سويسرا مسؤولة عن 13 مليار دولار من الخسائر الناجمة عن التهرب الضريبي على مستوى العالم
تستفيد سويسرا من التجاوزات الضريبية للشركات والأفراد التي تصل قيمتها إلى حوالي 12.8 مليار دولار (11.9 مليار فرنك سويسري) وفقًا لتصنيف عالمي جديد. ومع ذلك ، فإنها تخسر أيضًا إيرادات قدرها 5.7 مليار دولار سنوياً بسبب التهرب الضريبي داخل حدودها.
وفقًا لتحليلرابط خارجي أجرته شبكة العدالة الضريبية نٌشر مؤخراً، تحتل سويسرا المرتبة الخامسة في مؤشر ملاذ ضرائب الشركات، الذي يوضح حجم الأنظمة الضريبية والمالية في الدول المسموح فيها للشركات متعددة الجنسيات بتحويل الأرباح خارج البلدان التي تمارس فيها أعمالها.
ويضع الترتيب الخامس سويسرا جنبًا إلى جنب مع المملكة المتحدة (مع شبكتها من جزر وأقاليم تابعة للتاج البريطاني) وهولندا ولوكسمبورغ. الدول الخمس الأولى مسؤولة عن نصف مخاطر إساءة استخدام ضرائب الشركات في العالم، وهي دول تشير لها المنظمة غير الحكومية باسم “محور التجنب الضريبي”.
ليز نيلسون ، مديرة العدالة الضريبية وحقوق الإنسان في شبكة العدالة الضريبية أوضحت في بيان صحفي أن “أغنى دول العالم تحرم بقية العالم من 166 مليار دولار من ضرائب الشركات كل عام من خلال تمكين أكبر الشركات متعددة الجنسيات من دفع ضرائب أقل مما ينبغي”.
عموما، يبدو أن سويسرا وحدها مسؤولة عن 5.1٪ من الخسائر المترتبة عن التهرب الضريبي على المستوى العالمي. وفي عددها الصادر يوم الأحد 14 مارس الجاري، أفادت أسبوعية سونتاغس تساتيونغرابط خارجي، أن من مبلغ 12.8 مليار دولار ، هناك حوالي 10.95 مليار دولار تأتي نتيجة نقل الشركات متعددة الجنسيات الأرباح إلى سويسرا لدفع ضرائب أقل. يُضاف إلى ذلك، مبلغ 1.89 مليار دولار مصدرها الأثرياء، الذين ينقلون أموالهم إلى سويسرا لأسباب ضريبية.
في السياق، تتأثر عدد من البلدان في إفريقيا وأوروبا الشرقية بشكل خاص بالتهرب الضريبي في سويسرا من بينها بوروندي ورواندا وغانا.
الوجه الآخر للعُملة
سويسرا هي أيضا ضحية لسوء المعاملات الضريبية للشركات، حيث تخسر البلاد حوالي 5.68 مليار دولار سنويًا نتيجة التهرب الضريبي. وهذا يعادل رواتب 74699 ممرض وممرضة حسب نفس المؤشر.
وفيما يُعزى مبلغ يناهز 881 مليون دولار إلى إساءة استخدام ضرائب الشركات، إلا أن نصيب الأسد (حوالي 4.8 مليار دولار) يأتي نتيجة قيام الأفراد بنقل الثروات إلى الملاذات الضريبية. أما الدول الرئيسية المستفيدة من خسائر سويسرا فهي هولندا (33.2٪) ولوكسمبورغ والولايات المتحدة.
في الواقع، يستند هذا الترتيب والأرقام المتداولة إلى تقرير رابط خارجيأصدرته المنظمة غير الحكومية في شهر نوفمبر 2020 كشف أن العالم يخسر 427 مليار دولار من الضرائب سنويًا بسبب التجاوزات الضريبية الدولية. وهو ما يُعادل خسارة حوالي 9.2٪ من الميزانيات الصحية للملاذات الضريبية أي ما يُوازي 33 مليون راتب سنوي لمُمرّضات.
في ضوء هذه النتائج، تدعو المنظمة غير الحكومية إلى وضع قواعد جديدة في إطار الأمم المتحدة بدلاً من مناقشتها داخل “ناد صغير من البلدان الغنية خلف أبواب مغلقة”، في إشارة للمناقشات السياسية بشأن التجاوزات الضريبية التي تجري داخل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
بوادر تحسّن
مع ذلك، سجّلت سويسرا تحسّناً في بعض المجالات، فقد اتضح أنها ثالثُ أكبر عامل تمكين للسرية المالية في العالم وهي المرة الأولى التي لا تحتل فيها المرتبة الأولى من حيث السرية المالية منذ عام 2011. ويشير التقرير إلى أن هذا التراجع يعني مساحة أقل “لغسيل الأموال والتهرب الضريبي وتركيزات ضخمة في الخارج للثروات غير المشروعة وغير الخاضعة للضرائب”.
يذكر أنه كانت هناك أيضًا تحركات لإنهاء الامتيازات الضريبية للشركات. ففي عام 2019، أيد السويسريون والسويسريات في استفتاء شعبي مبادرة لإصلاح ضرائب الشركات الذي تضمن إلغاء المعاملة التفضيلية للشركات متعددة الجنسيات.
من جهتها، سلطت أسبوعية نويه تسورخر تسايتونغ أم سونتاغرابط خارجي الضوء على التحسينات المسجلة في مجال مكافحة التهرب الضريبي للأثرياء. فعلى مدى عقود، كانت الكانتونات تتنافس لجذب الأغنياء بمعدلات ضريبية منخفضة وما تزال هناك اختلافات كبيرة في معدلات الضرائب بين الكانتونات. وعلى سبيل المثال، أشارت الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ إلى أن أسرة مكونة من أربعة أفراد يبلغ إجمالي دخلها 100 ألف فرنك تدفع 8،830 فرنكًا كضرائب في كانتون برن مقارنة بـ 870 فرنكًا فقط في كانتون تسوغ.
ومع ذلك ، كشفت دراسة جديدة من جامعة برن أن الأثرياء يدفعون – لأول مرة منذ عقود – معدلات ضريبية أعلى من جديد. فمنذ عام 2009 ، ارتفع أدنى معدل ضرائب على المستوى الوطني لأسرة واحدة تكسب مليون فرنك سويسري من 17 إلى 20٪.
ويُعزي ذلك إلى أن بعض الكانتونات أو المدن واجهت مشاكل مالية بسبب سياستها الضريبية التمييزية. كما شهد سوق العقارات أزمة في بعض المناطق الجاذبة للوافدين الجدد.
وقد يكون هناك سبب آخر، يتجلى بشكل أفضل في نجم التنس روجيه فيديرر وقصة انتقاله من منطقة ضريبية منخفضة إلى منزل كبير يُطل على بحيرة زيورخ.، حيث توضح الصحيفة أنه “على غرار روجيه فيديرر، الذي انتقل إلى رابرسفيل الأغلى (على مستوى الضرائب)، يتخلى أثرياء آخرون أيضًا عن الامتياز الضريبي إذا حصلوا في المقابل على نوعية حياة أفضل”.
تصحيح: الرجاء ملاحظة أن نسخة سابقة من هذه المقالة ذكرت بشكل غير صحيح أن خسارة 427 مليار دولار بسبب التهرب الضريبي الدولي تعادل 33 مليار رواتب سنوية للممرضات. وهو ما يعادل في الواقع 34 مليون راتب سنوي لممرضات.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.