المساهمون يرفضون تبرئة ذمة المسؤولين عن أكبر مصرف سويسري
من المحتمل أن يصبح المسؤولون السابقون باتحاد المصارف السويسرية الذين عملوا تحت إدارة مارسيل أوسبال عرضة للمتابعة القضائية بعد أن رفض المساهمون في أكبر المصارف السويسرية المشاركون في الجمعية العمومية للمصرف ببازل يوم الإربعاء 14 أبريل 2010 إبراء ذمتهم للسنة المالية 2007، في وقت صادقوا فيه بسهولة على تقريري عامي 2008 و2009.
قبل السادسة مساءً بالضبط، عمت قاعة سانت- جاك الفسيحة ببازل موجة عارمة من التصفيق، تخللتها عبارات مباركة واحتجاج في نفس الوقت. إنها سابقة تاريخية بصدد التحقق، لقد رفض المساهمون في أكبر المصارف السويسرية، يو بي إس، تبرئة ذمة الإدارة السابقة، وهو القرار الذي كان من الممكن أن يُعفي إدارة المصرف سنة 2007 من أي مسؤولية عن المصاعب التي واجهتها المؤسسة.
هذا الرفض يعرّض مارسيل أوسبال، والمسؤولين الكبار الذين عملوا تحت إدارته في عام 2007 ، مثل إرنستو بيرترالي، والمدراء العامون كبيتر فوفلي، ومرسال روهنر وآخرين إلى أن يكونوا تحت طائلة رفع دعوى مدنية ضدهم.
هذا الفريق كان يدير المصرف عندما تفجّرت أزمة القروض العقارية غير المضمونة، وعندما ازدهرت الأسهم المسمومة التي تثار شبهات حول مشروعيتها القانونية لأنها قامت على تشجيع العملاء الأمريكيين على التهرب من إدارة الضرائب في بلادهم. وبهذا القرار يريد المساهمون أن تواجه الإدارة السابقة عواقب ممارساتها تلك.
لم يخف دومينيك بيدرمان، مؤسس ومدير مؤسسة “إيثوس” Ethos، والتي تجمع داخلها ثمانين عضوا، من بينهم عدد كبير من صناديق التقاعد السويسرية سروره بنتيجة التصويت الذي رفض فيه 53% عدم إخلاء مسؤولية الإدارة السابقة، مقابل 46% وافقوا على ذلك، واحتفاظ 1.35%. وبيدرمان هو أحد الذين بذلوا جهودا كبيرة من أجل الوصول إلى هذه النتيجة، كما يعمل منذ سنوات من أجل الإدارة الرشيدة للمؤسسات الإقتصادية الكبرى، ومن أجل تخليق عالم المال والأعمال.
المؤشر الأوّل: الأجور
يقول بيدرمان: “إنها المرة الأولى التي يرفض فيها المساهمون في مؤسسة مالية سويسرية كبرى إخلاء ذمة الإدارة. لقد أعطى المساهمون بذلك إشارة قوية يوم الإربعاء (14 أبريل)برفض 45% (من المساهمين) لتقرير المكافآت الذي تقدمت به الإدارة الحالية”.
شهد الإجتماع الذي تواصل 8 ساعات تداول عدد كبير من المساهمين على أخذ الكلمة، وتوجّه أغلبهم بانتقادات شديدة وعنيفة إلى إدارة المصرف، بل إن المتدخّل الوحيد الذي طالب بإخلاء ذمة القيادة السابقة تعرض إلى صيحات إستنكار واحتجاج من الحضور.
وخلال كلمته أمام 4728 مساهما حرصوا على حضور مداولات الجمعية العمومية، توجّه بيدرمان بكلامه إلى مجلس إدارة مصرف اليو بي إس: “لقد ارتكب أسلافكم أخطاء جسيمة. لم يكتفوا فقط بالتسبب في خسائر مالية طائلة، بل عرّضوا أيضا الساحة المالية السويسرية والإستقرار الإجتماعي إلى الخطر”.
السبيل الوحيد لإصلاح الوضع
وفي حديث إلى swissinfo.ch قال مؤسس ومدير “إيثوس”: “نحن مساهمون في اليو بي إس منذ زمن طويل، ونرى أنه من مصلحتنا أن يستعيد المصرف عافيته بسرعة. لتحقيق ذلك، لابد أن يعمل مجلس الإدارة الجديد بطريقة مختلفة عن الإدارة السابقة”.
في المقابل، صادق المساهمون على التقرير السنوي لعام 2008 (صوت 77.37% بنعم)، وعلى تقرير عام 2009 (85%)، وبالنسبة لمدير “إيثوس”: “لقد كان هذا اتجاه التصويت بالنسبة لغالبية المساهمين الأمريكيين، لكن الثقل الأهم كان للمساهمين البريطانيين. في المقابل كان تأثير المساهمين الجدد من كل من سانغفورة وهونغ – كونغ، والذين صادقوا على التقارير السنوية، محدودا جدا”.
خلال الإجتماع أيضا اخذ الكلمة بول أندي رُو، النائب البرلماني الديمقراطي المسيحي من كانتون فالي، والخبير في المسائل الجبائية ودعا الحضور إلى عدم المصادقة على تقرير سنة 2007، واعتبر أن إخلاء ذمة إدارة أوسبل “عمل منحط، ومخالف للأخلاق”. كما طالبت أيضا النائبة سوزان لوتنيغار أوبرهولزر، بإسم الحزب الإشتراكي، رفض طلب إخلاء العهدة.
وجاء في كلمتها: “لقد عانى المجتمع السياسي والدولة، ودافعو الضرائب بسبب أخطاء إدارة اليو بي إس. ويحتفظ البنك الوطني السويسري حتى اليوم بأوراق مالية لا قيمة لها تقدّر قيمتها بعشرين مليار فرنك تحمّلها عن اليو بي إس”.
“هذا الإستياء ننظر إليه بجدية”
في معرض تعليقه على نتيجة التصويت، قال كاسبار فيليغر: “هذا الإستياء ننظر إليه بجدية”. وسيكون الموضوع محل نظر مجلس إدارة اليو بي إس في إحدى إجتماعاته القريبة القادمة. وأما بالنسبة لبيدرمان: “لا يمكننا إجبار مجلس الإدارة على التقدم بدعوى قضائية ضد الإدارة السابقة، لكن نتيجة اليوم، تدفعهم إلى أبعد حد لفعل ذلك”.
وقد عبّر فيليغر، في مفتتح جلسات الجمعية العمومية التي أدارها بقبضة من حديد داخل قفّاز من حرير، عن “أسفه البالغ” وقال: “نحن نعلم إلى أي حد خيّب اليو بي إس ظن الشعب السويسري”، و”لا يزال أمامنا الكثير من العمل لإصلاح الأضرار”. قبل أن يضيف: “لكن المتابعة القضائية ليست في مصلحة المساهمين، العملية سوف تستغرق سنوات طويلة، وسوف تكلّف الملايين”.
ودافع وزير المالية الأسبق عن الإدارة السابقة مؤكدا أن القرارات التي اتخذتها كانت “بحسن نية” ومؤكدا أن “لا احد منهم كان يريد إلحاق الضرر بالمصرف. لكنهم مسؤولون معنويا عما قاموا به”.
وقبل أن يختم كلمته الصباحية، توجه إلى المشاركين قائلا: “ليس من واجب المسؤولين دائما التعرّض للمتابعة، والإعتذار عن أخطاء الماضي”، وهي رسالة لا يبدو أنها وجدت آذانا صاغية في قاعة سانت – جاك ببازل، ثماني ساعات بعد الكلمة الإفتتاحية..
أريان جيغون – بازل – swissinfo.ch
(نقله من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
“يُرفض منح إبراء الذمة (أو الإعفاء من المسؤولية) إذا وجهت مؤاخذات إلى مجلس الإدارة أو إلى الهيئة المديرة بارتكاب إخلالات خطيرة (…). كما يُرفض إبراء ذمة أعضاء في مجلس الإدارة في حالة وجود مسؤولية شخصية” (نقلا عن الموقع الرسمي للكنفدرالية).
من النادر جدا اتخاذ قرار برفض منح إبراء الذمة في سويسرا. ففي السنوات الأخيرة، مسّ مثلا شركة OC Oerlikon (2006) وشركة Forbo (2005) أو Arobonia-Forster (2004). وفي عام 2001، رفضت الحكومة الفدرالية (التي كان يشغل فيها كاسبار فيليغر، الرئيس الحالي لمصرف يو بي أس منصب وزير المالية) منح إبراء الذمة إلى مجلس إدارة مجموعة SAirGroup (سويس اير)، لكنها مُنحت من طرف الجمعية العمومية لاحقا.
إضافة إلى مسألة إبراء الذمة، كانت أجور المدراء وكبار المسؤولين في قلب النقاشات التي شهدتها الجمعية العمومية الملتئمة في بازل.
في هذا السياق، عارضت المؤسسة السويسرية للإستثمار من أجل تنمية مستديمة “Ethos” التي تضم في صفوفها حوالي 80 عضوا (معظمهم من صناديق التقاعد السويسرية) التحويرات التي أدخلت من طرف المصرف على النظام الذي تم التصويت عليه في الجمعية العمومية لعام 2009. وعبرت المؤسسة بالخصوص عن استنكارها لإلغاء الفصل الخاص بالحوافز السلبية (Malus).
وكان يو بي أس قد تعلل بضرورة اجتذاب المتعاونين المهرة والإحتفاظ بهم لتبرير إنشاء خطة عمل جديدة للتحفيز (IPP) تستكمل خططا سابقة تحدد النسب المتغيرة من الرواتب وقيمة العلاوات والمكافآت.
وطبقا لمعلومات أوردتها صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” (تصدر بالألمانية في زيورخ) فإن عددا يقل عن الألف من مسيري ومدراء يو بي أس في شتى أنحاء العالم يحق لهم الإستفادة من برنامج IPP للتحفيز الذي يرتبط بقيمة سهم المصرف على مدى خمسة أعوام. وفي عام 2009، مثل الجزء الخاص ببرنامج IPP 28% من العلاوات الممنوحة (بقيمة 15،7 مليون فرنك). وفي هذا الصدد، تنتقد مؤسسة Ethos التعقيد الشديد الذي يلف هذا البرنامج وترى أنه يُضفي المزيد من الغموض على العملية برمتها بل يمثل خطوة إلى الوراء.
بعد المداولات، لم تتم الموافقة على التقرير الخاص بالرواتب والمكافآت إلا بنسبة 54،7% من الأصوات، وهو أمر يحدث “للمرة الأولى” على حد قول دومينيك بيدرمان، مدير المؤسسة السويسرية للإستثمار من أجل تنمية مستديمة (Ethos).
استأثرت النتيجة المفاجئة التي تمخضت عنها الجمعية العمومية لمساهمي يو بي إس باهتمام بالغ من طرف الصحف السويسرية الصادرة يوم الخميس 15 أبريل.
صحيفة 24 ساعة (تصدر بالفرنسية في لوزان):
“لقد تجرّؤوا وتمكّـنوا من الوصول إلى الهدف.. لقد تمكنت المؤسسات والصناديق الحريصة على أخلاقيات المِـهنة من تجميع شعب كامل من صغار المساهمين وموظفي المصرف وكبار المستثمرين الأنغلوسكسونيين”.
تاغس أنتسايغر (تصدر بالألمانية في زيورخ):
إن رفض إبراء ذمّـة المسؤولين عن مصرف يو بي إس لعام 2007، يمثّـل “انتصارا لديمقراطية المساهمين في سويسرا”.
لوماتان (تصدر بالفرنسية في لوزان):
“إن هذا الشكل من أشكال العلاج النفسي الجماعي، قد يظلّ بدون نتائج. فمحاكمة أوسبيل وشركاؤه ليست وشيكة وقد لا تحدُث أبدا”.
لوتون (تصدر بالفرنسية في جنيف):
“إن ردّة فعل المساهمين، تُـتوّج الصعود القوي لديمقراطية حاملي الأسهم، وهو ما قد يُـعزِّز الدّعم للمبادرة المناهضة للعلاوات المبالغ فيها (تعرف باسم مبادرة Minder) وقد يُـرغِـم وزير المالية هانس – رودولف ميرتس على إعداد ضريبة على العلاوات”.
نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر في زيورخ بالألمانية):
“بالرغم من أن رفض إبراء الذمّـة يمثِّـل إشارة رمزية بالأساس، لكن مجلس الإدارة قد يُـحسن صُـنعا إذا ما لم يستهِـن بنتيجة هذا التصويت، وباعتباره في خدمة المساهمين، فمن واجب مجلس الإدارة أن يتقدّم بشكوى مدنية ضد المسؤولين السابقين”.
برنر تسايتونغ (تصدر في برن بالألمانية):
“على الرغم من أن إمكانيات نجاح المقترح الداعي إلى رفع شكوى ضد المسؤولين السابقين محدود جدا، إلا أن المصرف سيكسِـب الكثير من وجهة نظر المصداقية” (إذا ما أقدم على ذلك).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.