العقوبات المالية ضد روسيا بالمختصر المفيد
بعد أن قرر الغرب اتخاذ المزيد من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، سيتم الآن أيضًا تجميد أصول البنك المركزي الروسي. وبدوره، سيتأثر المصرف الوطني السويسري بشكل غير مباشر بهذه الخطوة. فيما يلي إجابات مختصرة على أهم الأسئلة المطروحة.
في الوقت الذي تستمر فيه الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا، يقوم الغرب بتوسيع مجال عقوباته المالية. فما الذي يعنيه ذلك.
ما هي العقوبات التي تم إقرارها؟
لقد تقرر بالفعل استبعاد أهم البنوك الروسية من نظام خدمة الدفع “سويفت” SWIFT. وتبعا لذلك، سيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمؤسسات المالية الروسية للقيام بإنجاز مدفوعات دولية. كما منعت الولايات المتحدة البنوك الأمريكية من التصرّف كـ “بُنوك مُراسلة” لـ “سبيربنك”، أهم بنك تجاري روسي.
ما الذي يقوم به بنكٌ مُراسل؟
يتيح البنك المراسل القيام بمعاملات الدفع العابرة للحدود. على سبيل المثال: إذا استورد تاجر روسي أدوية من شركة أمريكية لصناعة الأدوية، فإنه يطلب من مصرفه – “سبيربنك” مثلا – بدفع سعر المشتريات إلى البائع. المشكلة تكمُن في أن الشركات الأمريكية ليس لديها في أغلب الأحيان حسابٌ في بنك “سبيربنك”. لذلك لا يُمكن للبنك الروسي تحويل المبلغ بشكل مباشر إلى الحساب المصرفي لشركة الأدوية الأمريكية.
مع ذلك، يُمكن لـ”سبيربنك” ترتيب الأمر بطريقة تسمح بإيداع أمواله الخاصة لدى بنك شركة الأدوية. وهو يقوم بذلك من خلال بنك وسيط يُسمّى “البنك المراسل”. عمليا، يمتلك كل من “سبيربنك” وبنك شركة الأدوية الأمريكية حسابات لدى البنك المُراسل. وهكذا، يقوم بنك شركة الأدوية الأمريكية بتحويل المبلغ الوارد من “سبيربنك” إلى حساب البائع. الخلاصة: بدون وجود بنك مراسل، لا يُمكن لـ “سبيربنك” إجراء تحويل من هذا القبيل بالدولار الأمريكي.
ما هي آخر عقوبة مالية تقررت؟
قررت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجميد احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي الروسي. وهذه واحدة من أقسى العقوبات المالية على الإطلاق؛ إذ لم يتم فرض مثل هذه العقوبة إلا على عدد قليل من الدول، من بينها إيران وكوريا الشمالية. يتعلق الأمر بأصول تُعادل قيمتها حوالي 460 إلى 630 مليار دولار، اعتمادًا على ما يتم احتسابه بالضبط.
أما العواقب فستكون وخيمة. حاليا، يشتري البنك المركزي الروبل الروسي بفضل احتياطياته من العملات الأجنبية. وهو يقوم بذلك لتثبيت سعر الروبل الذي خسر أكثر من 30% من قيمته منذ بداية الغزو. وإذا لم يعد البنك المركزي الروسي قادرًا على بيع احتياطياته من العُمُلات الأجنبية، فسوف تزداد قيمة الروبل انخفاضا.
كيف ستؤثر العقوبات المالية على الدولة الروسية؟
لقد أصبح العثور على الأموال أكثر تكلفة بالنسبة للدولة الروسية. أما السبب فهو أنه لم يعد يُسمح للعديد من المستثمرين الدوليين بشراء السندات الحكومية الروسية بسبب العقوبات المفروضة على موسكو. وهو ما يؤدي إلى تضييق دائرة الأشخاص الذين بإمكانهم إقراض أموال إلى الدولة الروسية. وبالفعل، ارتفعت أسعار الفائدة على سندات الحكومة الروسية بشكل حاد في الأيام الأخيرة.
كيف ستؤثر العقوبات المالية على السكان؟
أدت حقيقة أن الروبل فقد أكثر من 30 في المائة من قيمته منذ الغزو إلى ارتفاع أسعار استيراد الأدوية، على سبيل المثال. ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فنظرًا لأن العديد من المُنتجات المحلية تعتمد على السّلع والمواد الوسيطة المستوردة، فإن الأسعار على المستوى الوطني تتأثر أيضًا بانخفاض قيمة الروبل. ومن المحتمل أن تشهد روسيا تخفيضا في قيمة عُملتها خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
كيف كان ردّ فعل روسيا؟
قام البنك المركزي الروسي بالترفيع في أسعار الفائدة من 9.5% إلى 20%. وهو ما من شأنه أن يُبقي الاستثمارات في روسيا أكثر جاذبية على الرغم من الحرب، ويُوقف بالتالي خروج الأموال من روسيا. كما تم إجبار المُصدرين أيضًا على بيع جزءٍ من أرباحهم التي يحصلون عليها بالعملات الأجنبية. تبعا لذلك، يجد الروس أنفسهم مُضطرين للاحتفاظ بالروبل.
كيف تتأثر السياسة النقدية للمصرف الوطني السويسري بما يحدث؟
عمليا، لم تتغيّر قيمة الفرنك السويسري منذ غزو أوكرانيا من طرف الروس، وهو يُناهز حاليًا 1.035 لكل يورو. هذا الاستقرار غير عادي، ففي أوقات الأزمات، يُعتبر الفرنك ملاذًا آمنًا ويميل إلى الارتفاع. ويتساءل الخبراء حول ما إذا كان المصرف الوطني بصدد التصدي لارتفاع قيمة الفرنك باللجوء إلى زيادة مشترياته من العُملات الأجنبية. عموما، لا يعلق المصرف الوطني السويسري بشكل آني على تدخلاته ذات العلاقة بالعُملات.
(نقله إلى العربية وعالجه: كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.