إقبال كثيف على المدرسة السويسرية في قطر
في خطوة هي الثانية من نوعها في منطقة الخليج بعد دبي، وضعت المدرسة السويسرية الدولية في قطررابط خارجي قدما ثابتة في المشهد التعليمي الخليجي، وباتت تستقطب أعدادا متزايدة من الطلاب. ويجوز القول إن يوم الأحد 10 سبتمبر 2017 شكل علامة فارقة في مسار الحضور السويسري في قطر، الدولة الغنية التي تعتبر أكبر منتج للغاز الطبيعي المُسال في العالم، بعد اندماج شركتيها العملاقتين "قطر غاز" و"راس غاز" في مطلع العام الجاري.
في ذلك اليوم فتحت المدرسة السويسرية الدولية أبوابها لاستقبال الطلاب، تحت إشراف فيليب برادلي، الذي تسلم الإدارة في أغسطس من العام نفسه. وتقع المدرسة في حي اللُقطة الراقي في ضواحي الدوحة، ويتجاوز عدد الطلاب المسجلين فيها 300 طالب، بعدما كان لا يتجاوز 25 طالبا في السنة الأولى. ويأمل القائمون على المدرسة أن تستقبل 500 طالب في السنة الدراسية المقبلة.
وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، قال برادلي إنه يعتمد على نخبة من المدرسين من ذوي المؤهلات العالية، الذين يُتابعون طلابهم على امتداد مسارهم التعليمي، ويُساعدوهم على تطوير مهاراتهم اللغوية، ولاسيما باللغتين الانكليزية والفرنسية. ولم ينس برادلي الإشادة بدور الطاقم الإداري وبأعضاء هيئة التدريس، الذين قال عنهم إن الانطلاقة لم تكن ممكنة لولا تفانيهم وإخلاصهم لمشروع المدرسة الدولية السويسرية بقطر.
تعدُدٌ ثقافيٌ
وقالت سيدة تونسية تدرسُ بنتاها في المدرسة إنها اختارتها لتنوع أعضاء هيئة التدريس والطاقم الاداري، اللذين تم انتدابهما من بلدان مختلفة، بينها بريطانيا ونيوزيلندا وسويسرا وبلجيكا ولبنان وكندا والولايات المتحدة، “وهو ما جعل من المدرسة مجتمعا متعدد الثقافات” بحسب وصفها. كما توجد في المدرسة مُمرضة متفرغة ذات تأهيل عال لتقديم المساعدة عند الحاجة.
وردا على سؤال يتعلق بمضامين المقررات والبرامج، أوضح برادلي أن غاية المدرسة هي تأمين ظروف تعليم مُثلى للطلاب في قطر، إن كانوا من أبناء البلد أم من المقيمين. وتابع “نحن نضمن تكوينا دوليا استثنائيا في مناخ يُشجع ويحفز كل طالب على التفوق والامتياز”.
وأفادت المسؤولة الادارية في المدرسة نانسي لي نيزات Nancy Le Nezet بأن المدرسة مرشحة للحصول على امتياز إعطاء شهادات الثانوية العامة (البكالوريا) الدولية IB وأكدت أن المقررات متطابقة مع المقرر العالمي الابتدائي ومع مقرر المرحلة الأولى من الثانوية PPCS. وأضافت أن المدرسة تأمل أن تُضيف قريبا مُقرر الديبلوم DP المُخصص للطلاب الراغبين في استكمال تعليمهم الجامعي.
المزيد
دبي تستضيف مدرسة سويسرية فريدة من نوعها
عقل نقدي
ترمي شهادة الثانوية العامة الدولية (البكالوريا) أو IB التي تتمتع بسمعة ممتازة عبر العالم، بحسب نانسي لي نيزات إلى تكوين شباب مُحبّ للإطلاع وصاحب عقل نقدي، يطمح لبناء عالم أفضل وأكثر أمانا من خلال تفاعل الثقافات. وأكدت أن هذه الغاية متطابقة تماما مع رؤية المدرسة الدولية السويسرية.
وفي هذا الصدد يُعتبر التعدد اللغوي مفتاحا من مفاتيح المدرسة الدولية السويسرية بقطر، فاللغة الانكليزية هي لغة التدريس فيها، لكن اللغة الفرنسية تُدرس لجميع الطلاب في الصفين الأول والثاني بوصفها لغة أم، لا سيما أن كثيرا من المُعلمين في المدرسة يُتقنونها بوصفها لغتهم الأم. أما لغة المتنبي فهي لغة اختيارية، مخصصة لجميع الطلاب الناطقين بها بوصفها اللغة الثانية، وبرامج تدريسها مُطابقة لمقررات وزارة التربية القطرية في هذا الشأن.
بالإضافة إلى هذه اللغات الرئيسة الثلاث، تعمل المدرسة على تعزيز معرفة الطلاب بلغاتهم الأصلية، بالإعتماد على خبرات مُدرّسيها، إذ أن كثيرا من هؤلاء يُجيدون اللغات الرئيسة الثلاث، وهم آتون من آفاق ثقافية ومسارات اجتماعية مختلفة. وقد عملت أكثريتهم في أشهر المدارس الدولية بمنطقة الخليج والعالم. وهم يعملون على إطلاق الطاقات الابداعية الكامنة لدى الطلاب بتحديد أهداف واضحة لهم ومساعدتهم على تحقيقها.
مكانة مركزية
في الواقع، يندرج تشجيع سويسرا على إنشاء مثل هذه المدرسة في سياق الأهداف الكبرى للوكالة السويسرية للتنمية والتعاون التابعة لوزارة الخارجية. وفي هذا الصدد، يقول المسؤول عنها السفير مانويل ساغير Manuel Sager إن الفترة المقبلة (2017-2020) ستشهد زيادة في تعهدات سويسرا بتنمية قطاع التربية بنسبة 50 في المائة قياسا على الفترة السابقة 2013-2016. وأكد أن التربية احتلت مكانا مركزيا في رسالة الحكومة الفدرالية بشأن التعاون الدولي للفترة المقبلة، سواء ما يتعلق منها بالتعليم الأساسي أم بتنمية المهارات المهنية. كما اعتبر أن التعليم “يُشكل حجر الزاوية في التنمية، وهو حق من حقوق الانسان الأساسية، بالاضافة لكونه حافزا على التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي”.
السفير قال ايضا إن الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون طلبت إجراء عمليتي تقويم من قبل جهات مستقلة شملتا التكوين المهني والتعليم الأساسي، وأسفرتا عن استخلاصات وتوصيات مهمة، أظهرت مدى فعالية وخبرة سويسرا في هذين المسارين. وعلى ضوء تلك الإستنتاجات، ركزت الاستراتيجيا الجديدة للوكالة على الترابط بين التكوين المهني والتعليم الأساسي، وكيفية تحقيق استفادة قصوى منهما، وكذلك الربط بينهما من جهة وبين سوق العمل من جهة ثانية.
في السياق ذاته، أشار ساغير أن بعض البلدان من شركاء الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون تُعاني من النمو السكاني السريع ما يؤدي إلى ضغوط كبيرة على المنظومة التعليمية الوطنية وسوق العمل على السواء، وهو ما يقود في كثير من الحالات إلى هزِ الإستقرار الإجتماعي. وهو يعتقد أن التربية – بوصفها عنصرا مساعدا على الإدماج الإجتماعي – “تلعب دورا أساسيا في الدول المُتسمة بالهشاشة”، ولذلك فإن الجهود التي تبذلها سويسرا لتحسين الأنظمة التربوية ترمي أيضا لتحقيق أهداف أبعد من المجال التربوي، تتعلق بـ “تعزيز السلام وترسيخ الدولة وتكثيف المشاركة المواطنية والتوقي من التشدد والعنف”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.