“لا توجد زراعة مُستدامة لزيت النخيل”
تزعم اثنتان من المنظمات الإغاثية السويسرية أن هناك عدة مصارف سويسرية متورطة في تجارة زيت النخيل المثيرة للجدل في أندونيسيا. وتكافح كارتيني سامون من منظمة "غراين Grain" غير الحكومية ضد توسيع رقعة المزارع المستخدمة لأغراض صناعية، والتي أصبحت السبب الرئيسي لقطع الأشجار في بلادها. وتناشد الناشطة الأندونيسية المصارف السويسرية إعادة التفكير في استثماراتها ومراعاة مصالح السكان المحليين.
المصارف السويسرية تغضّ الطرف
يوم 6 مارس 2017، عرضت المنظمتان غير الحكوميتان “ضحايا الجوع Fastenopferرابط خارجي” و”الخبز للجميع Brot für alleرابط خارجي” دراسة حول علاقة 17 مصرفا سويسرياً بـ 20 من كبرى الشركات المنتجة لزيت النخيل. أما التحليل الإقتصادي فقد قامت به منظمة “بروفوندو Profundoرابط خارجي” الهولندية للأبحاث وشمل الفترة الممتدة من عام 2009 وحتى عام 2016.
برز أحد المصارف بقوة أكثر من مصرفي “كانتون زيورخ Zürcher Kantonalbank” و “يو بي إس UBS”، والمقصود هنا هو مصرف “كريدي سويس Credit Suisse” الذي استثمر أكثر من 900 مليون دولار في شركات زيت النخيل أثناء الفترة التي شملتها الدراسة، ومنها شركتا مزارع “بوميتاما Bumitama” و”IOI”، اللتان كانتا محل نقد من قِبل الرأي العام مؤخراً بسبب انتهاكهما لحقوق الإنسان والبيئة.
بعد أن أنهت دراستها في مجال التطوير الزراعي، انخرطت كارتيني سامون في الحركات الشبابية الفلاحية بأندونيسيا، قبل أن تنضم إلى منظمة “غراين Grainرابط خارجي” غير الحكومية، وهي إحدى المنظمات المشاركة لمنظمة “الخبز للجميع”. وقد تحدثت سامون إلى وسائل الإعلام في العاصمة برن حول التبعات الكارثية للتوسع غير المنضبط في زراعة زيت النخيل على السكان والبيئة، خصوصا وأن أندونيسيا تُعدّ المنتج الأكبر لزيت النخيل على مستوى العالم.
swissinfo.ch: ما هي المشكلات التي تسببها زراعة زيت النخيل في أندونيسيا؟
كارتيني سامون: إن المزارع التي تزداد توسّعاً تعمل على تهجير السكان المحليين. ففي جزيرة كاليمانتان، يتم استغلال ثلث الأرض الصالحة للزراعة في زراعة زيت النخيل، وتعادل هذه المساحة مساحة سويسرا كلها تقريباً. وفي عام 2015 كان هناك 731 نزاعاً حول أراضٍ، إذ تم تهجير 85 ألف أسرة أندونيسية بسبب تمدد المنتجين. فضلاً عن ذلك فإن زراعة صنف واحد من المحاصيل يُدمّر الغابات والأرض.
swissinfo.ch: إنك تتحدثين أيضاً عن مشاكل صحية. فهل يُمكن أن تذكري لنا مثالاً بعينه؟
كارتيني سامون: كل عام تُحرق مساحات كاملة من الغابات بهدف التوصل لأراضٍ جديدة بأقل التكاليف. ويتسبب الدخان الناتج عنها في حدوث مشكلات بالجهاز التنفسي. كما تتعرض صحة عمال المزارع وساكنيها للخطر بسبب استخدام المبيدات والأسمدة.
swissinfo.ch: ألا يستفيد السكان المحليون أيضاً من تجارة زيت النخيل؟
كارتيني سامون: القلة القليلة من عدد السكان المُهجّرين يحصلون على عمل في المزارع. كذلك فإن ظروف العمل شائكة. ويتم تشغيل الكثير من العمال لمدة يومٍ أو موسمٍ واحد. وبهذا يفتقرون إلى الضمان الإجتماعي ويحصلون على رواتب متدنية. هناك أيضاً بعض من صغار المنتجين، لكنهم يعانون من تأرجح أسعار زيت النخيل التي تحددها الأسواق العالمية. فالأسعار المتغيرة يومياً لا تضمن للفلاحين الحصول على ما يكفيهم من مالٍ لسد حاجاتهم المعيشية.
swissinfo.ch: ما هي الحلول التي تقترحينها؟
كارتيني سامون: لابد من أن نوقف التوسع في زراعة زيت النخيل وأن نتذكر أن هناك العديد من المصادر الأخرى للحصول على الزيوت النباتية. إن الإنتاج الرخيص لزيت النخيل الذي يضاعف مكسب الشركات، يؤدي إلى اختفاء محاصيل أخرى. فلابد من العودة إلى الإنتاج المحلي كي نحافظ على البيئة. فإنتاج ونقل زيت النخيل إلى الدول المستوردة يتسبب في كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون. وعلى المصارف التي تمول زراعة زيت النخيل أن تُعيد التفكير في ممارساتها.
لكنه من الأهمية بمكان أيضاً توعية المستهلكين. فهم أيضاً يمكنهم القيام بدور، وذلك بأن يشتروا المنتجات الطازجة المحلية، بدلاً من اقتنائهم للمواد الغذائية المُصنّعة من السوبر ماركت، حيث يحتوي كل منتج من إثنين على زيت النخيل.
مصرف “كريدي سويس Credit Suisse” يُدافع عن نفسه
رداً على استفسار swissinfo.ch، لم يُقر مصرف كريدي سويس باستثماره لمبلغ 900 مليون دولار في شركات إنتاج زيت النخيل.
في المقابل، أفاد المصرف بأنه لا يتعامل مع مُنتجي زيت النخيل غير الأعضاء في “الطاولة المستديرة لزيت النخيل المستدام” المعروفة إختصاراً بـ “RSPO”.
يُشار إلى أن “الصندوق العالمي لحماية الطبيعة WWF” هو الذي قام بإنشاء هذه الطاولة المستديرة، التي تعمل على ضمان “حد أدنى من المعايير” لزراعة زيت النخيل.
swissinfo.ch: لقد وقعت هذه المصارف السويسرية التي تشيرين إليها على قواعد ومبادئ منظمة الأمم المتحدة، حتى لا تقوم بتمويل مشروعات تخالف حقوق الإنسان أو الحفاظ على البيئة. ألا يكفي هذا؟
كارتيني سامون: تتبنى المصارف هذه المعايير، التي تستخدمها كعملية “غسيل أخضر” أو “Greenwashing” [أي استخدام معطف أخضر للتمويه على نشاطها المُعادي للبيئة – التحرير]، إلا أنها لا تغيّر ممارساتها على الأرض. إنها تمنح نفسها بصورة صديقة للبيئة وواعية بالمسؤولية فحسب، لكن في الحقيقة لا توجد زراعة مُستدامة لزيت النخيل المستخدم صناعياً. فسياسة المحصول الواحد تدمّر الأرض وتستهلك الموارد المائية.
swissinfo.ch: لقد تراجع إلتزام الممولين السويسريين بين عامي 2009 و2013 بصورة واضحة؟ فهل ترين في هذا ظاهرة إيجابية؟
كارتيني سامون: نتمنى هذا. ينبغي على المصارف السويسرية إعادة النظر في استثماراتها، ويجب أن لا تفكر فقط في المكسب، بل عليها أيضاً مراعاة مصلحة السكان المحليين. كما نأمل في أن يقوم مواطنو سويسرا بالضغط على المصارف، كي تستثمر أموالها بصورة مختلفة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.