مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إعجابٌ بالبلد وإقبال متزايد رغم تحفّظ السكان المحليين

RDB

لم تشذ أراء السياح العرب في سويسرا، وهم يردّون عن سؤال طرحته عليهم swissinfo.ch بشأن نظرتهم إلى البلد الذي اختاروه لقضاء إجازاتهم هذا العام عن الإعجاب الكبير بجمال الطبيعة، وبلباقة السكان ولطفهم، وبالنظام المحكم في قطاعات الإدارة والخدمات.

مع ذلك، اشتكى البعض من انعدام الهدوء الذي كان يميّز سويسرا في العقود السابقة، ومن تغيّر نظرة السكان المحليين إلى السياح العرب، وتزايد عمليات النشل والإحتيال، والغلاء المشط بسبب ارتفاع سعر العملة المحلية.

ويلخّص أبو عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة بشركة اتصالات بالكويت، وهو سائح يتردد كثيرا على سويسرا، التقته swissinfo.ch خلال هذا الأسبوع بمونترو، التغيّرات التي طرأت على هذه المدينة السياحية الواقعة بالجنوب الشرقي لسويسرا، فيقول: “قبل ثلاثين سنة، كانت مونترو منطقة هادئة، والوضع فيها يناسب السياح الذين يأتون للبحث عن الراحة، أما اليوم فقد أصبحت مدينة كبيرة، واختلط فيها الحابل بالنابل، وهجرها الكثيرون بحثا لهم عن أماكن أخرى أكثر هدوءا”.

في المقابل، أعرب سياح آخرون عن تعلّقهم الشديد بسويسرا وبمزاياها السياحية الكبيرة، حيث يؤكد محمّد علي الطريف، الذي يعمل مديرا ماليا في طيران السعودية الخاص، ومدوّنا ناشطا في منتدى “العرب المسافرون”، أن ما يربطه بهذا البلد “هي علاقة عشق أبديّة، وليس من السهل أن تنفكّ هذه العلاقة، بل حبّي لها يزداد ويتضاعف”.

نفس الصدى يترددّ كذلك على لسان خالد سعيد، صاحب بوابة “السفر إلى سويسرا” وهو أول موقع الكتروني عربي متخصص في التسويق السياحي بسويسرا وتقديم استشارات للسياح العرب، حيث يقول: “أعتبر سويسرا بلدي الثاني، وهي بلد جميل ومنظّم، وسويسرا تحتّل المرتبطة الأولى في العالم من حيث جودة الحياة، ومن حيث الأمن والنظافة ومستوى الخدمات”.

هذا الأمر يُجمع عليه سواء من قضى سنوات طويلة من الإقامة فيها أو من لم تسبق له زيارتها أصلا، على غرار الشاب السعودي نوّاف، الذي يزور سويسرا هذا العام للمرة الأولى، حيث يقول: “لقد وجدت سويسرا جدّ رائعة، وفوق ما كنت أتخيّله، لكنني سوف أعود إليها في زيارات متكررة في السنوات المقبلة”. ويضيف مرافقه، وهو أحد أقربائه الأكبر منه سنا: “الخدمات ممتازة، وتعامل أهل البلد رائع جدا. ما يلفت النظر فعلا هو النظام والدقة وانضباط السكان، واحترامهم للآخر، فلا أحد يتدخّل في شؤون الغير”.

إقبال متزايد على سويسرا

ما حبا الله به سويسرا من طبيعة خلابة ومناخ رائع وموقع جغرافي متميّز يتوسط القارة الأوروبية، وكذلك ما يتميّز به سكانها من انضباط واحترام للقوانين، وما يسودها من أمن واستقرار مقارنة بالبلدان المجاورة لها، يجعلها قبلة للسياح الخليجيين خاصة، الذين يجدون فيها كل ما يبحثون عنه من منتزهات ومطاعم عالمية ومراكز تجارية للتسوّق، وأماكن لممارسة الرياضات المتنوعة.

هذه المقوّمات جعلت صورة سويسرا في أذهان الكثير من السكان الخليجيين اليوم بحسب محمّد على الطريف “أكثر إيجابية من أي وقت مضى، ويحصل لديهم هذا الإنطباع إما من خلال متابعتهم للتقارير السياحية المنشورة على الإنترنت، والتي تروي تجارب من سبقهم من السياح، أو من خلال التقارير المصوّرة التي ينشرها بعض المتطوّعين في منتديات “العرب المسافرون””.

لكن هذا الجهد التطوّعي تدعمه الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات السويسرية والجهات المعنية في هذا المجال، ومن أبرزها المشاركة المتميّزة لسويسرا في معرض “سوق السفر العربي في دبي” والذي ينظّم كل سنة، أو المحاضرات والمؤتمرات التي تعقدها المؤسسات السويسرية المعنية من حين لآخر، كالمؤتمر الذي احتضنته منتجع إنترلاكن قبل عاميْن تقريبا.

هذه الجهود بحسب خالد سعيد “أدت إلى تزايد عدد السياح العرب خاصة في السنتيْن الأخيرتيْن، وقد ساعد على ذلك الوضع السياسي الحالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، فالكثير من السياح الذين كانوا يقصدون لبنان ومصر وتونس، أصبحت تلك البلدان بالنسبة إليهم مناطق غير آمنة”.

هذه الزيادة في عدد السياح واكبها أيضا تغيّر في السلوك السياحي للزائر العربي، ويصوّر خالد سعيد هذا التغيّر فيقول: “قبل أربع او خمس سنوات، كانت سويسرا تعني في ذهن السائح العربي جنيف، نظرا لشهرتها، ومكانتها الدولية، ولكن بعد تعدد مصادر معرفة هذا السائح حول سويسرا، فُتِحت أعين هؤلاء الزائرين على مناطق جديدة لم يكونوا يعرفونها، ومن ذلك اكتشافهم لمنطقة إنترلاكن السياحية الجذابة”.

وفعلا حدثت نقلة كبيرة في السلوك السياحي للأثرياء العرب الذين يقضون إجازاتهم في سويسرا، إلى الحد الذي جعل أحدهم يقول: “لا أعتقد أن الشخص الذي يأتي من بلده ليقضي أغلب وقته في فندق من خمسة نجوم في جنيف قد أحسن فعلا، والأفضل بالنسبة له أن يمكث في بلده لأن أي بلد عربي يوجد فيها اليوم فنادق تضاهي فنادق جنيف… وما أكثر المناطق السياحية الجميلة في سويسرا مثل زرمات وإنترلاكن، ومونترو، ومدن أخرى كثيرة في البلدان المجاورة في فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، والنمسا..”.

فئة “غير مرحّب بها” كثيرا

هذه الصورة الوردية يقابلها على الجانب الآخر شعور لدى السياح العرب القادمين إلى سويسرا بأنهم  فئة “غير مرحّب بها” نسبيا، حتى وإن كان جميع المتدخّلين في القطاع السياحي السويسري يدركون أهمية مساهمة هذه الفئة في موارد القطاع رغم قلّة عددها مقارنة بجنسيات أخرى.

ويعبّر أبو عبد العزيز من الكويت عن هذا الشعور فيقول: “في السابق كان السويسريون منفتحين على السائح الخليجي، لكننا اليوم أصبحنا نرى في المطاعم وفي المحلات التجارية وفي الفنادق ردود فعل تبلغ درجة الإساءة، وهذا أمر يُضايقنا”، لكنه يستدرك ليُضيف أنه “مثلما تغيّرت معاملة السكان المحليين لنا، فإن السائح العربي من الخليج لم يعُد هو الآخر كما كان من قبل، في سويسرا هناك تقاليد، وهناك معايير معيّنة للتصرّف، وحدود بيّنة بين ما هو حرية وما هو فوضى، والبعض من العرب للأسف يتمادون ولا يلتزمون بالإجراءات والقوانين”.

من جهته، يُرجع المدوّن السعودي هذا التغيّر السلبي في العلاقة بين المواطن السويسري والسائح العربي إلى “الفكرة السيئة التي أخذها السويسري من تصرّفات غير ملائمة تصدر عن عدد قليل من السياح، والشعب السويسري شعب شغوف ومحبذ للنظام والهدوء، ويحبّ الإبتسامة وإلقاء التحيّة بشكل مستمر، ومثل هذه الأمور قد يغفل عنها السياح الخليجيون فيتولّد لدى السكان المحليين انطباعا سلبي عن هذه الفئة من السياح”.

في الأثناء، تؤكد نعيمة، وهي مواطنة سويسرية من أصل مغربي، تعمل بأحد المطاعم في منتجع مونترو، أن “السياح العرب محترمون، وتستفيد منهم السياحة السويسرية كثيرا جدا، ولكن للأسف أصحاب النزل والمطاعم يشتكون منهم دوما، ويدّعون أنهم يحطّمون الأثاث، ولا يحافظون على نظافة الأماكن التي يرتادونها، … والمشكلة أنهم يريدون أن يقبضوا منهم الأموال من دون أن يشقوا في خدمتهم”.

بلغ العدد الجملي للسّياح العرب الخليجيين في سويسرا هذا العام (حتى شهر مايو) ما يزيد عن 41.168 سائحا مقابل 133.042 سنة 2011.

وتوزّع هذا الرقم بحسب البلدان على النحو التالي:

دولة الإمارات العربية المتحدة: 16.985 سائحا (47.267 سنة 2011).

المملكة العربية السعودية: 12.535 سائحا (47.622 سنة 2011).

قطر: 4.341 سائحا (13.876 سنة 2011).

الكويت: 3.266 سائحا (15.267 سنة 2011).

عمان: 2.148 سائحا (3015 سنة 2011).

البحرين: 1.893 سائحا (5.044 سنة 2011).

موقع خاص للسياح العرب، ويُعتبر من أفضل المواقع التي تقدّم معلومات حول المقاصد السياحية في العالم كما أنه أحد مواقع شبكة منتديات “مكتوب” التابع لشركة ومحرّك ياهو.

يشتمل المنتدى على دليل سياحي متكامل حول سويسرا، ويقوم المشرفون عليه بتحديثه لحظة بلحظة بإضافة اخبار المهرجانات الثقافية، ومجموعات الصور لأجمل المناطق السياحية، كما ينشر تقارير وافية يبعث بها السياح عقب إنهاء رحلاتهم إلى سويسرا.

يقوم محمّد علي الطريف، وهو مواطن سعودي وأحد المساهمين في هذا المنتدى بانتظام بزيارة مناطق سويسرية لا يعرفها من قبل السائح الخليجي، فينجز عن ذلك المقصد السياحي تقارير مصوّرة، كما يقوم بنشر تلك التقارير على موقعه الخاص.

أوّل موقع متخصص في الخدمات السياحية باللغة العربية موجّه إلى مساعدة السياح العرب عموما والخليجيين خصوصا على حسن استثمار أوقاتهم خلال قدومهم إلى سويسرا، ويساعدهم كذلك على الإستفادة إلى أقصى حد من الإمكانات السياحية الهائلة لهذا البلد الاوروبي الجميل.

الموقع يقدّم معلومات غزيرة ومتنوعة عن الخصائص السياحية لسويسرا وعن المرافق المختلفة التي يحتاجها السائح العربي، ويشرف عليه مجموعة من العرب المقيمين منذ زمن طويل في هذا البلد، كما يعملون كوسطاء بين السائح والفنادق والمطاعم والمرافق الترفيهية، ويتأطر هذا العمل تحت إسم شركة “نورينا”.

يقدّم هذا الفريق ايضا الإستشارة المجانية كلما اقتضت الحاجة او واجه السائح العربي ظرفا طارئا من سرقات او ضياع أوراقه الثبوتية، او حصلت خلافات بينه وبين أصحاب المرافق السياحية. كذلك يوفّر القائمون على هذا الموقع خدمات ترجمة من وإلى اللغات الوطنية الثلاث المعتمدة في سويسرا، وفي العادة لا يتقن السياح العرب أي واحدة من هذه اللغات مما يجعلهم في حاجة إلى هذه الخدمة.

هذه المجموعة تقوم كذلك بتقديم استشارات قانونية اوّلية مجانية للمحتاجين إليها، وإذا تعمّق الخلاف، تقوم بمساعدة السائح في الإتصال بمحام او الإتصال بسفارة بلاده في سويسرا، كما توفّر له وسائل نقل عند الضرورة، إذا أراد هذا الأخير القيام برحلات خاصة لاماكن معيّنة.

هذه الخدمات المجانية هي في نهاية المطاف أداة تسويق، يهدف من خلالها أصحاب الموقع إلى كسب ثقة السياح العرب، وجعلهم يلجؤون إليهم في تحصيل الحجوزات داخل الفنادق، وفي المنتجعات أو عند كراء الشقق المفروشة، أو في استئجار السيارات الخاصة،… ولتلبية هذه الطلبات المتنوعة، يلعب أصحاب موقع “السفر إلى سويسرا” دور الوسيط فيتصلون بالشركات والفنادق والمطاعم وغيرها لتلبية تلك الإحتياجات.

يقول القائمون على هذه الخدمات الإستشارية إن الإقبال عليهم كبير ومتزايد، ولا تنقصهم أفكار لتطوير هذا العمل، لكنهم يحتاجون إلى إمكانات مادية أهم ما هو متاح لهم حاليا من أجل تطوير مشروعهم.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية