نوفارتيس تنتقد الإجراءات الأمريكية للحد من ارتفاع أسعار الأدوية
انضمّت نوفارتيس، شركة الأدوية العملاقة التي تتخذ من مدينة بازل مقرّاً لها، إلى الشركات المنتقدة لخطة حكومة الولايات المتحدة للحد من ارتفاع أسعار العقاقير بموجب قانون خفض التضخّم.
وقال المتحدثون باسم الشركة السويسرية في بيان صحفيرابط خارجي إن الأحكام المتعلقة بتحديد الأسعار بموجب القانون الهادف إلى خفض التضخّم في الولايات المتحدة “تعتبر غير دستورية” وسيكون من شأنها تقييد “قدرة صناعة الأدوية على اكتشاف وتطوير أدوية جديدة تنقذ الأرواح وتكون ذات فائدة لمن هم في أمسّ الحاجة إليها”.
وجاءت هذه التعليقات بعد وقت قصير من كشف مراكز خدمات الرعاية الصحية والخدمات الطبية في الولايات المتحدة (CMS) عن العقاقير العشرة التي ستكون مدرجة في قائمة البحث على طاولة جولة المفاوضات الأوّلي. ومن بين هذه العقاقير “إنترستو” (Entresto) الذي تنتجه الشركة، ويُستخدم في علاج قصور القلب.
المزيد
هل تستطيع شركة نوفارتيس توفير أدويتها للجميع حقاً؟
تمت الموافقة على إقرار القانون، من قبل الكونغرس الأمريكي في أغسطس الماضي، حيث منح هذا القانون برنامجَ “ميديكير” – وهو البرنامج الحكومي الأمريكي للتأمين الصحي والذي يرعى شؤون المرضى الذين بلغوا سن الخامسة والستين فما فوق- صلاحيةَ التفاوض على أسعار مجموعة من الأدوية، وذلك بهدف خفض تكاليف الرعاية الصحية. ويقدّر مكتب الميزانية للكونغرس الأمريكي أن عمليات التفاوض من شأنها أن توفّر، على مدى عشر سنوات، 96 مليار دولار (84 مليار فرنك سويسري).
وخلال العام الماضي، بلغ عدد المرضى الذين استخدموا عقارَ “إنترستو”، على نفقة برنامج “ميديكير”، نحو 587 ألف شخص، مما كلّف الحكومة حوالي 2.8 مليون دولار. وجعله ذلك واحداً من أكثر الأدوية استخداماً وتكلفةً التي يقوم بتغطيتها التأمين الذي تديره الحكومة. وسيكون أمام شركة نوفارتيس بالإضافة إلى الشركات الأخرى التي تمتلك أدويةً مدرجة في القائمة من الآن فترة عام واحد للتفاوض حول الأسعار التي سيبدأ العمل بها في بداية عام 2026.
المعارضة
وأشاررابط خارجي محللون صناعيون إلى أنه من المحتمل أن تكون التداعيات المالية على الشركات في جولة المفاوضات الأولى طفيفة، حيث إن صلاحية براءة العديد من الأدوية تقترب من نهايتها. ومن المتوقع أن يفقد عقار “إنترستو” امتيازَ الحصرية في عام 2027، مما يعني أن أسعار الأدوية التي ستفاوض عليها الشركات ستكون سارية المفعول لمدة حوالي عام واحد فقط.
إلا أن ذلك لم يمنع الشركات من التصدي لهذه الإجراءات المتخذة من قِبَل الكونغرس الأمريكي؛ فهناك ستُ شركات صناعية دوائية تقوم حالياً بمقاضاة حكومة الولايات المتحدة، بذريعة أن قانون خفض التضخم ينتهك الحقوق الدستورية للمصنّعين. كما اتخذت المجموعة التجارية الصناعية الأمريكية وغرفة التجارة الأمريكية إجراءات قانونية على هذا الصعيد.
ويقول المتحدث باسم شركة نوفارتيس لموقع SWI swissinfo.ch إن الشركة لم تلجأ بعد إلى السبل القانونية لتقديم أية دعاو ٍقضائية، ولكنها “ما زالت بصدد تقييم جميع الخيارات القانونية المتاحة لديها”.
وبالإضافة إلى الشكوك حول دستورية قانون خفض التضخّم، تُقدم نوفارتيس وشركات أخرى حججاً تشير إلى أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى لجم الابتكار وتحدّ من حافز الاستثمار في بعض الأدوية، لاسيما تلك التي تستخدم لعلاج الأمراض التي تصيب كبار السن.
المزيد
ويستهدف القيّمون على قطاع صناعة الأدوية أيضاً، بنداً محدداً في القانون يعتبرون أنه لا يشجّع الاستثمارات في الأدوية الجزيئية الصغيرة، وهي عبارة عن حبوب كيميائية مثل عقار “إنترستو”. هذه الأدوية تحافظ على أسعارها فترة تسع سنوات فقط قبل أن يتوجّب بيعها في الأسواق بالسّعر المتفاوض عليه، بينما تُمنح الأدوية الكبيرة الجزيئية مثل الأدوية البيولوجية، والتي تتطلب تطويراً أكثر تكلفة، فترة 13 سنة. وعادةً ما تتمتّع الأدوية بفترة تتراوح ما بين 14 إلى 16 عاماً قبل أن يتم إدخال أدوية أخرى منافِسة.
وكان المتحدث باسم شركة نوفارتيس قد أخبر SWI أن الشركة قد “أوقفت بالفعل بعض التجارب السريرية في مراحلها المبكرة للأدوية المضادة للسرطان”، حيث شعرت الشركة أنها غير قادرة على تطوير الأدوية في جميع الاستخدامات المتاحة ضمن فترة التسع سنوات.
ولقد عارضرابط خارجي بعض خبراء الرعاية الصحية في الولايات المتحدة هذا الرأي، معتبرين أن الفترة التي تقضيها الأدوية في الأسواق هي فترة مناسبة بما يكفي لكسب أرباح كبيرة من قبل الشركات وأن التهديد خلال هذه الفترة من ابتكار أدوية أخرى منافسة يكون أقل.
تحقيق الأرباح
ولا تمثل الردود القوية من قبل القيّمين على صناعة الأدوية مفاجأة كبيرة؛ فقد كانت السوق الأمريكية دائماً محركاً جزئياً لإيرادات صناعة الأدوية، وذلك لأن الشركات يمكنها تحديد الأسعار بحرية.
ووفقاً لشركة تحليل البيانات IQVIAرابط خارجي، شكلت مبيعات أمريكا الشمالية من الأدوية نسبة 52.3% من مبيعات الأدوية العالمية مقارنة بنسبة 22.4% لأوروبا في عام 2022. بل أن نسبة المبيعات من الأدوية الجديدة كانت أعلى؛ حيث بلغت 64.4% من مبيعات الأدوية الجديدة التي تم إطلاقها خلال الفترة من عام 2017 إلى 2022 في السوق الأمريكية، مقارنة بنسبة 16.4% في السوق الأوروبية. وكانت نسبة مساهمة الولايات المتحدة في الأرباح أعلى من ذلك.
وكان عقار “إنترستو”، ثاني أكثر الأدوية مبيعاً لشركة نوفارتيس؛ حيث بلغ الحجم الإجمالي لمبيعاتها 4.6 مليار دولار في عام 2022. وقد ساهمت السوق الأمريكية بنصف هذا الحجم من المبيعات، التي تم حوالي نصفها عبر برنامج “ميديكير”.
وحالياً، يبلغ سعر عقار “إنترستو” في الولايات المتحدة 667.97 دولار (589 فرنك سويسري) شهرياً، ولكن القيّمين على شركة نوفارتيس يقولون إن الشركة قامت بالتفاوض مع العديد من المشترين، بما في ذلك برنامج “ميديكير”، أودت إلى إجراء تخفيضات كبيرة. وعلى الرغم من أنه من الصعب مقارنة تكاليف الأدوية في أنظمة صحية مختلفة، إلا أن سعر “إنترستو” في سويسرا يبلغ 123.90 فرنك سويسري (سعر مصنعي) / 158.65 فرنك سويسري (سعر التجزئة) شهرياً.
وفي سويسرا، يقوم المكتب الفدرالي للصحة العامة بتحديد سعر الأدوية الجديدة، وغالباً ما يتم هذا الأمر من خلال مفاوضات مع الشركة المصنِّعة. وفقط عندما يتم تحديد السعر، يمكن أن يتم إدراج الدواء فيما يسمى بقائمة الأدوية الخاصة حيث يمكن عندئذ ٍ استرداد تكلفته عن طريق التأمين الصحي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.