كان حادث فوكوشيما النووي الذي شهدته اليابان يوم 11 مارس 2011 بمثابة إعلان عن بداية النهاية لاستخدام الطاقة النووية في سويسرا. على العكس من ذلك، قررت دول أخرى الاستثمار في مصدر الطاقة هذا الذي يُعتبر ضروريا - حسب البعض - لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.
تم نشر هذا المحتوى على
7دقائق
صحفي من كانتون تيتشينو أقيم في برن. أتعامل مع القضايا العلمية والاجتماعية من خلال التقارير والمقالات والمقابلات والتحليلات. أهتم بقضايا المناخ والطاقة والبيئة، وكذلك كل ما يتعلق بالهجرة والمساعدة الإنمائية وحقوق الإنسان بشكل عام.
فوكوشيما بعيدة جدًا عن سويسرا واليابان بلد يُواجه أحداثًا من هذا القبيل بجدية واحتراف: كان هذا أول رد فعل لدوريس لويتهارد، وزيرة الطاقة السويسرية آنذاك، على أخطر كارثة نووية يشهدها العالم منذ حادثة تشيرنوبيل في منطقة بيريبيات في شمال أوكرانيا.
في وقت لاحق فقط أدركت الوزيرة السابقة خطورة الحادث وحقيقة أنه سيكون له تداعيات خارج الحدود اليابانية، كما تتذكر لويتهارد في مقابلة لها مع صحيفة “لوتونرابط خارجي” (يومية تصدر بالفرنسية في جنيف) نُشرت قبل بضعة أيام.
لم ينتج عن الانبعاثات المُشعّة الناجمة عن الحادث الذي وقع في محطة الطاقة النووية اليابانية في فوكوشيما في عام 2011 آثار سلبية على الصحة، وفقًا للتقرير النهائي الصادر عن لجنة باحثين تابعة للأمم المتحدة، نُشر يوم الثلاثاء 9 مارس الجاري. عمليا، تؤكد الدراسة ما ورد في تقرير سابق نُشر في عام 2013.
وفقًا للجنة العلمية التابعة للأمم المتحدة المعنية بعواقب الانبعاثات المُشعّة (UNSCEARرابط خارجي)، فإن الزيادة الحادة في عدد حالات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية لدى الأطفال المعرضين تُعزى إلى تحسّن تقنيات الفحص الذي سمح بالكشف عن “انتشار حالات شاذة لم يتم اكتشافها من قبل”.
من جهتها، تدّعي منظمة “السلام الأخضررابط خارجي” أن 85% من منطقة التطهير الخاصة ما زالت ملوثة. وتتهم المنظمة المدافعة عن البيئة الحكومات المتعاقبة في اليابان في السنوات الأخيرة بخداع الجمهور من خلال مبالغتها في الترويج لفعالية برنامج إزالة التلوث وتجاهلها للمخاطر الإشعاعية.
في 14 مارس 2011، أي بعد ثلاثة أيام من حادثة فوكوشيما، تم تعليق طلبات إنشاء محطات طاقة نووية جديدة في سويسرا. وبعد شهرين، قررت الحكومة الفدرالية ذات الأغلبية النسائية حينها التخلي التدريجي عن استخدام الطاقة النووية.
هذا المنعرج أكده الشعب السويسري في مايو 2017، عندما تم الترحيب من طرف حوالي ستين في المائة من الناخبين باستراتيجية الطاقة الجديدة لعام 2050 التي تنص تحديدا – بالإضافة إلى تطوير مصادر الطاقة المتجددة – على إيقاف تشغيل المحطات النووية في نهاية دورة حياتها.
أقدم مفاعل في العالم لا زال نشطا
تم إيقاف تشغيل أول مفاعلات سويسرا الخمسة في نهاية عام 2019، مع إغلاق محطة موهلبيرغ للطاقة النووية في كانتون برن. ومن المتوقع أن يستغرق تفكيك الموقع وتطهيره حوالي خمسة عشر عامًا.
المزيد
المزيد
كيف تقوم سويسرا بتفكيك أول محطة للطاقة النووية فيها؟
تم نشر هذا المحتوى على
لا يُمثل إخراج محطة موهليبرغ لإنتاج الطاقة من الشبكة مشكلة لمجموعة BKW لإنتاج الطاقةرابط خارجي التي يُوجد مقرها في برن، حيث كان يتم إغلاق المنشأة كل عام لإجراء أعمال التفتيش الدورية. نظرًا لتوقف عملية إنتاج الكهرباء، يُمكن البدء على الفور في تفكيك وتدمير المعدات المُستخدمة فقط لهذا الغرض، مثل التوربينات والمُولّدات والمُكثفات. وبعد ذلك، سوف تتم…
في الأثناء، من المتوقع أن تستمر المحطات الأربعة الأخرى، بما في ذلك محطة بيزناو في كانتون أرغاو، وهي الأقدم في العالم، في توفير الكهرباء لسنوات قادمة، طالما أنها تُعتبر آمنة من قبل المفتشية الفدرالية للسلامة النووية.
في عام 2019، كانت الطاقة النووية مصدرا لـ 19% من إجمالي كمية الكهرباء المُستهلكة في سويسرا، مقارنة بحصة تبلغ حوالي 10% في جميع أنحاء العالم.
كوكبٌ يحتوي على 443 مفاعل نووي
على عكس سويسرا أو ألمانيا، اللتان ستغلقان جميع المفاعلات بحلول نهاية عام 2022، قررت بعض الدول السير في المسار النووي بعد كارثة فوكوشيما. ومن بينها تركيا والإمارات العربية المتحدة وروسيا البيضاء وبنغلاديش. ووفقا لوكالة Keystone-ATS السويسرية للأنباء، فإن ما يقرب من نصف المفاعلات الجديدة التي بنيت في العالم في الفترة الممتدة من عام 2011 إلى 2020 تم تصنيعها في الصين.
محتويات خارجية
حاليا، يبلغ عدد المفاعلات النشطة في العالم 443 مفاعلًا (كانت 429 في نهاية عام 2010)، أما الولايات المتحدة وفرنسا والصين فهي الدول التي لديها أكبر عدد من المفاعلات النووية.
محتويات خارجية
الطاقة النووية لإنقاذ الكوكب الأزرق
بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالسلامة والنفايات المشعة، أصبح من المتعيّن على الطاقة النووية أن تواجه منافسة من طرف الطاقات المتجددة الرخيصة بشكل متزايد. فمنذ عام 2009، انخفضت تكاليف طاقة الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 70% و89% على التواليرابط خارجي، بينما ارتفعت تكاليف الطاقة النووية بنسبة 33٪.
مع ذلك، لا تزال الذرة تثير الاهتمام. وبالنسبة لمؤيّديها، فهي مصدر للطاقة يولّد انبعاثات منخفضة من ثاني أكسيد الكربون كما يُمكن التحكم فيها. ذلك أنه من المتاح استغلالها حسب الحاجة، على عكس الرياح أو الشمس.
يُجادلرابط خارجي فاتح بيرول، المدير العام لوكالة الطاقة الدولية، بأن الطاقة النووية جزءٌ لا يتجزأ من عملية التحول الطاقي، على غرار بيل غيتس، الذي يخطط – من خلال شركته TerraPower – لبناء المئات من محطات الطاقة النووية الصغيرة الحجم من الجيل الرابعرابط خارجي التي سيتم تبريدها بواسطة الصوديوم السائل لتُدمج لاحقا في عملية إنتاج الطاقة المتجددة.
“فكرة بيل غيتس فكرة جيّدة، على الرغم من أنها تتضمن أيضًا نفايات مشعة”، كما يعلق مايكل براسّر، الأستاذ في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ والخبير في مجال الطاقة النووية.
يقول براسر إنه بالنظر إلى سعة التخزين الهائلة اللازمة لتطوير مصادر الطاقة المتجددة، وما يترتب على ذلك من زيادة في الطلب على المواد الخام مثل الكوبالت والليثيوم، لا يُمكننا الاستغناء تماما عن الذرة. وبالنسبة للأستاذ الجامعي، فإنه “إذا أردنا الحفاظ على الأرض، فعلينا أيضًا استغلال الطاقة النووية”.
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
اليابان تتعلم من أخطاء سويسرا في التعاطي مع النفايات المشعة
تم نشر هذا المحتوى على
مرت ثماني سنوات على تلك الجمعة الرهيبة من شهر مارس، عندما هز زلزال تسونامي الساحل الشرقي لليابان، كما ضربت إحدى الموجات غير العادية محطة فوكوشيما للطاقة النووية، مما أضر بنظام التبريد الخاص بها، وتسبب في حدوث انصهار نووي في قلب ثلاثة مفاعلات، فيما عُرف بأنه أخطر حادث نووي في التاريخ، بالإضافة إلى حادث تشيرنوبيل. وهكذا،…
تم نشر هذا المحتوى على
الحادث النووي الذي عاشته فوكوشيما، وتزامن مع زلزال بمقياس 9 درجات، وتسونامي بحري، أدى إلى سقوط 20 ألف قتيل، ودمّر 600 كلم من المناطق الشاطئية. وفي أوداكا، المنطقة المنكوبة، رمى الزلزال البحري بأطنان من مواد البناء والأنقاض إلى مسافة ثلاثة كيلومترات داخل اليابسة. ويروي المصوّر جون- باتريك دي سيلفسترو كيف أن “الرياح تهبّ، والعواصف تعبث…
أيّ مُستقبل لسياسة الطاقة في سويسرا: “النووي” أم “المتجددة”؟
تم نشر هذا المحتوى على
بالفعل، توجّه الشعب السويسري يوم الأحد 21 مايو 2017 إلى صناديق الإقتراع للتعبير عن رأيه والحسم في الوجهة المستقبلية لبلاده في مجال الطاقة. فعلى إثر الفشل الذي مُنيت به في نوفمبر 2016 مبادرة الخضر الداعية إلى إيقاف تشغيل المحطات النووية الخمس للكنفدرالية من الآن وحتى عام 2029، جاء الدور على استراتيجية الحكومة الفدرالية في مجال الطاقة لعام 2050…
تم نشر هذا المحتوى على
عاش المصوّر السويسري أندرياس سيبرت وعمل في اليابان لمدة 14 عاما. وكان في طوكيو عندما شهدت اليابان زلزال فوكوشيما في 11 مارس 2011. وبعد برهة قصيرة شاهد على شاشة التلفزيون، مثل غيره، الصور الأولى للأمواج المدمّرة في منطقة توهوكو ورأى كيف أن سبورة مكتوب عليها بالطبشور تاريخ الزلزال البحري وقد غطتها الطحالب البحرية. وقد بلغ…
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.