المُعارضة للهجرة تبقى قوية في سويسرا
لا شك بأن سياسة الهجرة في سويسرا، وفي أوروبا على نطاق أوسع، تمر بمرحلة حساسة. بيد أنَّ المناقشات الخلافية بشأن الأجانب ليست بالظاهرة الغريبة في البلاد.
قبل ثلاثة أعوام، وافق الناخبون السويسريون على مُبادرة للحَد من عدد رعايا الاتحاد الأوروبي القادمين للعمل في سويسرا، الأمر الذي تسبب بإغضاب شركاء الكنفدرالية في بروكسل. وبموجب الاتفاقيات المُبرمة مع الاتحاد الاوروبى، كان العاملون يَعبرون الحدود بحرية منذ عام 2002. ويرى البعض ان هذا القرار كان المُحرك في الزيادة الكبيرة لعدد السكان خلال الأعوام الاخيرة، من 7,2 مليون نسمة في بداية القرن الحالي، الى 8,4 مليون اليوم.
وبالرغم من أن الحكومة الفدرالية لم تنُفَذِ الاستفتاء الدستوري بحذافيره – خَشية الوقوع في المزيد من المُستنقعات القانونية والاقتصادية مع أوروبا – لكن الأمر تَمَخَضَ عن إدخال نظام لجعل أولوية التوظيف للأيدي العاملة السويسرية. فضلاً عن ذلك، تم تقديم مُبادرة أخرى للحكومة السويسرية، تهدف إلى كَبح الهجرة متى ما زاد مُعدل البطالة في البلاد عن 3,2%. وفي الوقت الراهن، يسعى المناصرون للمبادرة إلى الحصول على التوقيعات الـ 100,000 اللازمة لعرضها للتصويت.
وحول هذا الموضوع، قال ادريان آمشتوتس، عضو البرلمان ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب السويسري في المؤتمر الوطنى للحزب مؤخراً: “انا مُقتنع تماماً بان التكاليف الناجمة عن الهجرة الجماعية تزيد بكثير عن الفوائد الاقتصادية التى تجنيها سويسرا من خلال المهاجرين”. ومع أشارته الى الارتفاع الحاصل في التكاليف الصحية، والايجارات، والإختناقات المرورية، والانفاق الاجتماعي الناجم عن تدفق العمال الاجانب، يرى آمشتوتس بأن “حاجة سويسرا الى فرض قيود على الهجرة” باتت أمراً واضحاً.
ومن الواضح أن السياسي اليميني يحظى بتأييد واسع في هذا الموضوع. فحزبه هو الأكبر في البلاد، مع حصوله على قرابة 30% من الأصوات في انتخابات عام 2015، كما صوت 50,3% من مجموع الناخبين في عام 2014 لصالح مبادرة ‘الحَد من الهجرة الجماعية’ التي أطلقها الحزب اليميني الشعبوي. وفي حال حصول المبادرة المُقتَرَحة القادمة لمناهضة الهجرة (وهي ليست مشروعاً خاصاً بحزب الشعب تماماً) على تأييد الناخبين، فإن احتمال إنهاء 15 عاماً من حرية الحركة بين سويسرا وأوروبا قد يجد مكانه على طاولة المفاوضات مرة أخرى.
على الجانب الآخر، تظهر البيانات الصادرة عن كتابة الدولة للشؤون الإقصادية “سيكو” في شهر يونيو المنقضي، أن صافي مستويات الهجرة الى الداخل (ولا سيما من الدول الأوروبية المحيطة بسويسرا التي بدأت اقتصاداتها بالتعافي) قد انخفض إلى 35,000 في عام 2016، وهو المستوى الأدنى منذ عشر سنوات، الأمر الذي يعود إلى الإنتعاش الذي تشهده العديد من الإقتصادات الأوروبية على الأرجح. لكن بعض الأطراف اليمينية المحافظة أبدت اعتراضها على هذه البيانات، وأكدت بأن مستويات الهجرة لا زالت أعلى بكثير مما كانت عليه قبل إدخال العمل باتفاقية حرية تنقل الأفراد مع الاتحاد الأوروبي.
ولا يخفى بأن لمثل هذه المناقشات باع طويل في سويسرا؛ حيث وجدت مبادرات شعبية للحَد من عدد الأجانب بحيث لا يتعدون نسبة معينة من السكان طريقها إلى صناديق الاقتراع مرات عدة، ولاسيما بعد فترات من التغير الإجتماعي السريع والهجرة.
swissinfo.ch
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.