نـُفورٌ مُتـزايد لجيل الإنـترنت من قـراءة الصّحف
يتزايدُ إقبالُ الشـّباب السويسري على الهواتف المحمُولة والصُّحف المجانية والرسائل القصيرة SMS والإنترنت، مُقابل تراجع اهتمامـه بالصحافة المدفوعة الثمن، حسب دراسة جديدة لجمعية الأبحاث والدّراسات حول وسائط الإعلام الدعائية.
وأوضح استقراء الآراء الذي شمل 504 شابة وشابا تتراوح أعمارهم بين 14 و20 عاما بأن الفئة التي ستنخفض نسبة مُطالعتها للصحف في المستقبل أكبر من الفئة التي تنوي قراءة المزيد من الجرائد.
ما هو سرّ النجاح الكبير للصّحف المجانية التي يـُقبل عليها حاليا 40% من القـراء في سويسرا (في حين فقدت الصحف المدفوعة الثمن 717000 قارئ في ظرف عام)؟ وهل يـُعتبرُ الشباب، الذين يمثلون الفئة الأكثر شغفا بالصحافة المجانية، المسؤولين الوحيدين عـن هذا الوضع؟
هذان السؤالان كانا ضمن أبرز محاور دراسة أعدتها جمعية الأبحاث والدراسات حول وسائط الإعلام الدعائية (WEMF/REMP) التي تتخذ من زيورخ مقرا لها. وأكدت فيفيان تسيمرمان، رئيسة مشروع “قراءة الصحف في أوساط الشباب” التابع للجمعية، بأن الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاما هم أكبر قـُراء الصحف المجانية، وأن نسبتهم ارتفعت بـ 30% إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الفئة العمرية 14-20 عاما من قراء الصحافة المجانية.
لكن السيدة تسيمرمان أضافت في ندوة عُقدت في زيورخ بعد ظهر الثلاثاء 9 سبتمبر الجاري بأن زيادة نسبة الإقبال على هذا النوع من الصحف ظاهرة تمس كافة الفئات العمرية. في المقابل، أوضحت رئيسة مشروع “قراءة الصحف في أوساط الشباب” أن ما بات واضحا لا لُبس فيه هو توسـُّع انتشار الجرائد المجانية منذ عام 2004 وتفاعل الشباب معها بشكل كبير، بينما تتراجع كبريات الصحف الجهوية، فيما تفقِد أصغر الصحف الجهوية المزيد من قرائها رغم تمتعها بشعبية كبيرة في مناطق صدورها.
الإنترنت في الطليعة…
وقد حرصت جمعية الأبحاث والدّراسات حول وسائط الإعلام الدعائية على طلب استقراء للآراء يبحث بالتفصيل العادات المرتبطة بمتابعة وسائل الإعلام لـ504 من طرف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و20 عاما، من مُختلف أنحاء سويسرا، وكذا رؤيتهم للمُستقبل في هذا المجال. وأظهرت أولى الاستنتاجات بأن الشباب لا يغرقون على الإطلاق في الكم الهائل من المعلومات التي تتدفق كل يوم في وسائل الإعلام.
21% فقط يـُجيبون بـ “نعم” على هذا السؤال. لكن كارين يوست، التي تحلل سلوك الشبان في مجلة “ريبورت” (تقرير) التابعة لنفس الجمعية، أعربت عن اعتقادها بأن “القدرة متعددة المهام للشباب هي مجرد أسطورة”، مضيفة أن الشباب يمكنهم إظهار تلك القدرة في حالات معينة، ولكن ليس على نحو شامل. فشبكة الإنترنت تُستخدم بشكل يقتضي التفرغ والتركيز أثناء التصفح، في حين يظل التلفزيون والإذاعة من وسائل الإعلام المرافية، ولا يزال التلفزيون يُهيمن على الوسائط الأخرى في كل ما يرتبط بالترفيه.
ووفقا للشبان الـ 504 الذين تم استجوابهم، تبقى شبكة الإنترنت وسيلتهم المفضلة لمعرفة ما هو رائج (قبل المجلات والتلفزيون)، بينما تتصدر الصحف المجانية قائمة وسائل الإعلام عندما يتعلق الأمر بتكوين نظرة شاملة وسريعة على ما يجري من أحداث (قبل الإنترنت والتلفزيون).
… والصحف والمجلات والكُـتب في مؤخرة الترتيب
ويـَذكـُر الشباب الصحف التقليدية عند سعيهم للحصول على معلومات أساسية (لكن وراء الإنترنت وقبل التلفزيون) ومعرفة الأخبار الوطنية والدولية. أما الجرائد المجانية، فتظل وظيفتها الأساسية إعلامهم بأماكن ومواعيد التظاهرات التي يريدون حضورها، بحيث أنها لا تتعدى أن تكون دليل خروج وأسفار.
وقد سـُئل هؤلاء الشباب أيضا عن نواياهم المُستقبلية، فكان ردهم غير مفاجئ إذ أكدوا أنهم يريدون استخدام الانترنت أكثر، حتى أكثر من الهواتف النقالة والتحميل الصوتي “بودكاست”. لكن هذا التوجه يختلف عندما يتعلق الأمر بالإذاعة بحيث أن هنالك تعادل (27% في كل مرة) بين من يعتقدون أن استماعهم للإذاعة سيقل في المستقبل ومن ينوون الإصغاء لها بشكل مُتزايد.
أما فيما يخص الصحف، فقال 31% من الشباب بوضوح إن مطالعتهم للصحف ستتراجع في المستقبل، مقابل 24% أعربوا عن عزمهم قراءة المزيد، و45% ممن يعتقدون بأن كمية قراءتهم للصحف لن تتغير.
وتعاني الكُتب أيضا من تراجع الاهتمام الشبابي، بحيث يتوقع 38% انخفاض نسبة قراءتهم لها، بينما أشارت نفس النسبة إلى أن مطالعتها للكتب لن تتغير مقارنة مع اليوم. وبالنسبة للمجلات، تتجاوز توقعات الانخفاض (43%) توقعات الاستقرار (39%) والنمو (18%).
وقد حرص أولريخ راينهاردت، مدير “مؤسسة قضايا المُستقبل” في هامبورغ الألمانية، الذي حضر أيضا ندوة زيورخ، على إضفاء طابع النسبية على أرقام الدراسة قائلا: “لا يجب أن ننسى أن الشباب يشكلون الأقلية. فقبل 50 عاما، كانت فئة الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما أكثر بضعفين من اليوم… لا يجب تركيز كل شيء على هذه الشريحة العمرية، لا سيـّما أن الأكبر سنـّا هم الذين يتوفرون على القدر الأكبر من الإمكانيات الاقتصادية…”.
وأضاف راينهاردت أن ما يُثير القلق بشكل أكبر هو الفجوة التي تزداد اتساعا بين الشباب الذين اكتفوا بالتعليم الأساسي الإلزامي ونظرائهم الذين تابعوا تكوينا عاليا. فالفئة الثانية تستخدم الإنترنت ثلاث مرات أكثر من الأولى…
سويس انفو – استنادا على مقال بالفرنسية لأريان جيغون – زيورخ
حسب جمعية الأبحاث والدراسات حول وسائط الإعلام الدعائية (WEMF/REMP)، فقدت الصحف السويسرية 717000 قارئ في ظرف عام. وبلغ التراجع منذ عام 2004: 2,5 مليون قارئ.
وقد فقدت الصحافة اليومية بالاشتراك 10% من قرائها منذ عام 2004.
لم تحقق الجرائد اليومية بعض التقدم سوى بفضل إطلاقها لصحف مجانية التي يقبل عليها 40% من القراء.
يستخدم الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و20 عاما شبكة الإنترنت في المقام الأول للأغراض التالية:
1- التعرف على الجديد والرائج في مجال اهتماماتهم،
2- الرغبة في معرفة بعض المعلومات عمّا هو جديد ورائج،
3- العثور على معلومات أساسية،
4- معرفة مكان ومواعيد التظاهرات التي تـهمّه لقضاء الوقت خارج البيت.
أكثر من نصف هؤلاء الشباب الذين شملتهم الدراسة (59%) يقولون إنهم يريدون استخدام الإنترنت بشكل متزايد في المستقبل، و34% يقولون إنهم يعتقدون أنهم سيستخدمون الشبكة العنكبوتية بنفس الوتيرة الحالية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.