الانفاق الاستثنائي السويسري لن ينتهك آلية “كبح الديون”
يواجه البرلمان السويسري صعوبات في الاتفاق بشأن الميزانية الوطنية لعام 2024. والسبب: مواءمة المليارات المتزايدة من النفقات الاستثنائية، مع القيود التي تفرضها آلية احتواء الديون المعروفة باسم "كبح الديون".
وتقترب غرفتا البرلمان، بعد أسابيع من النقاش، من الاتفاق على الميزانية بحلول نهاية العام. وتشرح سويس إنفو (SWI Swissinfo.ch) سبب صعوبة الأمر هذه المرة، ولماذا لن يكون الأمر أيسر، خلال السنوات المقبلة.
كبح الديون
فرضت سويسرا في عام 2003، قواعد ملزمة لمنع الدين العام من الخروج عن نطاق السيطرة – كما فعلت في التسعينيات.
ويسعى برنامج كبح الديون إلى ضمان عدم تجاوز الإنفاق الحكومي للدخل، مع مرور الوقت.
ويتعين على الحكومة، خلال سنوات الازدهار الاقتصادي، استخدام الإيرادات الفائضة لسداد الديون. ويسمح ذلك بالإفراط في الإنفاق خلال السنوات الاقتصادية العجاف. وينبغي أن يؤدي ذلك إلى موازنة الحسابات الفدرالية، بعد انقضاء فترة الدورات الاقتصادية التي تستمر عدة سنوات.
ويسمح برنامج كبح الديون بتغطية النفقات غير العادية الناجمة عن ظروف استثنائية غير متوقعة، على غرار الجوائح والحروب.
ويتعين على البرلمان الموافقة على مثل هذه النفقات، لكن يدعو برنامج كبح الديون إلى سدادها في الوقت المناسب، لتجنب الاختلالات طويلة الأجل في المالية الفدرالية.
فواتير مكلفة للغاية
راكمت سويسرا أكثر من 20 مليار فرنك سويسري (23 مليار دولار) من الديون المرتبطة بفيروس كورونا والتي يجب سدادها بحلول نهاية عام 2035. وستضاف إلى ذلك، التكلفة الاستثنائية الأخرى لإيواء اللاجئين الأوكرانيين، وباقي الدعم المالي المقدم لأوكرانيا، والبالغ حوالي 1.25 مليار في السنة.
وقرر البرلمان، نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، زيادة إنفاق الميزانية السويسرية من 5.6 مليار فرنك سويسري إلى 7 مليارات فرنك سويسري بحلول عام 2030. لكن السياسيين ما زالوا يناقشون الرقم النهائي، الذي قد يكون أعلى بكثير، والجدول الزمني، الذي قد يستغرق وقتا أطول..
ومن المتوقع استثمار مليارات أخرى في الشبكة الفدرالية للسكك الحديدية، وسد فجوة كبيرة في نظام معاشات الشيخوخة، خلال السنوات القليلة المقبلة.
وارتفع الاقتراض الإضافي منذ ظهور جائحة كوفيد – 19 لأول مرة، ليقترب من السقف الذي حددته آلية كبح الديون، مما لم يترك مجالا كبيرا للبرلمان، من أجل المناورة لوضع ميزانية تلبي متطلبات الإنفاق المستقبلية.
ماذا يحمل المستقبل؟
تتوقع وزارة المالية أن يرتفع الدين الحكومي من 127 مليار فرنك سويسري في عام 2023 إلى 129 مليار فرنك سويسري العام المقبل.
وإذا صمد الاقتصاد، ولم تحدث المزيد من المفاجآت السيئة والمكلفة مستقبلا، فقد يبدأ عبء الديون في التراجع اعتبارًا من عام 2026.
ولدى سويسرا بالمقارنة مع معظم البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم، عبء ديون منخفض نسبيا.
حيث يبلغ إجمالي الدين السويسري (الفدرالي، وعلى مستوى الكانتونات، والرعاية الاجتماعية) حاليًا حوالي 37٪ من الناتج الاقتصادي السنوي للبلاد (إجمالي الناتج المحلّي). ويقارن هذا بمتوسط 97% نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي، في دول منطقة اليورو التسعة عشر.
مستقبل كبح الديون؟
تعرضت سياسة كبح الديون السويسرية لانتقادات من قبل الأحزاب السياسية ذات الميول اليسارية لسنوات عديدة، بسبب تقليص الاستثمار في البنية التحتية.
ويتوقع فرانك مارتي، رئيس قسم المالية والضرائب في اتحاد الأعمال السويسري، بقاء آلية احتواء الديون.
لكنه يشعر بالقلق من إمكانية استغلال بعض السياسيين، للوتيرة الحالية للإنفاق غير العادي، من أجل فرض التمويل لقضايا “أزمات” أخرى، مثل التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري.
وأوضح متحدثا لسويس إنفو “كان الإنفاق الاستثنائي غير موجود بين الأزمة المالية لعام 2008 وجائحة كوفيد-19. لكن ترسخت في سويسرا الآن، فكرة التحايل على كبح الديون، من خلال زيادة النفقات الاستثنائية “.
“لقد شهدنا توازناً مالياً على مدى السنوات العشرين الماضية، وتراجعا في الدين الفدرالي، وانخفاضاً في مدفوعات الفائدة على هذا الدين. وقد وفر ذلك استقرارا كبيرا للأسر السويسرية الخاصة. ويؤدي التحايل على كبج الديون، إلى تآكل هذا الاستقرار. وبمجرد أن يبدأ، فقد لا تكون هناك نهاية له، وقد ينتهي الأمر بسويسرا إلى مواجهة نفس مشاكل الديون التي تعاني منها بلدان أخرى”.
ترجمة: مصطفى قنفودي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.