مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مرصد غير حكومي: الأموال القذرة لا تزال تشكل خطرا على المجتمع

دولارات تتدلى من أوتاد مشدودة على حبل لنشر الغسيل
أدت الحرب الدائرة في أوكرانيا إلى زيادة الوعي العالمي بطاهرة غسيل الأموال ولكنها جعلت من الصعب اكتشافها ومقاضاة مرتكبيها. Keystone / Tsvangirayi Mukwazhi

قال مرصد سويسري معني بمراقبة التدابير المعتمدة لمكافحة الفساد إن الجهود العالمية في مجال مكافحة غسل الأموال تعثرت بسبب عدم الاتساق في إجراءات الإنفاذ، وجراء الفشل في مواكبة الأنشطة الإجرامية المتزايدة التعقيد.

في هذا الصدد، يرى معهد بازل للحوكمةرابط خارجي (منظمة غير حكومية) أنه يتعيّن على سويسرا أيضًا أن تعمل بجدية أكبر لمنع المجرمين من استخدام نظامها المصرفي لإخفاء الأصول المكتسبة بطرق إجرامية.

بدوره، أفاد “مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال” الصادر عن نفس المعهد أن تبعات خطر غسل الأموال على المُجتمع تُقارب نفس المستوى التي كانت عليه العام الماضي، وذلك يخص جميع أنحاء العالم أو بسويسرا.

+ هل تحتاج الأموال القذرة إلى السرية المصرفية لكي تزدهر؟

وتشير الدراسة إلى أنه في الوقت الذي تتوفّر فيه المزيد من الأدوات للدول للكشف عن الأموال والأصول المكتسبة بطرق غير مشروعة، إلا أنها تفتقر إلى التعاون الكافي وقوة الإرادة السياسية لترجمة هذه الإمكانيات إلى تقدم ملموس.

وقال المعهد: “عندما يتعلق الأمر بمعالجة الأموال القذرة، فإن معظم الدول تخطو خطوة واحدة إلى الأمام وأربع خطوات إلى الوراء، وهو ما يُبقي عليها متخلفة بخطوات عديدة عن المُجرمين الذين يسعون إلى غسل الأموال المكتسبة بطرق غير مشروعة”. ما يعني أن عملية إصلاح نقاط الضعف والثغرات القائمة في النظام المالي قد “طال انتظارها”.

سويسرا المتكتمة

مع درجة مُحسّنة قليلاً (بلغت 4.55) مُقارنة بالعام الماضي (10 هي أسوأ علامة ممكنة)، تظل سويسرا دولة ذات تصنيف متوسط فيما يتعلق بمخاطر غسل الأموال.

رسم بياني
swissinfo.ch

عموما، يُعدّ خطر الفساد السياسي أو الجرائم البيئية منخفضًا في سويسرا، لكن الكنفدرالية تتراجع إلى الوراء من خلال احتلالها المرتبة الثانية في القائمة التي تخصّصها “شبكة العدالة الضريبية” لتصنيف القطاعات المالية الأكثر سرية.

ونظرًا لأن مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال أضاف عددًا أكبر من البلدان هذا العام وغيّر المنهجية التي يعتمدها إلى حد ما، فقد قرر عدم إصدار تصنيف عالمي. في المقابل، تُعدّ سويسرا – على الصعيد الإقليمي – ثامن أكثر الأماكن يرجح أن تؤول إليها الأموال القذرة من بين إحدى وثلاثين دولة تشمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبقية دول غرب أوروبا.

فعلى الرغم من وضع حد للسرية المصرفية ومن الالتزام بمعايير دولية تتسم بقدر أكبر من الصرامة لمكافحة غسل الأموال، لا تزال البنوك السويسرية تتعرض لانتقادات لسماحها بتدفق الكثير من الأموال القذرة عبر خزائنها.

ففي شهر أغسطس 2022، حذر المكتب الفدرالي للرقابة المالية من أن التشريع لا يواكب تطورات غسيل الأموال وأن سويسرا “نادرًا ما تتوقع (أو تستبق) التطورات المحتملة على المستوى الدولي”.

في الواقع، بدأ العمل بقوانين جديدة تستهدف تجارة العقارات والذهب والأحجار الكريمة إما مؤخرًا أو أنها ستدخل حيز التنفيذ في بداية العام المقبل، لكن المشرعين رفضوا دعوات تحث على زيادة الضغط على المحامين للكشف عن الأنشطة المشبوهة من قبل موكليهم.

في المقابل، لا تنعكس القوانين السويسرية التي دخلت حيز التنفيذ مؤخرًا بعدُ في مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال لأن فعاليتها لم تقيّم بعدُ من قبل مجموعة العمل المالي، وهي منظمة حكومية دولية تأسست سنة 1989 تتخذ من باريس مقرا لها وتعمل على سنّ المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، كما تقوم بتقييم مدى التزام الدول بتلك المعايير بحكم أنها تستهدف حماية النزاهة المالية على الصعيد الدولي. ومن غير المنتظر أن تقوم مجموعة العمل المالي (اختصارا FATF) بإجراء التقييم المُوالي لسويسرا قبل عام 2024.

عزلة روسية

في تصريحات لـ SWI swissinfo.ch، أشارت كاترينا بوغوسلافسكا، رئيسة مشروع “مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال” إن الغزو الروسي لأوكرانيا سيكون له آثار سلبية وأخرى إيجابية على مكافحة غسيل الأموال.

وقالت: “لقد كشف النزاع عن وجود ثغرات هائلة في الإطار العالمي لمكافحة غسيل الأموال”، وأضافت أن “ذلك قد أدى إلى فهم أفضل لأهمية التعاون بين البلدان وإرادة سياسية دولية أكبر من أيّ وقت مضى لمكافحة هذا النوع من الجرائم”.

لكن عزلة روسيا عن جزء كبير من المجتمع الدولي تُعيق حاليًا الجهود الرامية لتعقب الأموال القذرة. ولفتت بوغسلافسكا إلى أنه “من أجل التحقيق في جرائم غسل الأموال ومقاضاة مرتكبيها، نحتاج إلى تعاون دولي”، كما أنه “من الواضح أن مقاضاة التدفقات المالية الروسية غير المشروعة دون تعاون من روسيا سيكون أصعب بكثير”.

يقيس مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال (اختصارا: Basel AML Indexالجهود المبذولة لمكافحة غسل الأموال في 128 دولة، بما في ذلك أنظمتها القانونية ومدى شفافية القطاعين المالي والعام وقابلية التعرّض للفساد والرشوة فيها. اعتمد المؤشر على بيانات من مجموعة العمل المالي (اختصارا: FATF) وشبكة العدالة الضريبية والبنك الدولي ومصادر أخرى.

تأسّس معهد بازل للحوكمة في سويسرا في عام 2003 كهيئة غير ربحية لمكافحة الفساد والجرائم المالية.

تحرير: ريتو فون فارتبورغ

ترجمة ومعالجة: كمال الضيف

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية