“إعادة ترقيع الأعضاء التناسلية أكثر ما تسأل عنه النساء”
ملايين النساء يتعرضن للختان سنويا في جميع أنحاء العالم، لكن قليلات يجرأن على التحدث عن تجربتهن غير المنسية. المحامية السودانية أميمة الطاهر قررت كسر تابوه الأعراف الاجتماعية والحديث عن قصتها الشخصية حتى لا تتكرر لغيرها.
في المؤتمر الذي عقدته مؤسسة كاريتاسرابط خارجي الخيرية السويسرية عن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في مدينة بيل السويسرية يوم 7 سبتمبر 2017 ، توسطت أميمة الطاهر المتحدثين وبدأت في التحدث بكل صراحة وبثبات واضح عن تجربتها ومعايشات أخريات تعرضن لهذه الممارسة وعن كيفية القضاء عليها نهائيا.
كانت أميمة الشخصية العربية الوحيدة الحاضرة في المؤتمر وبدا أنها تعرف معظم الحاضرين في القاعة، حيث تبادلت مع الكثير التحيات وأطراف النقاش قبل بدء المؤتمر. أول سؤال تبادر لذهني وأنا أتابعها من أين تستمد أميمة هذه القوة للبوح بقصة معاناتها الخاصة وكي تتقاسمها مع القاصي والداني وما هي دوافعها. ردت أميمة على سؤالي بدون أي تردد والابتسامة تعلو وجهها موضحة “قررت التحدث عن تجربتي الشخصية حتى أكسر الحواجز التي تمنع نقاش هذه الموضوع المحظور. لن تتغير المفاهيم إذا لم نكسر التابوهات ونتحدث عن هذه القضية. لم يكن سهلا علي أن أتحدث في موضوع يمسني بصورة شخصية لكنني استجمعت قواي وتشجعت. ولاحظت أن الكثير من النساء تشجعن للحديث عن تجربتهن مع الختان، ما مكنا من تسليط الضوء على الجوانب السلبية لهذه الممارسة”.
حسب آخر إحصائيةرابط خارجي لمؤسسة الدولة للصحة لعام 2013، يتواجد على الأراضي السويسرية ما يقرب من 15 ألف امرأة مورس عليها الختان أو مهددة بالتعرض له ومعظمهن ينحدرن من إريتريا والصومال وإثيوبيا والسودان ومصر على وجه الخصوص.. يذكر أن معدلات الختان في هذه البلدان تتراوح بين 74 في المائة (إثيوبيا) و 98 في المائة (الصومال).
توضح المحامية أميمة طاهر أن “الخطر الأكبر يحيق بالعائلات التي تعرضت فيها الأمهات للختان، حيث يزيد الاحتمال هنا بأن تُخضع الأمهات بناتهن لنفس العادة. أغلب حالات الختان تحدث خلال قضاء الأسر المهاجرة العطلة في بلدانهم الأصلية ولا تخبر الفتيات عن هذه الحادثة لنقص الوعي والخوف من إلحاق الأذى بأهلهن. “
“لماذا تحاربين ديننا وعاداتنا كالغرب ؟”
حول أكثر التحديات، التي تواجهها تؤكد أميمة أن التعصب الفكري والثقافي والديني يشكل العقبة الأكبر وتأتي أغلب الانتقادات من كبار السن “البعض يسأل لماذا تحاربوا عاداتنا وتقاليدنا وديننا؟. إجابتي هي أن الختان يضر بصحة وبنفسية المرأة وليس له سند ديني. لدي قناعة شخصية بضرر الختان وهذا ما يمنحني قوة دافعة لمواصلة التوعية”.
أما أكثر طلب يوجهه النساء ضحايا الختان لمنظمة كاريتاس فيتعلق بترقيع الختان، [أي إعادة تصحيح العضو التناسلي عبر إخراج الجزء المغطى من البظر، الذي لم يتضرر من الختان]، كما توضح أميمة “يطلب منا النساء التواصل مع الأطباء المختصين في هذا المجال وعددهم محدود للغاية. التأمين الصحي يتولى كامل تكاليف العملية، في حال كان هناك ضرر واضح وأغلب النساء الباحثات عن هذه العملية يعانين بشكل واضح”.
المزيد
الـطريق الطويل لمكافحة ختان الإناث
“بعض النساء يتعرضن للختان أكثر من مرة”
الأثار السلبية المترتبة على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية متعددة وعلى مختلف المستويات. وتوضح أميمة أن “الختان الفرعوني هو الأسوأ ويؤثر على الحياة الزوجية وتتعرض ضحايا الختان للكثير من المشاكل خلال عملية الولادة والكثيرات يضطررن إلى العملية القيصرية. هذا بالإضافة إلى الضرر النفسي، مشيرة إلى أن الصدمة الأولي تكون يوم الختان، لكنها تتعرض لآلام أيضا خلال الأيام الأولى من الدورة الشهرية وفي بداية العلاقة الزوجية الحميمة وأثناء الولادة، حيث يتم خياطة الأعضاء التناسلية مرة أخرى بعد الولادة بصورة طبيعية. وكأنها تتعرض لهذه الممارسة أكثر من مرة في حياتها”. وتلفت أميمة الطاهر إلى السودان كانت من أوائل الدول التي سنت قوانين لمنع الختان، لكن ما زال لديها واحدة من أعلى المعدلات في العالم، لعدم تفعيل القانون بشكل صارم. وهذا الفرق بين سويسرا والسودان.
أميمة الطاهر ضد التيار
تعمل أميمة في مؤسسة كاريتاس سويس على توعية النساء والرجال حول الأضرار الصحية والنفسية والاجتماعية للختان. وهناك تعاون مع مختصين في المجال الصحي لتقديم معلومات قائمة على أساس علمي. كما يتم العمل بشكل وثيق مع الأئمة في سويسرا، ممن هم على قناعة بأن الختان ليس له أي أساس من الدين. ولا سيما لأن البعض يتخذ ذريعة الدين لتبرير ممارسة هذه العادة، كما تقول المحامية السودانية.
القانون رادع أقوى من التقاليد الموروثة
تضيف أميمة أنها بدأت في العمل في مجال التوعية حول أضرار هذه العادة منذ 2004 في سويسرا “كنا نواجه صعوبات كبيرة في البداية في اقناع أعضاء جاليات معينة بخطأ هذه الممارسة وسجلنا نجاحا في بعض الأحيان عبر تكرار المحاضرات في إطار حملات التوعية البعض، لكن التحول الحقيقي حدث في عام 2012 بعد صدور قانون رقم 124 في سويسرا والذي يجرم الختان ويضع ممارسيه تحت طائلة القانون ويقضي بعقوبة سجن لفترة قد تصل إلى عشر سنوات وتصل فترة التقادم إلى حوالي 15 سنة. اكتشفتا أن قوة الردع القانونية ساهمت بشكل كبير في الحد من هذه الظاهرة. لكن حتى الآن هناك أسر ليس لديها أي علم بوجود قانون العقوبات المفعل هذا. لذا لابد من استمرار وتكثيف حملات التوعية. في بعض الكانتونات يحق للمعلمين ولأطباء المدرسة إبلاغ الجهات المختصة في حال كانت لديهم شبهة في تعرض فتاة للختان. هناك مطالبات بإخضاع الفتيات المهددات بالتعرض للختان لفحص طبي بعد عودتهن من العطلة المدرسية. وهذا المقترح يضمن المزيد من الحماية للفتيات كما تؤكد أميمة الطاهر.
حسب منظمة الصحة العالمية هناك 200 مليون امرأة وفتاة ممّن يتعايشن حالياً مع تشويه أعضائهن التناسلية في 30 بلداً في افريقيا والشرق الأوسط حيث يتركز تشوية الأعضاء التناسلية. تُجرى هذه الممارسة، في أغلب الأحيان، على فتيات تتراوح أعمارهن بين سن الرضاعة و15 سنة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.