السـّر المصرفي: “يو بي إس” ينتقد الأساليب الأمريكية
في جلسة الاستماع لأقواله أمام لجنة فرعية دائمة في مكتب تحقيقات مجلس الشيوخ الأمريكي مساء الأربعاء 4 مارس الجاري بواشنطن، أنحى مارك برانسون، المسؤول في اتحاد المصارف السويسرية "يو بي إس"، باللائمة على السـّلطات الأمريكية بسبب ما اعتبره إهمالا من جانبها للمسلك الدبلوماسي، في سعيها للحصول على أسماء العملاء الأمريكيين الأثرياء لدى البنك.
كانت المبادلات الكلامية حادّة للغاية مساء الأربعاء بين السويسري مارك برانسون والأمريكي كارل ليفين، المعارض لمبدأ السرية المصرفية.
ولدى مواجهته للانتقادات الأمريكية، رفض المدير المالي للوحدة الدولية لإدارة الثروات في “يو بي إس” ،الكشف عن أسماء عشرات آلاف الأثرياء الأمريكيين من عملاء المصرف، المتهمين بالتهرب الضريبي.
ومع ذلك، أكد مارك برانسون أن المجموعة المصرفية السويسرية “تأسف بعمق لانتهاكات” القوانين الضريبية الأمريكية. كما أعرب عن أسفه للضـّرر الذي تُلحقه هذه القضية بصورة سويسرا.
“رعونة أمريـكية”
علاوة على ذلك، انتقد مسؤول “يو بي إس” الحكومة الأمريكية بسبب ما اعتبره سوء تصرف من جانبها للحصول على أسماء أصحاب الحسابات المـُتهمين بعدم إبلاغ “دائرة الإيرادات الداخلية” (التي تمثل مصلحة الضرائب الأمريكية) عن إيرادات ودائعهم في سويسرا.
وصرح مارك برانسون أن “يو بي إس يعتقد أنه يجب حلّ الخلاف من خلال مناقشات دبلوماسية”، مُعربا عن الأسف لكون “دائرة الإيرادات الداخلية تحاول حلّ هذه القضية أمام المحكمة، وهو أمر ليس لا بالمُثمر ولا بالمُناسب”، بما أن الشكاوى أمام العدالة “تتعارض مع الاتفاقيات القائمة منذ زمن طويل بين الولايات المتحدة وسويسرا”، حسب تعبيره.
وقد تحدّث مارك برونسون تحت القسم للمرّة الثانية في ظرف يقل عن ثمانية أشهر أمام اللـّجنة الفرعية لمجلس الشيوخ الأمريكي المكلف بالتحقيقات المُرتبطة بالقضايا الحكومية. وكان مارك برانسون قد اعتذر في شهر يوليو الماضي عن الممارسات التي كشف عنها تحقيق للكونغرس، كما أعلن أن مصرف “يو بي إس” قرّر التوقف عن اقتراح فتح حسابات في سويسرا على الأثرياء الأمريكيين.
المزيد
السر المصرفي
دعــمُ أوبــامــا
ويترأس تلك اللجنة الفرعية الديمقراطي كارل ليفين، من ولاية ميشيغان، الذي وضع مقترح قانون يهدف إلى تعزيز مكافحة الملاذات الضريبية. وأوضح ليفين أن نصّ مشروع القانون، الذي لقي تأييد باراك أوباما عندما كان لا يزال نائبا في مجلس الشيوخ، قد حصل يوم الأربعاء، 4 مارس الجاري، على دعم الرئيس أوباما ووزير الاقتصاد والمالية تيموتي غيتنير.
وأكد في هذا السياق: “لقد تحدثت مع الرئيس أوباما اليوم وقال لي إنه يدعم مقترح القانون الذي تقدّمت به”. وكان ليفين قد عرض يوم الإثنين الماضي صيغة أكثر تشدّدا لنص القانون، وتوعـّد بـ “وضع حدّ لانتهاكات الملاذات الضريبية”، وذكر اسم سويسرا بوضوح، إلى جانب بلدان أخرى.
وأشار كارل ليفين أيضا إلى أن رياح التاريخ تهـُب في الاتجاه المعاكس لسويسرا، قائلا: “إن رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، صرح اليوم (4 مارس 2009)، خلال خطابه أمام غرفتي الكونغرس اللتين اجتمعتا في جلسة مشتركة، أن القمة القادمة لمجموعة العشرين ينبغي أن تهدف إلى جعل الجنان الضريبية غير قانونية”، قبل أن يضيف أن “بقية العالم بدأت تسأم من الملاذات الضريبية”.
“مؤامرة يو بي إس”
كما انتقد كارل ليفين بشدة ممارسة السرية المصرفية السائدة لحد الآن في سويسرا، قائلا: “إن السـّر المصرفي هو جزء لا يتجزأ من المؤامرة بين “يو بي إس” وعملائه الأمريكيين”. ثم أضاف: “ولئن كان “يو بي إس” قد اعترف بالمشاركة في مؤامرة للإحتيال على الولايات المتحدة، فإن الحكومة السويسرية تحاول إحباط مبادراتنا الرامية إلى الحصول على أسماء العملاء الأمريكيين”. كما أعرب عن أسفه لكون الحكومة الفدرالية السويسرية “رفضت المثول أمام لجنتنا”.
غير أن وزارة العدل الأمريكية لا تُشاطر تحليل السيناتور ليفين لموقف الحكومة السويسرية، فقد أوضح جون ديتشيكو، نائب وزير العدل المكلف بالقضايا الضريبية، والذي دُعي أيضا للإجابة على أسئلة اللجنة الفرعية في الكونغرس، بأن الحكومة السويسرية “تتعاون بصورة هامة” مع السلطات الأمريكية.
وواصل نائب الوزير الأمريكي قائلا: “إن النزاع قائمٌ بين الولايات المتحدة و”يو بي إس”، لكنـّنا لم ندخل في مواجهة مباشرة مع الحكومة السويسرية”.
إعلان حرب
لكن السيناتور كارل ليفين لم يـَحـِد عن موقفه، بحيث أكـّد: “نحن في مواجهة مباشرة مع “يو بي إس ومع الملاذات الضريبية”، مُعتبرا موقف هذا المصرف وسويسرا كـ “إعلان حرب ضد الأشخاص الذين يـَكـِدّون ويدفعون ضرائبهم للولايات المتحدة”.
وفي مرحلة الركود الرّاهنة التي تجتازها الولايات المتحدة، أبرز ليفين بأن الحكومة الأمريكية “لم تعد تستطيع تحمـُّل هذه الخسائر في المجال الضريبي”، والتي يُقدّرها بـ “عدة مليارات من الدولارات”.
وقال السيناتور الأمريكي في الختام: “نحن عاقدون العزم على التحرّك ضد الانتهاكات التي تُرتكب في حق الولايات المتحدة من قبل الجـِنان الضريبية”، قبل أن يـُحذر: “حتى لو كسبت دائرة الإيرادات الداخلية قضيتها ضد “يو بي إس”، فإن ذلك لن يعني أن المعركة ضد الملاذات الضريبية ستكون قد انتهت”.
سويس انفو – ماري-كريستين بونزوم – واشنطن
أبريل: يـُتوقع أن تكون مسألة الجنان الضريبية موضوعا بارزا في قمة مجموعة العشرين (G20) المقرر انعقادها في لندن يوم 2 أبريل القادم.
القائمة: أشارت فرنسا والمانيا يوم الثلاثاء 4 مارس 2009 أنهما تريدان الحدّ من الإزعاج الذي تثيره الجنان الضريبية والبلدان غير المتعاونة، خلال اجتماع لندن، وذلك استنادا إلى قؤائم وجملة من المعايير، خاصة تلك التي حددتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
المعايير: أضافت وزارتا المالية في كلا البلدين أن الوضع في سويسرا سيخضع للفحص وفقا لهذه المعايير.
أقرّ اتحاد المصارف السويسرية “يو بي إس” في الشهر الماضي أنه ساعد بعض حرفائه للتحايل على السلطات الضريبية الأمريكية، ووافق على دفع غرامة بقيمة 780 مليون دولار، وعلى تزويد السلطات الأمريكية بأسماء 250 من العملاء المتهمين بالاحتيال الضريبي.
العملاء: بعد خشيتها من ألاّ يسمح الاتفاق سوى بالحصول على عدد محدود جدا من الملفات، طالبت السلطات الأمريكية من “يو بي إس” الكشف عن هوية 52000 إسم في المجموع، لكن تم تخفيض هذا العدد في نهاية المطاف إلى 48000.
الصدارة: تحتل سويسرا صدارة الترتيب في مجال النشاطات المالية في الخارج، بحيث تدير ثُلـث الأصول المالية في هذا المجال، وهي أصول تُقدر بـ 7 مليار دولار. وقد ازدهر هذا القطاع بفضل الحسابات غير المصرح بها التي تحمي هوية أصحابها البالغي الثراء.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.