لماذا تمنع سويسرا نقل أسلحة ومعدات إلى أوكرانيا؟
على الرغم من الضغوط التي تتعرض لها من الخارج، لا تزال الحكومة الفدرالية متمسّكة بموقفها الرافض لنقل أسلحة من إنتاج سويسري إلى أوكرانيا. وبسبب حيادها، تُواجه سويسرا الآن معضلة.
حظرت سويسرا على كل من ألمانيا والدنمارك نقل ذخيرة أو دبابات من صنع سويسري إلى أوكرانيا، لكن هذا الموقف يُقابل بعدم التفهّم في الخارج.
في البرلمان السويسري أيضًا، تتعالى بعض الأصوات مُطالبة بتخفيف القواعد المتعلقة بحظر تصدير العتاد الحربي إلى مناطق النزاعات.
طالب غيرهارد بفيستر، رئيس حزب الوسط (الديمقراطي المسيحي سابقا) من الحكومة الفدرالية تعديل القانون الفدرالي بشأن العتاد الحربي من خلال قانون الطوارئ للسماح بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا. وسبق للحكومة السويسرية أن استخدمت خلال جائحة كوفيد – 19 قانون الطوارئ المنصوص عليه في الدستور الفدرالي.
لكن لا يُمكن اللجوء إلى قانون الطوارئ إلا عندما يكون هناك نقص وحاجة إلى تنظيم قانوني واضح لا يمكن الالتفاف عليه بموجب قانون الطوارئ.
علاوة على ذلك، وفقا للقواعد الدولية المنظمة للحياد، لا يُمكن لسويسرا تعديل القانون الفدرالي بشأن العتاد الحربي بشكل يُمكن أن تحظى فيه أوكرانيا بمعاملة تفضيلية مقارنة بروسيا. ولا يجوز لسويسرا أن تُعدّل مبدأ المساواة في المعاملة المنصوص عليه في قانون الحياد بمقتضى قانون الطوارئ أو بدونه.
لكن الحكومة السويسرية لم تتزحزح عن موقفها قيد أنملة. فقد قررت يوم 3 يونيو الجاري التأكيد على موقفها السابق من حيث المبدأ. وتبرر الحكومة موقفها هذا باحترام القانون الدولي ومبدأ الحياد وقواعد القانون الوطني بشأن تصدير العتاد الحربي.
الحياد يتطلب المساواة في المعاملة
في الواقع، يضع الحياد سويسرا أمام معضلة: فمن جهة، هناك قانون الحياد، المحدد بدقة في اتفاقية لاهاي لعام 1907، الذي يحظر نقل عتاد حربي إلى أي جهة مشاركة في نزاع مسلح، بشكل مباشر أو بواسطة أطراف ثالثة، إذا لم يتم تزويد الطرف الآخر في النزاع بعتاد حربي في نفس الوقت.
المزيد
إلى أي مدى تبدو سويسرا مُحايدة فعلاً؟
ولا يتوقف الأمر على تزويد روسيا بالأسلحة وهو شيء مستبعد في الواقع المعاش (حتى سويسرا المُحايدة تُدين روسيا بوصفها الدولة المُعتدية في هذه الحرب)، ولكن هناك أيضا سؤال أساسي يطرح نفسه: “إذا ما استثنينا تجار الاسلحة، من يُمكن أن يؤيد تزويد المتحاربين بالعتاد الحربي”، يتساءل باسكال لوتاز، الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية ودراسات الحياد في معهد واسيدا بطوكيو. مُضيفا أنه “لأسباب إنسانية، ينبغي ألا تكون هناك صادرات على الإطلاق”.
يرى بعض الباحثين أن حظر اللجوء إلى القوة والحق في الدفاع عن النفس المنصوص عليهما في ميثاق الامم المتحدة يجعل من قانون الحياد – وفقا لما نصت عليه اتفاقية لاهاي لعام 1907 – أمرا عفا عليه الزمن.
يقول البعض إن منظومة الامم المتحدة تُعاقب المعتدي وتمنح جميع البلدان الأخرى الحق في تقديم العون إلى المُعتدَى عليه باستخدام السلاح. ويخلص البعض إلى أنه لم يعد هناك مجال للحياد في مثل هذا النظام.
يقول سايمون غاوزفيغ من جامعة فيادرينا الأوروبية في فرانكفورت: “لكن في رأيي، هذا ليس هو الحال”. فشرط المساعدة حق – وليس التزاما. ويُمكن للبلدان مساعدة ضحية هجوم مسلح- وليسوا مُجبَرين على ذلك. وبامكانها أيضا ان تظل مُحايدة”.
ويذهب البعض أيضا إلى أن الدول المُحايدة قد تنازلت عن حقها في تقديم المساعدة إلى الدول الأخرى في سياق الدفاع الجماعي عن النفس.
ويشارك هذا الرأي أيضا ستيفن هيرزوغ، الباحث في مجال منع انتشار الأسلحة النووية في مركز الدراسات الأمنية في جنيف، الذي يؤكد أنه “”من الصعب التوفيق بين نظرية الحياد العسكري ومُمارسة تصدير الأسلحة”.
إنتاج الأسلحة لابد أن يكون مُربحا
لفهم سبب تصدير سويسرا للأسلحة، يجب القاء نظرة مرة أخرى على التزامات الدولة المُحايدة. فمن مقتضيات قانون الحياد قدرة الدولة المحايدة على ضمان حرمة أراضيها وسلامتها. وبما أن سويسرا لا تتمتع بأي ضمانات أمنية من بلدان أخرى – كما هو الحال بالنسبة لكوستاريكا غير المسلحة التي تتمتع بحماية الولايات المتحدة – يتعيّن عليها بالتالي الدفاع عن أراضيها باستخدام أسلحة في حدود معقولة.
وتقول الباحثة الأمنية ليا شاد: “بسبب حيادنا المسلح، ننتج أيضا عتادنا وذخيرتنا للدفاع عن وطننا، لذلك نحن لا نعتمد بالكامل على ما تنتجه بلدان أجنبية”. وبما أن الصناعة المحلية للأسلحة والمعدات الحربية تعتمد – وفقا للحكومة السويسرية – على الصادرات بسبب محدودية السوق الداخلية في الكنفدرالية، فإن سويسرا تقوم أيضا ببيع الأسلحة إلى الخارج.
(نقله إلى العربية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.