عندما تكون الخبرة السويسرية في خدمة الحريف العربي
قد يكون المواطن العربي مريضا يبتغي الحصول على أجود الخدمات الصحية، أو سائحا يرغب في الإستمتاع ببرنامج ترفيهي مُصمّم بحسب طلبات محدّدة، أو رجل أعمال يحتاج إلى مترجم متخصص في اللغات الوطنية السويسرية.. لتلبية كل ذلك، تقدم شركة "عرب كير سويسرا" التي تتخذ من زيورخ مقرا لها للحرفاء العرب حزمة متكاملة من الخدمات تُراعي مقاييس الجودة السويسرية، بل يؤكد القائمون عليها أنهم "مُستعدون للتنقل تبعا لاحتياجات حرفائهم".
ولئن تعددت أغراض هذه الشركةرابط خارجي وخدماتها بين الترفيه وعالم الأعمال، فإن السيد حسيني الحفني، باعث هذا المشروع ومؤسسه، يؤكّد أن الغرض الأساسي منه يظلّ “مساعدة المرضى العرب الباحثين عن العلاجات المتقدّمة في سويسرا”.
السياحة العلاجية
لكن لماذا العلاج في سويسرا ومن المعلوم أن التكاليف في هذا البلد باهظة، وقيمة العملة السويسرية مرتفعة جدا؟ يرد ّ مدير عرب كير في حديث أجرته معه swissinfo.ch في زيورخ: “توجد في سويسرا أفضل وأجود كليات الطب وأمهر الأطباء على مستوى العالم، وأحسن المصحات والمستشفيات من حيث التجهيز والخدمات وأحدث الأجهزة، كما أن عدد العاملين في المجال الطبي كبير“. وعليه فإن العناية الطبية فائقة أيضاً. التكاليف كبيرة تقابلها خدمات مميزة ومنقطعة النظير.
وأما عن الدور الذي تضطلع به شركة “عرب كير” في هذا المجال، فيشرحه السيد الحفني قائلا: “لقد قررنا مساعدة السائح العربي من ناحيتيْن: مساعدة المرضى بتقديم الخدمات اللوجستية، وخدمات التنقّل، والإتفاق لهم على مواعيد مسبقة، وإيصال التقارير الطبية التي يرسلونها إلى الجهات الصحية المعنية، ليتحدّد إلى أي مصحة يجب توجيه تلك الحالة، وكيفية التعامل معها، ثم ارسال نتيجة الإستشارة إلى المريض الذي لا يزال في بلده، وغالباً ما يتم عرض التقارير على أستاذ دكتور (بروفيسور)… ومن ثمّ تحديد موعد القدوم إلى سويسرا، واستقبال الحريف في المطار”.
هذا في علاقة بالمريض، وأما من ناحية المستشفيات، فإن “عرب كير”، وعلى حد عبارة مديرها السيد الحفني “تقوم بدورها كمنسّق ثقافي، أوّلا من حيث الترجمة، وثانيا، من حيث أننا نوفّر على هذه المؤسسات الكثير من العمل والاتصالات، حيث يكون هناك شخص واحد للتواصل”، وبالتالي، يكون كل شيء جاهز حتى قبل وصول المريض.
هذا العمل أصبح ممكنا وسهلا بفضل تقدّم أدوات الإتصال الحديثة، خاصة في ظل انتشار استخدام الإنترنت. إذن فلماذا سيلتجئ المريض إلى وسيط مثل عرب كير سويسرا، إذا كان بإمكانه التواصل مباشرة مع المؤسسات الإستشفائية عن بُعد؟ الأمر ليس بهذه البساطة، يقول صاحب هذا المشروع، الذي لا يزال في بداية مشواره: “نحن الشركة الوحيدة التي يعمل لديها مترجمون متخصصون في مجال الطب والإقتصاد والقانون. ثم إن الخدمات التي نقدّمها قبل وصول المريض إلى سويسرا، مجّانية. وإذا عزم المريض على القدوم إلى سويسرا، يتلقى مكاتبة من المستشفى للحصول على تأشيرة علاج، وكذلك مكاتبة تحتوي التكلفة التقريبية للعلاج لتقديمها للبنك في بلده لتحويل جزء من تكلفة العلاج على حساب المصحة مُسبقا”.
فما هو مقابل هذه الخدمات إذا كان الأمر كما سبقت الإشارة “مجّانيا”؟ هنا يشرح الحسين الحنفي بأن “الإستفادة الاولى للشركة هي في مجال خدمات الترجمة، وايضا الإستفادة من خدمات التنقّل والإقامة والأعمال اللوجستية الأخرى، خارج الدائرة المباشرة للعلاج”. علاوة على أن الإستشارات الطبية الدقيقة التي نحصل عليها “لا تكلفنا شيئا، وهذا بحكم علاقاتنا الوطيدة بأكبر الإستشاريين الطبيبين في سويسرا وأكبر المصحات في مختلف المجالات”، على حد قوله.
وجود هذا المشروع الواعد بلا شك، يسدّ حاجة ماسّة في مجال يشهد توسعا وتطوّرا مضطردا. فعدد الطالبين للعلاج في أوروبا عامة وفي سويسرا بوجه خاص يبلغ 30.000 في العام، ويزيد هذا العدد بمعدّل 10% كل عام. وتشير إحصاءات احدى الملحقيات الصحية بإحدى السفارات العربية، إلى أنها تتكفّل بملفات علاج 600 حالة مرضية سنوياً في أوروبا. ومجال بهذا الإتساع يحتاج لاشك إلى وسطاء محترفين، وإلى علاقات وثيقة مع المؤسسات الصحية، وهو ما يؤكّده فعلا مدير هذه الشركة، حيث يشير إلى علاقات تعاون وثيقة تربطهم مع شبكة هيرسلاندن للمستشفيات الخاصة ومستشفى الأطفال الجامعي بزيورخ والمستشفى الجامعي بزيورخ.
خدمات سياحية ترفيهية
شركة “عرب كير سويسرا” تشرف أيضا على تنفيذ برامج سياحية مصممة خصيصا لتلبية رغبات السياح العرب الوافدين إلى سويسرا بما يضمن لهؤلاء “الراحة والإستجمام، كان هؤلاء أفرادا أم أسرا أم رجال أعمال”.
تشمل حزمة الخدمات في هذا الباب، تنظيم السكن والتنقلات والمرافقة والترجمة في الفنادق واماكن التسوّق. كما تنظّم هذه الشركة رحلات سياحية تأخذ الحرفاء حيث الجبال والبحيرات والمناظر الطبيعية الخلابة. ولهذه الشركة، كما يقول المسؤول الأوّل فيها: “علاقات مع أشخاص مقيمين في البلدان الأوروبية المجاورة لسويسرا، كفرنسا والنمسا وإيطاليا، ولديها اتفاقات مع شركات نقل برّي داخلي، أما بالنسبة للتنقلات الدولية، فتنصح حرفاءها باستخدام خطوط النقل الحديدي المتطوّرة جدا في أوروبا.
حسيني الحفني في سطور
ولد الاستاذ حسيني الحفني في عام 1976 بالأقصر في صعيد مصر، ويحمل الجنسيتيْن المصرية والسويسرية ويقيم بمدينة زيورخ منذ 2003.
حاصل على ليسانس الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية من كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر بالقاهرة، وتلقى دروسا بكلية علم الكلام بجامعة زيورخ في مجال تاريخ ومقارنة الأديان.
حصل على شهادة مترجم ووسيط ثقافي قام بالعديد من الدورات التكوينية في مجال الترجمة الثقافية في مختلف النواحي الصحية والاجتماعية والتعليمية التي تنظمها منظمة اللاجئين بزيورخ، وبدعم من وزارة الصحة السويسرية. وقام في سياق هذه الدورات بإنجاز دراسة حول السياحة العلاجية في سويسرا.
شارك في دورات في مجال الدراسات القانونية والعلوم السياسية والإجراءات المدنية والقانون الجنائي، فضلا عن متابعته دروسا حول تاريخ سويسرا وجغرافيا مدينة وكانتون زيورخ.
يتقن ثلاث لغات: العربية والألمانية والإنجليزية.
من أبرز الانشطة التي يقوم بها: منظّم للسياحة العلاجية العربية إلى سويسرا لدى شركة عرب كير سويسرا، مدرّس للغة العربية للناطقين بالألمانية بمدرسة ريمي بول الشهيرة بتخريج نخبة السياسيين والعلماء البارزين في سويسرا في زيورخ، ومترجم حر لدى العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة في مقاطعة زيورخ.
ويكاد عدد السياح العرب المتجوّلين في الشوارع الرئيسية في زيورخ نهاية شهر أغسطس يتجاوز عدد المارة من السويسريين أنفسهم. وهذا الأمر يؤكّده السيد الحفني فيقول: “عدد السياح العرب هذا العام كبير جدا. ومن قبل كان هؤلاء يتوجّهون إلى جنيف التي كانت تعتبر بمثابة “مكّة السياح العرب في سويسرا”، ثم إلى إنترلاكن في مرحلة ثانية”، قبل أن يضيف: “لكن، نحن، ومن خلال عروضنا، نحاول أن نلفت اهتمام السياح إلى مناطق أخرى لا تقل جمالا، مثل لوتسرن ودافوس وسانت- غالن، والمناطق المتحدثة بالإيطالية”.
ورغم التضييق الواضح على حركة الهجرة إلى سويسرا في السنوات الأخيرة، فإن هذا لا يبدو أنه قد أثّر على حركة السياحة العربية إلى سويسرا. ويرجع هذا – وفقا لمدير “عرب كير سويسرا” – إلى أن “الذين يأتون للسياحة في سويسرا هم في معظمهم من دول الخليج. ثم إن السفارات السويسرية في تلك المنطقة تتعامل بشكل تفاضلي مع مواطني تلك البلدان. فتمنحهم في أغلب الأحيان تأشيرات لمدة ستة أشهر صالحة للتنقل في كل منطقة شنغن، ناهيك أن التأشيرات قد ألغيت مثلا بين سويسرا ودولة الإمارات العربية المتحدة” قبل بضعة أشهر.
ترجمة متخصصة
الحزمة الثالثة من الخدمات التي تقترحها “عرب كير سويسرا” على حرفائها، هي خدمة الترجمة المتخصصة من وإلى اللغة الالمانية، سواء كانت هذه الترجمة تحريرية أو فورية. وتتوزع تخصصات المترجمين العاملين مع هذه الشركة على المجالات الصحية والإقتصادية والقانونية.
أما المستفيدون من هذه الخدمة، فهم من فئات متنوعة تشمل السياح الوافدين أو المهاجرين المقيمين، ومن الباحثين عن علاج أو عن استثمار وتجارة، أو كذلك عن ترفيه ومعرفة بالبلاد. لكن تظل الشريحة الأوسع للمستفيدين من هذه الخدمة، العرب المقيمون أو طالبو اللجوء إلى سويسرا.
يضم فريق المترجمين في هذه الشركة أربعة مترجمين، جميعهم من المحلّفين ومن المتخصصين في مجالاتهم. وهم متواجدون بشكل رسمي على قوائم المترجمين المعتمدين من طرف المستشفيات أو المنظمات العاملة مع المهاجرين واللاجئين أو لدى المحاكم وكتابة الدولة للهجرة. ناهيك عن قوائم المترجمين الثقافيين الذين حصلوا على دورات تدريبية سبق أن نظّمتها منظمة اللاجئين بزيورخ بالتعاون مع وزارة الصحة السويسرية.
وفي سياق الحديث عن الدور الإجتماعي المطلوب من المترجم الثقافي الإضطلاع به، يقول المترجم السويسري – المصري: “لدينا خطّة لتنظيم منتديات ليلية نساعد من خلالها اللاجئين الجدد على الإندماج في المجتمع السويسري، وكذلك تنظيم دورات خاصة بالسكان الأصليين لمساعدتهم على التعامل مع الوافدين الأجانب، وفهم خلفياتهم الثقافية المتنوعة”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.