“تدريجيا سيتعوّد الإنسان على وضع مصيره بيد سيارة ذاتية التحكّم”
تنطلق الدورة السابعة والثمانون لمعرض السيارات بجنيف يوم الخميس 9 مارس الجاري. وعلى مدى عشرة أيام، سيقف الجمهور على المراحل التي قُطِعت نحو جيل السيارات ذاتية التحكّم. وبالنسبة لإيف جربر، الناطق باسم نادي السياحة السويسري في الأنحاء المتحدثة بالفرنسية من الكنفدرالية، فإن ازدهار المركبات ذاتية القيادة وانتشارها لن يستغرق انتظاره وقتا طويلا.
بشكل عام، توفر هذه التظاهرة التي تُعتبر الأضخم في سويسرا للمتابع فرصة جيدة للتعرّف على الإتجاهات الرئيسية لتطوّر سوق السيارات في المستقبل المنظور. وفي السنوات الأخيرة، تبين من خلال هذا المعرض، توجّه الجمهور المتزايد نحو سيارات الدفع الرباعي، أو السيارات الكهربائية. أما الطابع الرئيسي لهذه الدورة السابعة والثمانين، فسيكون التوجّه المتزايد والسريع نحو السيارات ذاتية التحكّم.
نادي السياحة السويسريرابط خارجي، الذي يُعدّ مراقبا دقيقا لسوق السيارات، لا يختلف مع هذا الرأي. وبالنسبة لإيف جربر، المتحدث الرسمي باسمه، فإن التحوّل نحو القيادة الذاتية “أضحى بالفعل حقيقة وواقعا الآن”.
swissinfo.ch: في أي مرحلة نحن الآن من السيارت ذاتية التحكّم؟
إيف جربر: لقد قطعنا خطوات مهمّة على المستوى التكنولوجي. وبحسب توقعات الخبراء، يُمكن تسويق نماذج ذاتية التحكّم بالكامل ابتداءً من 2020. ونتوقّع توسعا في المبيعات منذ ذلك الحين، مع توقّع حصول طفرة حقيقية بحلول 2035.
ولكن المشترين لن يكونوا بالضرورة من الأفراد. فالنماذج الإقتصادية التي ننتظرها، والتي بتنا نراها بالفعل من خلال مشاريع رائدة تظهر أننا نسير نحو أساطيل من السيارة الموجهة للإستخدام المشترك. وهذا الصنف سيُسهم بلا شك في تأكيد حضور هذا النوع من العربات على مستوى حركة المرور.
أما الأفراد فسيكونون حرفاء لدى هذه الخدمات، خاصة في المناطق الحضرية، حيث لا يمتلك جزء مهم من الأسر أي سيارات فردية. فهم يتنقلون من مدينة إلى أخرى عبر القطارات، ثم يُكملون ما يتبقى من مسافاتهم عبر إستئجار سيارة ذاتية القيادة.
swissinfo.ch: لكن لا تزال هناك عراقيل قانونية تقف أمام قيادة ذاتية التحكّم بالفعل؟
إيف جربر: الشرط المُسبق للقيادة عبر التحكّم الذاتي هو تسوية مشكلة المسؤولية المدنية. في الوقت الراهن، لا يزال الإعتماد على اتفاقية فيينا لعام 1969رابط خارجي، التي تنصّ على أن السائق هو المسؤول الوحيد على السيارة التي يُوجد على متنها. وقد أضيف للتو لهذه الإتفاقية مفهوم “المساعدة”، شريطة أن يكون بإمكان السائق السيطرة على العربة في أي وقت.
وطالما ظللنا عند هذا المستوى، ليس من الوارد الحديث عن سيارة ذاتية التحكّم بالكامل ومستقلة تماما عن الفرد الذي يوجد على متنها، كأن يكون منشغلا عنها بمطالعة صحيفة وظهره إلى الطريق. ولكن الأمور تتطوّر بسرعة، والحلم برؤية أوّل سيارة ذاتية التحكّم على الطريق بحلول عام 2020، ليس أمرا بعيد المنال.
swissinfo.ch: الحادث المُميت الذي حصل في الولايات المتحدة على متن سيارة “توسلا” Tusla ذاتية التحكّم، ألم يتسبب في تراجع ولو بسيط في حماسة المؤيدين لهذا الصنف من السيارات؟
إيف جربر: الحوادث تضع التكنولوجيا موضع اختبار، ولكن التطوّر في هذا المجال سريع جدا، وسوف توجد حلول لهذه المشكلات. على أي حال، تبيّن الإختبارات بالفعل أن السيارات ذاتية التحكّم تتسبب في عدد أقلّ من الحوادث بالنسبة للكيلومتر الواحد مقارنة بقيادة السائقين. وحاليا، فإن الأسباب الرئيسية الثلاث للحوادث هي قلة الإنتباه، والكحول، والسرعة.. وهي ثلاثة أخطاء، ليس من الوارد أن ترتكبها أي آلة من الآلات.
المزيد
لمسات أخيرة قبل موعد الإفتتاح
swissinfo.ch: امتطاء السيارة، وإعطاؤها الأمر بالتوجه يمنة أو يسرة. وترك أمر القيادة إليها بالكامل. هل هذا الأمر قابل للتحقق أم مجرد تخيلات؟
إيف جربر: تجدد الأسطول سوف يستغرق جيلا كاملا. وسيكون التحدّي الكبير الإنتقال من المركبات التي تشتمل على تقنيات القيادة الذاتية، إلى السيارات التي تخلو منها.
هذان النوعان من السيارات سوف يتعايشان لسنوات عديدة، ولن يحصل هذا من دون حدوث مشاكل. وعلاوة على ذلك، فإن أوّل حادث حصل لسيارة غوغل، وأسال الكثير من الحبر في العام الماضي، كان بسبب سيارة عادية لم تحترم قواعد الأوّلوية.
swissinfo.ch: التشريعات والتكنولوجيات تتطوّر. ولكن الإنسان هل هو على الاستعداد للمرور إلى عصر السيارات ذاتية التحكّم؟
إيف جربر: في الوقت الراهن، 40% من التنقلات هي رحلات ترفيهية. أما البقية فهي تنقلات اضطرارية. أعتقد أن معظم الناس مستعدون للتخلّي عن عجلة القيادة. ولكن الأمر يتطلّب المرور من جيل من جيل. ونحن نرى أن “الجيل الرقمي” هو أكثر استعدادا لتسليم مصيره إلى سيارة ذاتية التحكّم مقارنة بالذين تجاوزت أعمارهم الخمسين عاما.
لاحظ أيضا أن قادة الطائرات يستفيدون اليوم من خدمات تكنولوجيات مُشابهة. فالطائرات اليوم تقود نفسها بنفسها تقريبا. ونفس الشيء يمكن أن نقوله بالنسبة للقطارات أو عربات الميترو، حيث لا يوجد السائق من الأصل. وهذا لم يعد يمثّل مشكلة، بل أصبح مسألة معهودة.
سابقا، كان هناك شعور قوي عند ركوب سيارة. لقد كانت في وقت من الأوقات رمز حرية الإنسان، وقدرته على التملّك والتحكّم. لكن هذا الأمر بصدد التغيّر. وبالتدرّج سيتعوّد الإنسان على وضع مصيره بيد سيارة ذاتية التحكّم. وهذه قفزة اجتماعية كبيرة سوف تستغرق برهة من الزمن.
(ترجمه من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
(ترجمه من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.