جامعة برن تطلق تكوينا مستمرا للمرافقين الروحيين المسلمين
حتى الآن، ظل المرافقون الروحيون المسيحيون الوحيدين الذين يستفيدون من برنامج التكوين المستمر الذي تنظمه جامعة برن، لكن انطلاقا من الصيف القادم، سيفتح الباب لمشاركة ممثلي الديانات الأخرى، لا سيما الأئمة المسلمين.
فالحاجة إلى خدمات هؤلاء المرافقين الروحانيين كبيرة جدا خاصة في مجالات حساسة مثل اللجوء، والمستشفيات، والسجون، وفق ما أوضحته إيزابيل نوت، الأخصائية في علم نفس الأديان، ورئيسة برنامج التكوين المستمر الخاص بالمرافقين الروحيين في جامعة برن خلال حوار أجرته معها صحيفة “لوتون”، الناطقة بالفرنسية يوم الخميس 5 يناير 2017.
وقالت المسؤولة الجامعية: “لقد تلقيت بشكل منتظم خلال السنوات الأخيرة مكالمات من العديد من المؤسسات التي تطلب منا مدّها ببعض أسماء لمرافقين روحيين مسلمين. واستجابة منا لهذه الطلبات، وضعنا هذا البرنامج التكويني”.
“لقد توصلنا إلى قناعة، تضيف نوت، أن الأفراد الوحيدين القادرون على فهم الأشخاص المسلمين والأخذ بأيديهم ومساعدتهم، هم الأفراد الذين ينتمون إلى هذه المجموعة السكانية”. كما أن عمل هؤلاء الأشخاص في سياقات حسّاسة داخل مراكز اللجوء أو السجون يتطلّب تكوينا خاصا وخبرة معترف بها.
في الواقع، يُعتبر هذا التمشّي جديدا في سويسرا، ويمكن أن ينظر إليه كتدبير وقائيّ ضد مظاهر التطرّف أو النزوع إلى التشدد، وهو بالفعل ما أوضحته إيزابيل نوت حين أشارت إلى أن هذا التكوين “سوف يمكّن السلطات من التعرّف على محتويات الدروس والمحاضرات الدينية التي يقدمها الأئمة في السجون، وسوف يساعد المسؤولين الدينيين على التفطّن مبكّرا لمؤشرات التشدّد والتطرّف”.
لكن ليس لهذا السبب فحسب، فهذا التمشّي هو أيضا نتيجة منطقية للتحوّلات التي طرأت على المجتمع السويسري، حيث تقول خبيرة علم نفس الأديان: “نحن نعيش في مجتمع متعدد الثقافات، ولكن بطيئون جدا في التكيّف مع هذا الواقع، وجامعة برن هي الوحيدة في سويسرا التي وضعت برنامجا تكوينا متخصصا في هذا المجال”.
وفيما يلي مقتطفات من الحوار الذي نشرته صحيفة “لوتونرابط خارجي” (تصدر بالفرنسية في مدينة لوزان) في عددها الصادر يوم الخميس 5 يناير 2017:
لوتون: كيف سيكون هذا التكوين إجراءً وقائيا من التطرّف؟
إيزابيل نوت: القساوسة والكهنة الناشطين في مجال المرافقة الروحية داخل المؤسسات العامة، جميعهم تلقوا تكوينا أكاديميا في علم اللاهوت، وأثبتوا قدراتهم. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمرافقين من الديانات الأخرى. إحدى المشكلات مثلا أن السلطات تجهل تماما محتوى الخطب والدروس التي يقدمها الأئمة داخل السجون. هذا التكوين يمكن أن يسدّ هذا الفراغ، كما يمكن أن يسمح للناشطين في هذا المجال بالتفطّن مبكّرا لمظاهر التطرّف، لكن يجب علينا أن نحذر حتى لا تتحوّل المرافقة الروحية إلى عملية مطاردة (أو اصطياد) للأصوليين”.
لوتون: تريدين أن يجتاز المرشحون للمشاركة في هذا التكوين اختيارا للكشف عن أي نزعات متطرفة لديهم. مم يتشكّل هذا الإختبار؟
إيزابيل نوت: هذا الإختبار يمكننا من التحقق من المهارات النفسية والاجتماعية للمترشّحين: قدرتهم على الاستماع، وعلى حسن إدارة الصراعات. ولكن أيضا التعرّف على موقفهم من ممارسة العنف، ومن المرأة، ومن النزعات الأصولية المتشددة. وكما هو الحال في معظم المهن التي تتطلّب أن يكون الشخص في علاقة مع الآخرين، يجب أن يكون المتخصص في المرافقة الروحية قادرا على إثبات مهاراته. كل ديانة تطوّر مقاربتها، ولكن المرافقة الروحية، بالنسبة للمسيحي أو المسلم أو البوذي، تلبي نفس المطالب الأساسية.
لوتون: هل يعني هذا أنه لن يكون بإمكان المرافقين الروحيين الذين لا يشاركون في هذا التكوين ممارسة نشاطهم في المستقبل؟
إيزابيل نوت: هذا ليس شرطا أساسيا لكي يؤدي رجل الدين دوره. ولكن سيكون من مصلحة المؤسسات العمومية، كالسجون والمستشفيات، توظيف أشخاص يتمتّعون بتكوين متين.
لوتون: كيف تنظر المجموعة الإسلامية إلى هذا التكوين؟ وأي نوع من الإحتياجات يلبي لديها؟
إيزابيل نوت: لست على استعداد لكشف معلومات في هذه المرحلة عن الترشحات التي تلقيناها. ولكن هناك اهتمام كبير من طرف المجموعات المعنية، وهذا يلبيّ احتياجات حقيقية وملموسة. لا نستطيع في سويسرا اليوم اقتراح تكوين أكاديمي حقيقي للأئمّة كما هو الحال في ألمانيا، نظرا للإعتراضات السياسية التي تثيرها هذه الفكرة. ولكن، باعتباري رئيسة التكوين المستمر للمرافقين الروحيين، انا أتلقى بإستمرار طلبات من المؤسسات المعنية، كالمستشفيات والسجون وغيرها، ومن المسؤولين الأمنيين، الذين يطالبون بتكوين أفضل للمسؤولين الدينيين العاملين في تلك المؤسسات.
ترجمة وتلخيص: عبد الحفيظ العبدلي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.