المعرض الدولي بدبي 2020: سويسرا تركز على الاستدامة والابتكار
في عَرضٍ من الظِلال والأضوء لإبراز الاستدامة والتَوَسّع الحَضَري والابتكار السويسري، يقود الجناح السويسري في المعرض العالمي الذي تستضيفه إمارة دُبي خلال الفترة من 1 أكتوبر 2021 إلى 31 مارس 2022 زواره عَبْر المَناظر الطبيعية في صورة بانورامية لجبال الألب سويسرية. وكما هو واضح، يَلقى هذا المفهوم اعجاب الجمهور على الرغم من جائحة الفيروس التاجي المُستَجد، والتَناقُضات العديدة التي تَتَّسِم بها منطقة الخليج.
باستثمار بلغ 16,5 مليون فرنك سويسري (17,8 مليون دولار)، كانت سويسرا أول دولة تؤكد مشاركتها في المعرض الدولي بدبي 2020رابط خارجي. وعلى الرغم من التحديات التي تشكلها جائحة كوفيد-19، أثبت هذا الاستثمار أنه يؤتي ثِماره بالفعل، حيث استَقبَل الجناح السويسري أكثر من نصف مليون زائر من جميع أنحاء العالم، منذ انطلاق فعاليات هذا الحَدَث الدولي. وكما أخبر مانويل سالخليرابط خارجي المُفَوَّض العام للجناح السويسري swissinfo عَبر الهاتف: ” يَحظى الجناح باستمرار بحضورٍ جَيّد للغاية. ويُسعِدنا كثيراً أن نَشهَد هذا الاهتمام الكبير من قِبَلِهم”.
يأمل منظمو المعرض الدولي بدبي، في جَذْب 25 مليون زائر من جميع أنحاء العالم خلال مُدة المَعرض الذي يستمر حتى يوم 31 مارس 2022. وقد تَمَّ تسجيل أكثر من 5,6 مليون زيارة حتى يومنا الحالي.
باعتبارها شريك إعلامي للجناح السويسري، سوف تكون SWI swissinfo.ch مُتَواجِدة في معرض دبي الدولي 2020 في الفترة من 14 إلى 17 ديسمبر الجاري. وسوف تقوم الصحفية سارة إبراهيم بإدارة حلقة نقاشية بعنوان “مستقبل التعليم والتدريب التقني والمهني الأساسيرابط خارجي” – أحد أهم مسارات نظام التعليم السويسري – على المسرح الرئيسي لـ ‘أكسبو’. وقد بُثَّت المناقشة مُباشرة من على قناتنا على موقع ‘يوتوبرابط خارجي’ (YouTube) يوم الأربعاء 15 ديسمبر.
بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، يُعَد هذا المعرض العالمي فُرصة لِجَذب الشركات والاستثمارات الأجنبية، وتَعزيز السياحة والاستثمار في البلاد. وقد أنفَقَتْ حكومة دُبي حوالي 6 مليار فرنك سويسري (7مليار دولار أمريكي) على الحَدَث. من جهتها، تهدف سويسرا إلى تَنمية العلاقات مع شريكها التجاري الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكما يقول سالخلي:”إن المشاركة في أكسبو هو فُرصة ممتازة لتوطيد وتقوية العلاقات ليس مع الإمارات العربية المتحدة ودبي فحسب، ولكن مع المنطقة بأكملها”.
مشروع طموح في مُنتَصَف الجائحة
يُغَطي المعرض الدولي بدبي 2020 مساحة 438 هكتاراً تقع بين مدينتي دبي وأبو ظبي. وهو يُعَد أكبر حَدَث دولي منذ بداية الوباء، ويحمل بالفعل عَدَداً من الارقام القياسية. فَلِلمَرّة الأولى، يُقام المعرض العالمي في دولة شرق أوسطية، كما يبلغ عدد الدول المُشاركة في هذا العام 192 دولة – وهو رقم قياسي لا يعادله سوى عدد الدول التي شاركَت في أكسبو 2010 الذي أقيم في مدينة شنغهاي الصينية. ولأول مرة في تاريخ إكسبو أيضاً، تتوفر كل دولة مُشاِركة على جناحها الخاص.
يُركز المعرض الدولي على ثلاثة محاور رئيسيةرابط خارجي: الاستدامة – بما يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة – والتنقل الذكي، وتوفير الفُرَص من أجل مُستقبل أفضل.
هذا هو أيضاً المفهوم الكامن وراء الجناح السويسري، الذي يُقّدم “تَجربة حسّية تفاعلية في ثلاثة أعمال”، تبدأ بعرضٌ مَسرحي يَنتَقل من الصحراء العربية إلى الجبال السويسرية وتنتهي بمدينة في المُستقبل. وهنا يصبح الزائرون أبطالًا في لعبة من المرايا والألوان والأضواء التي تَخفُت شيئاً فشيئاً من خلال الضباب الذي يكسو جبال الألب، ليعودوا إلى الظهور مُجدداً في بيئة حَضَرية مُبتَكرة وُمستَدامة.
“نحن مُتعطشون لِمِثل هذه التجارب العاطفية الآن بشكل خاص، سيما وأن العديد من الأشخاص باتوا يُقَضّون جُلَّ أوقاتهم على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم بسبب الوباء. هذا ما يُقدمه الجناح السويسري، وهو أحد أسباب نجاحه”، يقول سالخلي. وحتى الآن، كان الجناح السويسري أحد أكثر الأجنحة زيارة، إلى جانب أجنحة باكستان، والهند، وإيطاليا، والمملكة العربية السعودية، التي تخطَّت حاجر المليون زيارة مؤخراً.
يَرفع الجناح السويسري شعار “انعكاسات”، الذي يحمل معنى مزدوجاً: الانعكاسات التي تخلقها الواجهة البلورية العاكِسة للجناح، وانعكاس آخر أكثر تأملاً وعُمقاً لجمال الطبيعة والتنمية المُستدامة.
يضم الجزء الأخير من الجناح معرضاً يتغير أسبوعياً وفقاً للموضوعات الفرعية للمعرضرابط خارجي. وتتراوح هذه من استكشاف الفضاء، والمناخ، إلى التنمية والتكامل العمراني. والجناح بِرعاية عد من الشركات السويسرية مثل شِندلَر (Schindler) المُصنِّعة للسلالم والأبسطة المُتحرِكة، ومجموعة روش (Roche) لصناعة الأدوية، ونوفارتيس (Novartis) لصناعة الأدوية، وشركة نستله (Nestlé) للصناعات الغذائية.
الاستدامة في الفضاء وعلى الأرض
يُرَكِّز الجناح السويسري بشكل خاص على المركز الريادي لدولة جبال الألب في مجال الابتكار. ومِثل العديد من البلدان الأخرى، تولي سويسرا أهمية كبيرة للاستدامة، التي تُعَد الموضوع الرئيسي لمعرض أكسبو 200 دبي. ووفقاً لـ سالخلي، فإن سويسرا مُقتنعة بالدور الرئيسي الذي يلعبه الابتكار في تعزيز التنمية المستدامة. وكما يقول:”بصفتنا دولة رائدة في مجال الابتكار وإعادة التدوير، فإننا نسعى إلى مناقشة وتبادل أفضل الممارسات”.
أحد أكثر المشاريع السويسرية إثارة للاهتمام التي تم عرضها في إكسبو 2020 دبي هو مشروع “كلير سبيس” (ClearSpace)، لِشركة ناشئة تابعة للمعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان (EPFL) تحمل نفس الاسم. وتتمثل مهمة هذا المشروع في تطوير نظامٍ فعالٍ من حيث التكلفة لِجَمع النفايات الفضائية عديمة الفائدة المُتناثرة في الفضاء القريب، والتي قد تصبح خطراً حقيقياً على المهام الفضائية. وهذه واحدة من التقنيات الرائدة في المعهد المَرموق بلوزان، التي أنشِئت بتفويض وتمويل من وكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، والتي وقع الأختيار عليها في أول مهمة للتخلّص من النفايات في الفضاء.
المزيد
أول “شاحنة لجمع القمامة في الفضاء” ستكون سويسرية!
في السياق، تجدر الإشارة أيضاً إلى مشروع “بلاستيسايكلرابط خارجي” لتدوير البلاستيك الذي نَفَذَته مجموعة من الطلاب اللبنانيين، والذين فازوا في مبادرة الاقتصاد الدائري السويسري – الشرق الأوسط للشبابرابط خارجي. ويهدف الطلاب من مشروعهم إلى توفير حل مُستَدام لإعادة تدوير أكياس البلاستيك في لبنان، من خلال تحويلها إلى حبات مدورة من البلاستيك المُعاد تدويره. واستطاع هذا المشروع أن يمضي قُدُماً بفضل تعاون المُرشدين والأساتذة من الجامعات والشركات السويسرية مع الفِرَق المُشاركة.
“كانت مشاهدة هذه المجموعة من الشباب الواعد الملتزم وهم يفوزون بمشروعهم الاستثنائي أمراً شيقاً”، كما يقول دانتي لاريني مدير مشروع ‘سويسنكسرابط خارجي’ (Swissnex) التابع لكتابة الدولة للتعليم والبحث والابتكار [وهي جزء من شبكة سويسرا في الخارج التي تديرها وزارة الخارجية في البلاد]، والتي تدير الجناح مع مؤسسة “الحضور السويسريرابط خارجي” (Presence Switzerland) التابعة لوزارة الخارجية أيضاً
الاستدامة وحقوق الإنسان موضع تشكيك
رغم ذلك، تَعَرَّضت استضافة الإمارات لهذا المَعرض الدولي إلى العديد من الانتقادات خَلف الكواليس، حيث أشار النُقّاد إلى الَبصمة البيئية لحَدث بِمِثل هذا الحَجم في بلدٍ لَديه بالفِعل أحد أكبر مُعدلات انبعاثات الكربون للفرد في العالم – مُتقَدِّماً على أستراليا والولايات المتحدة – ويَعتمد بشكلٍ كبير على صادرات النفط والغاز، التي تمثل نحو 30% من الناتج المحلي الإجماليرابط خارجي .
“من وجهة نظري، ليست هذه عملية حسابية مُحصلتها صفر. فمن أجل تشكيل مُستقبلنا على نحوٍ مستدام والعثور على حلول مشتركة، فإننا نحتاج إلى مِنَصات تُتيح لنا الالتقاء وتبادل الأفكار. ومعرض أكسبو دبي 2020 مكان مثالي لذلك، لأنه يَجمَع أشخاصاً من خلفيات مُختلفة معاً”، كما يقول سالخلي.
وبغية إرسال إشارة واضحة في اتجاه الاستدامة والحَد من بَصمَتها البيئية، أطلقت الدولة الخليجية خطة استثمارية تهدف للوصول بمستوى الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050.
بالإضافة إلى ما سَبَق، توجد هناك مَخاوف فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الدولة الخليجية. وكان الاتحاد الأوروبي قد ندَّد قبل وقت قصير من افتتاح المعرض رابط خارجيبالانتهاكات الجَسيمة لحقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة، ودعا الدول الأعضاء إلى مُقاطعة معرض إكسبو 2020.
هذه الدعوة لم تَلقَ استجابة من أحد. وكما كتبت لَيا تسورخَر المُتحدثة باسم السفارة السويسرية في أبو ظبي في رسالة بالبريد الإلكتروني: “مِثلَما هو الحال مع الأحداث الرئيسية الأخرى، تلتزم سويسرا بتعزيز وحماية حقوق الإنسان من خلال الحوار بدلاً من المُقاطعة”.
علاوة على ذلك، هناك أيضاً مُشكلة العمالة الأجنبية المُستَغَلّة في دول الخليج. وبحسب تحقيق أجرته صحيفة الغارديان البريطانيةرابط خارجي، من المُرَجَّح أن يكون عمال البناء في إكسبو 2020 دبي قد عانوا من اجهادٍ حراري خطير أثناء العمل في مواقع البناء. وعند سؤالها عن هذه النقطة، ذكرت السفارة السويسرية أنها طلبَت دائِماً من مقاوليها الرئيسيين والمقاولين من الباطن، الامتثال لمعايير التوظيف والأجور، كما رَصَدَت هذا الامتثال. وكما كتبت تسورخَر: “لهذا السبب أجرَت السفارة عمليات تفتيش في موقع بناء الجناح السويسري، وفي أماكن إقامة العمّال المُستَخدَمين من قِبَل مقاولينا في ديسمبر 2019 ومارس 2020”.
وفي شهر أكتوبر المُنقَضي، قامت اللجنة العليا لمعرض أكسبو 2020 دبي بتعديل عدد الوفيات بين العمّال إلى ستة فقط (من بين حوالي 200,000 عامل)، وهذا يشمل الوفيات المتعلقة بـفيروس كوفيد -19، والعمل في مواقع البناء. وتَرفض إدارة المَعرَض الإفصاح عمّا إذا كانت هناك أي وفيات تعود لأسباب أخرى.
المزيد
المعرض الدولي بدبي.. منصة لمواجهة التحديات العالمية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
اكتب تعليقا