لاعبُون ثانويون يعتزمون اختطاف الأضواء من ترامب في دافوس
مع القدوم المُلفت للنظر للشخصية الأكثر إثارة للخلاف في العالم على أغلب الظن، من المُتَوَقَّع أن تَشهَد الأجواء المشحونة بالفعل المَزيد من التفاقم. أي طريقة أفضل من هذه لبَدء المؤتمر السنوي للمنتدى الإقتصادي العالمي في دافوس الذي تدور فعتالياته تحت شعار "خلق مُستقبل مُشترك في عالم ممزق"، مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
“إن عالمنا مُمَزق اليوم بسبب المُنافسة المتَزايدة بين الأمم والإنقسامات العميقة في المُجتمعات”. كانت هذه هي كلمات كلاوس شفاب، مؤسس المنتدى الإقتصادى العالمي ورئيسه التنفيذي فى المؤتمر الصحفى الذي عُقِدَ قَبل الإجتماع السنوي المقبل للمنتدى الإقتصادي العالميرابط خارجي، الذي سيستضيفه منتج دافوس الراقي من 23 الى 26 يناير الجاري. ومن خلال جَمعه لعددٍ كبيرٍ من رجال السياسة والفاعلين الرئيسيين في قطاع الأعمال ورموز المجتمع المدني المؤثرين تحت سقف واحد، يأمل المنتدى في “التغلب على هذه التصدعات”، بل و”تحسين حالة العالم”.
هذا هو الإجتماع السنوي الـثامن والأربعون (48) للمنتدى الإقتصادي العالمي. ومع مرور كل هذه الأعوام، باتت النغمة التي تحملها رسالة شفاب مألوفة للمُتابع. ومن جديد، ألقى المُنتدى على عاتقه تلك المُهمة شُبه المُستحيلة المُتمثلة بمُحاولة إيجاد الحلول لقائمة لا نهاية لها من الكوارث العالمية المُحتملة.
ما هو المنتدى الإقتصادي العالمي؟
تأسس المنتدى الإقتصادي العالميرابط خارجي في عام 1971 بِمُبادرة من المهندس والإقتصادي الألماني كلاوس شفاب تحت مُسمى منتدى الأعمال الأوروبي رابط خارجي، بهدف تمكين رجال الأعمال الأوروبيين من الإلتقاء بنظرائهم الأمريكيين.
في عام 1987، ومع وصول المنتدى إلى شكله العالمي وتجاوزه لرسالته المحدودة، قام شفاب بتغيير اسمه ليُصبح “المنتدى الإقتصادي العالمي، وليتمتع منذ ذلك التاريخ بصفة استشارية في المجلس الإقتصادي والإجتماعي للأمم المتحدة.
كان الإجتماع السنوي للمنتدى ينعقد دائما في منتجع دافوس السويسري، باستثناء عام 2002 عندما انعقد في نيويورك لإظهار الدعم للولايات المتحدة بعد هجوم 11 سبتمبر الارهابي الذي حدث في العام السابق.
في دورته لهذا العامرابط خارجي، التي ستمتد من 23 حتى 26 يناير 2018، سوف يجمع المنتدى 3000 مندوب بضمنهم رؤساء دول وحكومات، وكبار السياسيين ورجال الأعمال وممثلين عن المجتمع المدنى ووسائل الإعلام والثقافة والتكنولوجيا والعلوم، وعدد من المؤسسات الأكاديمية، وزعماء دينيين من مختلف الأديان.
من المقرر أن يلقي رئيس الوزراء الهندى ماريندرا مودي خطاب الإفتتاح للإجتماع، بينما يُنتظر أن يلقي الرئيس الامريكى دونالد ترامب كلمة ختامية هامة.
الإضطرابات التي يُعاني منها هذا العالم المُمَزق، لم يَسلَم منها حتى البلد المُضيف سويسرا الذي يبدو في ظاهره كملاذ آمن صامد. فعلى إثر تجريدها من السرّية المصرفية الثمينة من قبل الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، تكافح الكنفدرالية الآن للعثور على موقعها المُستقبلي إلى جانب الإتحاد الأوروبي المُتصدع هو الآخر بعد خروج بريطانيا من هذا التكتل الإقتصادي.
في العادة، لا يتحرج المؤتمر السنوي للمنتدى الإقتصادي العالمي عن معالجة القضايا الشائكة، كما لا يدّخر جُهداً في تقديم تشكيلة منوعة من نقاط الحوار – إبتداء من مناطق الصراع وحتى الشواغل المُتعلِّقة بتغيُر المناخ وأزمة اللاجئين وحالة الإقتصاد وتأثير التقنيات الرقمية الجديدة.
الإطاحة بالمسرح العالمي
رغم ذلك، فإن قياس النتائج التي تتمخض عنها مؤتمرات دافوس مُعقد بعض الشيء. وللقيام بذلك، يتعيّن على المَرء أن يَحسب جميع المُصافحات التي تبادلها المشاركون خلف الأبواب المغلقة لمركز المؤتمرات الرئيسي في المدينة الذي يُشبه قصر التيه، ومن ثمَّ إحصاء عدد المرات التي تم فيها الإيفاء الكامل بالوعود والإلتزامات التي رافقت تلك المصافحات.
لكن، وكما يبدو، لا يعير منتجع دافوس الثلجي إهتماماً كبيراً لذلك. فهو يُعدّ نفسه لأكبر وأهم أسبوع له في السنة، عندما يَستَجم مزهواً أمام وَهج كاميرات الإعلام العالمية، وينتفع من المحافظ المكتنزة للمتوافدين على البلدة الجبلية.
عدا عن الحراسة المُشددة التي سيُحاط بها مُحيط مركز المؤتمرات، سوف تشهد دافوس، تغييراً في مظهرها وطابعها أيضاً، مع تأجير محلاتها التجارية ومكاتبها ومقاهيها لعدد من الشركات العالمية والمنظمات الأخرى، التي بدأت بالإعلان عن وجودها من خلال رايات كبيرة ملونة بالفعل. وكما يبدو، تود كل دولة أن تكون بادية للعيان – وبالحَجم الكبير – أيضاً.
على الجانب الآخر، تتهيأ أطراف فاعلة أخرى للإطاحة بالمسرح العالمي المُقام من قبل المنتدى. وكان منتجع التزلج قد شهد خلال السنوات القليلة الماضية ظهور عدد مُتزايد من الفعاليات الهامشية على امتداد حدود مركز المؤتمرات، كان أبرزها تجمع قطاع التكنولوجيا المالية “فنتك” Fintech، الذي بات يُمَثل مداً جذاباً من الشركات الناشئة ورجال الأعمال الذين يكرسون جهودهم ليس فقط لتغيير الطريقة التي يفكر بها العالم حول الشؤون المالية، بل ولمجالات كثيرة أخرى أيضاً.
ومعروف أن حبال الود مقطوعة بين العاملين في مجالات قواعد البيانات المتسلسلة (أو الـ “بلوكتشين” Blockchain كما تسمى بالإنجليزية) والعملة المشفرة، والمجموعة المشاركة في المنتدى الإقتصادي العالمي.
الكلمة الأخيرة
في العادة، يفضل هؤلاء اقامة معسكرهم في الكنيسة المحلية لدافوس، على مَرمى حجر من مركز المؤتمرات، حيث يُروّجون لأعمال شغب تارة، ويمرحون هازئين بالمصرفيين التقليديين وأصحاب البدلات الرمادية القابعين في الحرم الداخلي للمنتدى تارة أخرى.
هذا العام، خَطَت إحدى مجموعات التشفير “الفوضوية” خطوة أبعد من ذلك – بأن قامت بإطلاق أول ‘اجتماع سنوي بديل للمنتدى الإقتصادي العالمي’ في منتجع سانت موريتس القريب قبل أسبوع من انطلاق فعاليات دافوس. ويأمل المؤتمر الإفتتاحي للتمويل المُشفّررابط خارجي بِمُزاوجة أحدث مشاريع التمويل الرقمي مع صناديق التحوط الأكثر مُخاطرة وديناميكية وأصحاب رؤوس الأموال الإستثمارية.
بعض هؤلاء الخبراء الماليين، سوف يتوجّهون لاحقاً إلى دافوس لإتمام المزيد من الصفقات. وبينما هم هناك، سوف يمكنهم الإستماع إلى الكلمة الختامية للمؤتمر التي يُنتظر أن يُلقيها دونالد ترامب. وفي حين قد يستغرب البعض من عدم قيام الرئيس الأمريكي بإلقاء كلمة الافتتاح الرئيسية، لن يتفاجأ الآخرون من أنه سيكون صاحب “الكلمة الأخيرة”.
المزيد
10 مُعطيات أساسية عن المنتدى الإقتصادي العالمي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.