سويسرا تبحث في دافوس عن دعم لمحادثاتها التجارية مع الصين
تستعد سويسرا لاغتنام مناسبة المؤتمر السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي افتتح يوم الأربعاء 26 يناير في دافوس، لإنجاز تقدّم في المحادثات التي تُـجريها خلف الأضواء مع الصين، من أجل التوصل إلى اتفاقية للتبادل التجاري الحُـر بين البلدين.
وكان يوهان شنايدر أمّـان، وزير الاقتصاد السويسري قد أعلن أنه سيجتمع بوزير التجارة الصيني شين ديمينغ يوم الجمعة، فيما يشتدّ التنافس بين سويسرا والاتحاد الأوروبي للظّـفر بإبرام اتفاقية مُـربِـحة مع أسرع اقتصاديات العالم نُـمُـوا.
وقال شنايدر أمّـان: “إن الحظوظ جيدة بأن نتمكّـن من التوصل إلى اتفاقية للتبادل التجاري الحر مع الصين قبل الاتحاد الأوروبي”، وأضاف بأن “هذا الأمر، إن تحقق، سيمنح سويسرا ميزة تنافُـسية ضخمة”.
في السياق نفسه، أظهرت دراسة نُـشرت العام الماضي، أن إجمالي الناتج الداخلي لسويسرا قد يسجِّـل، في صورة التوصل إلى هذا الاتفاق، نمُـوا بنسبة 0،23%، فيما قد تتمكّـن الشركات والمؤسسات الاقتصادية من توفير حوالي 290 مليون فرنك سنويا، إذا ما رُفِـعت الحواجز التجارية القائمة.
وفي الوقت الحاضر، تُـعتبر الصين ثالث أكبر سوق للصادرات السويسرية، بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في ظلّ تواجُـد حوالي 300 شركة سويسرية في العملاق الاقتصادي الآسيوي، من بين 700 شركة تنشُـط هناك.
المحادثات من أجل التوصّـل إلى اتفاقية للتبادل التجاري الحر مع الصين، مُـستمرة منذ عدة أعوام، أما الإطار العام للمفاوضات الرسمية، فقد تم الاتفاق عليه خلال زيارة قامت بهاد وريس لويْـتهارد، وزيرة الاقتصاد السابقة، في أغسطس 2010 إلى بيكين. ومن المنتظر الآن، أن يبدأ الطرفان في ضبط المزيد من التفاصيل المحدّدة للاتفاق، خلال هذه السنة.
البحث عن حلول
في هذا الإطار، يُـمثل الاجتماع المقرّر بين شنايدر أمّـان وشين ديمينغ، مثالا آخر على استخدام الأروقة الخلفية لاجتماعات دافوس، من أجل رفْـع العقبات القائمة وحلّ المشاكل العالقة، تمهيدا للتوصُّـل إلى اتفاقيات على المستوى الدولي.
وفي الواقع، يُـمثِّـل الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس، مكانا مِـثاليا لعقد اجتماعات غير رسمية بين كبار الشخصيات السياسية والاقتصادية وممثلين عن المجتمع المدني والثقافة والعلوم من شتى أنحاء العالم.
ففي السنة الماضية، التقت دوريس لويْـتهارد مع مسؤولين فرنسيين، لمناقشة سُـبُل حلّ المأزق الذي كان قائما بين البلدين حول مسألة التهرب الضريبي والسرية المصرفية السويسرية. وفي الأعوام السابقة، سُـجِّـل للمنتدى مساهمته في تخفيف التوتّـر بين اليونان وتركيا وفي بعض ملفات الشرق الأوسط، إضافة إلى مساهمته المُـعتبرة في المرحلة التي سبِـقت انهيار جدار برلين.
في دورة هذا العام، يُـتوقّـع أن تتجه الأنظار أيضا إلى دافوس، لمعرفة ما إذا كان سيتمخّـض عن أجوبة جديدة للمشاكل المرتبِـطة بالجولة الأخيرة من مفاوضات الدوحة التجارية أو بخصوص الأزمة الحالية، التي يتعرّض لها اليورو وتعاني منها دول الاتحاد الأوروبي، ذات المديونية العالية.
وفي الوقت الذي شهِـدت فيه العشرية الأخيرة تعزيزا كبيرا للأهمية الاقتصادية والسياسية للصين، تمكّـن اقتصادها من الخروج سليما من الأزمة المالية، بل يتكهّـن بعض المراقبين بأن نسبة نموِّها برقمين (أي 10% وأكثر) ستسمِـرّ لبضعة أعوام إضافية، ومن غير المُستبعد أن تتجاوز الولايات المتحدة في المستقبل المنظور
أسواق جديدة
على صعيد آخر، وبعيدا عن السِّـباق من أجل العثور على موطئ قدم في الأسواق الجديدة والصاعدة، تتعرّض بعض الشركات السويسرية إلى ما يُـشبه الإبعاد من أسواقها الأوروبية التقليدية، جرّاء الكساد الاقتصادي في المنطقة وارتفاع قيمة الفرنك مقارنة باليورو.
وفي الوقت الذي تُـصبح فيه الصادرات المُـنتجة سويسريا أكثر غلاءً وأقلّ جاذبية للسوق الأوروبية، تُـنصَـح الشركات (بل تُـشجّـع) بالبحث بعيدا عن مستهلكين جُـدد وعن مواقع أخرى تتميّـز بتكلِـفة إنتاجية أدنى.
وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، يقول طوم مالنايت، أستاذ الإستراتيجية والتسيير العام في معهد IMD لعلوم التجارة والتصرف في لوزان: “بالنظر إلى أسعار الصرف الحالية، إذا كُـنتَ تنشُـط في سويسرا وتبيع في الخارج، فأنت تواجِـه معضلة.. وفي الوقت الحاضر، تعتقِـد معظم الشركات أنها لن تكون قادِرة على تحمُّـل تقلّـبات في أسعار الصرف في كل سنة”. ويذهب طوم مالنايت إلى أن الشركات ستحتاج إلى أن “تُـصبح مستقبلا أكثر مرونة وتأقلُـما، إضافة إلى القدرة على التغيير والتحرك إلى الأمام”.
حقوق الإنسان
مثلما كان مُـنتظرا، استُـقبِـلت التحركات الساعية إلى إقامة علاقات تجارية أوثق مع الصين، بشيء من الانتقاد من طرف مجموعات الحقوق المدنية. ومع أن الرئيس الصيني هُـو جينتاو أطلق تصريحات تصالُـحية في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي في خلال زيارة دولة قام بها إلى واشنطن، اعترف فيها بأنه لا زالت توجد حاجة للمزيد من العمل من أجل تحسين سجِـل الصين مجال حقوق الإنسان، لكن سعادة العديد من المراقبين لن تكتمل إلا باقتِـران تصريحات الرئيس الصيني بأعمال ملموسة.
وفي تصريحات أدلى بها في وقت سابق إلى swissinfo.ch، حثّ طوماس براونشفيغ، من منظمة إعلان برن غير الحكومية، سويسرا على التأكّـد من أن الفوائد المنجَرّة عن اتفاق للتبادل التجاري الحر مع بيكين، لن تكون على حساب العمال الصينيين.
وقال براونشفيغ: “إننا لسنا معارضين للمفاوضات، التي ستمنح سويسرا إمكانية لتشجيع الصين على الإلتزام باحترام حقوق الإنسان”، وأضاف أن “ما نطلبُـه، هو إدراج بنود مُـلزمة حول حقوق الإنسان في الاتفاق والقيام بدراسة تمهيدية، لتقدير التأثيرات المحتملة لاتفاقية للتبادل التجاري الحر على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للناس العاديين”.
1918: أول معاهدة صداقة.
1950: سويسرا من أوائل الدول التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية.
1974: أول اتفاق تجاري.
1980: مشروع مشترك بين الشركة السويسرية لصناعة المصاعد والسلالم الآلية “شيندلر” وإحدى الشركات الصينية.
1986: اتفاق الحماية المتبادلة للاستثمارات.
1989: اتفاق التعاون العلمي والتقني.
1992: اتفاق حماية براءة الاختراع.
1996: أول زيارة إلى الصين يقوم بها رئيس الكنفدرالية (جون باسكال دولامورا، آنذاك).
2002: افتتاح مركز الأعمال السويسري في شنغهاي.
2004: مذكرة تفاهم حول السياحة.
2007: الإعلان المشترك لحماية الملكية الفكرية.
منذ 2002، تحولت الصين (ومعها هونغ كونغ) إلى أهم شريك تجاري لسويسرا في آسيا. وفي عام 2010، بلغت الصادرات السويسرية إلى الصين 5،2 مليار فرنك، فيما بلغت الواردات السويسرية من الصين 4،9 مليار فرنك.
يقيم حاليا 3297 سويسري في الصين وتنشُـط فيها حوالي 300 شركة ومؤسسة اقتصادية سويسرية عن طريق 700 فرع لها.
ترجمه من الإنجليزية وعالجه كمال الضيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.