مهندس ومهندسة معماريّان سويسريان: “حاولنا تحديث البناء الخشبي ومنحه حياة جديدة”
في سويسرا، طبع الزوجان المعماريان ماريان بوركهالتر وكريستيان سومي البناء الخشبي الحديث بلغة خاصة جدًا تمزج بين الأشكال والألوان. لغة واضحة ومعبّرة ومصبوغة دائمًا باللون الأحمر المرجاني.
لقد تم تأكيد هذا الطابع المبتكر للهندسة المعمارية التي صمّمها الزوجان السويسريان ماريان بوركهالتر وكريستيان سومي من قبل هيئة لا تعتني عادة بمثل هذه المواضيع تمامًا: إنها المحكمة الفدرالية. وكان على القضاة والقاضيات أن يقرروا.ررن ما إذا كان من الممكن هدم المنزل الشخصيرابط خارجي الذي يحتوي على ورشة عمل، والذي صممه بوركهالتر وسومي في عام 1986، في لانغناو أم ألبيس (كانتون زيورخ)، أم لا.
كان المهندس والمهندسة المعماريان يستخدمان في ذلك الوقت بالفعل عناصر خشبية جاهزة. وكانت الواجهة الخارجية المنحنية تذكرنا بالشكل الذي تكون عليه مقدمة القوارب. في ذلك الوقت، كان المنزل يبدو استثنائيًا، من الخارج والداخل.
وهذا أيضاً ما أخذته المحكمة في الاعتبار. ومٌنعت الجهة المالكة، التي تقدّمت بالشكوى أمام أعلى محكمة في البلاد، من استبدال المنشأة بمبنى جديد لأسباب تتعلق بالطاقة. واعتبر.ت القضاة. ضيات أن هذا المنزل يستحق الحماية، باعتباره “يمثل شاهداً رفيع المستوى على التطور المعماري للبناء الخشبيرابط خارجي”.
اليوم، تبدو المنشآت الخشبية أمرا عاديا لا يثير اهتماماً خاصاً. لكنها كانت ظاهرة نادرة، قبل أربعين عاما . عندما خططت ماريان بوركهالتر لمشروعها الأول في عام 1984، وهو امتداد لمرآب مزدوج في إيغليساو، كانتون زيورخ، كان البناء الخشبي الإبداعي قد فقد رونقه، كما ورد في مقال تعريفي نشرته صحيفة “سونتاغس تسايتونغ” (Sonntagszeitung). وكان النجّارون.رات قد تعوّدوا.ن على هذه التصميمات غير العادية أيضا.
في ذلك الوقت، فقد البناء الخشبي مزاياه وطرافته، وأصبح عاديا، كما أوضح كريستيان سومي في محاضرة في جامعة لوتسيرن في عام 2021رابط خارجي. هذا ما دفع كريستيان سومو وماريان بوركهالتر، شريكة حياته وعمله إلى ابتكار رؤية جديدة: “حاولنا تحديث البناء الخشبي وإضفاء روح عصرية عليه ومنحه قوة معمارية”. بما يعني استكشاف الاحتمالات، واختبار الحدود، وحدود المخاطرة للإنشاءات الجديدة.
ثنائي موهوب
التقى المهندس والمهندسة عام 1980 في زيورخ، وأسّسا مكتَبهما المشترك في عام 1984، وأصبحا ثنائيين موهوبين، ومنحا منذ منتصف الثمانينيات، المباني الخشبية وجهًا تعبيريًا جديدًا، مما أكسبهما شهرة عالمية. وتقع معظم منشآتهما في سويسرا، لكن سمعتهما تتجاوز الحدود السويسرية.
ويتردد صدى صوتهما في المناقشات الدولية حول الهندسة المعمارية. وتقوم ماريان بوركهالتر وكريستيان سومي بنشر مقالاترابط خارجي، والمشاركة في مؤتمرات، والقيام بوظيفة المحكّمين.ات، وتنظيم المعارضرابط خارجي والمناقشات العامة والمشاركة فيها بانتظام، سواءً في سويسرا أو خارجها؛ كما درّس كلاهما كأستاذ.ة زائر.ة في الولايات المتحدة وإنجلترا واسكتلندا. وشغل المهندس والمهندسة كرسيًا مشتركًا في أكاديمية الهندسة المعمارية في مندريسيو، بكانتون تيتشينو ما بين عامي 2008 و2018، .
ما هو إسهام البناء الخشبي؟ وما هي الأطراف المعترضة عليه؟ سعت ماريان بوركهالتر وكريستيان سومي أيضًا إلى اختبار الحدود خارج مهنة البناء، وفي السياق الفني.
في عام 1986، وضمن فعاليات معرض النحت السويسري في بيلرابط خارجي، وضع الثنائي جداريْن من الألواح الخشبية الكبيرة مثبتة على قضبان فولاذية مترابطة. لقد كانت لعبة تجمع بين قوى الفيزياء والأناقة، وتوازن الاحتمالات التي لا تزال تميز براعاتهما حتى اليوم.
في الاختبار الأول، انهار البناء. ولكن بعد التعديلات الهيكلية، ظلت قائمة في المرة الثانية. وأخبر كريستيان سومي جامعة لوتسيرن للعلوم التطبيقية أن هذا التركيب ساعد في استخلاص الدروس للمشاريع المستقبلية.
تحوّل الخشب بفضل براعة المهندس والمهندسة المعمارييْن إلى مادّة بناء مرنة بشكل متزايد، وسمح بإماكنيات تشييد جديدة. ومعهما، حققت صناعة البنايات الخشبية قفزة كبيرة إلى الأمام. وقالت ماريان سومي خلال تظاهرة نظمها المعهد التقني الفدرالي العالمي بزيورخ (ETH)رابط خارجي في أوائل التسعينيات: “يمكن استخدام الخشب كألواح، أفقيًا، مثل الخرسانة”. وفي عام 1994، وظّف مكتبهما ابتكاراته في بناء ورش الغاباترابط خارجي، من بين أمور أخرى: نظام نموذجي يحظى بتقدير كبير، ويتألّف من مرآب وغرفة إدارية وقاعة مفتوحة للأدوات والأجهزة.
أصبح اللون المرجاني الأحمر كذلك أحد علاماتهما التجارية. ويظهر هذا اللون أيضًا في ملحق فندق “زيورخبرغ”، الذي تم بناؤه في عام 1995، وهو مبنى على شكل قوس يندفع نحو الأرض. ويتكون مرآب السيارات الواقع تحت المساكن من عدة طبقات. ويستخدم اللون الأحمر كذلك كعنصر يضفي هندسة خاصة على البناء من الداخل.
لون يشوّه الأشياء
ليس المقصود من اللون إضفاء جمالية ما، ولكن توجيه الرؤية وهيكلة المساحات. وهو يتعمّد تعديل المواد الخشبية، والتي يصبح في الغالب من غير الممكن التعرّف عليها على هذا النحو. إنه جزء من البناء وليس مجرد مشهد مرئي.
وأوضحت ماريان بوركهالتر في مقابلةرابط خارجي أن اللون يعطي الخشب بعدًا إضافيًا. “نتخلّى عمدا عن إظهارها في جانبها الطبيعي، ونؤكد على ماديتها المحددة”. تمامًا مثل المواد والمساحات، تخلق الألوان أجواء وتمنح المساكن “الكثافة الحسية” التي يريدانها.
ما كان يهمّهما هو الطابع المعياري لورش عمل الغابات، وليس اللون في حد ذاته. وضع البناء المعياري هذا، الذي يسمح بتجميع أجزاء متطابقة لتشكيل شيء جديد دائمًا، كان مثار إعجابهما منذ البداية. ولعل حلقات العمل الحرجية هي أوضح مثال على الإمكانيات التي يوفرها هذا النوع من التشييد. يمكن دمج العناصر في أماكن مختلفة، اعتمادًا على الظروف المحلية.
ويدّعي المهندس والمهندسة بانتظام أنهما يستوحيان من كتابات المهندس المعماري الألماني كونراد فاشسمانرابط خارجي (Konrad Wachsmann ) مبدأ التصميم المعياري. وكان هدف هذا الأخير، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة في عام 1941، هو إنشاء نوع من لعبة البناء بوحدات خشبية مصنعة ومتعددة الأغراض.
وفي الولايات المتحدة، طوّر فاشسمان نظامًا من المنازل الخشبية الجاهزة مع مهندس باوهاوس والتر غروبيوس. لم يحقق أي نجاح في ذلك الوقت وظل عمله مجردا ونظريًا في الغالب.
لا يمكن تسييل الخشب وتشكيله مثل الفولاذ أو الخرسانة. ويمكنك قطعه وإعادة تجميعه، ورسمه، واستخدامه كمدعم أو زخرفة، وتخيل إنشاءات وتركيبات جديدة. لكن الخشب يبقى، مادة لا يتطلب استخدامها إتقان المهندس والمهندسة المعماريين فحسب، بل يتطلب أيضًا تدخّل خبرة الحرفيين.ات.
من خلال التحولات والابتكارات البارعة العديدة التي نفّذاها على مدى العقود الماضية، أظهر كريستيان سومي وماريان بوركهالتر الخدمات التي يمكن أن يقدّماها في مجال استخدام مادة الخشب، بما في ذلك في المناطق الحضرية. وظهر بناء الخشب لأول مرة في المدينة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن هذه المادة خفيفة الوزن تفسح المجال تمامًا للتكثيف.
يسمح ترفيع المباني بإنشاء مساكن جديدة لا غنًى عنها في المدن السويسرية المكتظة بالسكان والساكنات. كما أصبحت المباني الخشبية ممكنة من خلال تجديد اللوائح السويسرية في مجال الحماية من الحرائق، بعد أن تحسنت الخصائص العازلة للخشب على مر السنين، ما يسمح الآن باستخدامه على نطاق أوسع من ذي قبل.
في مشروع محطة جيسوبل للقطارات في زيورخ، الذي اكتمل في أوائل عام 2013، أظهر مكتب المهندس والمهندسة المعماريين كيف يمكن تحقيق هذا التكثيف بشكل إبداعي وجذّاب. وأنشأ الثنائي أربعة طوابق خشبية من مبنى السكك الحديدية، وأماكن التخزين التي يعود إنشاؤها إلى الستينات، والذي كان في الأصل مكوّنا من طابقين فقط.
تعمل إدارة محطة القطارات في الطوابق السفلية، بينما تم إنشاء 24 شقة جديدة في الطوابق العلوية. وفي غضون خمسة أسابيع، تم انشاء هيكل البناية باستخدام عناصر جاهزة. كما تم دمج طبقة العزل في الألواح الخشبية بالفعل، مما وفّر مساحة أوسع مما لو تم وضع هذا العزل على جدران خرسانية.
لطالما كانت الإنشاءات الخشبية لماريان بوركهالتر وكريستيان سومي حديثة جدًا من وجهة نظر جمالية. ولكن في سياق المناخ والبيئة اليوم، تظل هذه المادة مفضّلة أيضا لديهما. فالخشب مادة خام مستدامة تمتص ثاني أكسيد الكربون، ويمكن إعادة تدويره بسهولة ويمكن إنتاجه محليًا.
في عام 2020، نقل الزوجان ملكية مكتبهما في زيورخ إلى خلفائهما وخليفاتهما، الذين واللواتي سيواصلون.ن إدارَته تحت اسم أوكسيد (Oxid). ولا يزال البناء الخشبي المبتكر جزءًا من برنامجهما المعماري.
بعد التدريب كمصممة بناء، عملت ماريان بوركهالتر في مكتب في فلورنسا، ثم في نيويورك ولوس أنجلوس، لتدرس بعدها في جامعة برينستون. وبعد العودة إلى زيورخ، عملت مساعدة لكلاوس فوغت وماريو كامبي في المعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ. ثم تولّت منصب أستاذة زائرة في ( Sci-Arc de LA) والمعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان.
درس كريستيان سومي في المعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ، ثم عمل في روما في المعهد الأثري الألماني، ومعهد (GTA) للتاريخ والنظرية في زيورخ، وكمساعد لبرونو رايشلين في جنيف. وكان أيضًا مساعدًا لماريو كامبي في المعهد التقني بزيورخ. قبل أن يصبح أستاذا زائرا في جامعة جنيف وهارفارد وغلاسكو والمعهد التقني الفدرالي بلوزان.
في عام 1984، أسّس المهندس والمهندسة المعماريان مكتب بوركهالتر سومي، الذي نقلاه إلى خلفائهما وخليفاتهما في عام 2020.
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.