تدنّـي قيمة الدولار لا يعني بالضرورة انخفاض أسعار السلع
مع ارتفاع قيمة الفرنك السويسري وتجاوزه لقيمة الدولار الأمريكي، لأول مرة في التاريخ، يتساءل المستهلكون عن الانعكاسات المرتقبة لهذا التطور.
وتدنّـت قيمة الدولار الأمريكي إلى أقصى حدّ أيضا مُـقابل اليورو واليين الياباني، ومن غير المحتمل أن يؤدّي ذلك إلى انخفاض أسعار السِّـلع المستوردة، استنادا لتوقّـعات إحدى أبرز المؤسسات الاقتصادية في سويسرا.
منذ بداية السنة، تراجعت قيمة الدولار بنسبة 0.14 فرنك مقابل العملة السويسرية ووصلت قيمته يوم الثلاثاء 18 مارس إلى ما يُـناهز 0.98 فرنكا.
وتقول رابطة الشركات السويسرية (economiesuisse) إن أسعار السلع الاستهلاكية تتأثر قبل كل شيء بالعوامل الداخلية، بما في ذلك سوق العمل والعقارات.
وقال رودولف مينش، الخبير الاقتصادي بالرابطة في حديث إلى سويس انفو: “أسعار السلع المستوردة ليست باهضة”، مضيفا أن “أسعار البيع بالتجزئة مرهونة بتكاليف اليد العاملة والإيجار”، وأن “تغير سعر بنطلون جينز يبقى أقل احتمالا من تغيّـر سعر السيارات”.
وفي خِـضم اضطراب الأسواق المالية والفزع الذي سبّـبته أزمة القروض العقارية غير المضمونة في الولايات المتحدة، التجأ المستثمرون الأجانب إلى الفرنك السويسري، الذي يُـعتبر في مأمن، نِـسبيا، وهو ما أدّى إلى ارتفاع قيمة العُـملة الوطنية.
خفض معدّل الفائدة
ويعد استمرار تدنّـي قيمة الدولار نتيجة للأزمة المالية التي تمُـر بها الولايات المتحدة والخوف من الانكماش اقتصادي. وقد التجأت واشنطن إلى خفض معدّل الفائدة بنِـصف نقطة مئوية يوم الثلاثاء 18 مارس.
لكن هذه الإجراءات لا تُقلق المحلل والخبير الاقتصادي رودولف مينش، فهو يعتقد أن هبوط قيمة الدولار للمرة الأولى تحت الحاجز الرمزي “1 فرنك” لن يكون له تأثير كبير على طريقة عمل الشركات السويسرية. وقال في هذا السياق إن “معدلات الصرف مهمّـة، لكنها ليست العامل الحاسم”.
فمعدلات الصّـرف تؤثر في الأرباح الهامشية، وما يثير انشغال المنشآت السويسرية أكثر، بحسب رابطة الشركات السويسرية، هو الوضع الاقتصادي العام الذي أدى إلى تدني قيمة الدولار.
وأوضح رودولف مينش أن الوضع الهش للاقتصاد الأمريكي – والذي يعكسه إلى حدّ كبير الانخفاض النسبي للعملة المحلية – انعكس من خلال تراجع قيمة الصادرات السويسرية للولايات المتحدة.
وأشار إلى أنه ما دام القطاع الصناعي عرضة للمخاطر، فإنه من المُـمكن أن تتعرّض كل الصادرات للخطر، إذا واصلت قيمة الفرنك في الارتفاع.
ملاذ آمن
وتنظر الأسواق العالمية إلى سويسرا على أنها ملاذ آمن في فترات الأزمات، ولم تطلب رابطة الشركات السويسرية من البنك الوطني السويسري خفض معدّل الفائدة إلى حدّ الآن، وهي خطوة من شأنها، لو اتخذت، أن تحدّ من ارتفاع قيمة الفرنك.
وقال مينش في تصريحاته لسويس انفو: “لو نزلت قيمة الدولار إلى ما يقارب 0.90 فرنك، يمكن عندئذ أن يواجه المصدّرون مشكلات حقيقية”، لكنه شدّد على أنه ليس هناك نقطة محددة، يتحول بعدها هروب رؤوس الأموال (من بلد مضطرب ماليا إلى بلد آمن)، إلى مسألة خطرة.
لكن بيتر فرانك، محلل صرف العملات الأجنبية المقيم بلندن والذي توقع ارتفاع قيمة الفرنك السويسري سابقا، قال إن هناك احتمالا لكي يواصل الفرنك صعوده”.
وأضاف أن “الفرنك يوفِّـر ملاذا آمنا في فترة المِـحن والكروب، وإنني أرى في الأفق ما يمكن اعتباره إقبالا مُـهما عليه”.
سويس انفو – جاستين هين
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
طوال السنة الماضية، شهد الدولار تراجعا بنسبة 20% مقابل الفرنك السويسري، وعندما كان الدولار في أوْج قيمته، كان يعادل في الغالب 1.25 فرنك.
وخلال الفترة نفسها، زادت قيمة اليورو بـ 16% تقريبا. وقبل خمس سنوات، كان اليورو يتمتّـع بفارق مقابل الدولار.
وحديثا، بدأ المستثمرون يبحثون عن ملاذات آمنة، وذلك بتحويل رؤوس أموالهم إلى العملات الأوروبية التي تُـعد أكثر استقرارا نِـسبيا، هذا على الرغم من أن الجنيه الإسترليني، بحسب البعض، يوجد في وضع أكثر هشاشة من اليورو أو الفرنك السويسري.
وتعرّضت العملة البريطانية (الجنيه الإسترليني)، مثلها مثل الدولار، إلى انعكاسات أزمة القروض العقارية غير المؤمّـنة.
وفي سبتمبر 2007، وكذلك على إثر الإعلان عن انتكاسة الشركة المالية Bear Stearns الأسبوع الماضي، أجبرت الحكومة البريطانية على إنقاذ مصرف Northern Rock، الذي يمتلكه القطاع العام. وفقدت الشركة السّـيولة المالية بعد سحب مساهمين مذعورين أسهمهم، وأغلقوا حساباتهم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.