هل سيُقابل انضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي بالترحيب؟
يريد حزب الخضر الليبراليين تعويض الفشل الذريع في العلاقات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي من خلال الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي، ولكن هل سيكون أعضاء هذه المنطقة الاقتصادية سُعداء بهذا الأمر؟
بعد ثلاثين عامًا من رفض الناخبين والناخبات في سويسرا انضمام بلادهم إلى المجال الاقتصادي الأوروبية، عاد طرح هذه القضية مرة أخرى، حيث يعتزم حزب الخضر الليبراليين تقديم اقتراح للضغط على الحكومة الفدرالية ودفعها للتفاوض بشأن انضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي، وفقًا لما أوردته أسبوعية سونتاغس تسايتونغرابط خارجي في عددها الصادر يوم 4 ديسمبر الجاري.
تعتقد إليزابيث شنايدر شنايتر من حزب الوسط، والعضوة في لجنة السياسة الخارجية في مجلس النواب (الغرفة السفلى للبرلمان) أن الحديث عن فكرة من هذا القبيل أسهل من تنفيذها، وتقول: “لو كنا بلدا عضوا في المجال الاقتصادي الأوروبي، لما كانت لدينا المشاكل الحالية مع الاتحاد الأوروبي”، لكنها استدركت في تغريدة نشرتها على حسابها على موقع تويتر يوم الأحد الماضي، أنه “لسوء الحظ، تتجاهل هذه المناقشات حقيقة أن الدول الأعضاء في المجال الاقتصادي الأوروبي ليست حريصة على عضوية سويسرا أو المملكة المتحدة”.
Wären wir im #EWRرابط خارجي , hätten wir die aktuellen Probleme mit der nicht. Leider wird bei dieser Diskussion aber immer ausgeblendet, dass die EWR-Staaten heute weder auf eine Mitgliedschaft der noch des UK erpicht sind. https://t.co/4kxnzXPIY4رابط خارجي
— Elisabeth Schneider-Schneiter (@Elisabeth_S_S) December 4, 2022رابط خارجي
في هذا السياق، توضح شنايدر شنايتر، التي تُجري اتصالات بشكل منتظم مع البلدان الأعضاء في المجال الاقتصادي الأوروبي، بحكم عضويتها في مفوضية البرلمان السويسري الخاصة بالاتحاد الأوروبي والرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر، هذه النقطة في حوار مع SWI swissinfo.ch وتقول: “حتى لو قدمت سويسرا طلبًا للعضوية، يجب ألا ننسى أن هناك أصواتًا متشككة بين دول المجال الاقتصادي الأوروبي”. ففي النرويج على وجه الخصوص، تضاعفت المخاوف من أن يؤدي انضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي إلى تعطيل الانسجام القاائم في إطار المعاهدة الحالية، وإلى إثارة مناقشات مماثلة لتلك التي تجري حاليّا بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.
تعطيل مُرتقب لعملية صنع القرار
يقول كريستيان فروميلت، مدير “معهد ليختنشتاين”، وهو مركز للبحوث والتعليم الأكاديمي، إن إدماج أي شريك جديد في هيكل معقد كالمجال الاقتصادي الأوروبي ينطوي على مخاطر معينة قد تؤثر على كفاءة اتخاذ القرار. ويضيف: “وبما أن سويسرا ليست المُحاور الأسهل فيما يتعلق بالسياسة الأوروبية، يُمكنني أن أرى بوضوح خطرًا يتمثل في أن انضمامها المحتمل قد يُعرّض سير عدد من العمليات الراسخة داخل المجال الاقتصادي الأوروبي للخطر”.
ومع ذلك، لا يتخيل فروميلت أن إمارة ليختنشتاين – حيث يوجد معهده – سترفض رسميًا طلب انضمام من طرف سويسرا؛ والأمر نفسه بالنسبة لكل من أيسلندا والنرويج (الأعضاء الآخرون في الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر المكونة من أربعة أعضاء). ويقول “مرة أخرى، من الواضح أن أولوية الحفاظ على علاقات جيدة مع سويسرا أكثر أهمية من أي مخاوف محتملة بشأن التحديات التي قد يطرحها انضمامها إلى المجال الاقتصادي الأوروبي”.
تم إنشاء المجال الاقتصادي الأوروبي في عام 1994 من أجل توسيع لوائح السوق الداخلية الخاصة بالاتحاد الأوروبي لتشمل الدول الأربعة الأعضاء في الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر وهي سويسرا وإمارة ليختنشتاين وأيسلندا والنرويج. كانت سويسرا أيضًا في الأصل جزءًا من المفاوضات، ولكن في 6 ديسمبر 1992 ، رفض الناخبون والناخبات في البلاد بفارق ضئيل التصديق على الاتفاقية. اليوم، وفقًا لدراسةرابط خارجي طلبت إنجازها حركة مؤيدة لانضمام سويسرا إلى الاتحاد الأوروبي، فإن حوالي 71 ٪ من الأشخاص المُستجوبين سيؤيدون انضمام سويسرا إلى المجال الاقتصادي الأوروبي.
إجمالا، يُعتبر المجال الاقتصادي الأوروبي منزلة مرحلية بين العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي والاتفاقيات الثنائية كتلك التي تنظم العلاقات حاليًا بين برن وبروكسل. ففي صورة الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي، سيكون الوصول إلى السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي أكثر اتساعا مما هو عليه الآن، وسيشمل قطاعات الخدمات كالمصارف والتأمينات. كما ستكون سويسرا بموجبها مُدمجة في السوق الأوروبية للكهرباء، وهي مسألة مهمة في ظل التهديدات القائمة بنقص التزود بالطاقة. في المقابل، وعلى عكس العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، ليس لدول المنطقة الاقتصادية الأوروبية أي رأي سياسي بخصوص أيّ قواعد جديدة يقررها الاتحاد الأوروبي، بل يتعيّن عليهم تبنيها.
الجميع قد يُوافق على انضمام سويسرا
مع ذلك، فإن الاتفاقية الخاصة بالمجال الاقتصادي الأوروبيرابط خارجي هي عبارة عن معاهدة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وعددها 27 وبين كل من النرويج وأيسلندا وليختنشتاين. وتبعا لذلك، فإنه يتعيّن على جميع هذه البلدان الثلاثين، أن توافق من خلال برلماناتها الوطنية، على انضمام سويسرا إلى الاتفاقية.
في هذا الصدد، لا يتوقع كريستيان فروميلت أن أيًا من الأعضاء الآخرين سيُعطل انضمام سويسرا، ويضيف: “لكن من غير المستبعد أن تربط بعض الدول موافقتها بمطالب ملموسة”. ومن المرجّح حسب رأيه أن تكون مثل هذه المطالب ذات طابع مالي – أي تقديم مبالغ إضافية في إطار مساهمة برن فيما يُعرف بصناديق التماسك الاقتصادي، وهي التزامات مالية تقدمها برن إلى الاتحاد الأوروبي مقابل تمكينها من الوصول إلى السوق الداخلية للاتحاد. كما لا يستبعد فرومليت فرض تدابير حمائية للسوق في صيغة إجراءات انتقالية.
قصة نجاح
سويسرا ليست الدولة الغنية الوحيدة التي تواجه مشاكل مع اللوائح الأوروبية المتعلقة بحرية الحركة والمواطنة والوصول إلى السوق. داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، هناك أيضًا خلاف. ولكن بفضل المجال الاقتصادي الأوروبي، وجدت أيسلندا والنرويج وليختنشتاين حلاً وسطًا جيداً. بالنسبة لأيسلندا، تُعدّ هذه المنطقة بديلاً جذابًا عن عضوية الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي سيجبرها على فتح مياه الصيد الخاصة بها بوجه قوارب الصيد من جميع بلدان الاتحاد. الشيء نفسه ينطبق على قطاع النفط في النرويج. أما إمارة ليختنشتاين – التي تعتبر أن عضوية الاتحاد الأوروبي لا تتلاءم مع صغر حجمها – فقد تمكنت من التفاوض مع المجال الاقتصادي الأوروبي على لوائح خاصة بها فيما يتعلق بحرية تنقل الأشخاص.
بالنسبة للجارة الصغيرة لسويسرا، شكلت عضويتها في المجال الاقتصادي الأوروبي بداية قصة نجاح اقتصادي للبلاد. ويؤكد فروميلت أن “ليختنشتاين راضية جدًا عن اتفاقية المجال الاقتصادي الأوروبي”. وهذا ينطبق أيضا على أيسلندا والنرويج.
فهل ستندمج سويسرا هي أيضا في إطار هذه “العضوية الخفيفة” في الاتحاد الأوروبي، التي رفضتها قبل ثلاثين عامًا؟ المستقبل وحده كفيل بالإجابة عن هذا التساؤل!
ترجمة: مي المهدي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.