مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العلاقات السويسرية الإيرانية جيّدة “رغم نقاط الإختلاف”

الرئيس السويسري رفقة نظيره الإيراني في ندوة صحفية
آلان بيرسيه، رئيس الكنفدرالية للعام الجاري (على اليمين) يتحاور مع نظيره الإيراني حسن روحاني خلال الندوة الصحفية التي أقيمت يوم 3 يوليو 2018 في ختام زيارة الرئيس الإيراني الرسمية إلى سويسرا. Keystone

في ختام زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني الرسمية إلى سويسرا، أكد آلان بيرسيه، رئيس الكنفدرالية لنظيره الإيراني مجدداً دعم سويسرا الكامل للإتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني. وأشار إلى أنه يجب أن يستمر تنفيذ هذه الإتفاقية وأن تفعل سويسرا كل ما في وسعها (من أجل ذلك).

وفي كلمة ألقاها أمام وسائل الإعلام بعد ظهر الثلاثاء 3 يوليو الجاري في برن، قال بيرسيه متوجّها لروحاني: “يمكنك الإعتماد علينا لاستمرار هذه الجهود”، مُعربا عن الأسف لأن الوضع الحالي، أي منذ انسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق، يُوجد قدرا من “انعدام الأمن والإستقرار”. من جهته، قال روحاني إن هذا الإتفاق يخدم “مصلحة دول العالم أجمع والسلم الدولية”، وشدد على ضرورة “احترام جميع الدول” للإتفاقية التي تم التوقيع عليها في عام 2015 بعد “مفاوضات طويلة وصعبة”، في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231.

في أكثر من مناسبة، أشار الرئيسان خلال الندوة الصحفية إلى جودة العلاقات الثنائية بين البلدين “رغم نقاط الإختلاف”، كما قال بيرسيه. في الوقت نفسه، أكد المسؤولان على استعدادهما لتعميق هذه العلاقات والتحاور حول “جميع القضايا”، وفقا للسيد بيرسيه، وخاصة فيما يتعلق بالتعاون في مجالات العلوم والثقافة والتكنولوجيا، كما أوضح الرئيس الإيراني.

في المحصّلة، وقع المسؤولون السويسريون والإيرانيون على إعلانيْ نوايا وعلى اتفاقية، وفقا لوكالة الأنباء السويسرية. وفيما تعلقت الإتفاقية بمجال النقل البري بين البلدين، أي إمكانية قيام شركات من كلا البلدين بنقل البضائع أو الأشخاص فيما بينها، وقّع وزير الإقتصاد السويسري يوهان شنايدر-أمّان على إعلان نوايا بشأن البحث العلمي مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. من جهة أخرى، وقّع البلدان بالأحرف الأولى على إعلان نوايا في مجال الصحة.

لتسليط الضوء على أبعاد الزيارة وتداعياتها المرتقبة في مجال المبادلات الإقتصادية، أجرت swissinfo.ch الحوار التالي مع الأستاذ والباحث خلدون ضياء الدين، مدير مركز إدارة الأعمال في الشرق الأوسط وافريقيا التابع لجامعة زيورخ للعلوم التطبيقية.رابط خارجي

روحاني: خطة الولايات المتحدة بحظر الخام الايراني “محض خيال”

في برن، أكد الرئيس الايراني حسن روحاني يوم الثلاثاء 3 يوليو الجاري أن الولايات المتحدة “لن تتمكن أبدا” من منع ايران من تصدير نفطها، ووصف الإعلان الصادر عن الخارجية الأمريكية في هذا الإتجاه بانه “محض خيال”. 

وكان مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية براين هوك، الذي يدير التفاوض مع حلفاء الولايات المتحدة حول استراتيجية جديدة حيال إيران، صرح يوم الاثنين 2 يوليو أن واشنطن واثقة من وجود ما يكفي من الإحتياطات النفطية في العالم للإستغناء عن الخام الايراني. وأكد هوك أن العقوبات الأمريكية ضد الشركات التي تتعامل مع إيران ستُفرض مجددا اعتبارا من 6 أغسطس القادم على شركات السيارات والمعادن واعتبارا من 4 نوفمبر 2018 على التعاملات النفطية والمصرفية، مشيرا إلى أن “هدفنا هو زيادة الضغط على النظام الإيراني عبر خفض عائداته من بيع النفط الخام الى الصفر”.

وفي مؤتمر صحافي عقده في العاصمة برن مع رئيس الكنفدرالية آلان بيرسيه، قال الرئيس الايراني “إنها في الواقع تصريحات مبالغ فيها لا يُمكن أن تتحقق على الإطلاق”. وأضاف أن “سيناريو من هذا النوع يعني أن تفرض الولايات المتحدة سياسة إمبريالية في انتهاك فاضح للقوانين والقواعد الدولية”، وتابع روحاني أن “السماح لكل منتجي النفط بتصدير نفطهم باستثناء إيران محض خيال ولا أساس له وجائر”.

وكانت واشنطن هددت بمعاقبة الشركات الاجنبية التي تتعامل مع ايران. وقال روحاني إن “العقوبات الغشيمة المفروضة على أمة كبيرة هي بحد ذاتها أكبر انتهاك لحقوق الإنسان يمكن تصوره”، وأضاف ان ايران وسويسرا “متفقتان على القول أن الاتفاق النووي كان فعلا مكسبا مهما ومن مصلحة العالم أجمع المحافظة عليه من أجل السلام الدولي”، وتابع الرئيس الإيراني “طالما أن مصالحنا مُحترمة في إطار الاتفاق النووي وطالما أن ايران يُمكنها الإستفادة من الإمتيازات (المُدرجة في الإتفاق) سنبقى في الإتفاق”.

روحاني الذي وصل يوم الاثنين 2 يوليو إلى سويسرا أجرى سلسلتين من المحادثات مع الرئيس بيرسيه خُصّصت للقضايا الثنائية وكذلك للإتفاق النووي، وسيتوجّه يوم الاربعاء الى العاصمة النمساوية فيينا. وخلال الندوة الصحفية، قال بيرسيه آسفا: “نحن مُدركون بأن الإنسحاب الذي اعلنته الولايات المتحدة يُمكن ان يعرقل او يُعرّض للخطر التقدم الذي تحقق. من وجهة نظر سويسرا هذا الإتفاق كان نجاحا غير مسبوق. لكن اليوم هناك غياب للأمن الى حد ما نأمل أن يتراجع”. وتابع رئيس الكنفدرالية: “أجرينا حوارا صريحا ومفتوحا. نأمل في مواصلته (…) حتى عندما لا نكون متفقين على الرأي نفسه”، في إشارة خصوصا إلى مسألة الإعتراف بوجود اسرائيل. ورد روحاني قائلا إن إيران “تعتبر الكيان الصهيوني غير شرعي”.

(المصدر: وكالات)

swissinfo.ch: منذ قرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من الإتفاق النووي مع إيران وفرض عقوبات جديدة على هذا البلد منذ يوم 18 مايو الماضي، أعلنت العديد من الشركات الدولية الكبرى والمصارف عن وقف عملياتها في هذا البلد والإنسحاب منه. هل تعتقد أن الشركات والمصارف السويسرية تتجه إلى السير في نفس الإتجاه؟

خلدون ضياء الدين: أعتقد أن هذا القرار سياسي بالدرجة الأولى كما أن الهدف منه سياسي أيضا. الشركات السويسرية طبعا ستتبع – على الأقل في مرحلة أولى – أيضا نفس نهج الشركات الأخرى وذلك لسببين: الأول، هو أن هناك شركات كثيرة لها مصالح ضخمة جدا في أمريكا فلا يُمكن لها أن تُضر بمصلحتها هناك أو أن تقوم بإنشاء أعمال جديدة في إيران على حساب مصالحها في أمريكا. السبب الثاني هو أن الأمور لم تتضح حتى الآن، القرار الأمريكي صدر.. نحن في مرحلة انتقالية حاليا.. وحتى تستقر الأمور فالشركات – إذا لم تتوقف ستُجمّد كل نشاطها – حتى تتضح الرؤية السياسية سواء على مستوى سويسرا كدولة أو على مستوى أوروبا بحكم وجود علاقات متميّزة بين سويسرا وأوروبا، أو أن كل شركة من الشركات ستدرس إمكانيات التعامل مع إيران. هناك شركات لديها فروع أو مؤسسات تابعة لها ولكن كل عملها يتم في دول أو بلدان لها حرية التصرف مع إيران. الآن، هذه الشركات ستدرس هل بإمكانها من خلال فروعها أو الشركات المملوكة لها أو من خلال شركات التي تتعامل معها في بلدان ثانية من تحقيق عمليات في إيران أم لا، وإذا كان ذلك مُجديا أم لا من الناحيةالإقتصادية.

swissinfo.ch: يتجه الإتحاد الأوروبي لاتخاذ بعض الإجراءات لحماية شركاته العاملة في إيران. هل يُمكن للمؤسسات السويسرية – بحكم العلاقات الوثيقة مع أوروبا – أن تستفيد من القرارات التي ستتخذها المفوضية الأوروبية في بروكسل؟

خلدون ضياء الدين: من الناحية النظرية – وفي انتظار معرفة الكيفية التي ستتبلور بها الأمور – هناك عدة خيارات أمام سويسرا. أولا، سويسرا لها – باعتراف أمريكا – علاقات متميّزة مع إيران على أساس أن برن تقوم برعاية المصالح الأمريكية في طهران. هذه الوضعية المُميّزة لا تحل كل المشاكل ولا ربعها لكنها تُعطي أفضلية مُعيّنة. ثانيا، صحيح أن علاقات سويسرا مع الإتحاد الأوروبي قوية جدا لكن لديها أيضا علاقات مهمة بهيئات ومنظمات دولية واتحادات إقليمية أخرى (كمجلس التعاون الخليجي واتحاد دول وسط آسيا التي كانت تابعة للإتحاد السوفياتي وغيرها) وهذه لها امتدادات وعلاقات متميّزة مع إيران يُمكن للشركات أو الحكومة السويسرية أن تستفيد منها.

بالعودة إلى أوروبا، لا بد من التذكير بأن الإتفاقيات الثنائية بين سويسرا والإتحاد الأوروبي موضوعة حاليا على طاولة البحث وهي مجال مناقشة ومفاوضات كبيرة جدا بين برن وبروكسل ولا بد أن ننتظر – وبناء على ما أعلنه وزير الخارجية السويسري – نهاية العام لنرى النتيجة التي ستتمخض عنها. وحسب نوعية هذه الإتفاقيات التي تنتج وبناء على الموقف الأوروبي النهائي تجاه إيران قد تُفتح مجالات مفيدة في إيران بوجه الشركات السويسرية.

swissinfo.ch: يبدو أن هذا الجانب استأثر بقدر من الإهتمام في محادثات الرئيس روحاني مع الجانب السويسري في برن..

خلدون ضياء الدين: حتما هذا كان جزءا من المفاوضات وإن كانت المعلومات المتوفرة لديّ تشير إلى أن الجزء الأكبر من المحادثات التي أجراها الرئيس روحاني اختصت بالناحية السياسية، كما كان معه وفد علمي قام بالتوقيع على اتفاقيات خاصة بالتعاون في مجال البحث العلمي، كما تم الإتفاق حسبما يبدو على بعض الأمور في المجال الإقتصادي قد تتضح تفاصيلها في الفترة المقبلة.

swissinfo.ch: رغم الصعوبات المرتقبة ومخاطر التعرض لعقوبات أمريكية يبدو أن الرئيس ترامب مُصمّم على تطبيقها بصرامة على المخالفين للحظر، هل تتوقع أن تستمر بعض الشركات السويسرية في العمل والإستثمار في إيران؟

خلدون ضياء الدين: لهذه المسألة شقان. أولا، هل ستُعاقب الحكومة السويسرية أيضا؟ إذا ما قررت برن الإلتزام بالعقوبات الأمريكية فعندها سيكون من الصعب جدا على الشركات السويسرية أن تتعامل مع إيران لأنها ستكون مُعاقبة في بلدها. أما إذا لم يحصل ذلك، فإن الشركات السويسرية ستظل متوجّسة من العقوبات الأمريكية أساسا. في هذه الحالة، فإن الشركات الوحيدة التي سيُمكنها التعامل مع إيران ستكون تلك التي ليس لها عمل في الولايات المتحدة أو في البلدان التي ستؤيد قرارات واشنطن شريطة أن لا تكون هذه التعاملات متعلقة بالدولار أو أن تتأثر أعمالها الأخرى بسبب استخدامها للدولار الأمريكي كعملة تعامل تجاري.

swissinfo.ch: ولكن هذا الصنف من الشركات قليل جدا في سويسرا..

خلدون ضياء الدين: طبعا هو محدود جدا وفي أغراض أو مواد مُعيّنة وسيكون عبارة عن “سوق متخصّصة” Niche Market. أولا، وكما قلنا يجب أن لا تكون هذه الشركات عرضة للمعاقبة من طرف الولايات المتحدة أو الدول الثانية التي ستنضم لتطبيق هذه العقوبات. وثانيا، أن تتمكن هذه الشركات من التعامل بعملات أخرى غير الدولار لأنه يُمكن لواشنطن تجميد أي تحويلات نقدية بالعملة الأمريكية (من خلال الـ Clearing).

swissinfo.ch: قبل عامين بالضبط، استضاف المركز الذي تُشرفون عليه 34 من المدراء التنفيذيين لشركات ومؤسسات اقتصادية إيرانية قدموا خصيصا للتعرف على التجربة الإقتصادية السويسرية. هل تتوقعون أن يستمر هذا الشكل من تبادل الخبرات والتعاون في المستقبل؟

خلدون ضياء الدين: هناك اتفاقيات دولية بين سويسرا وإيران. ونحن كجامعة حكومية نلتزم بالقوانين السويسرية وبالإتفاقيات التي تُبرمها الكنفدرالية مع الدول الأجنبية، ونلتزم برسالتنا وهي التعليم والبحث العلمي. وطالما ظل هذا الصنف من النشاط مسموحا به وفيه مصلحة لنا كمؤسسة سويسرية ومصلحة للشركات السويسرية فسوف نتابع القيام به. بطبيعة الحال، ستكون هناك العديد من العقبات كأن ترفض بعض الشركات أو تتردد في استقبال مثل هذه الوفود في مصانعها ومقراتها. ومن العقبات الأخرى، تكلفة مثل هذه الزيارات للمشارك الإيراني فإذا كانت هناك عقوبات إضافية على إيران وساءت الأحوال الاقتصادية في هذا البلد فإن عدد الإيرانيين الذي يقبلون بدفع تكلفة هذا الصنف من الزيارات سيقل بطبيعة الحال. هذا أثر جانبي وليس ناجما عن قرار نتخذه من جانبنا، لكنه وارد جدا.

swissinfo.ch: ما هو حجم تأثير تعطيل إمكانية الوصول إلى السوق الإيرانية على حجم المبادلات السويسرية في هذه المنطقة من العالم؟

خلدون ضياء الدين: أعتقد أن حجم المبادلات الثنائية بين البلدين لا يزيد عن 0.18 % من إجمالي المبادلات السويسرية (تصديرا واستيرادا). وللعلم، فإن المعاملات التجارية بين سويسرا وإيران تتم عموما في مجالات لا تطالها كل العقوبات كالأدوية مثلا. بالطبع سيكون هناك تأثر لجهة القوة الشرائية الإيرانية لكن هذه مسألة ذات طابع تجاري بحت.

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية