المنتدى الإقتصادي العالمي سيبحث “إعادة رسم عالم ما بعد الأزمة”
ستخصص الدورة 39 للمنتدى الاقتصادي العالمي لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية بحضور رقم قياسي من المشاركين، يضم أكثر من 41 رئيس دولة وحكومة من بين 2500 شخصية هامة في مختلف الميادين، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولكن الجلسة الوحيدة الخاصة بقضايا الشرق الأوسط ستنعقد بدون حضور فلسطيني.
وسيحتضن منتجع دافوس بجبال الألب شرق سويسرا ما بين 28 يناير وغرة فبراير، الدورة التاسعة والثلاثين للمنتدى لمناقشة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، في ظل ما اعتبره كلاوس شفاب، مؤسس المنتدى “أكبر حضور” يشهده منذ تأسيسه في عام 1971.
وليس غريبا أن تستقطب فعاليات دورة هذا العام أكثر من 41 رئيس دولة وحكومة وأزيد من 1400 مُـسـيّـر اقتصادي ومالي وممثلين عن أكثر من 30 منظمة دولية وأممية، نظرا لأن الموضوع الرئيسي المطروح للنقاش يتمحور حول “كيف يمكن صياغة العالم ما بعد الأزمة”.
وفي الندوة الصحفية التقليدية التي تُقام في جنيف وتسبق انطلاق أشغال المنتدى، اعتبر مديره كلاوس شفاب يوم 21 يناير 2009 أن الدورة الحالية تشكل أهم الدورات في تاريخ المنتدى منذ حوالي 40 سنة، مشيرا إلى أن “ما سنعيشه هو بمثابة بداية حقبة جديدة وعبارة عن صرخة لإيقاظ مؤسساتنا وأنظمتنا، وبالأخص لمراجعة طريقة تفكيرنا”، على حد قوله.
مشاركة أمريكية ملفتة
وذهب كلاوس شفاب إلى أن هذا الحضور المكثف في دافوس يمثل إقرارا بأن المنتدى الإقتصادي العالمي لعام 2009 “هو المحفل المناسب لكي يناقش فيه المشاركون، هذه الأزمة التي لم يسبق لها مثيل من جهة، ولمعرفة كيف يمكن للعالم الخروج منها بمجهود مشترك، من جهة أخرى”.
لهذا الغرض، سيسارع لحضور منتدى هذا العام كل من الوزير الأول الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، والمستشارة الفدرالية الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الياباني تارو آزو.
وكالعادة، تتجه الأنظار إلى مستوى الحضور الأمريكي لجس نبض دافوس. وفي هذا الصدد، تشهد دورة هذا العام (التي تصادف تولي باراك حسين أوباما الرئاسة بكل ما يحمله ذلك من تفاؤل، سواء على المستويين الداخلي أو الخارجي) مشاركة أمريكية قوية، بحضور مستشار الأمن القومي جيمس جونس ومدير المجلس الاقتصادي بمكتب الرئيس لاورانس سومرس، إضافة الى عدد من رجال الكونغرس وحكام الولايات وبحضور نائب الرئيس الأسبق آل غور والرئيس الأسبق بيل كلينتن.
وسيشارك جميع هؤلاء الضيوف القادمين من الولايات المتحدة في مختلف الموائد المستديرة وجلسات النقاش (التي سوف لن تقتصر بطبيعة الحال على الجوانب المالية والاقتصادية) إلى جانب 17 وزير مالية و22 مدراء بنوك مركزية و16 وزير خارجية و15 وزير بيئة وطاقة ومدراء 30 منظمة دولية من شتى أنحاء العالم.
حضور عربي وغياب فلسطيني
في العديد من الدورات السابقة، كانت قضية النزاع العربي الإسرائيلي والأوضاع في الشرق الأوسط عموما الملف الذي يراهن عليه المشرفون على المنتدى لجلب اهتمام وسائل الإعلام بهذا التجمع الاقتصادي بالأساس، لكن دورة 2009 ستكتفي بتخصيص جلسة جانبية لأحداث غزة وسط غياب فلسطيني والإقتصار على حضور المشارك الوفي للمنتدى منذ سنواته الأولى، الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس، وأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وفي رده على سؤال طرحته سويس إنفو عن سبب غياب الفلسطينيين عن الحضور في محفل يُردّد على الدوام أنه المكان المناسب لإشراك مختلف الشركاء في الحوار مهما اختلفت توجهاتهم وآراؤهم، أجاب كوس شفاب، مؤسس المنتدى: “لقد وجّهنا الدعوة إلى الفلسطينيين ولم نحصل على جواب”.
من جهة أخرى، يتسم الحضور العربي هذه السنة في دافوس بشيء من الكثافة بالنسبة لكل من مصر التي ستشارك بثلاثة وزراء حول جمال مبارك بوصفه نائب الأمين العام للحزب الوطني الحاكم، والمغرب الذي سيُمثل بأربعة وزراء إضافة إلى الوزير الأول عباس الفاسي إضافة الى السيد أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي والمشارك الوفي للمنتدى.
أما من منطقة الخليج، فهناك حضور مكثف لكل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على مستوى عدد من الأمراء والوزراء ومدراء المصارف ومكاتب الاستثمار.
أي مصير لمفاوضات الدوحة؟
سويسرا التي تستضيف المنتدى فوق أراضيها، اتخذت كالعادة التدابير الأمنية المشددة التي عادة ما تُحوّل منتجع دافوس في الأسابيع الأولى من كل عام إلى قلعة محصنة يعسُر الوصول إليها، كما تم حظر الطيران في المجال الجوي فوق مكان انعقاد المنتدى وخُصصت وحدات من سلاح الجو لمراقبة تطبيق ذلك.
من جهة أخرى، سيتحول رئيس الكنفدرالية الجديد رودولف ميرتس إضافة إلى وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري ووزيرة الاقتصاد دوريس لويتهارد، وجون بيار روت، محافظ البنك الوطني السويسري لحضور جانب من أشغال المنتدى نظرا لأن كبار المسؤوولين السويسريين يجدون في المنتدى فرصة لتكثيف الاتصالات والمشاورات، كما أن الفرصة سانحة هذه المرة لربط الخيوط الأولى مع بعض أعضاء الإدارة الأمريكية الجديدة.
في المقابل، قد يتحول الإجتماع السنوي الذي تعقده وزيرة الإقتصاد السويسرية في منتجع دافوس مع وزراء الاقتصاد والتجارة المشاركين في المنتدى الإقتصادي العالمي للبحث في سبل تحريك ملف مفاوضات جولة الدوحة إلى تحدّ حقيقي للسيدة دوريس لويتهارد.
وفي هذا السياق، يبدو – حسب التصريحات التي صدرت عن رئيس المنتدى كلاوس شفاب – أنه سيتم تخصيص جلسة لمناقشة احتمالات خروج مفاوضات الدوحة التجارية من المأزق الذي آلت إليه بعد فشل الجهود التي بذلت في الأسابيع الماضية لتنظيم مؤتمر وزاري على مستوى منظمة التجارة العالمية في جنيف.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
كثيرا ما يترافق تنظيم المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس بمظاهرات معادية للعولمة ولرأس المال، تنظمها مجموعات وتيارات تنتمي إلى اليسار السويسري والأوروبي وتقود وجهها العنيف تيارات هامشية تصل إلى حد المواجهة مع قوات الأمن تارة في منتجع دافوس وتارة أخرى في مدينة زيورخ أو برن. وفي هذه السنة، قد تنظم المظاهرة المعادية للمنتدى في مدينة جنيف يوم 31 يناير.
الحكومة المحلية لكانتون جنيف قررت يوم 21 يناير “عدم الترخيص بتنظيم المظاهرة، نظرا لأون الضمانات التي قدمها المنظمون غير كافية، ونظرا لأن بعض الأشخاص يرغبون في المشاركة بغرض المواجهة العنيفة”، إذ عبر الوزير المسؤول عن المؤسسات في دويلة جنيف لاوران موتينو “إننا لسنا أمام حركة شعبية، بل أمام عينة من الأشخاص الذين يرغبون في المشاركة بغرض التحطيم عن قصد”.
سكان جنيف يتذكرون جيدا ما شهدته شوارع مدينتهم أثناء تنظيم قمة مجموعة الثمان الكبار في عام 2003 من أعمال عنف حولتها إلى ساحة مواجهات بين الشرطة التي استنجدت بقوات أمن ألمانية، وبين المتظاهرين أو على الأقل العناصر المتطرفة منهم والمتوافدين من كل أنحاء أوروبا.
وعن احتمال تنظيم هذه المظاهرة، قال كلاوس شفاب “إن المنتدى يأسف لعدم فتح حوار حتى مع هذه العناصر”، مذكرا بالعرض الذي قدمه لزعيم كنفدرالية المزارعين في فرنسا جوزي بوفي، عندما تزعم مظاهرة مناهضة للمنتدى في منتجع دافوس قبل سنوات. أما مدير البرامج بالمنتدى أندري شنايدر فذكر بأن “قرار الترخيص أو الرفض هو من اختصاص سلطات كانتون جنيف”.
وكانت شرطة جنيف قد نصحت بالترخيص للمظاهرة، لأنها تعتبر أن “تنظيم مظاهرة قانونية يسمح بالتفريق بين المتظاهرين المسالمين والعناصر الراغبة في المواجهة وممارسة العنف”، لكن تعليل وزير المؤسسات لقرار الرفض استند إلى أن التعبئة لتنظيم المظاهرة تجري في المناطق المتحدثة بالألمانية من سويسرا ومن طرف عناصر تنتمي إلى “المجموعة السوداء” تحديدا، وهي مجموعة متطرفة معروفة بحرصها على خوض المواجهات العنيفة مع قوات الشرطة.
أحزاب اليمين في جنيف قابلت مشروع تنظيم المظاهرة بالرفض، بينما لم تجرؤ أحزاب اليسار على إعلان دعمها لها، نظرا لأنها تمر بمرحلة انتخابية في الوقت الحاضر. أما آخر المعطيات فتشير إلى أن المنظمين لا زالوا مُصرين على القيام بها، رغم الرفض الرسمي المعلن من جانب السلطات.
تأسس المنتدى الاقتصادي العالمي على يد كلاوس شفاب، تحت اسم منتدى الإدارة والتصرّف في منتجع دافوس، شرق سويسرا، في عام 1971.
منذ ذلك الوقت، يعقِـد المنتدى الاقتصادي العالمي، اجتماعه السنوي في المنتجع الشهير بكانتون غراوبوندن، باستثناء دورة 2002، التي نُـقلت إلى نيويورك في أعقاب الهجمات التي تعرّض لها مركز التجارة العالمية قبل أربعة أشهر من موعد انعقاده.
دورة 2009، ستشهد حضور أكثر من 2500 مشارك من 96 بلدا، وتنظَّـم تحت شعار “إعادة رسم عالم ما بعد الأزمة”.
من المنتظر أن يشارك أربع وزراء سويسريين على الأقل في دورة المنتدى لعام 2009، من بينهم رئيس الكنفدرالية ووزير المالية هانس رودولف ميرتس، الذي سيُـلقي خطابا في الجلسة الافتتاحية.
على هامش الاجتماع السنوي، تُـنظم فدرالية الكنائس البروتستانتية السويسرية بالاشتراك مع المنتدى الاقتصادي العالمي، المنتدى السابع المفتوح، الذي يُـسمح فيه للجميع بالمشاركة.
من بين المشاركين في المنتدى المفتوح، وزيران سويسريان ومحافظ البنك الوطني السويسري وكوفي أنان والمقرر الخاص للأمم المتحدة حول الحق في الغذاء.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.