أوكرانيا: ما الذي يتعيّن على مُنتهكي العقوبات من السويسريين معرفتُه الآن!
يشعر الخبير القانوني مارك بيت بالدهشة من اتباع سويسرا نهجها الإشكالي الخاصّ فيما يتعلق بالعقوبات الدولية المفروضة على روسيا.
عندما غزت روسيا أوكرانيا، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن عقوبات اقتصادية، بينما صرحت سويسرا بأنه سيتعيّن عليها أولاً تحليل الوضع الجديد. والسؤال الواضح هو ما الذي كانت تفعله الحكومة السويسرية خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع تصاعد التوترات؟
إلّا أنّ المشكلة الحقيقية تتمثل في أن سويسرا أعلنت أنها ستتخذ بعض الإجراءات لتقليل مخاطر التحايل (والالتفاف) على العقوبات المفروضة، لكنها لم تتصور حظر أموال أي شخص قريب من النظام الروسي. ببساطة، لن يُسمح بإيداع أيّ أموال جديدة في سويسرا.
هذا النهج يُمكن فهمه من وجهة نظر اقتصادية بحتة، حيث أن سويسرا في نهاية المطاف هي مقر [شركة خطوط أنابيب الغاز] نورد ستريم 1 و2، كما أن جزءًا كبيرا من النفط الروسي يجري تداوله (في الأسواق العالمية) عبر جنيف، بما في ذلك من طرف عدد من أفراد الأوليغارشية (ألأقلية الحاكمة) الروسية. أليس كذلك؟ مع ذلك، فإن الموقف السويسري الرسمي يعكس التجارب التي مرّ بها العالم مع سويسرا خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة وحقبة الميز العنصري (الأبارتايد): فقد كان الحياد يُعتبر ترخيصًا لممارسة الأعمال التجارية مع أي شخص، بما في ذلك الأنظمة الإجرامية.
يتعيّن على مجتمع الأعمال الذي يتخذ من سويسرا مقراً له أن يدرك أن الموقف السويسري الرسمي قد يفقد بسرعة أهميته. تخيّل أن أحد المصارف يُواصل تقديم خدماته لفائدة شركات وأشخاص مُدرجين في قائمة عقوبات الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، وهو سيناريو غير مُستبعد تمامًا. هذا (الأمر) لن يُنظر إليه بعين الرضى من طرف بقية العالم الغربي.
فقد يتم إدراج المصرف نفسه على قائمة العقوبات كشريك للكيان الخاضع للعقوبات. وهناك طرق للإعلان بأنّ مصرفاً ما يشكل “مصدر قلق رئيسي لغسيل الأموال”. وفي نهاية المطاف، يُمكن طرح السؤال: هل لا يزال المجتمع الدولي بحاجة إلى هذا المصرف كبنك مُراسل؟ عندما تُصبح منبوذا، فقد يكون الثمن (الذي يتعيّن دفعه) باهظاً حقًا، بغض النظر عن التصريحات الرسمية لسويسرا.
وربما تكون هناك حاجة لاتخاذ إجراءات صارمة ضدّ مُنتهكي العقوبات المفروضة من طرف القوى الأجنبية المُقيمين في سويسرا . بكل بساطة، هناك أوقات لا مجال فيها لعدم المُلاءمة. لنتذكر ما قاله ستيوارت إيزنستات، وكيل وزارة التجارة الأمريكية السابق للتجارة الدولية، عند مناقشة الدور الذي لعبته سويسرا خلال الحرب العالمية الثانية: “الحياد اصطدم بالأخلاق؛ في كثير من الأحيان، وفّر الحياد ذريعة لتجنّب الاعتبارات الأخلاقية”.
الآراء الواردة في هذا المقال لا تُلزم إلا كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن وجهة نظر SWI swissinfo.ch.
تقوم swissinfo.ch بنشر آراء حول مواضيع مختلفة، سواء حول قضايا سويسرية أو مواضيع لها تأثير على سويسرا. يرمي اختيار المقالات إلى تقديم آراء متنوعة بهدف إثراء النقاش حول القضايا المطروحة. إذا كنت ترغب/ين في اقتراح فكرة لمقال رأي، يُرجى إرسال رسالة إلكترونية إلى arabic@swissinfo.ch
(ترجمه من الألمانية وعالجه: ثائر السعدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.