صور الأطفال الذين يخضعون لأي شكل من أشكال المعاناة، تستحضر دوماً تعاطفنا وسخطنا ورغبتنا في فعل شيء لإنقاذ هؤلاء المساكين الصغار المُقحمين في وضع لم تكن لهم يد فيه، لا سيما وأنهم في أغلب الأحيان بالكاد يدركونه.
تم نشر هذا المحتوى على
10دقائق
إيموجين فوكس، جنيف
English
en
What to do with the children of Islamic State?
الأصلي
في ثمانينيات القرن الماضي، تسببت صور الأطفال المتضورين جوعاً في إثيوبيا، في إثارة الرعب العام لدرجة أنها أدت إلى تحرّك عالمي عُرف يومها باسم “لايف إيد”.
وفي تسعينيات القرن الماضي أيضا، شهدنا موجة عارمة من الغضب على إثر ذعر وألم الأطفال الصغار الذين أصيبوا جراء القصف ونيران القناصة في سراييفو. أزمات في دارفور، حلب، اليمن: وحتى عندما نشعر بالضجر من هذه الأزمات التي لا نهاية لها، والتي يُلحقها العالم بنفسه، فإن رغبتنا الغريزية في إعطاء الأطفال فرصة في الحياة لحمايتهم، تبدو غير متناهية.
فهل هي فعلاً كذلك؟
“يعيش الآلاف من الأطفال دون سن الخامسة هنا، وعلى وجوهم آثار جروح وحروق نتيجة الحرب، ولكنهم من دون أية رعاية صحية … رأيت خمسة أطفال يحيطون بأمهم وهي تموت ببطء”. هذه الكلمات هي جزء من رواية فابريزيو كاربوني، شاهد عيان ومدير عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط. الأطفال الذين رآهم، والآلاف من أمثالهم يشكّلون، على ما يبدو، استثناءً لغرائز التعاطف الإنساني.
إنهم أبناء “الدولة الإسلامية”. وهم محبوسون لأسابيع في مخيم الهول المكتظ بالسكان في سوريا، مع انعدام المأوى وعدم توفر الصرف الصحي أو الرعاية الطبية.
أطفال لا يأبه لهم أحد
تقول جولييت توما من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف): “هؤلاء الأطفال غير مرغوب فيهم، وبغض النظر عن جنسيتهم، فهم غير مرغوب فيهم من قِبل الجميع”.
يعيش أكثر من 70 ألف شخص في مخيم الهول، الغالبية العظمى منهم من النساء والأطفال. ويوجد 1000 طفل على الأقل من دون رعاية. كان آباؤهم ـ الذين لربما هم اليوم في عداد الأموات ـ موالين لتنظيم “الدولة الإسلامية” حتى النهاية المريرة. ورفضوا الاستسلام والانسحاب من آخر إقليم صغير من أ{راضي الخلافة. رغم الظروف القاسية التي تعرضوا لها مع أطفالهم.
وتضيف توما “مر هؤلاء الأطفال بأهوال لا يمكن تصورها. وهم لا يملكون حتى الكلمات لوصف ما مروا به. إنهم بحاجة ماسة إلى الدعم النفسي والاجتماعي المتخصص، ولكن لا أحد يريد التطرق إلى هذا الموضوع، ولا أحد يريد تحمّل المسؤولية”.
المزيد
المزيد
“أعيدُوا أحفادنا من سوريا”
تم نشر هذا المحتوى على
في بعض مخيمات اللاجئين في سوريا، تمكنت القناة العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية RTS (شاهد التقرير كاملا على هذا الرابطرابط خارجي) من التعرف على ستة أطفال صغار السن لوالد سويسري واحد على الأقل، تم أسرهم إثر سقوط آخر معقل لتنظيم “الدولة” في شهر مارس 2019. وفي الوقت الحاضر، يُوجد هؤلاء الأطفال في المعسكرات شمال سوريا، أحدهم…
وحتى في مدينة جنيف، العاصمة العالمية للمساعدات الإنسانية، هناك قلق وتردد ما في التطرق إلى الوضع في مخيم الهول.
التقى كاربوني بدبلوماسيين في الأمم المتحدة إثر عودته من زيارة المخيم، ووصف لهم الوضع الإنساني المتردي والمأساوي هناك، وناشدهم القيام بواجب “الإنسانية والحياد” إزاء هذا الوضع.
يقول كاربوني: “صحيح أن الناس في هذا المعسكر مرتبطون بجماعة متطرفة، لكنها ستكون هزيمة لنا جميعاً، إذا لم نتمكن من التغلب على الضغوط الهادفة إلى تجريد هؤلاء الناس من إنسانيتهم”.
ولكن وحتى الآن، ما زالت عدة دول يتواجد مواطنون منها مع أطفالهم في مخيم الهول، مترددة في القيام بشيء ما. بريطانيا تحركت لنزع الجنسية عن بعض هؤلاء، ولم تتدخل لمساعدة المولود الجديد، لعروسة داعش شيماء بيجوم، مع أن هذا المولود هو مواطن بريطاني قانونياً. بعد ثلاثة أسابيع قصيرة من الحياة، قضاها هذا المولود في مخيم الهول، انتهى به الأمر إلى الموت.
يُعتقد أن هناك ثلاث فتيات سويسريات في الهول، وهن بنات سيدة سويسرية انضمت إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” قبل خمس سنوات. اثنتان من الفتيات وُلدتا في سويسرا، وتفيد التقارير أن إحداهما أصيبت بجروح ولم تتلقّ أي علاج. وقد ناشد والداهما المنفصل منذ زمن بعيد عن الأم، التي تزوّجت للمرة الثالثة في سوريا، السلطات طالبيْن إعادة بنتيهما إلى الوطن. لكن السلطات السويسرية لا تبدو قادرة على اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة، مما يبقي هاتين الفتاتين الصغيرتين في حالة انتظار في مخيم الهول.
ذهب الفرنسيون إلى مخيم الهول، وقاموا بترحيل عدد قليل من الأطفال الأيتام إلى فرنسا، ليس أكثر. ويبدو أن الألمان أيضاً قاموا بزيارة هذه المنطقة للتحقق من سلامة مواطنيهم هناك ليس إلا، دون اتخاذ أية إجراءات من أجل نقلهم إلى ألمانيا. ومن اللافت في كل ذلك، أن الروس على ما يبدو، هم من قاموا بترحيل النساء الروسيات وأطفالهن إلى الوطن. وتقول إحدى العاملات في مجال الإغاثة، في معرض الحديث عن ذلك، إنها تعتقد أن الروس اعتبروا أن “إعادة هؤلاء النساء إلى القرى التي ينتمين إليها، لربما تكون بمثابة العقوبة الكافية لهن؛ لأن أهالي هذه القرى سيعرفون ما فعلنه”.
صحيح أن الناس في هذا المعسكر مرتبطون بجماعة متطرفة، لكنها ستكون هزيمة لنا جميعاً، إذا لم نتمكن من التغلب على الضغوط الهادفة إلى تجريد هؤلاء الناس من إنسانيتهم فابريزيو كاربوني، مدير عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط
وصمة عار
قد يكون العيش المنبوذ في قرية روسية، أفضل بقليل من صراع البقاء في مخيم الهول. ومع ذلك، تحاول وكالات الإغاثة تذكير الدول بأن الأطفال ليسوا مسؤولين عن خطايا أهاليهم، ولا يجب أن تلحقهم وصمة العار.
يقول فرانشيسكو موتا، الرئيس السابق لقسم حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق: “لقد رأينا ذلك بعد معركة الموصل”. ويتذكر موتا زيارته لمنزل في الموصل، حيث كانت امرأة سنية ترعى أيتاماً، كان العديد منهم من أطفال المقاتلين الأجانب. ويقول: “من الواضح أن هؤلاء الأطفال لم يكونوا عراقيين، وأنهم كانوا صغاراً. الكثير منهم يبلغون من العمر عامين أو ثلاثة أعوام فقط، لكن هذه المرأة كانت تتعرض لممارسات من للتعسف الشديد، لمجرد أنها كانت تقوم برعايتهم”.
لا تعاطف مع الإرهاب
يعترف معظم الناس، أنه من الصعب الشعور بالتعاطف مع من اعتنقوا أيديولوجية متطرفة. مواطنو باريس ولندن وبروكسل ومدريد أو نيويورك، يعرفون جيداً هذا الرعب الذي ينتابك نتيجة عنف غير مفهوم وغير مبرر يباغتك في صباح يوم مشمس أو في أمسية هادئة أو في طريقك اليومي إلى العمل ولا تعرف من أين أتى.
في مقاربتها مع مواطنيها الذين انضموا إلى داعش، تُظهر البلدان التي عانت من هذه الهجمات رفضها الحاسم لإعادة استيراد المشكلة، ومواجهة ردود الأفعال العنيفة من الناخبين الذين يُفضل الكثير منهم أن تبقى زوجات داعش وأطفالهن في مخيم الهول إلى الأبد.
ويتساءل بعض خبراء مكافحة الإرهاب عن فعالية هذه الإستراتيجية، مشيرين إلى أن برنامجاً صارماً لمكافحة التطرّف في الداخل، قد يكون ناجعاً في منع انتشار الإرهاب أكثر من مجرد التخلي عن معالجة المشكلة وتركها تتفاقم في مكان ما في سوريا أو العراق.
وهناك أيضاً أسئلة أخرى مطروحة: هل يجب مثلاً، فصل أطفال داعش عن أمهاتهم؟ تعتقد توما أنه “لا يجب فصل الأطفال عن أولياء أمورهم المسؤولين عنهم”. أما موتا فيشير من جهته إلى أن هذا الرأي قد لا يكون صائباً دائماً، ويقول: “لا تزال بعض الأمهات ينتمين إلى نواة التطرف الصلبة، وما زلن يعملن على تلقينه لأطفالهن”.
إنها مشكلة معقدة للغاية، وذات جوانب سياسية وقضائية واستراتيجية. لا توجد إجابات سهلة عنها. ولكن جوهر مسألة ما يجب القيام به مع الأطفال في مخيم الهول، هو في الأساس سؤال أخلاقي، كما أشار كاربوني.
العاملون في المجال الإنساني لا يملكون حلولاً للقضايا السياسية. ولن يكون هناك حل غير مؤلم. لكن لا ينبغي لنا أن نرى هؤلاء الناس ككتلة مجهولة أو ككتلة منذرة بالسوء. من المؤكد أن البعض قد يمثل تهديداً أمنياً ولكن الكثير منهم ضحايا، وخاصة الأطفال. فكلنا بشر في النهاية.
“ماذا فعل هؤلاء الأطفال؟ لا شيء. يجب أن يغادروا، لكن إلى أين؟”
هذا سؤال يجب على الدول التي لديها مواطنون في مخيم الهول أن تجيب عليه اليوم، وقبل فوات الأوان.
قراءة معمّقة
المزيد
آفاق سويسرية
صحيفة سويسرية تكشف تفاصيل رحلة هروب الأسد إلى موسكو
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
“لابد من محاكمة الجهاديين في بلدانهم الأصلية”
تم نشر هذا المحتوى على
السفير إيدماكمولين رابط خارجيقال إنه لا يرغب في التدخّل في الشؤون السويسرية لكن على سويسرا أن تحذو حذو الولايات المتحدة وأن تستعيد مواطنيها الذين هم أعضاء في مجموعات ارهابية، وألقت عليهم القوات الكردية القبض في المناطق الحدودية بين سوريا والعراق. وفي حديث أدلى به إلى إذاعة سويسرا الروماندية اليوم الإثنيْن 15 أبريلرابط خارجي، أوضح السفير…
تم نشر هذا المحتوى على
سيعود بعد هزيمة الدولة الإسلامية في سوريا مئات المتعاطفين معها إلى أوروبا. ففي المعركة ضد تنظيم الدولة الإرهابي قام مقاتلو الأكراد بسجن الكثير منهم. وفي شمال شرق سوريا لديهم الآلاف من الإسلاميين في سجونهم. حوالي 20 منهم من سويسرا. كيف ينبغي التعامل مع هؤلاء المرتزقة الإرهابيين المتعصبين والمتطرفين؟ وما الفكرة الأهم في كيفية هذا التعامل؟…
تم نشر هذا المحتوى على
منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان وصفت القرار الذي يتجاهل الضمانات والممارسات الدولية بأنه غير مقبول. وجاء في بيان الفرع السويسري من منظمة العفو الدولية بأن “المقترح يرسل إشارة سلبية للغاية إلى المجتمع الدولي”. هذا ويُلزم “مبدأ عدم الإعادة القسرية” الدول بعدم إجبار اللاجئين أو طالبي اللجوء على العودة إلى بلد، قد يتعرضون فيه للاضطهاد.…
المحتجزون السويسريون في سوريا والعراق: هل يُعتبر القتال من أجل الدولة الإسلامية جريمة؟
تم نشر هذا المحتوى على
سألني ابني، وهو أمريكي نشأ في سويسرا، وقد أصبح الآن مواطناً مزدوج الجنسية، عمن يكون. وعندما رفضت الإجابة لأنه سؤال معقد للغاية، قاطعني قائلاً إنه يسأل عن جنسيته فقط. "هل أنا أمريكي أم سويسري؟" أراد أن يعرف. أراد المراهق الفضولي تعريفاً واضحاً لهويته العامة، وهو أمر من السهل الإجابة عنه من الناحية القانونية ولكن ليس من السهل الإجابة عنه من الناحية الذاتية المتعلقة بما ينتاب المرء من مشاعر وأحاسيس.
إن الإجابة على هذا السؤال أمر معقّد بالنسبة للحكومات أيضاً. يقول أرسطو: "طبيعة المواطنة ... هي في الغالب مسألة متنازع عليها: من المؤكد أنه لا يوجد إجماع عام على تعريف واحد". ولعل الأزمة الحالية حول المعتقلين من مقاتلي وأتباع الدولة الإسلامية (ISIS)، توضّح إلى أي مدى يمكن أن يكون مفهوم المواطنة معقداً و "وموضع خلاف ".
فالحكومة السويسرية الآن بصدد مناقشة ما يترتب عليها فعله مع المواطنين السويسريين ومزدوجي الجنسية المعتقلين الذين انضموا إلى الدولة الإسلامية في العراق أو سوريا. هل يجب على الحكومة تنظيم عودتهم؟ أم يجب محاكمتهم في مكان احتجازهم؟ وعن هذين الخيارين، تطرح وزيرة العدل في سويسرا، كارين كيلر-سوتر السؤال التالي: " هل يجب علينا أن نعرّض مواطنينا للخطر مقابل استعادة أشخاص غادروا بمحض إرادتهم للقتال في سوريا والعراق؟".
أما الخيار الثالث فهو إلغاء جوازات سفرهم إذا كانوا مزدوجي الجنسية، إذ لا يمكن جعلهم قانونياً عديمي الجنسية.
وبحسب القانون السويسري فإنه يمكن إلغاء جوازات سفر المواطنين مزدوجي الجنسية إذا كانت أفعالهم تتعارض مع مصالح سويسرا أو مع سمعتها. وهذا الإجراء ينطبق على من تمت إدانته لارتكابه جريمة خطيرة متعلّقة بأنشطة إرهابية أو بتهمة التطرف العنيف مثل الإبادة الجماعية أو جرائم ضد الإنسانية. وحتى هذه اللحظة، لم يحدث شيء من هذا القبيل.
آراء متباينة
هذه المعضلة ليست فقط مشكلة سويسرية. فالقوات السورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد، تدعي بأنها احتجزت أكثر من 900 مقاتل أجنبي في سوريا. فهل ما يزال لهؤلاء المحتجزين حقوق كمواطنين؟ وهل ما تزال لدى البلدان التي يحملون جوازات سفرها، التزامات تجاههم؟ ولطالما أن المعتقلين لم يتخلوا رسميّاً عن جنسيتهم وما يترتّب على هذه الجنسية من حقوق، فإن أفعالهم يمكن تصنيفها كخيانة أو كحد أدنى من انتهاك مصالح البلد الذي يحملون جنسيته. وبحسب مقالة نُشِرت في صحيفة "تريبون دي جنيف"، فإن جهاز المخابرات السويسرية يقول إن هناك ما يقرب من 20 جهادياً سويسرياً ومزدوج الجنسية حالياً في منطقة الصراع السورية - العراقية.
وفي برن، تتباين الآراء حول ما يجب فعله مع هؤلاء المعتقلين. فمن جهة، هناك من يؤيد مبدأ نزع الجنسية عنهم، ومن جهة أخرى هناك من يؤيد مبدأ محاكمتهم حيث تم احتجازهم. ويحتج كارلو سوماروغا، وهو عضو في لجنة الأمن السياسي قائلاً:" أن الاعتقاد بأن السويسري الذي يتم إلغاء جواز سفره لن يلجأ إلى العودة بطريقة غير شرعية ليس إلا وهماً. إن أفضل حل من أجل أمن البلاد هو إعادتهم إلى وطنهم، ومحاكمتهم، ثم جعلهم يقضون مدة عقوبتهم هنا. هذه هي أفضل طريقة للسيطرة عليهم". وهل سويسرا أصلاً في حالة حرب مع الدولة الإسلامية؟
'قنبلة موقوتة'
وكما هو الحال في برن حيث تتباين الآراء بهذا الشأن، كذلك هو الحال في الدول الأخرى حيث لا إجماع حول ما يجب فعله مع جهادييها. وعلى هذا الصعيد، قامت بريطانيا بإلغاء جنسية مراهقة أصبحت "عروس داعش" لمدة أربع سنوات. وبموجب القانون البريطاني، يمكن إلغاء الجنسية المعطاة لشخص ما، إذا كان ذلك " مؤاتياً للصالح العام" ولا يجعل منه شخصاً عديم الجنسية.
أما فيما يتعلّق بالولايات المتحدة، فيقول محام متخصص في شؤون الهجرة لصحيفة نيويورك تايمز إن هناك ظروفاً تستطيع فيها حكومة الولايات المتحدة إلغاء الجنسية، كالإدانة بالخيانة العظمى مثلاً. لكنه أضاف أن الانتماء إلى جماعة إرهابية أو تقديم المساعدة لها لا يُعتبر سببا كافياً لفقدان الجنسية.
وتحتجز الولايات المتحدة العديد من الجهاديين. ويقول الرئيس ترامب في تغريدة له على تويتر: "إن الولايات المتحدة تطلب من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين أن يقوموا باستعادة أكثر من 800 من مقاتلي داعش اعتقلوا في سوريا، وتم تقديمهم للمحاكمة. الخلافة على وشك السقوط. البديل عن استعادتهم ليس جيداً، لأننا سنضطر عندئذٍ إلى إطلاق سراحهم".
وبما أنه قد تمّت السيطرة على آخر معقل لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وبدأت القوات الأمريكية بالانسحاب، فسوف يتعين على الدول الأوروبية أن تقرر ما ستفعله مع مواطنيها الذين انضموا إلى الدولة الإسلامية. كثير من هذه الدول تتردد في عودة مواطنيها خشية أن يكونوا تهديداً للأمن المحلي، كما تقول كيلر سوتر. لكن وزارة الداخلية الألمانية أوضحت أن المواطنين الألمان لهم الحق "من حيث المبدأ" في العودة. ومما يزيد الوضع تعقيداً، ما صرّح به مسؤول كردي حيث قال إن المعتقلين "قنبلة موقوتة" يمكن أن تنفجر عندما تنسحب القوات الأمريكية، لأن فرص الهروب ستكون كبيرة جدّاً.
عقد سياسي
هل للمحتجزين أي حقوق ترتكز على أساس جوازات سفرهم وجنسياتهم؟ الجنسية هي هوية عامة تعطي حاملها الحق بحماية الدولة التي ينتمي إليها. ولأنني مواطن في بلد ما - بالقرابة أو بالإقامة - يمكن لدولة هذا البلد أن تفرض عليّ واجبات معيّنة مثل احترام القوانين أو دفع الضرائب، كما يمكنني أن أطالب بدوري الدولة بالقيام بواجباتها تجاهي، كحمايتها لي. هذا هو العقد السياسي بين المواطنين وحكومتهم.
وبالنسبة لأولئك السويسريين الذين تم اعتقالهم في سوريا أو العراق، ألا يحق لهم أن يعوّلوا على الحكومة السويسريّة في تقديم شكل من أشكال الحماية لهم؟ إن كونهم قد غادروا البلاد للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية لا يلغي تلقائياً جنسيتهم، أقله في الوقت الحالي.
وتبين حجة وزيرة العدل أن الخوف من عائد "يعرّض" سويسرا للخطر، أقوى من حق الشخص في محاكمة عادلة في سويسرا. وتصرح قائلة: "بالنسبة لي، فإن الأولوية تبقى أمن السكان السويسريين وقوات الأمن السويسرية".
ولكن ماذا عن حقوق المُحتجز؟ هل خسر جميع حقوقه بالانضمام إلى الدولة الإسلامية؟ وطالما لم يتم إلغاء جنسية هذا الشخص، فإنه من الواجب أن يُمنح كمواطن سويسري محتجز شكلاً من أشكال من الحماية.
تتعرض سياسات العالم باستمرار للتحدي بسبب قضايا السيادة والهوية. كان سؤال ابني سؤالاً وجيهاً، خاصة في عالم تتزايد فيه التدفقات البشرية عبر الحدود وداخلها. لقد أضحت الهويات الشخصية المتعددة والمواطنة المتعددة جزءاً من العالم الحديث. أكثر من واحد من كل خمسة مواطنين سويسريين يحمل جنسية مزدوجة.
إن التصريحات الرجعية لانعدام الأمن القومي، كتلك التي تنادي بضرورة إقامة جدران حدودية أو بمحاكمة السويسريين في سوريا أو العراق، تقلل من شأن احترام حقوق الإنسان ومن دور سويسرا في حماية كل مواطن. للمواطنين السويسريين الحق في الحماية من قبل حكومتهم. ومن حق المحتجزين أن تتم استعادتهم إلى سويسرا.
The views expressed in this article are solely those of the author, and do not necessarily reflect the views of swissinfo.ch.
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.