مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الأزمة ستؤثِّـر سلبيًا على مستقبل الاستثمارات الأجنبية في البلدان العربية”

Keystone

حذّر الخبير المصرفي والتنموي المصري، الدكتور عبد الحميد الغزالي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة من التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية على اقتصاديات الدّول العربية والإسلامية، مؤكّـدًا أن الاقتصاد الأمريكي هو بمثابة القاطرة للاقتصاد العالمي، وعندما يهتز النظام المالي فيه، فإنه ينعكس مباشرة على الاقتصاديات المرتبطة به، فيُـصيبها ما أصابه من ركُـود، مستنكرًا نَـفي بعض الوزراء والمسؤولين العرب عدَم تأثّـر اقتصاديات بلادهم بالأزمة العالمية!

وقال الدكتور الغزالي، الخبير المتخصص في الاقتصاد الإسلامي في حديث خاص لسويس إنفو: “إن النظام المصرفي الإسلامي هو البديل الواقعي، والأمل الوحيد لكي يخرج النظام المالي العالمي آمنًًا من النّـفق المُـظلم للأزمة الراهنة”، وأشار إلى أن الفائدة الربوية هي أساس التقلّـبات الحادثة في الاقتصاد الرأسمالي، مُـبيِّـنًا أن “منظري الاقتصاد الرأسمالي يؤكِّـدون أن التقلُّـبات الاقتصادية، ترجع بالأساس إلى التمويل عن طريق سِـعر الفائدة”.

وأوضح الغزالي في حديثه أن “الخروج من الأزمة الرّاهنة يكون بفرض رقابة صارِمة من قبل البنوك المركزية على كافة الوحَـدات المصرفية، وأن يُـعقد مؤتمر دولي لتكمِـلة المؤتمرات الإقليمية، التي بدأت بأوروبا وأمريكا، ثم أوروبا وآسيا، على أن يشمَـل كل دول العالم، بهدَف إعادة هيكلة النظام المالي العالمي من خلال وضع ضوابِـط واضحة لأسُـس الرقابة والإشراف على الأنظمة المصرفية بعامة، وكفاية رأس المال على وجه خاص.

سويس إنفو: بعيدًا عن تعقيدات المصطلحات والمفاهيم الاقتصادية المتخصصة.. هل يمكن تقديم شرح مبسط لحقيقة الأزمة العالمية التي يئِـن منها العالم اليوم؟

د. عبد الحميد الغزالي: تمثّـلت حقيقة الأزمة في مزيد من الانفِـلات وعدم الرقابة على الأداء المصرفي، مع فَـساد في قمّـة إدارة المؤسسات النقدية الأمريكية أولا، ثم المؤسسات النقدية المرتبطة بها في أوروبا وآسيا وبقية دول العالم.

وقد نشأت الأزمة منذ أكثر من 5 سنوات من خلال بنوك الاستثمار، التي تعمل خارج رقابة الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، والتي ركّـزت بطريقة غير مبرّرةٍ على الرّبح غير الطبيعي، من خلال الإفراط في الإقراض للمواطنين الأمريكيين الراغبين بشدّة في تملّـك وحدات سكنية، دون القيام بالحدّ الأدنى لإدارة مخاطر الائتمان، من حيث الاستعلام عن الجدارة الائتمانية للعميل، أي قدرته على الوفاء (السّداد) بأصل القرض وفوائده.

ومن ثم، فقد وصلت فقّـاعة الرّهن العقاري إلى ذِروتها قبل الانهيار الكبير الذي شاهدناه ونشاهده الآن؛ والذي أدّى إلى ارتفاع سِـعر الفائدة مع عدم قُـدرة المقترض على السّداد أصلا، ومن هنا لم تستطع هذه البنوك استِـرداد أموالها، فانتزعت من المقترضين الضّمانات التي كانت تتمثّـل في هذه الوحدات السكنية، فزاد عرض هذه الوحدات، ممّـا أدّى إلى انخفاضٍ كبيرٍ في أسعارها، وِفقًا لقانون العرض والطلب.

كما أن هذه الوحَـدات لم تكن ضامنة لأصل القرض فقط، وإنما كانت ضامِـنة أيضًا لأضعاف أضعافه؛ من خلال ما يُـسمى بـ “التوريق”، والذي نعني به أن البنك المقترض الأول أصدَر سنَـدات بقيمة هذه الوحدات وباعها لمؤسسات نقدية أخرى بسِـعر فائدة أقلّ ممّـا سيحصل عليه، وهذه البنوك التي اشترت السّندات باعتها بدورها لبنوك أخرى… إلخ، وهكذا إلى 10 دورات.

وقد مَثَّل هذا استثمارًا ماليًا وهمِـيًا، لا يرتبط بأصول حقيقية، وبالتالي، فإنه عندما حدَث الانهيار، استمرّت توابعه في المؤسسات النقدية المختلفة، داخل الاقتصاد الأمريكي وخارجه، في بقِـية دول العالم وفي مقدّمتها دول أوروبا وآسيا.

والدليل على عدم مسؤولية هذه التصرّفات المالية، أنها كانت تتِـم خارج رَقابة البنوك المركزية أو ما يُـسمّـى بالعمليات المصرفية خارج الرقابة، والتي قُدِّرَت من قِـبل بنك التسويات الدولية بـ 600 تريليون دولار، بينما الجُـزء من المعاملات المصرفية الذي يخضع لرقابة البنوك المركزية، لا يزيد عن 150 تريليون دولار!!

سويس إنفو: تبايَـنت تصريحات المسؤولين العرب عن تأثيرات الأزمة العالمية على اقتصادياتهم، فما حقيقة التأثيرات السلبية التي أصابت الاقتصاد العربي؟

د. عبد الحميد الغزالي: الاقتصاديات النامية، ومنها الاقتصاديات العربية والإسلامية، كانت تُـهروِل في السّنوات الأخيرة لكي ترتبط بالاقتصاديات العالمية، وبالذّات الاقتصاديات الخليجية والاقتصاديات المفتوحة، مثل مصر، وعليه، فإن الآثار السلبية لهذه الأزمة طالت الجميع، لأن الاقتصاد الأمريكي بمثابة القاطِـرة للاقتصاد العالمي، وعندما يهتزّ النظام المالي فيه ينعكِـس مباشرة على الاقتصاد العَـيني، ممّـا أدخل الاقتصاد العيني في حالة رُكود متزايد.

وبالرغم من الإجراءات الخاصة بالإنقاذ، ومنها خطّـة إنقاذ الاقتصاد الأمريكي، والمقدرة بـ 700 مليار دولار، بجانب إقالة عثرة الكثير من الوحدات بمبلغ يقارب 1.3 تريليون دولار، ويماثلهم في الاقتصاد الأوروبي والآسيوي، وهو ما يعني أننا نتكلّـم عن خطّـة إنقاذ تتكلف من 4- 5 تريليون دولار.

ومن هنا، يمكننا القول بأن الدّول العربية والإسلامية قد تأثّـرت تأثّـرًا مباشرًا وغير مُـباشر بالأزمة المالية العالمية، وذلك لأنها تشكِّـل جزءا أساسيًا من منظومة الاقتصاد العالمي، وبالتالي، فقد انسحبت عليها الأزمة، أليست هناك ودائع للكثير من هذه الدول العربية والإسلامية في هذه الدول الأوروبية وفي أمريكا؟ أليست هناك علاقات تِـجارية بينها وبين هذه الدول؟ أليست هناك استثمارات مُـشتركة مع هذه الدّول التي هزّتها بشدّة الأزمة المالية العالمية؟ فكيف إذن ندّعي أننا لم نتأثّـر بها؟!!

سويس إنفو: هذا عن تأثيرات الأزمة على اقتصاديات الدّول العربية… فماذا عن تأثيراتها على المواطن العربي؟

د. عبد الحميد الغزالي: آثار الأزمة على المواطن العربي مُـباشرة، وذلك لأنها أثّـرت بالسّـلب على الصادرات؛ حيث السوق الطبيعي لتصريف المنتجات العربية في الأسواق الأوروبية والأمريكية، وهو ما سينعكِـس سلبًا على الاقتصاد العَـيني الذي يعاني أصلا من مشكلات هيكلية، ممّـا يؤدّي إلى زيادة معدّل الفقر وارتفاع نسبة البطالة.

وعلى الرغم من أن هذا الرّكود أدّى إلى انخفاض أسعار بعض المواد الخام، مثل البترول والحبوب، والذي كان من المُـمكن أن ينعكِـس في صورة انخفاض في الأسعار بالنسبة للسِّـلع الأساسية للمواطن العادي، إلا أن وجدت احتكارات محلية تمنع هذا الأثر الإيجابي الضئيل.

والمتابع للانهيار الذي حدَث في البورصات العربية، يجد أن الأكثر تأثُّـرا به، كانوا صغار المستثمرين، لأن التّـجميد الائتماني سيؤدّي إلى توقف المشروعات الجديدة، كما سيوقف توسّـعات المشروعات القائمة، ممّـا ينعكس على قُـدرتها على تصريف مُـنتجاتها، وبالتالي، تسريح نِـسبة كبيرة من العَـمالة، وهو ما يؤدّي بالتالي إلى زيادة نسبة البطالة وارتفاع معدّل الفقر، ومن ثم، انخفاض مستوى المعيشة.

سويس إنفو: وهل من المُـمكن حماية الاقتصاد العربي من الانهيار الذي يُـصيب أقوى وأصلب الاقتصاديات في العالم؟

د. عبد الحميد الغزالي: بالتّـأكيد يُـمكن حماية الاقتصاد العربي من الانهيار، لو عُـدنا إلى هويتنا الإسلامية. فلقد طبّـقنا النظام الرأسمالي سِـنين طوال، فكُـنا مستهلكي سِـلع ومستعمَـرين، وطبّـقنا النِّـظام الاشتراكي في فترة مُـظلمة من تاريخ دُولنا العربية، فكنا مستهلِـكي فِـكر وشعارات وأكثر تبعِـية واستهلاكًا واستعمَـارًا، وقد آن الأوان أن نجرِّب النظام الاقتصادي الإسلامي، الذي ثبَـتت جَـدواه، اقتصاديًا وإنمائيًا.

إن اقتصاد بُـلداننا العربية والإسلامية متخلف، لأننا كدُول وحكومات عربية وإسلامية، بعيدون تمامًا عن تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي، والمَـخرج الوحيد لِـما نحن فيه، أن نطبِّـق النظام الإسلامي، ليس في مجال المال فقط، وإنما في كافّـة المجالات الاجتماعية والاقتصادية. فالبديل الأفضل للدول العربية الآن، هو القِـيام بتأسيس نِـظام عربي إسلامي يستمدّ جذوره وقواعِـده من الشريعة الإسلامية، ويشكِّـل لبنة جديدة في صرح الوِحدة العربية الاقتصادية، الحُـلم الذي طال انتظاره.

سويس إنفو: وكيف ترى مُـستقبل الاستثمارات الأجنبية في البلدان العربية غير النفطية في ضوء الأزمة المالية الراهنة؟

د. عبد الحميد الغزالي: لا شكّ أن الأزمة المالية العالمية ستؤثِّـر سلبيًا على مستقبل الاستثمارات الأجنبية في البلدان العربية عامّـة، وفي غير النفطية منها على وجه الخصوص، حيث ستنخفِـض عائدات العامِـلين في الخارج، كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر لابد أن يتأثّـر وينخفض، والسياحة لابد أن تتأثر سلبيًا، فتنخفض عائداتها.

وبالنسبة لمصر، فإن عائدات قناة السويس والتي وصلت عام 2007 إلى 5.3 مليار دولار، لابد وأن تنخفض، لأن 60% من الصّـادرات المصرية تتّـجه مباشرة للأسواق الأوروبية والأمريكية، التي تضرّرت كثيرًا بفعل الأزمة المالية العالمية.

سويس إنفو: في الأزمة الراهنة، ردّد كثيرٌ من الخبراء – بينهم غربيون – أن الصيرفة الإسلامية هي الحلّ وأن الفرصة مُـتاحة للتمويل الإسلامي، فكيف تقرأ هذه الشهادات الغربية؟

د. عبد الحميد الغزالي: لا شكّ أن هذه الشهادات التي صدَرت من خبراء غربيين، بعضهم من منظِّـري الفكر الاقتصادي الرأسمالي، لها قيمتها، حيث أنها تتطابق مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان.

فها هو الاقتصادي الأمريكي “سيمونز”، بعد سنوات يقوم بدراسة أسباب الكساد العالمي، حيث يقول: “إن السبب الرئيسي في الكساد، يرجع إلى التمويل عن طريق الاقتراض قصير الأجل بفائدة”، ويوضِّـح أن “المخرَج من وجهة نظري، هو الأخذ بنظام التمويل الذّاتي من خلال الأرباح غير الموزّعة أو المشاركة بالحِـصص أو الأسهم”، وها هو “فينيسكي” وهو اقتصادي أمريكي أيضًا، يؤكِّـد استنتاج “سيمونز” ويُـضيف أن “التقلّـبات الاقتصادية من انكِـماش وتضخُّـم، ترجِـع إلى التمويل عن طريق الاقتراض بفائدة”.

كما عرف العقلاء في الغرب مغزى كلام الاقتصادي الألماني الشهير “جوهان بتمان”، الذي حذّر في كتابه الشهير “كارثة الفائدة” من خطورة تنامي سِـعر الفائدة وأثر ذلك على الاقتصاد العالمي، ودعا لاتِّـباع النظام الإسلامي في المُـعاملات المالية، ووقتها تعرّض “بتمان” لانتقادات حادّة بسبب دعوته تلك، وتهكّـم عليه الجميع وأطلقوا عليه اسم “المُـلاّ بتمان”! لكن ها هي الأيام تُـثبت صحّـة استنتاجه.

وقد طالب “رولان لاسكين”، رئيس تحرير صحيفة “لوجورنال دفينانس” في افتتاحية جريدته، بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي، لوضع حدٍّ لهذه الأزمة التي تهزّ أسواق العالم من جرَّاء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة. وفي افتتاحية مجلة “شالونج” أو “تحديات” Challenges، وهي من كُـبريات الصحف الاقتصادية في أوروبا، استنكر رئيس التحرير “بوفيس فانسون” التساهل في تبرير الفائدة، وقال “أظن أنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبّـقوها، ما حلَّ بنا ما حلَّ من كوارثَ وأزمات، وما وصلَ بنا الحال إلى هذا الوضع المُـزري؛ لأن النقود لا تلِـد النقود”.

ومن خلال هذه الشّـهادات، نستنتِـج أن سِـعر الفائدة هو الأداة الرئيسية لرداءة تخصيص الموارد، ومن ثمّ، يتفق هذا الرأي مع الفِـكر الاقتصادي الإسلامي، الذي يؤكِّـد ربوية الفائدة المصرفية.

سويس إنفو: ذكرَت تقارير غربية أن الاستثمارات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية نمَـت بصورة كبيرة في الأسواق الغربية خلال السنوات القليلة الماضية، فهل يملك التمويل الإسلامي فِـعلا حلولا ناجعة للخروج من هذه الأزمة؟

د. عبد الحميد الغزالي: الفائدة الربوية هي أساس التقلبات الحادّة في الاقتصاد الرأسمالي، ومنظِّـرو الاقتصاد الرأسمالي يؤكِّـدون أن التقلُّـبات الاقتصادية ترجِـع بالأساس إلى التمويل عن طريق سِـعر الفائدة (الاقتراض بفائدة).

والبديل عن ذلك، هو التمويل الإسلامي، لأنه يقوم على نظام المشاركة في الرّبح والخسارة ويرتبط باستثمار حقيقي في مشروعات إنمائية، كما يقوم على العقود الشرعية التي تتكوّن من ثلاثة مجموعات رئيسية وهي: عقود الشركة وعقود البيوع وعقود الإيجار، ومن ثمّ، فإنه لا يتصوّر أن يتعرّض اقتصاد يسير وِفقًا لهذا النمط من التمويل، إلى الهزّات التي يُـعاني منها العالم.

والأكثر من ذلك، أن في الولايات المتحدة نفسها 36 بنكًا إسلاميًا لم يتأثروا إلى حدٍّ كبير جدًا (مثل البنوك الأخرى) بهذه الأزمة، كما يُـوجد في أوروبا أكثر من 20 بنكًا ومنفذًا للتّـعامل الإسلامي، وهناك بنك في النَّـمسا أنشَـأ 12 فرعاً للمُـعاملات الإسلامية، وبقِـي أن تعلم أن مجلس الشيوخ الفرنسي عقد ندوتين حول التمويل الإسلامي، خلصتا إلى توصِـية تبنَـتها لجنة المُـوازنة والمالية في المجلس بضرورة “الأخذ بنظام التمويل الإسلامي لرفع درجة الأمان في التمويل الذي تقوم به البنوك” في فرنسا، معقل العِـلمانية!

سويس إنفو: مِـن واقع خِـبرتكم الطويلة في المجال المصرفي والائتماني، ما هي روشِـتَـة العِـلاج التي تقدّمونها للخروج من الأزمة المالية الطاحنة التي تُـوشك أن تدمِّـر الاقتصاد العالمي؟

د. عبد الحميد الغزالي: الخروج من الأزمة الراهنة مُـمكن، إذا ما كان المسؤولون عن الأنظمة المصرفية جادّين في التصدّي الجازم لها، وذلك بفرْض رقابة صارمة من قِـبل البنوك المركزية على كافّـة الوحدات المصرفية في الدّولة، ابتداءً من البنوك التجارية، فبنوك الاستثمار، فشركات التأمين، على أن يُـعقد مؤتمر دولي لتكملة المؤتمرات الإقليمية التي بدأت بأوروبا وأمريكا، ثم أوروبا وآسيا، على أن يشمل كل دُول العالم، بهدف إعادة هيكلة النظام المالي العالمي من خلال وضع ضوابط واضحة لأسُـس الرقابة والإشراف على الأنظمة المصرفية بعامة، وكفاية رأس المال على وجه خاص، بمعنى أن يكون رأس المال الخاص بالوحدات النقدية (البنوك) من الكفاية، بحيث يُـجابه أيّ مخاطر عدم سداد.

وتتلخص روشِـتَـة (وصفة) العلاج في: وقف المضاربات ومحاسبة المسؤولين عن الأزمة في الجِـهاز المصرفي وتشديد رقابة البنك المركزي على العمل المصرفي بعامّـة وعلى ضخ الائتمان بخاصة، مع تفعيل السياسات المصرفية بحزم وصرامة، خاصةً فيما يتّـصل بإدارة السيولة والعائد ومخاطر الائتمان وكفاية رأس المال والاستمرار في ضخِّ السيولة في شرايين الاقتصاد، حتى لا تنهار أساسيات القاعدة الإنتاجية، فضلا عن التفكير الجادّ في دراسة النظام الإسلامي.

أجرى الحوار بالقاهرة – همام سرحان

أدَّت الأزمة – حتى الآن – إلى اختفاء 11 بنكًا من الساحة، من بينها بنك إندي ماك، الذي يستحوذ على أصول بقيمة 32 مليار دولار وودائع تصِـل إلى 19 مليار دولار.

توقَّع كريستوفر والين، العضو المنتدب لشركة أبحاث “تحليلات المخاطر المؤسسية” أن يتم إغلاق ما يقرب من 110 بنوك تصِـل قيمة أصولها إلى حوالي 850 مليار دولار؛ وذلك بحلول منتصف العام القادم.

يصل العدد الإجمالي لمؤسسات المال الواقعة تحت مظلة التأمين الفدرالي إلى 1800 مؤسسة تستحوِذ كلها على ما يقرب من 13 تريليون دولار من الأصول والممتلكات.

إجمالي الدَّين الحُـكومي الداخلي والخارجي في الولايات المتحدة قد بلغ حتى الآن أكثر من 11 تريليون دولار، وتأتي الصين في مقدمة الدّول الدائنة للولايات المتحدة، حيث قدَّمت ما يقرب من 450 مليار دولار وتليها بريطانيا ثم اليابان ثم السعودية.

العجز في الموازنة الأمريكية بلغ 450 مليار دولار بينما زاد العجز التجاري عن 65 مليار دولار.

القيمة السوقية لـ 8 مؤسسات مالية عالمية تراجعت بنحو 574 مليار دولار خلال فترة عام واحد فقط، كانعكاس للتّـدهور الذي تشهده الأسواق العالمية، والذي تأثَّر به القطاع المصرفي والمالي بشكلٍ أكبر.

الرياض (رويترز) – قالت دول الخليج العربية انها اتخذت بالفعل خطوات كافية للتعامل مع تأثير الأزمة المالية العالمية، لكن اضطراب الأسواق العالمية جعل خطتها للوحدة النقدية أكثر إلحاحا.

وعقد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول الخليج العربية اجتماعا طارئا يوم السبت 25 أكتوبر، للتوصل الى استجابة مُنسقة على الأزمة المالية العالمية التي تهدد بتقويض طفرة اقتصادية تشهدها المنطقة منذ ست سنوات.

وخرج مسؤولو الدول التي تجهز لعملة موحدة بحلول عام 2010 من الاجتماع دونما تصريحات تذكر عن سبل التعاون فيما بينهم.

وقال وزير المالية القطري يوسف كمال عقب الاجتماع الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض “التأثيرات المحتملة للازمة العالمية نستطيع التعامل معها من خلال الاجراءات التي اتخذناها بالفعل، الازمة تثبت مدى حاجتنا الى عملة موحدة وأن يكون بنك مركزي موحد هو الهيئة المشرفة”.

وتضمن جدول أعمال الاجتماع مناقشة خطوات جديدة لتعزيز الثقة في القطاعات المصرفية لدول مجلس التعاون الخليجي الى جانب مراجعة خطط الاستثمار في المنطقة.

وحتى الآن، تبنت السعودية والامارات العربية المتحدة وأربع دول خليجية أخرى سياسات منفصلة للحد من ضغوط أزمة السيولة العالمية على قطاعاتها المصرفية.

وعمدت بعض دول الخليج الى ضمان الودائع المصرفية وتخفيف قيود الاقراض وتوفير اليات تمويل طارئة واستثمار المال في الاسهم المتراجعة.

وقال بول جامبل مدير الابحاث لدى جدوى للاستثمار في الرياض “لا تنسيق في اعلانات السياسة حتى الآن”.

وعقب اجتماع يوم السبت، لم يقدم صناع السياسات الخليجيون تفاصيل كثيرة وكان من المقرر أن يعقدوا اجتماعا مع العاهل السعودي الملك عبد الله.

وقال كمال “نبدي استعدادنا للتنسيق الدائم فيما بيننا جميعا .. هذا التنسيق يجب أن يستمر بين محافظي البنوك المركزية بصفة خاصة لمراقبة الوضع”.

ويعصف الاضطراب العالمي بمنطقة الخليج بعدما سمحت ست سنوات من ارتفاع أسعار النفط لدول المنطقة والمستثمرين من القطاع الخاص بضخ مليارات الدولارات في مشاريع للصناعة والبنية التحتية.

وتجاهد البنوك الآن لتمويل هذه المشاريع مما حدا بخبراء اقتصاد وصناع سياسات الى توقع إرجاء مشاريع والغاءات والتكهن بتراجع النمو الحقيقي مع خفض منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) انتاج النفط الخام.

وتراجعت أسعار الخام أكثر من النصف منذ سجلت مستويات قياسية فوق 147 دولارا للبرميل في يوليو تموز بل وفقدت نحو أربعة دولارات أمس الجمعة رغم اتفاق منظمة أوبك على خفض الانتاج 1.5 مليون برميل يوميا.

ويقول جدول أعمال الاجتماع ان التراجع الاقتصادي الامريكي والاوروبي سيكون له تأثير سلبي على ميزان المدفوعات في دول مجلس التعاون الخليجي وقد تضمن مناقشة حالة ذعر محتملة بين مواطني دول المجلس على ودائعهم المصرفية وتأثير انخفاض ايرادات النفط على النمو الاقتصادي.

وتأثرت بالفعل ثقة المستثمرين في المنطقة. وهوت البورصة السعودية أكثر من ثمانية بالمئة في معاملات يوم السبت وقد خسرت بالفعل أكثر من 44 في المئة هذا العام.

وفي غضون ذلك تستثمر صناديق سيادية الثروة النفطية في أنحاء العالم بما في ذلك بعض الصفقات الضخمة في الأسهم الامريكية التي تراجعت بدرجة كبيرة في خضم اضطرابات الأسواق العالمية.

وتحدث صناع السياسات عن سبل تعزيز دور الحكومة في القطاع المالي وإعادة النظر في سياسات الاستثمار الاجنبي لدول الخليج ودراسة سبل ضمان استقرار سوق النفط العالمية حسبما أفاد جدول أعمال الاجتماع.

وكان تلفزيون العربية أورد في وقت سابق أن صناع السياسات الخليجيين سيناقشون توجيه مزيد من الاموال الحكومية الى الاسهم والحسابات المصرفية لتعزيز الثقة. ولم تورد القناة الاخبارية مصدرا لمعلوماتها.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 27 أكتوبر 2008)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية