استقر حوالي 8300 مقيم جديد في جنيف خلال عام 2014 أساسا من أجل العمل، فيما يُعتبر أوضح زيادة في عدد سكانها منذ ستينات القرن الماضي. فمن هم هؤلاء الوافدون الجدد؟ وما الذي قادهم إلى هناك؟ swissinfo.ch إلتقت البعض منهم للوقوف على الأسباب واستطلاع حقيقة الأمر.
يقول سيباستيان، وهو شاب في العشرين من العمر من فرنسا، عثر مؤخرا على عمل بدوام كامل كبائع في مجال الإلكترونيات في هذه المدينة الواقعة أقصى غرب سويسرا: “بإمكاني أن أكسب هنا ثلاثة أضعاف ما أحصل عليه في فرنسا”.
ويضيف سيباستيان: “قمت بالعديد من المقابلات في جنيف وفي فرنسا، ولكن الوضع هنا أفضل من حيث جودة الحياة والمرتّب. قد يحتاج العمل هنا إلى وقت أطول قليلا من أي مكان آخر، لكن الأمر يستحق ذلك”.
وكشف هذا التقرير ارتفاعا ملحوظا في عدد هؤلاء العمال المُشابهين لـحالة “سيباستيان” من المناطق الحدودية للبلدان المجاورة. ويشكّل العمال الاجانب حوالي 20% من اليد العاملة في المدن الحدودية مثل جنيف وبازل، وأزيد من الثلث في كانتون التيتشينو الجنوبي، المتحدث بالإيطالية.
في النصف الأوّل من عام 2015، فاق عدد المهاجرين الذين تحوّلوا إلى مقيمين دائمين في سويسرا 38.000 نسمة. ووفقا للأرقام التي كشف عنها تقرير لكتابة الدولة للهجرة التابعة لوزارة العدل والشرطة، استضافت الكنفدرالية التي يبلغ عدد سكانها 8.2 مليون ساكن، قرابة مليونيْ أجنبي في موفى شهر يونيو الماضي، وينحدر غالبية هؤلاء المهاجرين من بلدان مثل إيطاليا، وألمانيا، والبرتغال، وفرنسا، وكوسوفو. وما بين شهريْ يناير ويونيو 2015، قدم قرابة 76.000 مواطن من هذه البلدان الاوروبية إلى سويسرا للعمل، وقد استفاد البعض منهم من رخص الإقامة القصيرة المدى.
في العام المنقضي، بلغ عدد المهاجرين 73.000 شخص، وهم رقم أدنى بقليل من السنوات الست السابقة. وهؤلاء الأجانب الذين قدموا إلى سويسرا للإقامة أو للبحث عن عمل هم بالأساس من أصحاب المهارات والكفاءات، وينتمون (هم وعائلاتهم) إلى بلدان الإقتصاديات الأوروبية التي ضربتها أزمة إقتصادية مستحكمة منذ عدة سنوات.
في السياق، سجل كانتون جنيف (مقارنة ببقية الكانتونات الست والعشرين) أكبر زيادة في عدد السكان منذ ستينيات القرن الماضي. ومن بين 8.334 مقيما جديدا، جاء 21% منهم من فرنسا، و9% من البرتغال، و8% من إيطاليا، فإسبانيا وبريطانيا.
محتويات خارجية
حسب التوزيع الجغرافي، ينتمي أزيد من 60% من الحاصلين على تراخيص الإقامة الجديدة في كانتون جنيف من بلدان الإتحاد الأوروبيرابط خارجي أو من البلدان الأعضاء في الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر رابط خارجي(إيفتا) وقدموا إلى سويسرا من أجل العمل. وبالفعل، كان أداء الإقتصاد السويسري جيّدا نسبيا وظلت سوق الشغل مستقرّة إلى حدّ بعيد، على الرغم من أنه من المنتظر أن يؤثّر الفرنك القوي سلبا على نسبة النمو وفرص التشغيل.
وخلال عرضه لأرقام واحصاءات شهر يونيو 2015، أكّد بيار موديه، وزير الإقتصاد في حكومة جنيف المحلية أن زيادة عدد السكان تؤكّد “جاذبية الكانتون وحيوية اقتصاده”.
الآفاق المبشّرة لسوق العمل والأجور المرتفعة اجتذبت مؤخرا بان*، وهو مواطن بريطاني متخصص في تكنولوجيا المعلوماتية إلى جنيف. ورغم أن الوظائف في هذا المجال قد انتعشت في العاصمة البريطانية لندن، منذ 2013، كما توجد فرص جيّدة للعمل هناك، يقول بان* الذي انتقل للعيش في جنيف في شهر أبريل الماضي حيث يعمل في إدارة الموجودات: “توجد فرص هنا في جنيف لمن يبحث عن فرص أفضل، وعن شركات أحسن”.
في الأثناء، أثّر الوضع الإقتصادي الجيّد والفرنك القوي وفرص العمل على تدفّق العمال المهاجرين. فقد أشار آخر توقّع نشره مصرف كانتون جنيفرابط خارجي إلى أن النمو الإقتصادي في هذه الجهة لن يتجاوز (0.7% من إجمالي الناتج المحلّي في عام 2015، و0.8% في عام 2016)، مقارنة ببقية مناطق البلاد (0.9% في 2015، و1.3% في 2016). إضافة إلى ذلك، تعرف جنيف معدل بطالة أعلى من المستوى الوطني (5.4% مقابل 3.4%)، لكنه يظل أدنى بكثير من معدل البطالة المسجل على المستوى الأوروبي البالغ 9.7%.
في 9 فبراير 2014، دفعت عوامل شتى من بينها اضطرار البعض إلى شغل وظيفتين في آن واحد، والضغوط المُسجّلة في مجال السكن والنقل والبنية التحتية عموما، الناخبين إلى التصويت لصالح اعتماد إجراءات (لم تصغ بعدُ بقانون مضبوط) تحد من عدد العمال الأجانب القادمين إلى سويسرا.
في هذا الصدد، يقول برنارد غوت، مدير مكتب شؤون السكان والهجرة بجنيف: “إنه من المفارقة ربط البعض بين الزيادة الأخيرة في عدد السكان في جنيف وإستفتاء العام الماضي”.
ويضيف غوت: “بدلا من القول أن هناك زيادة في عدد الوافدين الجدد، مثل الظاهرة التي رأيناها في عام 2003، عندما دخلت اتفاقية تنقل الأشخاص حيز التنفيذ، أعتقد أن ما يفسّر هذه الزيادة هو تراجع عدد المقيمين في الكانتون في عام 2014”. هذا التفسير يشاطره كذلك فليب وانّير، أستاذ النمو الديمغرافي بجامعة جنيف.
ويقول هذا الخبير: “من نتائج اقتراع فبراير 2014 الهادف إلى الحد من الهجرة تخلّي الأشخاص الذين يعيشون في جنيف وكانوا يعتزمون الإستقرار في فرنسا المجاورة عن تلك الفكرة خشية عدم تمكنهم من العودة إلى سويسرا عندما يدخل القانون الجديد أو أي تغييرات أخرى حيّز النفاذ”.
كذلك من النتائج العكسية لذلك الإستفتاء، والتي يُنتظر أن يُشرع في تنفيذها ابتداء في عام 2017، تعجيل العديد من المهاجرين الأوروبيين بالقدوم إلى سويسرا مبكرا بالمقارنة مع كانوا يُخططون له سابقا.
محتويات خارجية
ورغم أن الأسباب الإقتصادية تأتي على رأس قائمة الحجج التي يسُوقها طوني* هذا الطباخ الإيطالي الشاب للقدوم إلى جنيف في العام الماضي لفتح مطعم يوفّر الماكولات المتوسطية “بأسعار مقبولة”، لكن المبررات ليست اقتصادية فحسب.
ويوضّح ذلك فيقول: “أحبّ الأماكن التي تسير فيها الأمور بشكل صحيح. في دبي، حيث كنت من قبل، كان إقامة مشروع تجاري أمرا صعبا جدا. ويُصرف الكثير من الجهد والوقت بسبب البيروقراطية، وهناك شروط أخرى مثل العثور على شريك محلّي. أنا من أولئك الأشخاص الذين لا يحترمون كثيرا القواعد المرسومة مُسبقا. ولكنني أحببت احترام المواعيد والدقة في كل شيء التي أجدها في جنيف. إنهم يفعلون ذلك خدمة للحرفاء من دون حرص كبير على الربح. وهذا هو بالضبط ما جعلني أكره إيطاليا”.
ولكن الأمور ليست دائما هكذا على ما يُرام. وبالنسبة لبان*، فإن “صعوبة العثور على سكن هو مبعث للإحباط. أقيم حاليا مع صديق وأنا بصدد البحث عن شقة. ولكن تأجير شقة بسرير (أستوديو) بـ 2000 فرنك إلى 3000 فرنك أمر مرّوع. إنها جميعها شقق ضيقة وتفتقد إلى النوعية الجيدة”.
فرملة النموّ
لا زالت علامات الإستفهام تحوم حول إعادة العمل نظام الحصص المُزمع استئنافه قريبا في سويسرا بشأن العمال الأجانب. في الأثناء، تأمل السلطات المحلية في المناطق الحدودية من البلاد أن يُنصت المسؤولون الفدراليون في برن إلى حُججها وأن يعتمدوا نهجا متمايزا يُلبّي احتياجاتها الإقتصادية الخاصة.
في هذا السياق، يقول وانّير: “كل ما في الأمر أن السياسيين غير قادرين على كبح جماح الهجرة. فعندما حاولت فرنسا وألمانيا غلق حدودها خلال أزمة النفط (في عامي 1974- 1975)، أسفرت النتيجة آنذاك عن ازدياد حركة الهجرة غير الشرعية. والسؤال المطروح: إلى أي حدّ سيكون الساسة السويسريون مستعدين لتحمّل التبعات السياسية والإجتماعية لإختيار من هذا القبيل؟”.
وفي الوقت الذي ارتفع فيه عدد السكان المحليين بشكل مُطرد خلال السنوات الأخيرة، يرى وانّير أن “النقص الواضح في مجال السكن في جنيف قد يتحوّل إلى كابح للنمو في المستقبل”.
ويضيف: “جنيف هي واحدة من بين عدد قليل من الكانتونات السويسرية حيث المساحات المسموح باستغلالها لتوفير السكن أبطأ من حركة النموّ السكاني. ويوجد مشروع أو مشروعان لتدارك ذلك. لكن هناك تلكأ في تنفيذهما. ومن المرجّح أن يتباطأ النموّ الديمغرافي في جنيف خلال العقد القادم، بينما يُتوقّع أن يزيد في المناطق المجاورة”.
*تم حجب الأسماء الحقيقية
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
قراءة معمّقة
المزيد
آفاق سويسرية
صحيفة سويسرية تكشف تفاصيل رحلة هروب الأسد إلى موسكو
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
حزب الشعب يُقنع غالبية الناخبين بالمخاوف من الهجرة
تم نشر هذا المحتوى على
انتزعت مبادرة حزب الشعب (يمين شعبوي) الداعية إلى تحديد سقف لعدد المهاجرين الوافدين من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، الأغلبية المزدوجة، بحيث حظيت بموافقة غالبية الكانتونات، وتأييد أغلبية أصوات الناخبين.
كما صوت السويسريون هذا الأحد بأغلبية مريحة ضد مبادرة "تمويل الإجهاض مسألة خاصة"، ولصالح مبادرة "تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية".
أُعلن عن النتائج النهائية في الكانتونات السويسرية الستة والعشرين بخصوص مبادرة "أوقفوا الهجرة المكثفة"، التي حظيت بموافقة 17 كانتونا مقابل على رفض 9 كانتونات. أما على مستوى أصوات الناخبين، فقد حصلت على تأييد أغلبية ضئيلة جدا بلغت 50,34%. ويحتسب الفارق بين معسكري المؤيدين والمعارضين بـ 19526 صوتا فقط.
ونجد في معسكر الرافضين جميع الكانتونات الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، فضلا عن الكانتونات المتحدثة بالألمانية تسوغ، وبازل-المدينة، وزيورخ.
وجدير بالذكر أن نسبة المشاركة في اقتراعات هذا الأحد مرتفعة بشكل ملفت بحيث ناهزت 56%، وهي أعلى نسبة مشاركة منذ خمسة أعوام، والأعلى أيضا منذ التصويت على منح النساء حق التصويت على المستوى الفدرالي عام 1971.
وتدعو مبادرة "أوقفوا الهجرة المُكثفة" إلى تحديد سقف لعدد المُهاجرين الجُدد، واعتماد نظام حصص سنوية. ويطالب نص المبادرة بأن تكون الحصص مرهونة بمصالح سويسرا الإقتصادية، وأن تشمل العمال الحدوديين. كما يأمل حزب الشعب أن تُـمنح الأفضلية للمقيمين في سويسرا لدى التشغيل.
استيــاء
وفقا لإحصائيات الكنفدرالية، يتوافد على سويسرا سنويا ما يناهز 80000 أجنبي، يقدم ثلاثة أرباعهم من بلدان الإتحاد الأوروبي. ويعتبر اتفاق حرية تنقل الأشخاص الذي أبرمته برن مع بروكسل عام 2002، عاملا هاما سهّل هذا التدفق الذي أدى إلى تجاوز ساكنة سويسرا حاجز 8 ملايين نسمة قبل بضعة أشهر.
وقد أثار هذا التطور بعض الاستياء لدى فئة من المجتمع، إذ تدين بعض الأطراف ما تعتبره انعكاسات سلبية لهذا النمو الديمغرافي، والذي يؤدي حسبها إلى ارتفاع الضغط على البنية التحتية في مجال النقل والإسكان، لاسيما الزيادات التي سُجلت على مستوى الإيجار.
مع ذلك، غالبا ما تتصدر قائمة الإنتقادات ظاهرةُ الإغراق في الأجور، إذ يتردد في أحيان كثيرة أن أرباب العمل يستغلون توافد هذه العمالة الأجنبية – سواء تعلق الأمر بأشخاص أتوا للإستقرار في الكنفدرالية أو بعُمال بعثتهم شركاتهم الأوروبية للعمل في سويسرا – لخفض الأجور.
ولمحاربة هذه الظاهرة، اعتمدت السلطات "تدابير مُصاحبة " لاتفاق حرية تنقل الأشخاص، لضمان توافق شروط الأجور مع المعايير الجاري بها العمل في مختلف قطاعات التشغيل في سويسرا. لكن هذه الإجراءات لا تحول دون ارتكاب مخالفات تسجلها السلطات بشكل منتظم.
وأخيرا، يعتقد بعض السويسريين أن الأجانب يمارسون ضغطا كبيرا على نظام الرعاية الإجتماعية في بلادهم، وخاصة فيما يتعلق بالتأمين على البطالة والضمان الإجتماعي.
ويمكن لمس هذا الشعور بالإستياء بصورة أوضح في بعض المناطق الحدودية التي تشهد يوميا تدفق الآلاف من عمال الحدود، حتى أن بعض الأحزاب السياسية في كانتوني تيتشينو (الجنوبي المتحدث بالإيطالية) وجنيف (غرب سويسرا المتحدث بالفرنسية)، حققت مؤخرا نجاحات انتخابية من خلال "العزف" على هذا الوتر الحساس.
فرصة لسويسرا
لكن الصورة لا تبدو قاتمة للجميع، إذ يصر أنصار حرية تنقل الأشخاص على أن اليد العاملة الأجنبية
ورقة رابحة وثمينة بالنسبة للإقتصاد السويسري، فمن دونها، قد تفتقر العديد من القطاعات، مثل الفندقة والمطاعم، للعمالة الضرورية. كما يعتقدون أن توافد الأجانب يتيح تعويض النقص في "الأدمغة"، بما أن سويسرا لا تُكوّن ما يكفي من المهندسين أو الممرضات لتغطية جميع احتياجاتها.
وعلى مستوى التأمينات الاجتماعية أيضا، يعتبر الأنصار أن تدفق الأجانب عنصرا مفيدا للبلاد، لأن العمال الشباب يساهمون في نظام التأمينات الإجتماعية السويسري، ويسدون بذلك الثغرة الناجمة عن آثار شيخوخة السكان.
باختصار، يرى مؤيدو حرية تنقل الأشخاص أن هذا الإتفاق هو الصيغة التي أثبتت جدارتها وضمنت الإزدهار الإقتصادي لسويسرا.
ماذا عن رد فعل بروكسل؟
ومن بين كبريات الأحزاب في سويسرا، يُعتبر حزب الشعب الجهة الوحيدة التي تدعم علنا مبادرة "أوقفوا الهجرة المكثفة"، بينما تدعو باقي أحزاب اليمين واليسار، إلى جانب أهم المنظمات الإقتصادية والنقابات، إلى رفض المبادرة.
ولكن، ماذا سيكون رد فعل الإتحاد الأوروبي إن وافق الناخبون على مبادرة حزب الشعب؟ خطاب بروكسل اتسم دائما بالوضوح: أي تشكيك في حرية تنقل الأشخاص سيطعن في صحة مجمل الحزمة الأولى من الإتفاقيات القطاعية السبع المبرمة بين سويسرا والإتحاد الأوروبي.
غير أن الآراء تختلف أيضا بهذا الشأن. أنصار المبادرة يعتقدون أنه بمقدور بروكسل إبداء قدر من التفهم، بما أنه من مصلحتها أيضا الحفاظ على علاقات اقتصادية جيدة مع سويسرا، وأن بعض الدول الأعضاء في الإتحاد – الممكلة المتحدة تحديدا – يواجهون أيضا مشكلة تدفق أعداد هائلة من العمال الأجانب. في المقابل، يرى المعارضون أنه لن يمكن الإفلات من رد فعل قاس، بما أن حرية تنقل الأِشخاص تعتبر واحدة من ركائز الإتحاد الأوروبي.
تمويل الإجهاض
يوم الأحد 9 فبراير 2014، صوت الناخبون أيضا بنسبة 70% ضد المبادرة الشعبية: "تمويل الإجهاض مسألة خاصة". وطالبت هذه المبادرة التي أطلقتها لجنة مشتركة من عدة أحزاب، تتشكّل أساسا من مسيحيين محافظين، بأن تتوقف الرعاية الصحية الأساسية (الإجبارية) عن تحمل تكاليف إيقاف الحمل الإرادي.
واقترحت المبادرة أن يظل الإجهاض مُمكنا من الناحية القانونية، لكن أن تقع تكلفة العملية على عاتق المرأة نفسها. ودعا أصحاب المبادرة إلى إدراج مادة جديدة في الدستور الفدرالي هذا نصها: "باستثناء حالات نادرة تخص الأم، لا تدخل عمليات إسقاط الحمل أو إزالة الجنين ضمن غطاء التأمين الصحي الإجباري".
وعلى غرار كل تغيير دستوري، تطلّب إقرار هذه المبادرة الحصول على مُوافقة أغلبية الأصوات على مستوى الناخبين وعلى الأغلبية على مستوى الكانتونات.
وقبل التصويت، لم يحظ كان هذا الإقتراح بالقبول داخل البرلمان الفدرالي إلاّ من طرف بعض نواب الحزب الديمقراطي المسيحي، وأغلبية صغيرة من الديمقراطيين (وسط)، ومن قبل الحزب الإنجيلي. وبالتالي، فإن فرص نجاح المبادرة كانت ضئيلة للغاية.
ويذكر أنه منذ عام 2002، تقرّر في سويسرا أن تُغطى تكلفة عمليات الإجهاض من قبل التأمين الصحي الإجباري، وتم اعتماد هذه السياسة كجزء من تصويت شعبي أضفى القانونية على عمليات الإجهاض التي تتم في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. واليوم، يقول المعارضون إن الأشخاص الذين ينبذون الإجهاض لأسباب أخلاقية لا يجب أن يُجبروا على تمويل هذه العمليات من خلال أقساط التأمين الصّحي التي يسدّدونها شهريا.
تطوير السكك الحديدية
أخيرا، وافق الناخبون على مشروع "تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية" بنسبة 62% مثلما توقع معهد gfs.bern في بداية ظهيرة الأحد. ويهدف المشروع إلى إنشاء صندوق بقيمة 6,4 مليار فرنك تخصص لصيانة وتطوير شبكة السكة الحديدية. ومن بين كبريات الأحزاب، حزب الشعب هو الوحيد الذي يعارض المشروع.
بشكل عملي، نصّ المشروع على النّهوض بالبنية التحتية للسِّكك الحديدية من خلال تأسيس صندوق دعم مالي جديد وإرساء برنامج تطوير استراتيجي، ومن المفروض أن يتِم استخدام الصندوق في تمويل خدمات تشغيل البِنية التحتية القائمة وصِيانتها وتوسيع انتشارها، وأن يستمِر قائما من غيْر تقيّد بفترة زمنية محدّدة، بعكْس صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، الذي قُصِد منه تمويل المشاريع الإستثنائية الكبرى مثل "شبكة حديد 2000" والخط الحديدي الجديد العابِر لجبال الألب، الذي ستنتهي صلاحيته عمّا قريب.
في الأثناء، ستكون مصادر تمويل الصندوق الجديد (حوالي 4 مليارات من الفرنكات) هي ذاتها مصادر تمويل صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، وهي عبارة عن أموال فدرالية خالية من الإلتزامات، متمثلة في الضريبة على النقل الثقيل والرسوم المتأتية من الزيوت المعدنية (تنتهي في نهاية عام 2030) والضريبة على القيمة المضافة.
كما يتيح المشروع إمكانية الاستفادة من مصادر تمويل إضافية لتأمين نحو مليار فرنك أخرى، عن طريق الحدّ من تخفيضات الضرائب الفدرالية على تكاليف النقل وبفضل مساهمات جديدة من الكانتونات (مقابل حصولها على مزيد من الإمتيازات) ، وزيادة ضريبة القيمة المضافة بـواحد في الألف بين عاميْ 2018 و2030، ورفع قيمة التذاكر والإشتراكات.
تصويت ضد ارتداء الحجاب في سانت غالن
في بلدية أوهيربروغ Au-Heerbrugg بكانتون سانت غالن، صوت الناخبون يوم الأحد 9 فبراير 2014 بـ 990 صوتا مقابل 506، لفائدة استفتاء طرحه حزب الشعب (يمين شعبوي) يدعو إلى منع فتاتين صوماليتين من ارتداء الحجاب إن أرادتا استئناف دراستهما في المدرسة الإبتدائية للبلدة. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 37,4%.
وكانت التلميذتان (10 و12 سنة) قد أمرتا من قبل مدير المدرسة الإبتداية بالعودة إلى منزلهما بسبب ارتدائهما للحجاب. لكن اللجنة المدرسية قررت بعد ذلك عودة التلميذتين للفصل.
لكن القرار لم يرق لفرع حزب الشعب في البلدة الذي سارع إلى طرح استفتاء. وفي تصريح لوكالة الأنباء السويسرية، قال فالتر بورتمان، رئيس اللجنة المدرسية: "سيتم إبلاغ الأسرة المعنية الأسبوع القادم".
ولازال يمكن الطعن في منع ارتدائهما للحجاب، وفي هذه الحالة، سيتم إرجاء تطبيق الحظر إلى حين إتمام الإجراءات القضائية.
ورغم موافقة السكان يوم الأحد على بادرة حزب الشعب، فإن الوضع يظل مُبهما. ويذكر أن المحكمة الفدرالية كانت قد ألغت في شهر يوليو 2013 قرارا لبلدية بورغلن في تورغاو،التي منعت، استنادا إلى قرار إداري، طالبتيْـن مسلمتيْـن من مقدونيا، تبلُـغان من العمر حاليا 17 سنة، من ارتداء الحجاب في المدرسة الثانوية. ويحظر نفس القرار ارتداء اللِّـباس القصير أو الطرابيش أو النظارات الشمسية.
تم نشر هذا المحتوى على
ازداد عدد السكان المقيمين بصفة دائمة في سويسرا سنة 2008 بنسبة 108.4000 شخص، وهو ما يوازي عدد سكان كانتون زوغ، أي معدّل نمو يصل إلى 1.4%، ولا تتجاوز هذا المعدل على المستوى الأوروبي سوى نسبة الولادات في ليكسمبورغ (2%)، وإيرلندا (1.5%). في المقابل، سجّلت ألمانيا نقصا في عدد سكانها بنسبة 2%، كما تسجّل بقية البلدان…
الديموغرافيا السويسرية.. سريعة النمو لكنها متجهة نحو التهرّم
تم نشر هذا المحتوى على
على مدى المائة وخمسين عاما الماضية، تضاعف عدد سكان سويسرا أزيد من ثلاث مرات. واليوم، تعتبر الكنفدرالية واحدة من البلدان الأوروبية الأكثر ديناميكية من حيث التركيبة السكانية.
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.