“لا تستخدموا أموال ضرائبنا لتشجيع الإستغلال”
اتّـهمت المُنظمة السويسرية لِـدعم العمّال، العديد من البَلديات في سويسرا، بالنَـظر إلى السِعر حصراً عند القيام باستيراد إحدى البضائِع من خارج الكنفدرالية، بدون التفكير في الكيفية التي أنتِجـَت بها هذه البِـضاعة. وحَسب هذه المُنظمة، تتحمَّـل البلديات بِعَملها هذا مسؤولية إنتشار الإستغلال والرِقّ وعَمالة الأطفال في العديد من بلدان العالم.
وتقود المنظمة السويسرية لدعْـم العمّال، حملة تدعو إلى لَفت الإنتباه إلى هذه الظاهرة وتَغيير هذه السياسة. ومنذ تأسيسها في عام 1936 من قِـبَل كلّ من الحزب الإشتراكي والإتحاد السويسري لنقابات العمّال، تسعى هذه المنظمة إلى الحَدّ من الإستغلال وإلى خلق مجتمع أكثر عدلاً، من الناحية الإجتماعية والسياسية والإقتصادية.
وتَضرب هذه المنظمة مثلاَ بنوعيْـن من البضائع التي تمّ استيرادها من قِـبل المجالس المحلّية السويسرية، ألاَ وهي الأحجار المستخدمة في عملية تبليط الشوارع والتي تُنتَج في المحاجر الهندية في ظروف عمل سيِّـئة للغايةِ، وكُرات القدَم المُستَخدمة في المدارس والتي يخيِّـطها الأطفال في باكستان.
ويقول كريستيان أنغلي، الناطق الإعلامي بإسم المنظمة: “يَنبغي على البلديات والمدُن السويسرية أن تسعى إلى تطبيق حقوق الإنسان الأساسية ودعم قوانين العمل، بدلاً من مُحاولة توفير بضع فرنكات”. وحسب أنغلي، فإنّ بإمكان الرأي العام التأثير على المُنتِـجين وإحداث التغيير المطلوب، على الأخص عندما يتعلّـق الأمر بكميات شرائية كبيرة.
وتُقدِّر المنظمة السويسرية لدعْـم العمّال، حجْـم البضائع التي يتمّ استيرادها سنوياً من قِبَل الخزينة العامة، بـ 36 مليار فرنك (ما يعادل 35 مليار دولار).
ووِفقا لأنغلي، فإن هناك طلباً متزايداً في قطاع البناء لشراء الأحجار الطبيعية، التي تدخل في عملية تبليط الشوارع، بالإضافة إلى المنسوجات المطلوبة في المستشفيات ودُور المُسنِّـين. كما يشكِّـل كلٌّ من الشاي والقهوة المُستهلَـكة في مطاعم المباني الحكومية المحلية وكذلك كرات القدم المُستخدمة في المدارس، نِـسبة كبيرة من هذه المُـشتريات. ويُعلق أنغلي قائِلاً: “يُمكن أن تكون مُنتَجات التجارة العادلة، هي البديل المُناسب هنا”.
وتدعو الحملة التي أطلقتها المنظمة السويسرية لدعْـم العمّال يوم 23 أغسطس 2010 بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ذكرى تجارة الرقيق وإلغائها، إلى إستيراد البضائِع من مصادر نزيهة. ويُتيح موقع هذه المنظمة على الإنترنت الفرصة للسويسريين للإطِّـلاع على ما تورِّده البلديات التي يقيمون فيها، حيث يُمكن التحقق من إلتزام البلديات المعنِـية باستيراد البضائع المطلوبة من مصادر نزيهة. ويَحمل الموقع عنواناً مُستَفِزّا للمتصفح إذ يتساءل: “ما هو نوع الاستِـغلال الذي تريده”؟
تفان وإلتزام
يستنِـد تصميم الحملة التي تقوم بها المنظمة السويسرية لدعْـم العمّال، على مُنتج إعلاني لحزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، لكن وعلى النقيض من هذا الحزب، تكفل هذه المنظمة التِـزام سويسرا بالقِـيم الإيجابية، وحسب قول أنغلي: “يجب أن يرمز الصليب الموضوع على العَلم السويسري، إلى التضامن والإلتزام الإنساني والإنفتاح على العالم الخارجي”.
كما أشار الناطق الإعلامي باسم المنظمة، إلى وجود العديد من الأشخاص المُتفانين الذين يكَـرّسون جهودهم لتحقيق الإستدامة الإجتماعية في هذه البلديات، وهو ما أثبتته المُدن التي تقوم بتنفيذ سياسة الشراءات العادلة أيضاً.
ويضيف أنغلي قائِلاً: “تعتَبَر كلٌّ من مدينتَـيْ زيورخ وآرليسهايم (في ريف كانتون بازل)، الأكثر مُثابَرة وإلتزاماً بهذا النهج”، كما يقول بأنّ هناك بالفعل أكثر من 100 بلدية مُمتدّة ما بين العاصمة برن ومدينة لوتسرن، أبدَت إلتزامها بسياسة الشراء العادلة. وحسب أنغلي، فإن الحملة لا تسعى إلى ممارسة الضغط فحَسب، بل إلى تعزيز القِـوى الإيجابية كذلك.
الحاجة إلى العمل لا تزال مُستمرّة
وفي السياق نفسه، استحدث كانتون غراوبوندن مبادئ توجيهية جديدة، لتحقيق عمليةِ شراءٍ عادلة. ولكن “البلديات لم تَصل إلى المُستوى المطلوب بعدُ”، حسب أنغلي، حيث لا تزال هناك نحو 2500 بلدية لم تحقق الإلتزام المطلوب حتى الآن، مُتَحملة بذلك مسؤولية إنتشار الإستغلال. لذلك تهدف الحملة إلى دَفع هذه البلديات إلى تَغيير سياستها.
ويقول الناطق الإعلامي باسم المنظمة السويسرية لِدَعم العمّال: “تُـشير تجربتنا إلى استعداد البلديات للإجابة على أسئلة المواطنين، الذين يتساءلون عن سياستها الشرائية، حتى وإن كانت غير مُلزمة بذلك”. ويستطرد قائِلاً: “لقد شارك 120 شخصاً في اليوم الأول من بداية الحملة، ومن المؤكّـد وصول المئات من الإستفسارات وطلبات التوضيح إلى هذه البلديات”.
وستقوم المنظمة بالإعلان عن نتائِج الدراسة الاستقصائية، التي أجرتها مع هذه البلديات، في نهاية شهر سبتمبر 2010.
أموال دافِـعي الضرائب
ومع ذلك، لا يزال النقاش مُستمِـراً فيما يتعلّق بالأسعار. ويتعرّض القطاع العام إلى ضغوط لتوفير الأموال والشراء بأسعار مُـواتية على الدّوام. ولكن، والكلام لأنغلي دائِماً: “لا يعني الشراء بسعرٍ “موات”، أن تكون البضاعة “رخيصة بشكل إستغلالي”. وقد طالبت المنظمة السويسرية لدعم العمّال في وقت مبكّـر من عام 2008، “بعدم استِـخدام أموال دافعي الضرائب من أجْـل الإستغلال”.
في سياق متصل، تطالب منظماتٌ إنمائية ووكالات مَعونة أخرى، بتحقيق نفس الأهداف التي تدعو إليها المنظمة السويسرية لدعْـم العمّال. وقد شهِد ربيع عام 2010 حملة قامت بها كلٌّ من الجمعية الكنسية الخيرية المُسمّـاة “الخبز للجميع” ومنظمة “حركة الصوم “، (وهي منظمة سويسرية كاثوليكية تهدِف إلى تحفيز السكّان في سويسرا على التفكير في ظروف المعيشة في البلدان المحرومة في الجنوب)، تحت عنوان “أوقِـفوا التجارة غيْـر العادلة.”
وفي ختام الحملة، عَرَضَت المُنظمتان نتائِج استِطلاع الرَأي، الذي قامتا به في الكانتونات بخصوص التجارة العادلة في القطاع العام كشفت عن نتائج مُتفاوِتة بين الكانتونات في مجال مَصادِر البضائع المُستوردة.
فروقات طفيفة
وحسب قول بِـيات ديَتشي، السكرتير العام لمنظمة “حركة الصوم”، فإنَّ ما يُثير الإهتمام هو عدم ملاحظة زيادة كبيرة في التكاليف عند الدوائر المُـوَردة المُختصّـة، التي قامت بتطبيق المعايير البيئية والاجتماعية بالفعل، وهو يقول بأن منظمته وبالتعاون مع منظمات غير حكومية أخرى، قامت بتقديم إيعازات تهدِف إلى تطبيق تجارة مُنصِـفة وظروف عمل عادلة منذ وقت مبَكّـر.
وتعمل هاتان المُنظمّـتان جنْـباً إلى جنْـب مع المنظمة السويسرية لدعم العمّال ضمن فريق عملٍ غير رسمي. ويقول ديَتشي: “من وجهة نظرنا، تمثل ظروف العمل المُهينة والعلاقات التجارية غير العادلة، أحد الأسباب الهامة للفقر والجوع في العديد من البلدان النامية”. وعلى ضوء تزايُـد الفقر العالمي، فإن الأمر لا يتعلق بالسِّـلع والبضائع، ولكن بالحياة البشرية”، على حد تعبير السكرتير العام لمنظمة “حركة الصوم”.
فييرا مالاخ – swissinfo.ch ووكالة Infosud السويسرية
وفقا للمنظمة السويسرية لدعم العمّال، هناك 12 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يُعامَـلون كالعبيد.
ويبلغ عدد الأطفال الذين يُجبَـرون على العمل في جميع أنحاء العالم، 218 مليون طفل.
كما يوجد هناك 1,200,000,000 شخص يعملون مقابل أجُـور يومية تبلغ أقلّ من دولارين في اليوم، ويقرب هذا الرقم من 20% من مجموع سكان العالم.
وفي حين يعمل 1,8 مليار شخص بشكل غير رسمي، أي من دون عقد عمل أو ضمان إجتماعي أو حماية قانونية و برواتب بائسة جداً في أغلب الأحيان، لا يتمتع سوى 1.2 مليار بِعقد عمل.
ويكسب حوالي 40% من جميع العاملين في العالم، أقل من دولاين أمريكيين في اليوم الواحد، وهم يعيشون في حالة فقر، حسب تعريف الأمم المتحدة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.