من سيفوز بكأس العالم؟ هكذا تُجيب الأرقام!
في عالم اليوم، أصبح للتحليلات الإحصائية، أيضا في مجال كرة القدم، شأن عظيم، ويبرز مرصد نوشاتيل لكرة القدم كواحد من بين المؤسسات الرائدة في هذا المجال، وبالمناسبة وجّهت swissinfo.ch إلى مديره رافائيل بولي، عدة أسئلة، من بينها سؤال حول أوفر الفرق الوطنية حظا بالفوز ببطولة كأس العالم لكرة القدم في روسيا.
كم تبلغ القيمة السّوقية لمحمد صلاح؟ وهل يُعقل أن يدفع فريق باريس سان جيرمان مبلغ 220 مليون يورو لشراء نيمار؟ وهل يمكن المقارنة بين شخصية باولو ديبالا وشخصية ليونيل ميسي؟
ويبدو لمن يتصفح موقع “مرصد كرة القدم” التابع للمركز الدولي للدراسات الرياضية في نوشاتل على الإنترنت وكأنه يدخل إلى لعبة مدير كرة القدم.
وبحق يمكن اعتبار الموقع وكأنه منجم حقيقي للذهب، سواء لهواة كرة القدم أو لمحترفيها، وذلك لما يقدمه من بيانات تتعلق بالتمريرات، وتخليص الكرة، وخطورة اللاعبين، فضلا عن متوسط عمر الفريق ونسبة اللاعبين الأجانب فيه، ومدى الاستقرار في عداد اللاعبين …
“قمنا بتأسيس المرصد في عام 2005، وحينها كان لا يزال علم البيانات واستخدام الكم الهائل من البيانات ’البيانات الكبيرة‘ في مجال الرياضة – وفي كرة القدم بالذات – في بدايته”، على حدّ قول رَفائيل بولي ، المسؤول عن المرصد الذي يضم ثلاثة باحثين وموظف مسؤول عن إدخال البيانات.
وتساعد النشرات الاخبارية الأسبوعية التي يتيحها المرصد للعامة في سبر أغوار نتائج دراسات الباحثين، وتشكيل تصور حول الفرق الوطنية الأوفر حظا للفوز ببطولة كأس العالم في روسيا.
القيمة الصحيحة
في بداية عهده، كان اهتمام المرصد منصبّا بشكل رئيسي على الديموغرافيا والهجرة، ومنها بدأ يتعقّب مسارات هجرة اللاعبين الأفريقيين والأمريكيين الجنوبيين الذين يلتحقون بالأندية الأوروبية، وبعد ذلك حصلت وفرة في البيانات الإحصائية – الخاصة بكرة القدم من تمريرات واعتراضها وركلات والعرقلات … – فوسّع المرصد اهتماماته نحو أمور أخرى.
وقال رَفائيل بولي: “قمنا بتطوير أس بحثي جديد، عبر اعتماد خوارزمية للمقارنة بين الأندية واللاعبين بناء على الأداء، ثم وضعنا منهجا يأخذ في الاعتبار عشرات العوامل، التي يمكننا من خلالها حساب القيمة السوقية الصحيحة للاعب، وهناك طلب كبير على هذه الخدمة من قبل النوادي وتجار هذه السوق”.
وفي السنوات الأخيرة، انتشرت الشركات العاملة في مجال الإحصائيات والتحليل الرياضي كالنار في الهشيم، وأصبحنا اليوم نشاهد اهتماما كبيرا، ومنه استحواذ مجموعة “بيرفورم Perform” البريطانية، التي تأسست عام 2007 ، على شركة “Opta Sport and Soccerway”، الرائدة في مجال التزويد بالبيانات الرياضية.
وبالمقارنة مع تلك الشركات، يتميز مرصد كرة القدم بالنهج الأكاديمي، ووفقا لمديره: “لسنا مسجلين في السجل التجاري، بالرغم من أننا نقوم في بعض الأحيان بأبحاث مدفوعة الأجرة، والمركز الدولي للدراسات الرياضية، الذي نعمل فيه، مموّل في الأساس من قبل الفيفا”.
من أجل كرة قدم مستدامة
ومن أهم ما يحفز الباحثين، هو حب الرياضة التي باتت معرضة للخطر بسبب ما يسميه رَفائيل بولي “المضاربة المفرطة”، وكذلك التفكير بأن “كرة القدم الأكثر استدامة وصحية” لا تزال ممكنة.
“ينبغي تطوير كرة القدم بحيث تُقيّم المواهب، لا أن تستخدم كسلعة من مقتبل سن الشباب”
“ينبغي تطوير كرة القدم بحيث تُقيّم المواهب، لا أن تستخدم كسلعة منذ مقتبل سن الشباب، وهذه المشكلة وجدت منذ سنوات، إلا أنها تفاقمت مع زيادة ميزانية النوادي، ومع ظهور أموال استثمارية تضارب على اللاعبين، ومع تحوّل العديد من الوكلاء إلى مستثمرين على حساب الفرق الرياضية، ومع تفقير الآلية الجديدة للأندية الرياضية التي تُنشئ وتعد هذه المهارات”، وفق ما أفاد بولي.
والحقيقة أن محاولة تحديد قيمة اللاعب بشكل موضوعي يعني توفير وسيلة لمكافحة هذا النوع من الانجراف في عالم الكرة: “يجري في الوقت الراهن إصلاح نظام التنقل، ونحن كخبراء يمكننا تقديم بيانات صالحة وموضوعية وتاريخية تأخذ في الاعتبار عوامل معينة تتيح تنظيما أفضل”.
وفي بعض الأحيان، قد تكون هذه البيانات معارِضة للرأي السائد، فقبل أقل من عام، ربما تسبب رفائيل بولي في إثارة دهشة البعض، حين صرّح بأن المبلغ المدفوع من قبل “باريس سان جيرمان Paris Sait-Germain” لنيمار (222 مليون يورو) يمثل الاستثمار العقلاني ويتماشى مع القيمة السوقية المقدّرة من قبل المرصد.
“في حين، كانت هناك تنقلات، كما حصل مع كايل ووكر وبنيامين مندي اللذين تم شراؤهما بضعف السعر المُثمّن (تم شراؤهما من مانشستر سيتي بمبلغ 51 و57 مليون يورو على التوالي)، وهذا بالفعل تضخم بمعنى الكلمة”، وفق قول بولي.
حجم بيانات كبير في خدمة كرة القدم
إضافة إلى القيمة السوقية، فإن علم البيانات المطبق في كرة القدم آخذ في التوسع، وقد أصبحت جميع الشركات الكبيرة تعتمد اليوم على خبراء متخصصين في تحليل الإحصائيات، وأصبح يُنظر للمدربون الذين لا يأخذون هذا الأمر في الحسبان باعتبارهم فنّيين غير مواكبين لتطورات العصر: “نفس الشيء حدث مع الإعداد البدني، حيث استغرق سنوات قبل أن يتكيّف مع الأسلوب الجديد، كالعمل على شدة السباق وليس على المسافات الطويلة”، كما لفت رفائيل بولي.
وماذا سيحدث خلال بضع سنوات؟ سيتم اتخاذ القرارات التقنية البحتة من التكنولوجيا والتحليل، وليس من المدرب، وهو ما تنبأ به جيسون روزنفلد، مستشار المدير الفني السابق لنادي أرسنال أرسين فينغر.
لكن مدير مرصد كرة القدم يرى أن: “روزنفيلد هو أميركي، وينهج أسلوب “البيسبول”، لكنه مخطئ، نظرا لأن كرة القدم لعبة مختلفة، وتخضع أكثر في طريقة التدريب وفي التمارين وفي الوقاية من الحوادث للعلم والتكنولوجيا. مع ذلك، لا تمثّل البيانات، على المستوى الفني والتكتيكي، سوى وجها واحدا من العملة، حيث يمكن أن تخدم في الجانب التوصيفي، أما في التحليلي فليست دائما كافية، باعتبار أن الخطأ عنصر أساسي في كرة القدم، ولولا مخاطرة اللاعب – أي تعريض نفسه للخطأ – لما نجح في القيام بتلك الحركة التي قلبت موازين المباراة، أي أن مثل هذه المفاجآت، التي لا يمكن التنبؤ بها، هي التي تصنع الفِرَق الكبيرة”.
كيف يتم جمع البيانات؟
يعتمد مرصد كرة القدم فيما يتعلق بأسعار تنقل اللاعبين على مواقع البطولات الكروية والنوادي والبوابات ذات الاختصاص.
أما بشأن أداء لاعبي البطولات الخمسة الأولى “big-5” (الدوري الإنجليزي والإسباني الألماني والفرنسي والإيطالي)، فيتم جمع البيانات من قبل الشركة المتخصصة “OptaPro”، عن طريق الصور التلفزيونية، حيث تخضع كل مباراة للتحليل بواسطة ثلاثة فنّيين، وهؤلاء بدورهم يقومون بتسجيل البيانات الإحصائية الخاصة بكل لاعب على حدة.
ويقول رَفائيل بولي: “إن هناك شركات أخرى تدّعي بأنها قادرة على جمع البيانات بطريقة شبه أوتوماتيكية، ولكننا ما زلنا بعيدين عن هذا الهدف رغم يقيننا بأننا سنصل يوما ما إليه. يتعذر على أي خوارزمية الإحاطة بكل شيء، وما إذا كان اللاعب قام بعرقلة خصمه أم لا؟ وما يزال التحليل البشري ضروريًا، في الوقت الراهن، من أجل زيادة فهم حركة فنية ما”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.