للحفاظ على التوازن البيئي، لا يكفي إنقاذ أحد الأنواع
جميع الأنواع ضرورية لتوازن النظام البيئي الذي نعتمد عليه جميعًا. ويقترح الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، ومقره سويسرا، أداة جديدة لإنقاذ أنواع النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض تحت اسم "الوضع الأخضر". وهنا مقابلة مع الباحثة التي ساعدت في تطويرهذه الأداة.
وفقًا لمسح قام به الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة شمل 28% من الأنواع تبيّن أن 38543 من بين 138374 معرضة لخطر الانقراض، كما يظهر من القائمة الحمراء المحدّثة والتي نُشرت بمناسبة المؤتمر العالمي للطبيعة في مرسيليا، وخلال هذا الحدث الذي يقام كل أربع سنوات، قدّمت المنظمة الدولية، التي تتخذ من غلون (Gland) بسويسرا مقرًا لها، “القائمة الخضراء” المستحدثة والتي تمثل معيارًا عالميًا لتقييم التأثير الذي حققته برامج وجهود التدارك والحفاظ على الأنواع المهددة.
تقول مولي غريسرابط خارجي، باحثة في جامعة أكسفورد ومنسقة مجموعة العمل التي طورت أداة التقييم المبتكرة للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة: “لقد عملنا عليها لمدة عشر سنوات”.
SWI swissinfo.ch: سمع الكثيرون عن القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، واليوم يقدم الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة “القائمة الخضراء”. ما الفرق بينهما؟
مولي غريس: توثق القائمة الحمراء خطر الانقراض الذي تواجهه الأنواع، فهي أداة أساسية لتقييم الأنواع التي تحتاج إلى إجراءات الحماية والحفظ، في حين أن منع الانقراض ليس سوى خطوة أولى لهدف نهائي، وهو أن يتعافى النوع ويزدهر حتى يتمكن من أداء وظائفه البيئية في موطنه.
وبفضل القائمة الخضراء يمكننا تقييم تأثير برامج الحفظ السابقة والمستقبلية ومدى ما تحقق من تدارك للنوع، فهي أداة مكملة للقائمة الحمراء وتقدم نظرة أكثر تفاؤلاً بشأن جهود الحفاظ على الأنواع.
كيف تعمل الأداة الجديدة؟
يتم تحديد قيمة تتراوح بين 0 إلى 100 لكل نوع من الأنواع، تعكس الوضع الراهن لحجم وتوزيع أفراد كل مجموعة مقارنة بالوضع الأصلي قبل التأثير البشري، والقيمة “صفر” تعني أن النوع انقرض، والقيمة 100 أنه تعافى تمامًا.
ولحد الآن، قمنا بتقييم 181 نوعًا من مجموع حوالي 160 ألفا، وبالتالي لا يزال أمامنا عمل الكثير.
هل يمكنك إعطاؤنا مثالًا ملموسًا لكيفية استخدام القائمة الخضراء؟
نسر كندور كاليفورنيا في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة “مهدد بالانقراض بدرجة كبيرة”، ولكن حين قيّمناه تبعًا للقائمة الخضراء، اتضح بأن مواصلة برامج الحفظ تتيح لأنواعه فرصة كبيرة للانتعاش قد تصل إلى ما يقارب 75% من التعافي الكامل.
وكذلك الباندا العملاقة، مثال جدير بالذكر، فقد انتقلت في القائمة الحمراء المحدّثة من “مهددة للغاية بالانقراض” إلى “معرضة للانقراض”، وهذا تحسن، حتى وإن لم تنته الخطورة كلية إلا أن إجراءات الحفظ لم تعد أولوية باعتبار أن هذا النوع يتجه إلى التعافي، وهكذا أتاحت لنا القائمة الخضراء نشوة احراز تقدم وأرشدتنا إلى ضرورة مواصلة الجهود حتى لكي لا يتدهور الوضع من جديد.
هل يمكن للقائمة الخضراء أن تساهم في الحفاظ على الأنواع التي تواجه خطورة في سويسرا أيضًا؟
بالتأكيد، من الأنواع التي قمنا بدراستها وهي موجودة أيضًا في سويسرا، الذئب الرمادي، فعلى الرغم من كونه في القائمة الحمراء ضمن فئة “أقل إثارة للقلق”، جعلناه في القائمة الخضراء ضمن فئة “هلاك واسع” لأنه ظهر من خلال الدراسات التي قمنا بها بأنه من دون إجراءات حماية، سيتناقص نوع الذئاب الرمادية تدريجيًا في سويسرا وأوروبا.
يوجد أكثر من 38500 نوع مُعرّضة لخطر الانقراض، أي ما يعادل 28% من حوالي 140 ألف نوع أحصاها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، ومن بين الأنواع المهددة بالانقراض نجد 26% من الثدييات، و41% من البرمائيات، و14% من الطيور، و33% من الشعاب المرجانية، و34% من الصنوبريات.
ومن بين الأنواع التي قهقرت، تنين كومودو، وهو أضخم الزواحف في العالم، كما أن أسماك القرش والشفنين البحري هي الأخرى آخذة في التقهقر، حيث بلغت نسبة انقراضها 37% بعد أن كانت 24% في عام 2014، وذلك بسبب الصيد المكثف والاحترار العالمي.
على العكس من ذلك، يتحسّن الوضع بالنسبة لأربعة أنواع من التونة المستهدفة بالصيد التجاري، بما في ذلك التونة الأطلسية ذات الزعانف الزرقاء، وفق بيانات الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة.
وفي سويسرا، ما يقرب من 60% من بين أكثر من ألف نوع من الحشرات مهددة أو على وشك التهديد، وفقًا لأول تقرير شامل عن الحالة الصحية للحشرات في البلاد.
ما هي برامج الحفاظ على الأنواع الأكثر نجاحًا؟
من الأمثلة الإيجابية على التعافي، اليعسوب ذو الأرجل الصفراء (اسمه العلمي Stylurus flavipes)، وهو حشرة تحتاج إلى مياه نظيفة، وبسبب تلوث الأنهار والمسطحات المائية تناقص نوعه بشكل حاد، ثم ساعدت اللوائح الفعالة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في العقود الأخيرة على تحسين جودة المياه، والآن يعتبر اليعسوب أصفر الأرجل من الأنواع المستعادة بالكامل.
وبشكل عام، أكثر برامج الحفظ نجاحًا، تلك التي تتقصّد أكبر عدد ممكن من المجموعات أو الأنواع المستهدفة وتراعي الاحتياجات البشرية، وإذا لم يتسنّ لنا إيجاد حل وسط بين البشر والحياة البرية، فإن الثانية منهما هي التي ستدفع الثمن.
من المعروف أن الأنواع مثل النمر ووحيد القرن السومطري والفيل الآسيوي معرضة لخطر الانقراض، ما هي الأنواع الأخرى المهددة التي غالبًا ما يُغفل عنها؟
من بين المجموعات التي قد لا يتنبّه لها الكثيرون، الفطر، والذي غالبًا ما يُتجاهل من قبل مشاريع الحفظ، في حين أن أنواعه تلعب دورًا حيويًا في تحلل المغذيات ودورتها، ومن بين أنواع الحيوانات، ضفدع داروين (Rhinoderma darwinii)، وزباد النخيل أوستون (Chrotogale owstoni) وظباء السهوب (Saiga tatarica) التي يتم اصطيادها من أجل قرونها.
ومع أن الكثير من الناس لم يسمعوا عن هذه الأنواع من قبل، إلا أنه لا يمكننا تجاهلها وغض الطرف عنها، فلكل نوع من الأنواع دورًا في الحفاظ على توازن النظام البيئي الذي هو قوام حياتنا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.