مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

توجه سويسري نحو تشديد القواعد التنظيمية لأكبر المصارف في الكنفدرالية

تتركز كبريات المصارف السويسرية وسط حي البنوك والمال والأعمال في قلب مدينة زيورخ Keystone

على البنوك السويسرية أن تخضع لقواعد أكثر صرامة في المستقبل حيث ترى لجنة الخبراء المكلفة بإيجاد حلول للشركات ذات الأحجام الكبرى بحيث لا تتحمل الإفلاس، أن على البنوك أن ترفع من حجم رأس مالها الخاص الى 19% من حجم النشاطات المعرضة للمخاطر.

وصبيحة الإثنين 4 أكتوبر 2010، نشرت اللجنة التي شكلتها الحكومة في نوفمبر 2009، تقريرها النهائي الذي جاء في 148 صفحة، بهدف الحد من المخاطر التي تشكلها المؤسسات الإقتصادية الضخمة جدا بالنسبة للإقتصاد الوطني. إذ اقترحت اللجنة تعديل القانون الخاص بالبنوك وذلك برفع مستوى رأس المال الخاص، والسيولة، وتنويع المخاطر.

وصباح الاثنين أيضا، أوضح رئيس البنك الوطني السويسري فيليب هيلدبراند في بيان أصدره بالمناسبة بأن هذه الحزمة من الإجراءات “ستسهم في التخفيف بشكل ملموس في سويسرا من حدة ما يُعرف بالشركات ذات الأحجام الكبرى بحيث لا تتحمل الإفلاس، وفي التخفيف في نفس الوقت من الأخطار التي قد تهدد الإقتصاد الوطني”.

ومن المقرر أن تدخل هذه الحزمة من الإجراءات حيز التطبيق ابتداء من عام 2013، مع الإحتفاظ بمهلة انتقالية حتى نهاية العام 2018، شأنها في ذلك شأن إجراءات بازل 3.

إجراءات صارمة

يقول الخبراء في تقريرهم النهائي، فيما يتعلق بالأصول الخاصة، أن الإجراءات الجديدة تبدو “أكثر تشددا عما نصت عليه القوانين المطبقة حاليا، وأكثر صرامة مما نصت عليه المعايير الدنيا لقوانين بازل 3” (التحرير: لجنة بازل للمراقبة المصرفية).

ويعترف اندرياس فانديتي، وهو خبير ومحلل في بنك كانتون زيورخ بأن “صيغة الإجراءات السويسرية ، تبدو في الوقت الحالي، أكثر صرامة مما نصت عليه حزمة قوانين بازل 3. ولكن لجنة بازل تحاول التوصل الى اتفاق بخصوص إجراءات إضافية لمكافحة الأخطار الناجمة عن النظام المالي. وعندما يتم اعتماد تلك الإجراءات الإضافية ستصبح الفوارق بين الإجراءات السويسرية وما تنص عليه اتفاقية بازل 3 أقل بكثير”.

وفي انتظار ذلك، على مصرفي كريدي سويس ويو بي اس أن يرفعا من حجم رؤوس أموالهما الخاصة القاعدية إلى حدود 19% من حجم الأصول المتداولة وفقا لنسبة المخاطر، حسب ما نصت عليه اتفاقية بازل 3. ويجب عليهما الإحتفاظ باحتياطي يقدر بحوالي 10% على شكل صندوق لحقوق المساهمين، أي رأس مال خاص ذي نوعية عالية، ويتصف برأس مال متحرر من الإحتياطيات المفتوحة والأرباح المحتجزة.

أما نسبة 9% المتبقية فيمكن أن تأخذ شكل قروض سندات قابلة للتحويل. يمكن تحويلها عندما تصل نسبة رأس المال الخاص القاعدي الى أقل من 5%. و توصي اللجنة بالحد من نسبة تراكم الديون بمعدل 5% من حجم الأصول الخاصة.

وعلى المصرفين السويسريين الكبيرين أن يشرعا في إعداد مخطط طوارئ لضمان استمرار النشاطات ذات الأهمية بالنسبة للنظام المالي في حال احتمال وقوعهما في حالة إفلاس. وعلى هاتين المؤسستين أن تلتزما أيضا بالشروع في تطبيق تلك الإجراءات الطارئة قبل حدوث مثل هذا السيناريو.

وقد دعمت اللجنة الإجراءات المتعلقة بالسيولة والتي دخلت حيز التطبيق في نهاية شهر يونيو 2010، مذكرة بأهميتها الوقائية بالنظر إلى أن البنوك مُطالبة بالاحتفاظ بسيولة مهمة تسمح لها بتغطية المبالغ المستخرجة لمدة شهر على الأقل وفقا لهذا المخطط الطارئ.

اطمئنان المصرفين الكبيرين

لا يبدي كل من يوبي إس وكريدي سويس، اللذان وصفهما التقرير بالمؤسستان “الأكثر كبرا في سويسرا بحيث لا يتحملان الإفلاس”، أي قلق من ضرورة الرضوخ لمعايير أكثر صرامة، خصوصا فيما يتعلق برأس المال الخاص، ويعتبران أنهما “على أتم الاستعداد لمواجهة ذلك”.

وفي بيان صدر يوم الاثنين، أوضح مصرف كريدي سويس بأنه كان يُعد نفسه منذ سنتين لهذا التطور في القوانين، وذلك بإدماج هذه الإجراءات المتشددة في إستراتيجيته. وأوضح المصرف بأنه عمل خلال العامين الماضيين ووفقا لمعايير بازل 2 السارية المفعول، على تخفيض حجم نشاطاته المعرضة للمخاطر بنسبة 30%.

وبما أنه يعتبر نفسه ضمن قائمة أهم المؤسسات المالية التي تملك رأسمال قوي في العالم، يرى مصرف كريدي سويس انه سوف لن يُضطر لإدخال أية تغييرات على مشاريعه وعلى سياسته المتعلقة بصرف أرباح المساهمين.

وعلى غرار كريدي سويس، يرى مصرف يو بي إس، في بيان مقتضب، أنه بإمكانه تطبيق الإجراءات الجديدة بدون الإضطرار لجلب رؤوس أموال جديدة. وأشار المصرف الأول في سويسرا إلى أنه “جاهز وعلى أتم الاستعداد لمواجهة هذا التطور”.

وقد عبر فيليب هيلدبراند، رئيس البنك الوطني السويسري عن ارتياحه لكون هذه الإجراءات المقترحة “ثمرة إجماع واسع”، وهو شعور يشاطره اوجين هالتينر، رئيس هيئة مراقبة الأسواق المالية الذي أشار إلى أن “الإجراءات المتخذة أعلى بكثير مما تم اتخاذه على المستوى العالمي ولكنها ضرورية بالنسبة للوضع السويسري”.

ويوصي كل من البنك الوطني السويسري وهيئة مراقبة الأسواق المالية، اللذان ساهما في أشغال لجنة الخبراء، بضرورة “التطبيق الكلي والفوري لهذه الإجراءات”.

أسهم في ارتفاع

وفي هذه الأثناء، لم تعمل هذه الإجراءات المتشددة في مجال رؤوس الأموال الخاصة، على زعزعة المستثمرين. فقد سجلت أسهم المؤسستين الماليتين السويسريتين تقدما في البورصة السويسرية صباح الاثنين 4 أكتوبر.

إذ سجلت أسهم يو بي إس في حدود العاشرة والنصف من يوم الإثنين زيادة بنسبة 0،54% عما كانت عليه عند الإغلاق يوم الجمعة أي في حدود 16،75 فرنك. أما أسهم كريدي سويس فقفزت بنسبة 1،48% لتصل الى 42،40 فرنك.

وعلى غرار المصرفين السويسريين، تقبل المحللون الماليون بارتياح التوصيات الصادرة عن لجنة الخبراء، خصوصا فيما يتعلق بحجم رأس المال الخاص “الصلب” الذي يُقدر بـ 10% من إجمالي رأسمال المصارف، وهي نسبة أعلى مما كان متوقعا. وتبعا لذلك، يتكهن المحللون بأن يستعيد المستثمرون الثقة في النظام المالي.

وكان “يو بي إس” قد طلب حزمة إنقاذ من الحكومة في عام 2008، بعد أن أضير بشدة من الأزمة المالية العالمية، هو ما دفع في المقابل الحكومة الفدرالية إلى كبح جماح البنوك وفرض معايير أكثر صرامة.

ووفقا لأحكام اتفاقية بازل 3، يتطلب على البنوك على أن تحتفظ بنسبة كفاية رأس المال عند 4،5% مرتفعة من نسبة 2% في اتفاقيات سابقة. إضافة إلى ذلك، سوف يتطلب من المصارف زيادة أخرى لتصل النسبة الإجمالية لكفاية رأس المال التي يجب أن تحتفظ بها البنوك إلى 7 في المئة.

الدور الريادي: ترى جمعية أرباب البنوك السويسريين في رد فعل لها على نشر التقرير أن “هذا الدور الريادي تقوم به سويسرا على المستوى العالمي في مجال الإجراءات المتعلقة براس المال الخاص لدى البنوك”.

موقف الآخرين
تترقب جمعية أرباب المصارف السويسريين أن تقوم السلطات الفدرالية السويسرية بالعمل على دفع المؤسسات المالية الدولية لاتخاذ إجراءات صارمة ايضا. وهذا سيعمل على الحد من التأثيرات السلبية في مجال المنافسة بالنسبة لمصرفي يو بي إس وكريدي سويس.

المخاطر:
ترغب لجنة مراقبة الأسواق المالية في سويسرا في وضع حد لتواجد بنوك كبيرة الحجم قد يعمل انهيارها على تهديد النظام المالي. وكانت هذه اللجنة أثناء تقديم تقريرها للعام 2009 أمام الصحافة، قد تحدثت عن “اتخاذ إجراءات صارمة”. ومن أجل القيام بذلك يتطلب الأمر تغيير القوانين.

المشروع
كلفت الحكومة السويسرية لجنة خبراء بإعداد اقتراحات في هذا الشأن وذلك بمساعدة لجنة مراقبة الأسواق المالية والبنك الوطني السويسري. وهي اللجنة التي قدمت تقريرها يوم الاثنين 4 أكتوبر.

القانون:
يبقى الآن تحويل هذه الاقتراحات الى قانون. ووفقا للتقليد المتبع ستقوم الحكومة بتقديم المشروع للبرلمان. وسيشرع البرلمان بغرفتيه في معالجته ضمن اللجان المتخصصة ابتداء من بداية العام. وقد حذرت وزيرة العدل والشرطة ايفلين فيدمر شلومبف من أنه من غير المتوقع التصويت على التعديلات القانونية قبل العام 2012 . ولكن من أجل التسريع يمكن للحكومة أن تلتجئ إلى سن قانون فدرالي اضطراري.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية