مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات
الاقتراعات الفدرالية ليوم 25 سبتمبر 2022

رفع سنّ التقاعد للنساء يُطرح للتصويت في سويسرا مرّة أخرى

أشخاص يتجمعون ويحملون لافتات
جُمِع أكثر من 150 ألف توقيع على عريضة لبدء تصويت شعبي مُعارض لرفع سن تقاعد النساء. © Keystone / Anthony Anex

تصويت شعبيّ في سبتمبر المُقبل على مشروع جديد لإصلاح نظام معاشات التقاعد السويسريّ، بعد رفض مشروعين سابقين لإصلاح النظام في عامي 2004 و2017. ويبقى رفع سن التقاعد للنساء قضية شائكة ومتعثرة.

عمّ نتحدّث هنا؟

التأمين على الشيخوخة والباقين على قيد الحياة (AHV/AVS)، هو المُكوِّن الأول في نظام معاشات التقاعد السويسري ويُموّل من اشتراكات إلزامية يدفعها الموظفون والموظفات وأصحاب العمل. ويضمن الحد الأدنى لمستوى المعيشة لجميع المتقاعدين والمتقاعدات في البلاد.

وبالنظر الى الارتفاع المتوَقَّع في متوسط العمر فإنَّ هذه الطريقة لن تُجدي نفعاً على المدى الطويل في تمويل صندوق معاشات التقاعد. ولذلك، بادرت الحكومة باقتراح حزمتي إصلاح شملتا، من بين أمور أخرى، رفع سن تقاعد النساء من 64 الى 65 سنة ليصبح مساوياً لسن تقاعد الرجل. إلّا أنّ كلا المشروعان واجه رفضاً شعبيّاً؛ الأول في عام 2004 والثاني في عام 2017.  

رسم يشرح نظام الأعمدة الثلاث للتقاعد في سويسرا
swissinfo.ch

ويبقى مصير مشروع القانون المعدّلرابط خارجي الجديد مرهوناً بالتصويت الشعبي المُقرّر في 25 سبتمبر. وتطمح الحكومة في مشروعها الجديد إلى تأمين رصيدٍ في صندوق المعاشات التقاعدية الحكومية يكفي لدفع معاشات التقاعد حتى عام 2030 على الأقل. وسيتمحور التصويت الشعبي حول نقطتين من حزمة الإصلاح الجديدة المعروفة باسم “المعاشات التقاعدية 21″؛ زيادة ضريبة القيمة المضافة (VAT) على السلع والخدمات، وتعديل التشريع الفدرالي بشأن المعاشات التقاعدية. ولن ينجح المشروع الإصلاحيّ الجديد إلّا إذا صوت الشعب بـ “نعم” على كلا النقطتين.

بماذا يختلف المشروع الإصلاحي الجديد عن سابِقيه؟

واجه آخرُ مشاريع الإصلاح السابقة، “المعاشات التقاعدية 2020″،  رفضاً بنسبة 52.7% في سبتمبر 2017. وشمل محاولة للإصلاح أوسع نطاقاً من نطاق المشروع الذي سيُطرح للتصويت قريباً. ولم يقتصر على العمود الأول من نظام معاشات التقاعد السويسري (المعاشات التقاعدية الحكومية)، بل يتناول أيضاً العمود الثاني المتعلق بالمعاشات التقاعدية المهنية. وبعد أن واجهت الحكومية إخفاقاً في مشروعين سابقين، قررت هذه المرّة أن تتناول كل موضوعٍ على حدا. ويركّز مشروع الحكومة الإصلاحي “المعاشات التقاعدية 21″، الذي سيُطرح للتصويت هذا العام، على المعاشات التقاعدية الحكومية فقط.

ويطرح المشروع الإصلاحي الجديد كسابِقيه رفع سن التقاعد النساء من 64 الى 65 سنة مع بعض الاختلاف؛ ففي حين أن مشروع “المعاشات التقاعدية 2020” اقترح تعويضات طويلة الأمد لجميع المتقاعدين والمتقاعدات، فإنَّ مشروع “المعاشات التقاعدية 21” يخُصّ جيلاً واحداً من النساء بالإجراءات التعويضية.

ومن الجدير بالذكر أن معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تُفرّق بين الجنسين في سنّ التقاعد، وتحاول العديد منها رفع سن التقاعد للجميع.

من المتأثر بهذا التعديل التشريعي الجديد؟

سيطال تأثير زيادة ضريبة المبيعات بنسبة 0.4 نقطة مئوية الجميع، إذ ستؤدي إلى زيادة طفيفة في تكلفة السلع والخدمات. وبما أن دفع الاشتراكات في صندوق المعاشات التقاعدية الحكومية إلزامي، فإن بعض جوانب إصلاح النظام قد تؤثر على الجميع أيضاً. ويقترح المشروع الجديد أن يكون سن التقاعد مرناً (بين 63 و70 سنة)، ويطرح خيار التقاعد المُبكّر والحصول على معاش تقاعدي جزئي أو العمل إلى ما بعد سن 65 سنة واحتساب أي اشتراكات تُدفع بعدها ضمن قيمة المعاش التقاعدي. وجوهر الفكرة هي التشجيع على مواصلة العمل بعد سن التقاعد الرسمي.

وأكثر الفئات تأثراً بهذا الإصلاح الجديد للمعاشات التقاعدية هُنَّ النساء اللاتي سيضطررن إلى العمل سنة إضافية للتأهل للحصول على المعاش التقاعدي. وفي حال لقيَ المشروع الجديد القبول الشعبيّ المطلوب، فسيتم تطبيقه تدريجياً بدءأً من عام 2024. وبالنسبة للنساء المولودات بين عامي 1961 و1963 فإن تاريخ تقاعدهن سيؤجل تدريجياً. وسيصبح سن التقاعد الرسمي 65 سنة لجميع المولودات في عام 1964 وما بعده.

ويتضمن الاقتراح اجراءات تعويضية “للجيل الانتقالي” أي النساء المولودات بين عامي 1961 و 1969. إذ سيُمنَحن خيار التقاعد المبكر ابتداءاً من سن 62 مع انخفاض طفيف على المعاش التقاعدي. وستُدفع مبالغ إضافية للنساء اللاتي يتقاعدن في السن الرسمية أو بعدها.

كيف سيتأثر صندق المعاشات التقاعدية الحكومية مالياً؟

أغلق صندق المعاشات التقاعدية الحكومية حساباته لعام 2021 بأرباح بلغت 2.6 مليار فرنك سويسري (2.7 مليار دولار أمريكي) وأصول بقيمة 49.7 مليار فرنك سويسري. ولكن، وحسب توقعاترابط خارجي المكتب الفدرالي للتأمينات الاجتماعية، فإن الصندوق سيبدأ في تسجيل عجز ماليّ اعتباراً من عام 2029. وفي حال قبول المشروع الإصلاحي الجديد فإن الصندوق لن يشهد عجزاً  قبل عام 2031، وأن العجز بعده سيكون أقل سوءاً.

محتويات خارجية

ويعني رفع سن التقاعد للنساء تحقيق ادخارات قدرها 1.2 مليار فرنك سويسري سنوياً بعد عام 2029. كما ستجلب الزيادة في ضريبة المبيعات إيرادات سنوية إضافية بقيمة 1.3 مليار فرنك سويسري ابتداءاً من عام 2024. إلّا أن المشروع الإصلاحي “المعاشات التقاعدية 21” لن يكون كافياً لتغطية تمويل معاشات التقاعد على الأمد البعيد أو إلى ما بعد عام 2030.

ما هي حُجّة المعارضين؟

يؤدي اقتراح أي مشروع لرفع ضريبة المبيعات لِزاماً إلى إجراء تصويت شعبي لأنه يتطلب تعديلاً دستورياً، ولذلك كان التصويت الشعبيّ على المشروع الإصلاحي الجديد أمراً حتمياً على أي حال. ومع ذلك، قررت لجنةرابط خارجي مكونة من نقابات عمالية وأحزاب يسارية وتجمعات نسوية إجراء تصويت شعبي يعارض تحديداً التعديل على تشريع المعاش التقاعدي. وتسعى هذه اللجنة إلى محاربة مقترح رفع سن التقاعد.

ولا يريد هذا التحالف أن يكون الإصلاح على حساب المرأة، ويحتجّ بأن النساء يحصلن أصلاً على معاش تقاعدي أقل. فوفقاً لدراسة أجراها المكتب الفدرالي للضمانات الاجتماعية فإن المعاش التقاعدي للمرأة (في كافة الأعمدة الثلاثة لنظام المعاشات التقاعدية السويسري) يقل بنسبة 37% عن المعاش التقاعدي للرجال. وتعزى هذه الفجوة أساساً الى عدم المساواة في الأجور وانخفاض مشاركة المرأة في القوى العاملة لأنها لا تزال هي المسؤولة عن معظم المهام المنزلية والعناية بأفراد الأسرة. ويطالب التحالف بإنهاء هذا النمط التمييزي قبل المساواة في سنّ التقاعد بين الجنسين.

محتويات خارجية

وتشير اللجنة أيضاً إلى واقع سوق العمل؛ حيث فرص توظيف العاملين المتقدمين بالعمر تكاد تكون معدومة. وترى أن رفع سنّ التقاعد يهدد بزيادة عدد العاطلين عن العمل أو المُتَلَقّين للمعونة الاجتماعية. ويناشّد دُعاة التصويت الشعبي بعدم إضعاف نظام المعاشات التقاعدية بل تعزيزه من خلال زيادة الرواتب وتحسين المعاشات التقاعدية والبحث عن نُهجٍ بديلة للتمويل.

من هم المؤيّدون لهذا الإصلاح؟

تدعم الحكومة وأغلبية البرلمان مقترح مشروع “المعاشات التقاعدية 21″، مشدّدين على ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة للحفاظ على مستوى المعاشات التقاعدية حتى عام 2030 ومناشدين بعدم معاقبة الأجيال المقبلة.

وتروّج أطراف من أحزاب الوسط واليمين السويسرية ولوبيات الأعمال لصالح قانون الإصلاحرابط خارجي. وتُرحّب بالتحفيز على العمل بعد سن 65 وفكرة جعل التقاعد مرناً مع خيار تأجيل دفع المعاش التقاعدي أو تقديمه حسب الاحتياجات الشخصية للفرد. وتعتقد الأطراف المؤيّدة بأن هذا النهج سيقلل من نقص العمالة الماهرة في سويسرا، وسيسمح للعمّال والشركات بالتطلع إلى تمديد فترة العمل قبل التقاعد.

ويؤمن مؤيدو ”المعاشات التقاعدية 21“ بضرورة زيادة سن التقاعد للنساء. ويرجع ذلك إلى أن العمر المتوقع للنساء أعلى منه للرجال، ولذلك فهنّ يحتجن إلى معاش تقاعدي لفترة أطول. كما أنهنّ أكثر تدريباً مما كن عليه في الماضي وأنّ معظمهن الآن يعملن ويحصلن على أجر. ويقول مؤيدو التشريع أيضاً إن النساء الأكثر تأثراً بهذا التغيير سيستفدن من تدابير تعويضية حقيقية.

حرره: سامويل جابيرغ

ترجمته من الإنجليزية: ريم حسونة

المزيد

الأرشيف

هل من الضروري رفع سن تقاعد المرأة لتتساوى مع الرجل لانقاذ منظومة معاشات التقاعد؟

تعمل معظم الاقتصادات المتقدمة تدريجياً على رفع سن التقاعد القانوني، بما في ذلك رفع سن التقاعد للمرأة.

68 تعليق
عرض المناقشة

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية