مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

زوّار يُعرقِلون مسار الحياة البرية في جبال الألب السويسرية

حظر التخييم غير القانوني
هناك العديد من المناطق في سويسرا التي يعتبر التخييم في براريها غير قانوني Keystone / Alessandro Della Bella

المخيّمون، الذين يستهويهم أخذ الصور الجميلة ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، يجتاحون الجبال. بعض هؤلاء المخيّمين ينصبون خيامهم بشكل غير قانوني، ممّا يُشكِّل عائقاً لازدهار الحياة البرية التي تحتاج إلى بيئة هادئة.

في أعالي سلسلة جبال برينزيرغرات في وسط سويسرا، وقبيْل طلوع الفجر، تنتظر مجموعة مؤلّفة من خمسة شبان مع متسلقين آخرين وصولَ أشعة الشمس إلى المرتفعات الجبلية. لكن السُّحب الكثيفة لا تبارح هذا الحشد من البشر الذي ينتظر رؤية هذا المنظر الخلاب.

” أشعر بخيبة أمل بعض الشيء. لقد خضنا رحلة تسلق لفترة طويلة. وكل هذا المشي لمسافات طويلة كان فقط من أجل التقاط صورة منظر خلاّب – هذا لا يعني أن ما نراه ليس جميلاً، لكنه ليس ما كنا نتوق لرؤيته”، يقول أحد الشباب من المجموعة؛ حيث أن الرؤية ليست منقشعة بما يكفي لالتقاط صورة خلابة لمنظر شروق الشمس على الجبال.

انتظار شروق الشمس في الضباب
العديد من المتسلقين وقد توجهوا إلى الجبال لرؤية منظر شروق الشمس، ولكن للأسف، تحجب سحب كثيفة الرؤية أمام هذا الحشد المُنتظِر. SRF-SWI

لحسن الحظ، كانت مجموعة الأصدقاء هذه قد نجحت في التقاط صورة لمنظر غروب الشمس في اليوم السابق، وقامت بنشرها على منصات التواصل الاجتماعي.

إلا أن التخييم على هذه التلال الجبلية يبقى ممنوعاً، ويُعتبر غير قانوني؛ لأن المنطقة مصنّفة كواحدة من محميّات الحياة البرية. وقد صرّح البعض من أعضاء المجموعة، بأنهم لم يدركوا أن الإقامة هنا ليلاً مخالفة للقانون، إلا بمجرد وصولهم إلى قمة الجبل؛ وذلك عندما لاحظوا لافتة التحذير التي تمنع إقامة المخيّمات في المنطقة.

إشارات، حُرّاس ومدخل صغير جداً

في مروج لومباشالب في برن، وعلى بُعد 500 متر أسفل المكان الذي نصبت فيه مجموعة الأصدقاء خِيَمها ليلة كاملة، يقوم حارسان من حراس الغابة مع حارس المحمية المكلف من قبل الكانتون بمراقبة ما يحدث في الأعالي. والجدير بالذكر هنا، أنه قد لوحظ في الفترة التي تلت جائحة كوفيد-19، ازدياد في عدد الأشخاص الذين توجهوا للتخييم على ظهر جبل برينزيرغرات.

الحراس يراقبون كل حركة في الجبل
يقوم حارسان من حراس الغابة مع حارس المحمية المكلف من قبل الكانتون بمراقبة تحرّكات المخيمين غير القانونيين من الأسفل. SRF-SWI

هناك العديد من اللافتات تمنع التخييم، كما يقوم حارسان من حراس الغابة باعتراض المتوجّهين المُحتملين إلى المنطقة بغية التخييم. ولقد صُمّم المدخل بهذا الحجم الصغير جداً إلى محمية الحياة البرية، بهدف منع الناس عملياً من نقل حقائب كبيرة إلى المحمية البرية، لكن كل هذه التدابير لم تنفع في تحقيق الهدف المنشود، أي المنع التام لدخول المحميات الطبيعية.

Verbotsschild Zelten verboten
اللافتات الموضوعة على طول ظهور جبل برينزيرغرات عليها إشارة حظر التخييم في المنطقة SRF-SWI

وخلال موسم الذروة، يقوم الناس بالتخييم هنا كل يوم تقريباً. يذهب حارس المحمية إلى الأعلى مرة في الأسبوع ويفرض غرامات على المخيّمين الليليّين. وبحسب الحرّاس المكلفين بحماية المنطقة، فإن التدفق المستمر لأعداد المخيّمين يعود بشكل رئيسي إلى المنشورات الموضوعة على وسائل التواصل الاجتماعي. “تكمن المشكلة فيما يُنشَر على وسائل التواصل الاجتماعي. يأتي الكثيرون لأنهم رأوا مناظر الموقع الخلابة منشورة عبر الإنترنت.”

حلقة مفرغة وراءَها موقع إنستغرام

في كانتون غلاروس، على ارتفاع 2,500 متر فوق سطح البحر، وعلى قمة ماتنكوبف التي تطل على بحيرة ليمرن، يمكن العثور على آلاف المصوّرين الذين التقطوا صوراً مماثلة وقاموا بنشرها على إنستغرام.

وبالرغم من أن التخييم على قمة الجبل يعتبر قانونيْاً، إلّا أن سامويل غانتنر، حارس المحمية المكلف من قبل الكانتون، يعرب عن قلقه إزاء هذا الأمر. حيث يقول: “إن ممارسة التخييم تأخذ أبعاداً من شأنها أن تؤثر سلباً على حماية الحياة البرية والنباتات المحلية”. ويضيف قائلاً: “لا توجد هناك أعداد كبيرة من الحيوانات مقارنة بأعدادها على ارتفاع 1,000 متر تقريباً، ولكن الحياة البرية التي تنمو في أعلى المناطق هي أكثر اعتماداً على جو من الهدوء والسلام لازدهار بيئتها.”

يقوم السياح يومياً بالتخييم على قمة ماتنكوبف. وفي عطلات نهاية الأسبوع، يتم نصب ما بين 15 و20 خيمة، كما تقول كلاوديا فرايتاغ، التي تدير نزل “موتسيهوت” الجبلي القريب من المكان والمخصص لإقامة السيّاح.

 تشعر فرايتاغ بتداعيات الزيادة في عدد المخيّمين على البيئة في المنطقة. “المخيّمون يتركون مخلفاتهم ونفاياتهم، ويستخدمون مرافقنا الصحية ومياهنا المتاحة”، كما تقول. ولكن وبالرغم من ذلك، تضيف بواقعية: “من الناحية التسويقية، يمكن اعتبار ما يقوم به المخيّمون من نشرهم للصور الخلابة للمنطقة، فكرةً ذكية. وإذا امتلأت الحجوزات على نطاق واسع في المنطقة بفضل المخيّمين، فلن نجد أنفسنا مضطرين إلى إجراء الكثير من الإعلانات لتأمين عوائدنا المالية.”

وعلى الرغم من أن الزيادة في عدد الزوار مفيدة لنمو الأعمال التجارية في المنطقة، إلا أن فرايتاغ تعتبر أن هناك حاجة لوضع المزيد من لوائح القوانين التنظيمية. حيث أنها في هذا الموسم، شرعت في القيام بعمليات إحصاء لأعداد المخيمين على القمة يومياً وتوثيق وقائع متنوعة من سلوكياتهم.

حملات توعية أم فرض الحظر؟

بالنسبة لغانتنر، من الواضح أن الأمور لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه.

وعن هذه المسألة، يتحدّث قائلاً: “أعتقد أنه من الرائع أن يستمتع الناس بالطبيعة. لكن هذا الجانب يبقى أحاديّاً إذا لم يؤخذ ما سواه بعين الاعتبار. يقوم الأشخاص بانتقاء محتوى معين من مصادر متعددة ومن ثمّ بنشره في كل مكان على شبكات الإنترنت دون أن يدركوا خطورة الآثار السلبية من الضغط والاجهاد، التي يمكن أن تطال البيئة والحياة البرية نتيجة لذلك.”

لهذا السبب، يعتبر أنه من المهم أن يقوم الحراس بتكثيف حملات التوعية المتعلقة بهذه المسألة، لكنه يرى أنه قد يكون من الضروري في نفس الوقت النظر في إمكانية فرض حظر دخول السيارات أو حتى فرض حظر عام على إقامة الخيام في المنطقة. في الوقت الراهن، يقوم كانتون غلاروس بالبحث عن مجموعة متنوعة من الخيارات المتاحة والممكنة على هذا الصعيد.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية