّ من أجل حماية براءات اختراعاتها، ولكن بِنتائج مُتفاوتة. ذلك أنَّ المحاكم السويسرية، فرضت حَظراً مؤقتاً على سلاسل المتاجر الكبيرة، التي تقوم ببيع كبسولات القهوة المُتوافقة مع مكائن “نيسبريسّو”، ولكن شركة صناعة المواد الغذائية العملاقة، تلقَّـت بدوْرها ضربةً جرّاء دعاوى قضائية مُضادة، تتعلق بمكافحة الإحتكار في فرنسا، بالإضافة إلى حُكمٍ صادرٍ عن محكمة ألمانية في شهر سبتمبر 2012، لم يكن في صالحها.
وقد تضاعف عدد المُنافسين الجُدُد والدعاوى القضائية المرفوعة خلال الأشهر الأخيرة، مما يُهَدِّد بإغراق نيستلي بعِبْء هائِل من الوقت والنفقات. وكما قال جيمس أموروزو، مُستشار الشركة التي يقع مقرها في كانتون فو لـ swissinfo.ch :”لقد إنفجر السدّ وإنفتح على مصراعيه”.
المعركة مُستمرة
كغيرهِ من المراقبين، يشعر أموروزو بأن نيستلي تخوض معركةً خاسِرة، وبأنَّها ستتلقّى في نهاية المَطاف بَلاغاً من قِبَل المحاكِم، بوُجوب ترْك الحرية للمُستهلِكين في إختيار ما يريدون من كبسولات القهوة، لإستخدامها في مكائن “نيسبريسّو”.
ولكن، وبالمقارنة مع الأرباح التي يمكن أن تجنيها نيستلي، في حال استطاعت أن تؤخِّر وصول منتجات الشركات المنافسة، فإن تكلفة هذه الدعاوى القضائية، تبدو ضئيلة. ووفقاً لشركة “يورو مونيتور” Euromonitor (المختصة في بحوث الأسواق وتوفير تقارير ومعلومات الأعمال للصناعات، والتي يقع مقرها في العاصمة البريطانية لندن)، فإنَّ من المتوقّع أن تبلغ قيمة سوق القهوة المختصة بصناعة الكبسولات الأحادية الإستعمال في عام 2014، نحو 8 بلايين دولار (7.5 بليون فرنك سويسري).
وكما قال جون كوكس، المحلل في شركة “كيبلر كابيتال ماركيتس” Kepler Capital Markets (التي تعمل في وساطة الأسهم و تقديم الخدمات الإستشارية المالية المختلفة للعديد من المؤسسات ولها مكاتب في جميع أنحاء أوروبا) لـ swissinfo.ch: “لن تكون نيستلي أول من يهْـتزّ له جفن ويترك الساحة – فهؤلاء هم مُلوك القهوة، وسوف يحاربون بكل الوسائل، للحفاظ على موقِعهم الرِّيادي في هذه الصناعة، سواء تعلق ذلك بصناعة كبسولات قهوة “نيسبريسو” أو “دولتشي غوستو” أو القهوة السريعة الذوبان”.
وأضاف كوكس قائلاً: “تملك نيستلي الموارد المالية اللازمة لمحاربة أي منافس، إن كانت تريد ذلك – وهو ما تريده بالفعل في مجال صناعة القهوة”.
وفي مقابلة جرت مع صحيفة “سونتاغس تسايتونغ” (الأسبوعية الصادرة بالألمانية كل يوم أحد في زيورخ) بداية شهر سبتمبر الماضي، أكَّد باسكال هوتينغر، المدير التنفيذي لـ “نيسبريسّو”، بأنَّ المعركة القانونية سوف تستمر.
وقال: “ما يهم بالنسبة لنا، هو أن تكون المنافسة عادِلة. لقد دافعنا عن مُمتلكاتنا الفِكرية وسنواصل القيام بذلك”.
السُّمعة ليست في خطر
وفي الحرب الكلامية المحيطة بالقضايا القانونية، حرص منافسو نيستلي على تسجيل النقاط ضد الشركة العملاقة المتعددة الجنسيات. ويمكن للمستهلِـكين من خلال وسائل الإعلام، الإطِّلاع على إدِّعاءات تتَّهِـم نيستلي بالرَّغبة المُجرَّدة في إحتكار السوق، للحفاظ على الأسعار المرتفِـعة.
من جهته، اعترف جان- بول جيلارد، المدير التنفيذي الأسبق لـ “نيسبريسّو” الذي قام بإنشاء إحدى أولى الشركات المنافسة والمسماة “إيثيكال كوفي” علانية، بأن القضية التي رفعتها نيستلي ضد شركته، تولَّـد دعاية مفيدة لمنتوجه.
في الوقت نفسه، لا يعتقد أموروزو، بأن على نيستلي أن تخشى من أضرار قد تُـلحِـق بصورتها أو سمعتها كنتيجة للإجراءات القانونية المعادية المتزايدة ضدها. كما علَّـق بالقول لـ swissinfo.ch:”هل سيتوقف المستهلكون عن شراء “نيسبريسّو”، كنتيجة لهذه القضايا القانونية وما يُحيط بها من دعاية؟ بالتأكيد لا”.
وأضاف: “لا بد أن المستهلِـكين يأخذون القيمة الجيدة لـ “نيسبريسّو”، مقابل ما يدفعونه من مال، بِنَظَر الإعتبار، وإلّا، ما كنت هناك أعمال تجارية تصِل قيمتها إلى 3 مليارات فرنك سويسري. وبالنسبة للزبائن المخلصين، فإن حجّة شركة نيستلي، القائلة بأنَّ المنافسة الأرخص تأتي على حساب الجوْدة، سوف تكون مقبولة”.
وصول ستاربكس للأسواق
ربما يكون أكبر تهديد لهيمنة “نيسبريسو” في سوق كبسولات القهوة الأحادية الإستعمال، هو وصول شركة المقاهي الأمريكية المنافسة “ستاربكس” مؤخراً وطَرحِها لماكنة راقية لصناعة القهوة، مع أقراص القهوة المضغوطة المُرفقة والتي تمتاز بتكنولوجيا وإبتكار وبراءات إختراع، متكامِـلة خاصة بها.
ومع أن سعر تجارة التجزئة لمكائن قهوة ستاربكس، هو أعلى حتى من “نيسبريسو”، إلّا أنَّه يمثل أول تحدٍّ جدّي يواجه نيستلي في السوق الإستهلاكية للطبقة الميسورة. ويبقى أن نرى ما إذا كان بإمكان سلسلة الولايات المتحدة أن تتنافس مع مجموعة “نيسبريسو” الشاملة الخدمات، ومحلاتها التجارية وسياستها التسويقية القوية. وفي هذا الصدد، يقول جون كوكس لـ swissinfo.ch: “يمكنك أن تراهن بأن هذه ستكون منافسة جادة”.
ووفقا لأموروزو، فإنَّ من المفارقات احتمال أن يعود وصول مزيد من المنافسين بالفائدة على شركة نيستلي، حيث يرى بأن المنتجات الجديدة، سوف تلفت انتِـباه المزيد من المستهلِـكين، الذين قد يتوجه بعضهم لاحقاً نحو “نيسبريسو”.
وفي ختام حديثه مع swissinfo.ch قال أموروزو: “تمثل “نيسبريسو” معيار الذهب، وقد يطمح بعض المستهلكين إلى الإنتقال إلى ما تقدمّه من خدمات كاملة”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه “بدون نمُـو منتجات منافسة في السوق، فإنّ معدّل نمُو “نيسبريسو”، سينخفِـض من تلقاء نفسه”.
كانت نيستلي أول شركة تقوم بتقديم مُنتج كبسولات القهوة العالية الجودة على نمط قهوة “أيسبريسّو” الى السوق في عام 1986، وبعد مرور 10 سنوات على تقديمها لبِراءات الاختراع الأولية.
لم يلاق الإطلاق الأولي لـ “نيسبريسو” سوى نجاحاً متواضعاً فقط، ولكنه تعزز لاحقاً بفضل إستراتيجية جديدة توجهت بالمُنتج نحو السوق المتطورة الراقية.
ثَبَّتَت “نيسبريسو” مركزها كعلامة تجارية شهيرة للمستهلك مع نطاق واسع من مكائن و أقراص وكبسولات القهوة التي يمكن شراؤها عبر الإنترنت، أو من خلال عدد متنام من المحلات التجارية. ويمكن للمستهلكين الإنضمام إلى نادي “نيسبريسّو” الحصري، كما ساهمت مشاركة نجم هوليوود جورج كلوني في الترويج لهذه العلامة التجارية بِتَعزيز صورتها بشكل متزايد.
مع ظهور علامة “نيسبريسو” التجارية، سارعت الشركات المنافسة الى إنتاج مكائن وكبسولات القهوة الخاصة بها بأسعار أرخص، ولكن “نيسبريسو” حافظت على هيمنها في السوق مُستندة على ما تتمتع به من سمعة بتقديم الجودة الأعلى.
شكل وصول منافس جديد متمثل بكبسولات يُمكن استخدامها في مكائن “نيسبريسّو” تهديداً وتحدياً جدياً أكبر لهيمنة “نيسبريسّو” على السوق.
في الوقت نفسه، أثار إنتاج الشركات المنافسة لكبسولات قهوة متوافقة مع مكائن “نيسبريسو” جولة متزايدة من الدعاوى القانونية والإجراءات المُضادة.
تخوض نيستلي حالياً حرباً في المحاكم مع كل من شركة “أثيكال كوفي” والعملاق الأمريكي “سارة لي”، وكل من سلسلة متاجر “كوب” وميغرو” و”دينّير” السويسرية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.