مجلس الشيوخ يقرّ حـلا “متوافقا مع المطالب الأوروبية” بشأن الهجرة
تراجع مجلس الشيوخ عن اعتماد نظام الحصص للحد من الهجرة من البلدان الأعضاء في الإتحاد الأوروبي إلى سويسرا، واعتمد أعضاء الغرفة العليا للبرلمان الفدرالي حلا يُعتبر متوافقا مع حرية تنقل الأشخاص، ويمنح الأفضلية لليد العاملة المحلية في نفس الوقت، ولكن مع التمسك بتطبيق أكثر صرامة بالمقارنة مع النسخة التي صوّت عليها مجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان).
القرار الذي صادق عليه مجلس الشيوخ يفرض تدابير مشدّدة على الشركات في إطار سعيه لتنفيذ ما جاء في المبادرة الشعبية الداعية للحد من الهجرة الجماعية التي أقرها الناخبون في استفتاء عام في 9 فبراير 2014. ومن الآن فصاعدا، سيتعيّن على رجال الأعمال الراغبين في انتداب عمال أجانب في بعض الحالات استدعاء العمال العاطلين عن العمل المقيمين في سويسرا أوّلا، وفي حالة رفض تشغيلهم لابد من تقديم المبررات. وبعد نقاش حاد ومطوّل تجاوز خمس ساعات، تم بثه على الهواء مباشرة على شاشات التلفزيون، صوّت مجلس الشيوخ يوم الخميس 1 ديسمبر 2016 لصالح هذا الحل الذي حظي بتأييد 26 نائبا ورفض 16 واحتفاظ نائب واحد بصوته.
لقد اختار أعضاء مجلس الشيوخ تدبيرا يمنح الأفضلية لليد العاملة المحلية بدلا من إعادة اعتماد نظام الحصص أو تحديد سقف للهجرة (من بلدان الإتحاد)، وهو خيار يتوافق مع مبدإ حرية تنقل الأشخاص الذي يصرّ الإتحاد الأوروبي على التمسك به. وبهذه الصورة، يكون ممثلو الكانتونات قد لبوا نداء وزيرة العدل والشرطة سيمونيتا سوماروغا، التي سبق وحذّرت من أن “وضع سقف او نظام حصص للهجرة يعني التخلّي عن الإتفاقيات الثنائية مع الإتحاد الأوروبي”، وأضافت “بإمكاننا اتخاذ هذه الخطوة، ولكن علينا أن نستعد للعواقب”.
المزيد
هـوّة ساحقة بين ما يُريده الشعب وبين الحل “المعتدل” المقترح
لوحده، رفض حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، صاحب مبادرة الحد من الهجرة الجماعية أن يتزحزح عن موقفه وصوّت لصالح التطبيق الحرفي لنص مبادرته. وقال بيتر فوهن، عضو مجلس الشيوخ عن حزب الشعب: “ليس الإتحاد الأوروبي أو المواطنين الأوروبيين من يقرّ من يحق له القدوم إلى سويسرا ، بل السويسريون هم الذين يجب أن يقولوا من يريدون استقباله في بلدهم”.
“نموذج مولّر”
“معضلة”، “مهمّة مستحيلة” “تربيع الدائرة”.. في مداخلاتهم، أبدع أعضاء مجلس الشيوخ من مختلف الأحزاب في توصيف الموضوع المطروح على انظارهم، والمتمثّل في “الحد من الهجرة الجماعية” إلى سويسرا لكن دون تهديد الإتفاقيات الثنائية التي تنظّم منذ سنوات طويلة سير العلاقات بين برن وبروكسل.
في نهاية المطاف، اختارت أغلبية النواب النموذج الذي اقترحه فيليب مولّر، الرئيس السابق للحزب الليبرالي الراديكالي (يمين)، والذي ينص على إجبار الشركات العاملة في سويسرا على إعلان الوظائف الشاغرة لديها إلى أقسام خدمات التشغيل الحكومية، واستدعاء العاطلين المُسجلين لدى تلك الأقسام لإجراء مقابلات والإستماع إليهم ودراسة ملفاتهم، وتقديم المبررات لرفضهم في صورة قيامهم بانتداب عمال من الخارج.
تجدر الإشارة إلى أنه لن يتم العمل بهذه التدابير إلا في المناطق التي تتجاوز فيها نسبة البطالة المعدّل الوطني. وفي هذا الصدد، أكّد مولّر أن هذا يمثّل في اقصى الحالات “1% من عمليات الإنتداب السنوية”.
أفضلية “مخففة” للمحليين
بالنسبة لمجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان)، فقد سبق له أن نظر في هذا الملف خلال دورة الخريف الماضي، وصوّتت أغلبية نوابه لفائدة منح الأفضلية لليد العاملة المحلية بطريقة “مُخففة”. وبحسب ذلك النموذج، يُمكن إجبار أرباب العمل على الإعلان عن الوظائف الشاغرة إلى أقسام التشغيل في الكانتونات، إلا أنه لا يتم اللجوء إلى هذا التدبير إلا إذا ما بلغت معدلات الهجرة سقفا محددا.
هكذا يعود الملف من جديد إلى مجلس النواب، الذي سيشرع في النظر فيه بداية من يوم الإثنيْن المقبل (5 ديسمبر)، حيث يتوجّب على البرلمان الفدرالي الحسم في هذا الملف خلال الدورة الشتوية الحالية إذا ما أراد احترام السقف الزمني الذي حددته مبادرة 9 فبراير 2014.
نحو استفتاء شعبي جديد
في المحصّلة، اصطفّ أعضاء مجلس الشيوخ من أحزاب اليسار وراء “مقترح مولّر”، وطالبوا في نفس الوقت بالعودة مجددا لأخذ رأي الشعب. وفي هذا الصدد، التجأ النائب الإشتراكي هانس شتوكلي إلى الإستعارة للتعبير عن استحالة احترام قرار الشعب في الحد من الهجرة الجماعية والحفاظ في نفس الوقت على الإتفاقيات الثنائية قائلا: “علينا أن نخلط بين الماء والنار”.
بالفعل، يلوح في الأفق اقتراع جديد، حيث أن الشعب السويسري مدعُوّ للتصويت قريبا على مبادرة شعبية ( تُعرف اختصارا بـ RASAرابط خارجي) تسعى بكل بساطة إلى إلغاء نتيجة اقتراع 9 فبراير 2014، فيما يُنتظر أن تتقدم الحكومة للناخبين في الوقت نفسه بمشروع بديل عنها.
(نقله من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.