التجارة الالكترونية.. اهتمام متزايد وسوق واعدة
نظمت مدينة جنيف مؤخرا معرضها الخاص بالتجارة الالكترونية استضافت فيه عددا من الشركات الفرنسية الناشطة في هذا الميدان. التظاهرة استمرت يوما واحدا وكانت فرصة لاستعراض آخر التقنيات المستعملة في مجالات التجارة الإلكترونية والتسويق عبر شبكة الإنترنت في ظل اهتمام متزايد بسوق واعدة.
لا وجه للمقارنة بين معرض جنيف للتجارة الإلكترونية والمعرض الذي تنظمه العاصمة الفرنسية سنويا لكنه “يسير في نفس الاتجاه”، مثلما يُستخلص من تعليقات بعض المشاركين في التظاهرة التي نظم يوم الخميس 27 مايو 2010 في مركز المؤتمرات في جنيف بمشاركة حوالي 200 من العارضين والمحاضرين السويسريين أو القادمين من فرنسا.
هذا الإهتمام بالسوق السويسرية عموما وسوق جنيف خصوصا يرى فيه جيل بوانسينيون، مدير شركة WSI من ضواحي ستراسبورغ “أهمية بالنسبة لنا في محاولة اقتحام السوق السويسرية التي تبدو لنا سوقا مهمة للغاية ومعرفة المكانة التي تحتلها السوق السويسرية مقارنة مع الأسواق التي نعرفها كالسوق الفرنسية”.
وعما إذا كان اتساع الوعي بالتجارة الالكترونية هو الذي دفع شركات من زيورخ (البعيدة عن جنيف عادة)، بل من مدن فرنسية أيضا (مثل باريس وليون وستراسبورغ) إلى الحرص على المشاركة، يقول السيد بوانسينيون “من الناحية التكنولوجية يمكن القول أن هناك عدة مرافق أصبحت مستقرة وناضجة وبالإمكان استخدامها بشكل مهني في التجارة الإلكترونية. ولكن من ناحية أخرى نجد أن هناك عدة مؤسسات إما متوسطة او صغيرة لا تستغل كل الإمكانيات المتاحة عبر هذا النمط الجديد للتجارة”.
الشركات التجارية والشبكات الاجتماعية
في دورته الرابعة، ركز معرض جنيف للتجارة الإلكترونية على ثلاثة محاور: التجارة الالكترونية بكل ما تحتوي عليه من مراكز بيع عبر شبكة الإنترنت، وطرق الدفع الإلكترونية المؤمنة، والشبكات الاجتماعية التي أصبحت الشركات تجد فيها مجالا للترويج لمنتجاتها بشكل أوسع، وأخيرا استعراض آخر التطورات في المجال اللوجيستيكي، أي الوسائط المستخدمة لإيصال المنتوج للمشتري (وتشمل خدمات النقل والتسليم، وخدمات الإجراءات الجمركية وما إلى ذلك).
كما شملت الندوات التي أقيمت في إطار هذا المعرض توضيح خصائص الترويج لمنتوج عبر الوسائط المتعددة وبالأخص إقحام تقنية الفيديو في عملية الإشهار والترويج لزيادة حجم المبيعات. وقد تمت الإستعانة بشركات أمريكية لها خبرة في هذا المجال.
كما شملت هذه الندوات بالإضافة الى التركيز على استغلال الشبكات الاجتماعية (مثل تويتر وفيسبوك ويوتوب وغيرها)، تنظيم جلسات لإظهار مدى أهمية تحسين طريقة عثور محركات البحث (مثل غوغل وغيره) على اسم الشركة بما يجعلها دوما في مقدمة قائمة النتائج التي يعثر عليها أي باحث عبر شبكة الإنترنت.
وبطبيعة الحال، لا يمكن الحديث عن التجارة الالكترونية دون التطرق إلى تحسين طرق الدفع الالكتروني خصوصا عبر البريد. وفي هذا السياق استعرضت عدة شركات تجربتها بخصوص التطورات الأخيرة التي شهدها هذا القطاع الحيوي.
في الوقت نفسه، لم يُغفل المنظمون تناول المواضيع التي مازالت تتسبب في حدوث بعض المشاكل أو على الأقل بعض التردد بخصوص التجارة الإلكترونية خصوصا في المجال القانوني مثل التوقيع الالكتروني، وملكية اسماء المواقع وكيفية معالجة القوانين السويسرية لهذه المسائل.
الإقناع لم يعد مشكلة
إذا كانت التطورات المتسارعة في المجالات التكنولوجية تجعل من التجارة الالكترونية أمرا واقعا، فإن المعضلة التي تبدو من الوهلة الأولى تتلخص في مدى إطلاع أصحاب الشركات أنفسهم على فوائد افستفادة من هذه الإمكانية التسويقية الإضافية، خصوصا للذين لا زالوا بعيدين عن ميدان الإنترنت واستيعاب تقنياته ومتابعة تطوراته.
ولكن حتى بالنسبة لهؤلاء فإن ذلك لم يعد صعبا مثلما يرى بوانسينيون، مدير شركة WSI الذي يشرح أن “التجارب الناجحة أصبحت متعددة وتساعدنا في الإستعانة بها للإقناع في كل المجالات التي نرغب في الترويج لها”.
ومن بين النماذج الناجحة التي يسوقها السيد جيل، يذكر بأن “هناك العديد من الشركات التي روجت إما لبيع منتوجها أو خدماتها عبر الإنترنت ولدينا مثال عن شركة لمعالجة الأسطح المكونة من الألومنيوم أو الصلب المصقول والتي أصبح اسمها اليوم – وبعد الإستفادة من خدماتنا – من الأسماء المترددة بكثرة في آلات البحث عبر شبكة الإنترنت مما سمح لمتعاملين كثيرين بالدخول الى الموقع والتعرف على خدماتها. فهذه الشركة التي كانت نشاطاتها معروفة منذ حوالي 30 عاما في محيط لا يتجاوز 50 كيلومترا، أصبحت تحصل اليوم على عقود من كامل التراب الفرنسي ومن بلجيكا واللوكسمبورغ وهذا ما سمح بزيادة حجم المبيعات خلال عام واحد بأكثر من 20% ودفعها الى توظيف عمال جدد”.
ويضيف السيد جيل بوانسيون أن من بين الفوائد المترتبة عن عرض منتوج ما عبر شبكة الإنترنت أننا “لم نعد نبحث اليوم كمستهلكين عن السعر فحسب، بل أيضا عن المعلومات الخاصة بالمنتوج الذي نرغب في اقتنائه. وعندما ننظر مثلا إلى المعلومات التي يقدمها البائع عندما نرغب في شراء جهاز ذي تقنية عالية مثل جهاز تلفزيون، فقد تكون غير كافية وبالتالي فإن الحصول على تلك المعلومات عبر شبكة الإنترنت يصبح أكثر سهولة ومنفعة”.
محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch
حسب نتائج دراسة نشرتها جامعة سانت غالن السويسرية، عرفت التجارة الالكترونية في سويسرا، أي التي تتم عبر شبكة الإنترنت، مضاعفة لحجمها في غضون ثلاثة أعوام. إذ بلغت حجم مبيعاتها 6 مليار فرنك في عام 2008.
وتشير التقديرات إلى أن حجم التجارة الالكترونية في السوق الأوروبية بلغ في عام 2009 حوالي 170 مليار فرنك.
ومنبين القطاعات التي استفادت أكثر من غيرها من التجارة الالكترونية نجد السياحة والبنوك والترفيه والتسلية.
من الخصائص التي تتميز بها السوق السويسرية في مجال التجارة الالكترونية أنها سوق”مجزأة” نظرا للتعددية اللغوية ما بين ألمانية وفرنسية وإيطالية. كما يرى الخبراء أن “السوق السويسرية رغم بلوغها مرحلة الرشد بالنسبة للتجارة الإلكترونية فإن العديد من المتعاملين التجاريين لا يدركون كما ينبغي أهمية الاستفادة من هذه الفرصة التجارية الإضافية”.
على النقيض من ذلك، أصبحت الولايات المتحدة تولي أهمية متزايدة للتجارة الالكترونية إلى حد أن الأموال المرصودة للإعلانات عبر شبكة الإنترنت في عام 2009 فاقت حجم ما ينفق على الإعلان والإشهار عبر القنوات التلفزيونية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.