قطاع المنسوجات التونسي يحصد مكاسب من خطة دعم سويسرية
قطعت تونس شوطا مهما في تكثيف صادراتها من المنسوجات، في تطور لا يعكس حالة الكساد التي تُخيم منذ فترة على القطاع الصناعي عموما. في هذا الإطار، استفاد قطاع المنسوجات والملبوسات المحلي من دعم سويسرا له، ماديا وتقنيا، إذ قدمت برن دعما ماليا بقيمة 1.3 مليون فرنك للمصانع المحلية، في إطار برنامج أطلق عليه اسم (COMTEXHA) واستمرَ عامين.
نجاحُ هذا المشروع حفّز الجانب السويسري على توسيعه في مرحلة ثانية إلى أربعة بلدان أخرى، هي مصر والمغرب وقرغيزيستان وطاجكستان. ويتنزل الدعم في إطار خطة مشتركةرابط خارجي بين الكنفدرالية ومركز التجارة الدوليةرابط خارجي تمثلت في منح الحكومة التونسية 9.5 مليون فرنك، بالتنسيق مع أمانة (أو كتابة) الدولة السويسرية للشؤون الإقتصاديةرابط خارجي.
في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، شرحت نجلاء غشام، المكلفة ببرنامج التنمية الإقتصادية المندمجة والتشغيل بالسفارة السويسرية بتونس أن الأمر يتعلق ببرنامج رباعي يُعرف اختصارا بـ “دجيتكس GTEX” أو “البرنامج العالمي للمنسوجات والملابسرابط خارجي“، ويرمي إلى مساعدة البلدان الخمسة المذكورة على إنشاء مؤسسات مستدامة وقادرة على المنافسة، وكذلك على إيجاد فرص عمل دائمة، وخاصة للنساء والشباب. وفي السياق نفسه، أوضحت أرانشا غونزالس، المديرة التنفيذية لمركز التجارة الدولية أن “هذا البرنامج الرباعي الجديد يندرج في إطار استمرار الشراكة الممتازة بين سويسرا ومركز التجارة الدولية”. وتوقعت أن يُتيح البرنامج “المُضيَ بنجاح في تداخلاتنا في قطاع حيوي، يُشغل عددا كبيرا من العاملات والعمال الشباب في البلدان النامية”.
بالاضافة لتحسين الأداء الإجتماعي والبيئي للمؤسسات، سيتوجّه البرنامج، بحسب غونزاليس، إلى “تعزيز القدرة على المنافسة وتذليل العقبات الكثيرة التي تعترض المصانع لدى محاولتها النفاذ إلى الأسواق”.
تنمية مُستدامة
مركز التجارة الدوليةرابط خارجي هو الوكالة المشتركة بين منظمة التجارة العالمية والأمم المتحدة.
يدعم المركز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية أو التي تمرُ بمسارات انتقالية، من أجل أن تصبح أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
وهو يُساهم بذلك في التنمية الإقتصادية المُستدامة، في إطار “خطة دعم التجارة” وأهداف الألفية من أجل التنمية.
ربط الجسور
في الأثناء، يُعتقد أن البرنامج العالمي للمنسوجات والملابس “دجيتكس” لن يكتفي بالدعم المُقدم لمصانع المنسوجات والملبوسات، وإنما سيعمل على ربط الصلة بينها وبين المؤسسات الصناعية السويسرية من أجل الإستفادة من خبرتها، بما يُحقق مصلحة الجانبين.
عموما، تُقدرُ إحصاءات مركز التجارة الدولية حجم تجارة المنسوجات والملبوسات في العالم بنحو 700 مليار دولار في عام 2016. وقد ساهمت البلدان الخمسة التي يستهدفها برنامج “دجيتكس” بـ 8.5 مليار دولار من ذاك الرقم الإجمالي. أما الصادرات المصرية والمغربية فبلغت حوالي 3 مليار دولار لكل منهما، فيما وصلت الصادرات التونسية إلى 2.5 مليار دولار. وبالرغم من أن جميع البلدان المستفيدة من البرنامج تملك قاعدة صناعية يُعتدُ بها، فإنه يتعيّن عليها تنويع المنتوجات والأسواق، مع تحسين نوعية العلاقة مع الزبائن، بُغية المحافظة على مستوى الصادرات وتنميته.
يشتمل برنامج الدعم على عدة مسارات من بينها كيفية إدارة المعارف والعلاقات الإستراتيجية، وهي مُكملة للجهود المماثلة على النطاق الوطني. ويُقدرُ أنها ستُمكن المؤسسات المحلية من الإستلهام من أفضل الممارسات الإقليمية والدولية في هذا المضمار، بما في ذلك الديمومة الإجتماعية وحماية البيئة، بما يجعلها تُحسنُ من عملياتها التجارية. أكثر من ذلك، سيُساهم هذا الجانب في تحفيز المؤسسات المحلية في البلدان الخمسة على التعلُم من التجارب الإقليمية والدولية، على نحو يُوفر فرصا لربط تلك المؤسسات بمبادرات قد تُؤمّن مستقبلا زاهرا للقطاع.
12 مؤسسة تونسية
في إطار هذا البرنامج، أطلقت سويسرا مشروع دعم المنافسة المُوجَه لمصانع المنسوجات والألبسة التونسية (يُشار إليه اختصارا بـ COM-TEXHA) من أجل حفزها على تنويع منتوجاتها وزبائنها والوصول إلى أسواق جديدة. وبالفعل، أعطى المشروع نتائج إيجابية إذ استطاعت 12 مؤسسة تونسية تعمل بالمناولة أن تبعث أصنافا جديدة من المنسوجات، بل وتمكنت ستٌ منها أن تمنح نفسها علامة تجارية مُميزة خاصة بها.
في هذا الصدد، أوضحت نجلاء غشام لـ swissinfo.ch أن مسارين مختلفين تم إحداثهما في إطار المشروع المُخصّص لتونس، يُتوَجُ الأول بالحصول على شهادة مهنية كرئيس إنتاج، بالتعاون مع الوكالة التونسية للتكوين المهني، ويتعلق الثاني بالحصول على الإجازة، بالتعاون مع “المعهد العالي لحرف الموضة”، ومقره في مدينة المنستير (وسط).
مرحلة ثانية
إلى ذلك، تم إنشاء منصة اليكترونية لقطاع المنسوجات والملبوسات التونسي لتنشيط التبادل التجاري وإيجاد شراكات بين المؤسسات المحلية العاملة في القطاع وسائر الفاعلين الآخرين. ومن حصاد هذه التجربة أيضا إحداث قاعتي عروض للمنتوجات واحدة في قطب المنافسة بمحافظة المنستير والثاني في ضاحية منوبة شمال العاصمة تونس. والحصاد الآخر يتمثل في تكوين تجمّع (كونسورتيوم) يضم المؤسسات المتخصصة في الملابس الداخلية ولباس السباحة، شكل أنموذجا لإمكانات التعاون بين مؤسسات متنافسة، إذ أنها ستتفاوض مُجتمعة على أسعار المواد الأولية التي ستشتريها، وستجمع صادراتها معا للتخفيف من كلفة النقل.
نجلاء غشام أضافت أن الحصاد الإيجابي للتجربة تأكد من خلال عملية تقويم خارجية للأداء أجريت في أكتوبر 2016، وهو ما حفز سويسرا على إطلاق مرحلة ثانية من المشروع انطلقت في شهر يناير 2018. وأضافت أن المرحلة الجديدة ستعتمد على النتائج التي أفرزتها تجربة كوم تاكسا” COM-TEXHA ” وخاصة على التوصيات التي تضمنتها عملية التقويم.
500 خطة ومشروع
تلعب أمانة (أو كتابة) الدولة للشؤون الإقتصادية دور مركز الخبرة السويسري في جميع المسائل المتعلقة بالسياسة الإقتصادية، حيث يتبع مركز إسداء الخدمات واسمه “التعاون والتنمية الإقتصادية” أمانة الدولة، وهو يساهم في تحقيق الأهداف الإستراتيجية للسياسة الإقتصادية السويسرية.
في الوقت الحاضر، تُدير أمانة الدولة للشؤون الإقتصادية حوالي 500 خطة ومشروع ترمي لإدماج البلدان الشريكة في الجنوب والشرق في الإقتصاد العالمي وزيادة قدرتها على المنافسة في الأمد الطويل.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.