اختبارات سريعة للكشف عن كوفيد-19 قد توفر مساراً للعودة إلى الوضع الطبيعي
تعتزم شركة الأدوية السويسرية روش إجراء اختبار يمكنه اكتشاف وجود فيروس كورونا في غضون 15 دقيقة. فهل يمكن تبني مثل هذه الاختبارات كآلية متّبعة لتشخيص الفيروس؟
تم نشر هذا المحتوى على
10دقائق
تغطي جيسيكا الجيد والسيئ والبغيض عندما يتعلق الأمر بالشركات العالمية الكبرى وتأثيرها في سويسرا وخارجها. تبحث دائماً عن صِلة سويسرية مع مسقط رأسها سان فرانسيسكو، وسوف يُسعدها مناقشة أسباب إنتاج هذه المقاطعة بعضاً من أعظم الابتكارات، ولكنها على ما يبدو غير قادرة على حل أزمة السكن فيها.
ولأن لا لقاح يلوح في الأفق لبضعة أشهر على الأقل، فقد أصبح الاختبار جزئية مهمة وتطغى على ما سواها من طرق في احتواء فيروس كورونا. وتعتبر اختبارات الأجسام المضادة، التي تكتشف مولّد فيروسي معيّن مثل البروتينات، اختبارات واعدة لجهة خفض التكلفة، واختزال الوقت إلى حد كبير في الحصول على النتائج، مما يتيح للأشخاص إمكانية معاودة ممارسة أعمالهم سريعاً.
لكن اختبارات الأجسام المضادة السريعة لا تتمتع حتى الآن، بنفس حساسية ودقة تقنية RT-PCR القياسية الذهبية (تفاعل البوليميراز المتسلسل) التي تم استخدامها على نطاق واسع. مع اختبار الأجسام المضادة التي تقوم به شركة روش السويسرية للأدوية، تم تسجيل نسبة أقل من 0.5% في النتيجة الإيجابية الخاطئة، مع نسبة 3.48% من النتيجة السلبية الخاطئة أيضاً، مما يعني أنه لم يتم التوصل بعد لرصد كل الحالات المصابة بالفيروس.
ونظراً لأن المزيد من البلدان تقوم بتخزين عيّنات من اختبارات الأجسام المضادة السريعة، والتي يشبه بعضها اختبار الحمل عند النساء، في سرعة إجرائه وسهولة استخدامه، يُطرح السؤال التالي: إلى أي مدى ينبغي لنا أن نشعر بالقلق إزاء عدم رصد بعض الإصابات؟
وفقاً لبعض الخبراء، لا داعي للقلق كثيراً بهذا الخصوص. ورغم أن هذه الاختبارات مازالت بحاجة إلى مصادقة السلطات الصحية، إلا أنها تعتبر بمثابة طريقة جديدة لإدارة الأزمة وتجنب الحجر الصحي المكلف، من خلال التركيز على الأشخاص الذين من المرجح أن ينشروا الفيروس.
وقبل بضعة أسابيع، قالت عالمة الفيروسات إيزابيلا إيكرليه ورئيسة مركز الأمراض الفيروسية الناشئة بجامعة جنيف، لصحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ أم زونتاغ” NZZ am Sonntag الناطقة بالألمانية، إن الاختبارات السريعة هي في الوقت الراهن بديل واعد، عن إيجاد العلاج.
“وعلى الرغم من كونها أقل حساسية، إلا أن هذه “الاختبارات السريعة قادرة حالياً على تحديد الأشخاص المصابين الذين لديهم حمولة فيروسية عالية، ويُعتبرون مُعدين للآخرين. “عندما أكون في نهاية مرضي، وبالرغم من أني ما زلت أعاني من وجود كمية ضئيلة من الفيروسات، يعود الاختبار السريع إلى الحالة السلبية، مما يعني أني لم أعد معدية على أي حال “، على حد قولها.
اختبار ذكي
يتفق تيم فيستر، الرئيس التنفيذي لـمعامل “إندر دياغنوستيك” ender Diagnostics ، مع إيكرليه في وجهة نظرها، ويقول إن الوقت قد حان للتحول نحو ما يسميه “أنظمة الاختبار الذكية”. ويقول فيستر لـ swissinfo.ch إنه بدلاً من التركيز على رصد كل المصابين بالفيروس، يجب أن تبحث الاختبارات عن حاملي الفيروس المعدية من خلال اختبارات مصممة خصيصاً لهذا الغرض، حيث يساعد هذا في تحديد حالات الناشرين للفيروس الأكثر عدوى، الذين قد لا تظهر على بعضهم أية أعراض.
ويشرح فيستر قائلاً: “لا توجد عند كل شخص مصاب بالفيروس إمكانية نقله للآخرين؛ ذلك لأنه من أجل نقل الفيروس، لا بد من وجود حمولة فيروسية معينة. وتتطلب الحمولة الفيروسية الأعلى حساسية أقل ليتم اكتشافها عن طريق الاختبار”.
من جهة أخرى، وقبل بضعة أشهر، حصلت إندر دياغنوستيك على علامة CE (والتي تعني المطابقة مع المواصفات المحددة من قِبَل الاتحاد الأوروبي) لأول اختبار تشخيصي سريع لفيروس كوفيد-19، والذي يستخدم تقنية مشابهة لتقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل، تسمى تقنية متساوية الحرارة. كما وقعت مؤخراً شراكة مع الخطوط الجوية السويسرية الدولية لاختبار طواقم الطائرات التي تطير لمسافات طويلة إلى وجهات تفرض في مطاراتها القيام مسبقاً باختبار فيروس كورونا. وهي الآن في مناقشات مع شركات الطيران الأخرى ومشغلي الرحلات البحرية والمنتجعات ومنظمي المهرجانات في الهواء الطلق.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تعد شركة روش Roche واحدة من حوالي مائة شركة تقوم بتطوير أو تصنيع الاختبارات السريعة للأجسام المضادة لكوفيد -19.
الكمية مقابل الجودة
يشعر بعض الخبراء بالقلق من أن الاستراتيجية القائمة على اختبارات الأجسام المضادة قد تسمح بعدم رصد بعض الأشخاص المصابين، وتؤدي بالتالي إلى تفشي المرض من جديد في البلدان التي حدت إلى حد كبير من انتقال فيروس كورونا. ويعتبر هؤلاء بأن كمية الحمولة الفيروسية التي تشكّل سقف الحد الأدنى، بحيث لا يعود المصاب معدياً تحته، ما زالت غير واضحة.
في وقت سابق من هذا الشهر حذّرت ماريون كوبمانز، عالمة الفيروسات في المركز الطبي بجامعة إيراسموس في هولندا، قائلة لمجلة “نيتشر” Natureرابط خارجي “إن السؤال المطروح هو: ما هو الحد الآمن للحمولة الفيروسية؟ لأنه في اللحظة التي تخطئ فيها بتحديده بدقة، سينهار مفهوم هذا الاختبار بالكامل”.
من جهتها، تضيف شركة روش أنه نظراً لأن اختبارات الأجسام المضادة هي أقل حساسية من تفاعل البوليميراز المتسلسل، فهناك فرضية مفادها أنها تحدد الأشخاص الأكثر عدوى، ولكن لم يتم إثبات ذلك حتى الآن بطريقة تدحض الشك وبشكل كامل. وهذا يعني أن اختبار الأجسام المضادة قد يعطي نتيجة سلبية لشخص لديه حمولة فيروسية منخفضة؛ لكن هذا الشخص يبقى معدياً.
ووفقاً لمتحدث باسم شركة روش Roche “في الوقت الحاضر لا توجد اختبارات تحدد الكمية الحقيقية من حمولة فيروس كوفيد- 19. والسبب في ذلك بسيط؛ فلا يوجد معيار معتمد عالمياً للحمولة الفيروسية لـ SARS-COV-2 “. ويضيف قائلاً: “إن الجهود التي تقودها منظمة الصحة العالمية لإنشاء مثل هذا المعيار جارية ولكن هذه الجهود لم تصل بعد إلى نتائجها النهائية “.
وفي مذكرة توجيهيةرابط خارجي صدرت في 11 سبتمبر الجاري، ذكرت منظمة الصحة العالمية أنه من المرجّح أن تنجح اختبارات الأجسام المضادة، بشكل جيد مع المرضى الذين يعانون من حمولات فيروسية عالية، ولكن ما تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة بهذا الشأن.
أما في المستشفيات، فلا يزال الخبراء يشجعون على استخدام اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل.
ليس الأمر بهذه السرعة
على عكس العديد من البلدان الأخرى، لم تدفع سويسرا من أجل إجراء الاختبارات السريعة على نطاق واسع؛ فالسلطات السويسرية المعنية بالصحة العامة، توصي فقط الأشخاص الذين يعانون من الأعراض بالخضوع للاختبار.
وذكرت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ أم زونتاغ” في وقت سابق من هذا الشهر أن السلطات الصحية تشعر بالقلق إزاء اختناقات التسليم إذا تم تسجيل زيادة كبيرة في أعداد إجراء الاختبار. وفي الأسبوع الماضي، تم إجراء حوالي 12000 اختبار يومياً في سويسرا، وهناك تقارير تفيد بسعة كافية لإجراء 20000 اختبار يومياً.
وتواجه الحكومة المزيد من المطالب لتعزيز إجراء الاختبار، خاصة من القائمين على قطاع السفررابط خارجي. ودعت شركة طيران “سويس” SWISS إلى إيجاد مراكز للاختبار في المطارات السويسرية الرئيسية، بدلاً من الحجر الصحي المفروض حالياً على أي شخص قادم من منطقة تُعتبر عالية الخطورة. وتطالب العديد من البلدان بما في ذلك ألمانيا وفرنسا بما يثبت إجراء اختبار بعض المسافرين لـ كوفيد- 19 قبل الدخول إلى أراضيها.
من جهة أخرى، أعلنت الولايات المتحدة في الشهر المنصرم، أنها تنفق 760 مليون دولار لزيادة إنتاج اختبارات المضادات السريعة، والتي أصبحت عنصراً رئيسياً في استراتيجيات الاختبار في بلدان أخرى أيضاً، مثل الهند وإيطاليا.
قراءة معمّقة
المزيد
سياسة فدرالية
اقتراع فدرالي: هل تحتاج عقود إيجار العقارات في سويسرا إلى تعديل؟ الكلمة للشعب
ما يفعله الباحثون السويسريون للتَغَلُّب على فيروس كورونا
تم نشر هذا المحتوى على
في الوقت الذي تظل فيه سويسرا نُقطة ساخنة لحالات الإصابة بفيروس كورونا المُستجد، يلعب العلماء السويسريون وشركات الأدوية دوراً هاماً في الجُهد العالمي المَبذول لتطوير علاجات أو لقاح ضد الفيروس. وفقاً لـ فرانتشيسكو ستيلاتشيورابط خارجي، الأستاذ في المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان (EPFL)، “كانت استجابة المُجتمع العِلْمي لتفشي فيروس كورونا المُستَجد أكثر فعَّالية من…
واشنطن توافق على استخدام اختبار شركة روش للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا
تم نشر هذا المحتوى على
وقد تم تصميم الاختبار لتحديد ما إذا كان الشخص المعنيّ قد تعرّض لفيروس كورونا المستجد وما إذا كان جسده قد طوّر أجساما مُضادة للمرض. تقول الشركة التي تتخذ من بازل مقراً لها إن اختبار (Elecsys Anti-SARS-CoV-2 ) يتمتع بدقة تبلغ 99.8٪ – مما يقلل من فرص الحصول على نتائج إيجابية خاطئة – كما يكتشف الأجسام…
كيف يحاول العلماء السويسريون رصد الوسائط المفبركة باستخدام تقنية “ديبفيك”؟
تم نشر هذا المحتوى على
في مختبر الكمبيوتر التابع للحرَم الشاسع للمعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان، يتأمل فريق صغير من المهندسين في صورة رجل مبتسم، وردي البشرة، شعره أسود مجعّد، ويرتدي نظارة.
"نعم، هذا واحد من الأعمال الجيّدة"، كما يقول الباحث البارز توراج إبراهيمي، الذي يحمل تشابهاً عابراً مع مؤسس تسلا إيلون موسك، الظاهرة صورته على الشاشة. قام الفريق بطريقة حرَفية بالتلاعب بصورة رأس إبراهيمي وإسقاطه على صورة على الإنترنت لهذا الرجل، لابتكار صورة رقمية ومقاطع فيديو مفبركة من خلال الذكاء الاصطناعي.
إنها واحدة من الأمثلة المزيفة - وبعضها ما هو أكثر واقعية من غيرها من الصور- والتي قام فريق إبراهيمي بالتعاون مع شركة الأمن الإلكتروني "كوانتوم إنتغريتي" Quantum Integrity (QI) بفبركتها أثناء تطوير برنامج يمكنه اكتشاف الصور التي تم التلاعب بها، بما فيها تلك التي تم تلفيقها باستخدام تقنية "ديبفيك".
ويعمل البرنامج على معرفة الفوارق بين الأصلي والمزور باستخدام تقنية التعلم الآلي، وهي نفس التقنية الكامنة وراء إنشاء "المقاطع بالغة الزيف" أو "ديبفيك": فهناك "مبتكر" يغذي البرنامج بصور مزيفة، ويحاول "كاشف" العثور عليها بعد ذلك.
"مع الكثير من الإعداد والتدريب، يمكن للآلات أن تساعد في اكتشاف عمليات التزوير بالطريقة نفسها التي قد يلجأ إليها الإنسان"، كما يوضح إبراهيمي. ويضيف قائلاً: "كلما زاد استخدام هذه الآلات، كلما جاءت النتائج أفضل."
والجدير بالذكر، أن الصور ومقاطع الفيديو المزيفة موجودة منذ ظهور الوسائط المتعددة، لكن تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، لم تسمح للمزيفين سوى بتغيير الوجوه في مقطع فيديو، أو جعل شخص يبدو وكأنه يقول شيئاً، لم يقله مطلقاً. وخلال السنوات القليلة الماضية، فاقت سرعة انتشار تقنية "ديبفيك"، توقع معظم الخبراء.
وفقاً لمجلس الحوكمة الدولية للمخاطر في المعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان، فقد أصبح تصنيع مقاطع فيديو، بتقنية "ديبفيك" و"بشكل تصاعدي، أسرع وأسهل وأرخص"، وذلك بفضل توزيع أدوات برمجية سهلة الاستخدام، وتقديم خدمات وتطبيقات ذات صلة، مدفوعة عبر الإنترنت.
"ولأن تطوّرها يجري بسرعة كبيرة تحديدا، بتنا نحتاج إلى معرفة حدود هذا التطور - وما هي القطاعات والمجموعات والبلدان التي قد تتأثر به" بحسب قول نائب مدير المركز، أنجوس كولينز.
وعلى الرغم من أن الكثير من مشاكل تقنية "ديبفيك" الخبيثة، تتعلق باستخدامها في إنتاج المواد الإباحية، فإن هناك حاجة متزايدة إلى الاستعداد لكشف الحالات التي يتم فيها استخدام هذه التقنيات، من أجل التلاعب بالرأي العام.
مجال يتطوّر بسرعة
عندما بدأ الإبراهيمي، منذ ثلاث سنوات، العمل مع "كوانتوم إنتغريتي" Quantum Integrity لأول مرة على برنامج الكشف، لم تكن قضايا المقاطع المزيفة بعمق، على جدول أعمال معظم الباحثين. في ذلك الوقت، كان عملاء قلقين بشأن الصور التي تم تزييفها والتلاعب بها، والمستخدمة عند الحوادث، في مطالبات تعويضات التأمين على السيارات وعلى المنازل. ولكن، بحلول عام 2019، عندما وصلت التقنية المستخدمة إلى مستوى متقدّم من التطور، تم اتخاذ القرار بتكريس المزيد من الوقت لهذه القضية.
يقول أنتوني ساحاكيان، الرئيس التنفيذي لشركة "كوانتوم إنتغريتي": "أنا مندهش، لأنني لم أعتقد أنها [التقنية] ستتطوّر بهذه السرعة الكبيرة".
لقد رأى ساحاكيان بشكل مباشر إلى أي مدى حققت تقنيات "ديبفيك" نتائج بدت واقعية، وكان آخرها تبديل صوَر الوجوه على جواز سفر، بطريقة تركت جميع أختام المستندات سليمة.
والواقع، أن التحسينات في تقنيات التلاعب بالصور والفيديوهات ليست وحدها موضع اهتمام الخبراء من أمثاله، بل أعدادها المتزايدة؛ حيث وصل عدد مقاطع الفيديو المزيّفة بعمق على الإنترنت إلى الضعف تقريباً، وذلك خلال فترة تسعة أشهر، فبلغت 14678 بحلول سبتمبر 2019، وفقاً لتقديرات شركة أمن الإنترنت الهولندية "ديب تريس" Deeptrace.
مواطن الخطر
تستهدف معظم عمليات التزييف العميقة التي تم القيام بها على الإنترنت بغرض الإيذاء، النساء اللواتي تم نقل وجوههن إلى أخريات يظهرن في لقطات أو صور إباحية. ووفقاً لتقديرات شركة أمن الإنترنت الهولندية "ديب تريس" Deeptrace، فإن هذا النوع من الاستخدام استحوذ في عام 2019، على 96 % من مقاطع الفيديو التي استخدمت فيها تقنية "ديبفيك" والموضوعة على الإنترنت. ويظهر البعض من هذه الفيديوهات أو الصور، على مواقع إباحية مخصصة بإنتاج المقاطع بالغة الزيف، بينما ينضوي نشر البعض الآخر منها، تحت ما يسمّى بـ " الانتقام الإباحي" الذي يهدف إلى الإساءة إلى سمعة الضحايا.
يقول كولينز: "الابتزاز والتنمّر عبر شبكة الإنترنت هي من المواضيع المتكررة". في المقابل، تعد الحالات التي استخدمت فيها تقنية "ديبفيك"، من أجل ارتكاب عمليات احتيال، وتمّ التفطّن إليها، قليلة. وقد اتخذت معظم هذه الحالات شكل انتحال صوتي لشخص يعرفه الضحايا، لتحويل أموالهم إلى المزور.
من ناحية أخرى، ما يزال قطاع الأعمال في مرحلة تدوين الملاحظات لأخذ كل هذه الأخطار بعين الاعتبار. وقد أرسلت بعض الشركات ومن يبنها شركة زيورخ للتأمين و شركة "سويس ري Swiss Re " للتأمين وإعادة التأمين ومصرف "بي إن بي باري با BNP Paribas “، ممثلين لها إلى ورشة عمل نظمها مجلس الحوكمة الدولية للمخاطر حول مخاطر تقنية "ديبفيك".
ويقول ساحاكيان إن الاستخدام المحتمل لمقاطع فيديوهات مفبركة باستخدام هذه التقنية في مطالبات تعويضات الحوادث، على سبيل المثال، هو مصدر قلق في أوساط شركات التأمين، التي يعمل معها.
ويضيف: "إن التكنولوجيا الآن موجودة لجعل عملية KYC [أعرف عميلك] بائدة وعديمة الجدوى"، في إشارة منه، إلى عملية التحقق من هوية العملاء ونواياهم، التي تتبعها المؤسسات التجارية، من أجل تجنب إمكانية وقوعها ضحية الاحتيال.
كما أدى تنامي انتشار تقنية "ديبفيك" أيضاً إلى بروز مخاوف حول إمكانية استخدامها للتدخل في العمليات السياسية.
وقد تأكدت هذه المخاوف عندما ظهر شريط فيديو تم التلاعب به، تبدو فيه نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي، لتشويه خطابها. كانت التكنولوجيا المستخدمة في التلاعب بالفيديو ذات نوعية منخفضة، أو ما يسمى بـ"التزييف الرخيص". ولكن كما يقول إبراهيمي، "إنها علامة على ما يمكن القيام به، والنوايا التي تكمن وراء هذا النوع من التلاعب بالإعلام."
التكيف مع واقع رقمي جديد
ومع ذلك، يحذر خبير المخاطر كولينز من أن استخدام وسائل الإعلام الاصطناعية في السياسة يجب أن يوضع في سياقه. ويحذر قائلاً: "من المحتمل أن تلعب تقنية "الديبفيك" دوراً في زعزعة نتائج الانتخابات، لكنني أتوخّى الحذر من التشديد المفرط على خطر هذه التقنية، لأنك بذلك تُخاطر بتجاهل الصورة الكاملة".
ويقول إن ما تفعله "الديبفيك" هو "الفجوة المحتملة الناشئة بين سرعة تطور النظام الإيكولوجي للمعلومات الرقمية وقدرة المجتمع على التكيّف معه".
ولإعطاء مثال على هذا، يعود كولينز إلى استخدام تقنية "الديبفيك" كأداة للتنمّر الإلكتروني؛ فيقول: "هذا الأمر يثير أسئلة حول مدى استجابة النظم القانونية للأذى الفردي عبر الإنترنت". ويضيف: "كيف يمكنك التخلّص من المحتوى الرقمي المسيء بعد مجرد ابتكاره، وكيف تجد مبتكره الأصلي أو تتخذ بحقه أية إجراءات قانونية، خاصة إذا كان يخضع لسلطة قضائية أخرى؟".
يمكن أن تساعد تقنية "الديبفيك" أيضاً في حملات التضليل، مما يؤدي إلى تآكل حلقة الوصل بين الحقيقة والثقة بها.
الذكاء الاصطناعي لتزييف المقاطع ولكشف التزييف
قد يسبب استخدام هذه التقنية حالة من الذعر في بعض الأوساط، لكنه لا يوجد إجماع على أن مقاطع الفيديو المفبركة واقعية لدرجة أن تخدع معظم المستخدمين. يقول الخبراء إن جودة هذه التقنية اليوم لا تزال تعتمد إلى حد كبير على مهارات المبتكر. ويوضح خبير أمن المقاييس الحيوية سيباستيان مارسيل، أن تبديل الوجوه على فيديو ما، يسبب حتماً وجود بعض العيوب في الصورة.
ويقول: "ستكون الجودة متباينة بدرجة كبيرة، بحسب العمل اليدوي الذي تم القيام به لتعزيز الصورة. فإذا بذل المبتكر جهداً لمواءمة النتيجة مع النسخة الأصلية، فقد يكون من الصعب جداً اكتشاف التزييف".
يعمل مارسيل وزملاؤه في معهد أبحاث "أي دياب Idiap " في مارتيني - جنوب غرب سويسرا، على برنامج للكشف خاص بهم، في مشروع كان نتيجة الجهود المبذولة للكشف عن التلاعب في الوجوه والأصوات في لقطات الفيديو.
ويقوم معهد “Idiap " بالعمل في هذا المجال على المدى الطويل. يقول مارسيل: "لن يتم حل هذه المشكلة في الحال". "إنه موضوع بحث متنامي ولذا فإننا نخطط لكيفية رصد المزيد من الموارد في هذا المجال."
ويشارك هذا المعهد غير الهادف للربح، في تحدٍ أطلقه موقع فيسبوك لإنتاج برنامج اكتشاف للصور والفيديوهات المزيفة بتقنية "الديبفيك"، من أجل مساعدة هذا الأخير على الاستفادة من بعض النتائج الأولية التي حصل عليها. وتعهد عملاق وسائل التواصل الاجتماعي بالمساهمة، بأكثر من 10 ملايين دولار للباحثين في مجال الكشف عن الحقائق المزيّفة، في جميع أنحاء العالم (انظر الحاشية).
ولكن ما قد يحدثه الكشف عن الفارق بين الحقيقة المجردة والحقيقة المزيّفة، هو موضوع مطروح للنقاش.
يقول كولينز: "من غير المحتمل إيجاد حل سحري؛ فمهما امتلكنا من تقنيات لكشف التزوير، فإن الخصم سوف يجد طريقة للتغلب عليها."
لعبة القط والفأر
يقول كل من إبراهيمي ومارسيل إن هدفهما ليس التوصل إلى أداة تشكل مفتاح أمان؛ فجزء من وظيفة الكاشف هو توقع المنحى الذي قد يسلكه المتلاعبون بالحقائق، وضبط أساليبهم وفقاً لذلك.
ويتوقع مارسيل من معهد "Idiap" مستقبلاً يتمكن فيه مبتكري المقاطع بالغة الزيف، ليس فقط من تغيير جانب واحد من الفيديو، مثل الوجوه، وإنما الصورة بأكملها.
ويقول: " إن جودة تقنيات "الديبفيك" آخذة في التحسن، لذا يتعين علينا مواكبة الأمر بتحسين أجهزة الكشف كذلك"، حتى لا تعود نسبة التكلفة إلى العائد، والناتجة عن صنع مقاطع خبيثة بالغة الزيف، في صالح المبتكر.
يعتقد إبراهيمي من المعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان أن حدثاً كبيراً، مثل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، يمكن أن يمنح الجهات الفاعلة الخبيثة حافزاً لتسريع عملها في هذا المضمار، مع وضع هدف واضح في الاعتبار.
"قد يستغرق الأمر شهوراً أو أعواماً" قبل أن تصبح العين المدربة قادرة على اكتشاف ما هو زائف، وفي هذه المرحلة، ستكون الأجهزة هي فقط، من تملك القدرة على القيام بذلك.منصات وسائل الإعلام الاجتماعية ضد المقاطع البالغة الزيف
أدخل تويتر Twitter قاعدة جديدة في مارس 2020 ضد مشاركة محتوى الوسائط الاصطناعية أو التلاعب الذي يمكن أن يسبب بأذية الآخرين. من بين الإجراءات التي ستتخذها، هي وسم هذه التغريدات وتحذير المستخدمين منها. كما تعهدت شركة يوتيوب YouTube، المملوكة لشركة غوغل Google، بأنها لن تتسامح مع مقاطع الفيديو البالغة الزيف ذات الصلة بالانتخابات أو بالإحصاءات في الولايات المتحدة عام 2020، والتي تم تصميمهما لتضليل الجمهور. وقد أطلق فيسبوك Facebook تحدياً بقيمة تزيد عن 10 ملايين دولار لدعم الباحثين في مجال الكشف عن الحقائق المزيّفة حول العالم. كما أصدر كل من فيسبوك Facebook وغوغل Google مجموعات بيانات لمقاطع بالغة الزيف، لمساعدة الباحثين على تطوير تقنيات الكشف. المقاطع البالغة الزيف للترفيه والمحاكاة الساخرة
بحسب مجلس الحوكمة الدولية للمخاطر (IRGC): "فإن المصنفات الأكثر تداولاً على نطاق واسع تميل إلى السخرية، حيث تتضمن شخصيات بارزة" مثل المشاهير والسياسيين، مما يشير إلى أنه "لا يتم ابتكار كل المقاطع بقصد خبيث". وقد انخرطت هوليوود أيضاً في تقنية "الديبفيك"، للسماح على سبيل المثال، بعودة الممثلين المتوفين منذ وقت طويل إلى الشاشة الفضية. ويقول إبراهيمي من EPFL إنه إذا سار كل شيء وفقاً للخطة الموضوعة، فقد تكون النتيجة الثانوية لمشروع EPFL / QI لتطوير برنامج الكشف عن المقاطع بالغة الزيف هو الاستخدام النهائي لنفس التكنولوجيا لإنشاء مؤثرات خاصة للأفلام.
وتشمل الاستخدامات الإيجابية المحتملة الأخرى لتقنيات "الديبفيك" التوليف الصوتي للأغراض الطبية والطب الشرعي الرقمي في التحقيقات الجنائية، وفقاً لمجلس الحوكمة الدولية للمخاطر.
كوفيد-19 تهديد وفرصة للتكنولوجيا الحيوية السويسرية في نفس الوقت
تم نشر هذا المحتوى على
على الرغم من أن جائحة كوفيد-19 تعد الوقت المناسب لتألق صناعة التكنولوجيا الحيوية، فإن هذا الوباء جعل العديد من الشركات الصغرى تكافح من أجل البقاء.
فتح تحقيق في احتيال شركات للحصول على قروض كوفيد ـ 19
تم نشر هذا المحتوى على
وأفادت تقارير صادرة يوم الاثنين 25 مايو الجاري أن مكتب المدعي العام في كانتون فو فتح تحقيقا الأسبوع الماضي شمل عدة مواطنين سويسريين وتم وقف حسابات مصرفية مختلفة للمشتبه بهم، الذين تلقوا قروضاً بقيمة عدة ملايين من الفرنكات من بنوك مختلفة بناءً على بيانات غير صحيحة. وقال أنطون روش، المدعي العام في كانتون فو لوكالة أنباء “كيستون-إس…
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
اكتب تعليقا