تزايد القدرة التنافسية للإقتصاد السويسري على المستوى العالمي
أصبحت سويسرا تحتل بفضل النمو الاقتصادي الكبير ومعدلات البطالة المنخفضة وفوائض حسابات العمليات الجارية، موقعا متميزا ضمن الكوكبة الأولى على المستوى العالمي في مجال القدرة التنافسية.
وتضع حولية التنافسية الدولية التي أصدرها الخميس 16 مايو 2008، معهد التنمية الإدارية بلوزان سويسرا في المرتبة الأولى أوروبيا وفي المرتبة الرابعة عالميا، وترد مباشرة خلف الولايات المتحدة وسنغافورة وهونغ- كونغ.
ويعد ترتيب هذه السنة أفضل مقارنة بالسنة الماضية، التي احتلت فيه سويسرا المرتبة السادسة. وبحسب تقرير حول القدرة التنافسية أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي (مقره جنيف) في نهاية سنة 2007، جاءت سويسرا في المرتبة الثانية، وأكد التقرير نفسه أن سويسرا من ضمن الدول الرائدة في مجال التنمية الاقتصادية، والبنى التحتية، والنظام الضريبي.
وكان معدل نمو الناتج الإجمالي المحلي ملفتا واستثنائيا، وبلغ 3.1 % متجاوزا بذلك معدلات النمو في البلدان الأوروبية المعتمدة لعملة اليورو.
وأوضح ريتو فولمي، أستاذ بقسم الاقتصاد الكلي بجامعة برن أن سويسرا حققت هذه النتائج بفضل مساعدة العمال المهاجرين من أصحاب الكفاءات العالية.
كما استفادت الشركات العاملة في سويسرا من مزايا النظام الضريبي، ومما يتوفر في البلاد من بنى تحتية وأنظمة صحية وتعليمية متقدمة.
استثمار المزايا المتاحة
يرى ستيفان غارلّي، مدير المركز الدولي للتنافسية في مجال الأعمال، أنه إلى جانب القطاع المالي والصناعي المتطور في سويسرا، تتمتع البلاد بمزايا تمكنها من المشاركة في تنمية الاقتصاديات الناشئة.
وأوضح غارلّي في حديث إلى سويس انفو ذلك قائلا: “تساهم سويسرا بخبرات مختلفة في مجال التدبير والإدارة ، ليس فقط في مجال المهارات بل أيضا في مجال التجربة الدولية”. ولكن، لتحافظ البلاد على قدرتها التنافسية، يتوجب عليها استثمار المزايا المتاحة لها.
وذكر غارلّي في حديثه أن هناك فرص للتعاون مع الشركات الناشئة في آسيا وفي أمريكا اللاتينية وفي منطقة الخليج الفارسي.
ويستفيد سكان سويسرا البالغ عددهم 7.53 مليون نسمة من الوضع الاقتصادي الجيد الذي تشتهر به في العادة سويسرا بما في ذلك إجمالي الناتج المحلي المرتفع لكل فرد، وتنافسية فوائض حساب العمليات الجارية، فضلا عن التأثير الذي تخلقه صورة الغنى والرفاهية التي تشتهر بها سويسرا.
ويقول غارلّي والذي هو أيضا أستاذ بمعهد التنمية الإدارية بجامعة لوزان: “من أشهر ما يتردد حول سويسرا أنها بلد راكم الثروات طيلة المائة سنة الماضية”.
ثم يضيف: “وبالتالي لسويسرا باع طويلا ليس فقط في مجال القدرة التنافسية، بل في مجال خلق الثروات أيضا”، لكنه استدرك ليشير إلى أن هذا الأمر عادي، فحتى الاقتصاديات ذات النمو المحدود والمتواصل في نفس الوقت تبنى مع مرور الزمن.
وأضاف: “في نهاية الأمر، الانطباع الجيد الذي يكون لدينا عن بلد ما، يساعد إلى حد ما في خلق الثروة”. غير أن اشتهار سويسرا بكونها بلدا ثريا، يحذّر غارلّي، “قد يكون بمثابة السيف ذو الحدين”.
وقال: “قد يتجه البعض إلى الراحة، وقد يحصل الانطباع بأن ما تم تحقيقه كاف”. وبعبارة أخرى، الشعوب التي حققت مستوى من الرفاهية، بدأت تفكر في شيء آخر، كأن تقلص من نسبة انخراطها في العمل.
وهذا الوضع له تبعات خطرة، وكان هذا بالضبط هو الوضع الذي وجدت سويسرا نفسها في التسعينات، حيث كانت غنية لكنها تفتقر إلى القدرة التنافسية.
العمل والثروة، والبنى التحتية
في الوقت الذي اعتمدت الاقتصاديات الناشئة شعار: “الاجتهاد في العمل، طريق إلى الثراء”، وهو الشعار الذي تمسكت به الأجيال السابقة من الأوروبيين والأمريكيين، والسويسريين، الذين يعتقدون بأنهم هم الذين أوجدوا ذلك الشعار إلا أنهم قد تخلوا عنه الآن.
ورغم أن سويسرا قد استطاعت النهوض من جديد، وبإمكانها الافتخار بكونها من أقوى الاقتصاديات في أوروبا، فإن هذا البلد الصغير ذا التضاريس الجبلية سوف يستمر في مواجهة الضغوط من الاقتصاديات الناشئة، الصغيرة والكبيرة منها على السواء. فسنغافورة التي أعلنت استقلالها سنة 1963، هي اليوم أغنى من سويسرا، وأكثر قدرة على المنافسة منها.
وترى آن فرانس بورغو، أخصائية اقتصادية في المركز العالمي للتنافسية أن سويسرا حاليا “مستقرة ويمكن التنبؤ بمستقبلها الإقتصادي”، ولكن رغم ذلك، يميل صناع القرار إلى إحداث تحسينات كبيرة على البنى التحتية في البلاد.
وقالت في حديث إلى سويس انفو: “المهمة الرئيسية التي علينا القيام بها هو مواصلة الاستثمار في مجال الهياكل الأساسية، ليس فقط في المجال الاقتصادي، بل وأيضا في المجال الاجتماعي”.
ويتفق غارلّي، الأخصائي الاقتصادي، مع ما ذهبت إليه آن فرانس، ويضيف: “لكي تحافظ سويسرا على قدرتها التنافسية لابد أن تبادر بالقيام باستثمارات ضخمة في قطاع الهياكل الأساسية العامة”، لكنه يبقى حذرا في الإشارة إلى الجانب الاجتماعي في تحديد القدرة التنافسية ويفضل القول: “النمو الإقتصادي وشيئ آخر”.
و”الأشياء الأخرى”، تتضمن مستوى المعيشة وسلامة الممتلكات الخاصة، والتنمية المستدامة وحماية البيئة. وهذه المعايير جزء من 331 معيارا منها 100 معيار أو يزيد لقياس البيانات في الدراسات التي تشكل جزءً من الدراسة بشان 55 بلدا.
وأوضح غارلّي بأن الاستقصاء الذي أشرف عليه معهد التنمية الإدارية بلوزان حول القدرة التنافسية يعتمد “رؤية شاملة للاقتصاد”، ويأخذ في الاعتبار عوامل ذاتية، ويجمعها كلها في نظرية واحدة.
والاستقصاء الذي يجريه سنويا معهد التنمية الإدارية بلوزان حول القدرة التنافسية هو اليوم في سنته العشرين.
سويس انفو – جاستين هين مع الوكالات
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
معهد التنمية الإدارية بلوزان، هو إحدى المؤسسات الدراسية الرائدة على المستوى العالمي.
وتم تأسيس هذا المعهد الذي يشتمل على ثمانية أعضاء سنة 1989 بمبادرة من البروفسور ستيفان غارلّي.
ويعتبر هذا الأخير الدراسات الاستقصائية حول القدرة التنافسية كإحدى الوسائل الفعالة في مجال الإدارة الحديثة.
ويعرف المركز القدرة التنافسية بكونها: “القدرة على خلق بيئة مناسبة لتنمية المشروعات والزيادة في قيمتها وصيانة هذه البيئة، وتحسين رفاهية المواطنين في ذلك البلد”.
والحولية التنافسية العالمية التي يصدرها سنويا معهد التنمية الإدارية بلوزان تشمل تحليل الأوضاع الإقتصادية في 55 بلد وترتبها وفق 331 معيارا.
وثلثا البيانات تكون معطيات إحصائية خالصة، في حين يشتمل الثلث الباقي على الآراء.
ويتم جمع البيانات والمعلومات من خلال الحكومات والبنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والمنظمات المشاركة عبر العالم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.